أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - لماذا يطالبون بتحرير فلسطين؟















المزيد.....

لماذا يطالبون بتحرير فلسطين؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2728 - 2009 / 8 / 4 - 08:19
المحور: كتابات ساخرة
    


حتى اللحظة، لا أفهم لماذا يطالب العرب بالوهم الكبير الذي يسمونه تحرير فلسطين لأنهم بالتأكيد لا يريدون خيراً، لهذا البلد، ولا لأهله. وإذا حرروها وقدر الله وكان ماذا سيفعلوا بها؟ وهل ستكون إلا مجرد دولة أخرى في هذه المنظومة البدوية الشرق أوسطية الاستبدادية الفاسدة الإفسادية، التي لا في العير ولا في النفير؟ وهل لو عادت إلى سكانها العرب :كما نحلم ويحلمون" ستكون إلا مثل الصومال، واليمن، ولبنان، ومصر، والجزائر والعراق، والعياذ بالله؟ ولكن هذا الطرح، الموغل في تشاؤميته وسوداويته، لا يعني بأية حال، تأييد دولة العدوان، أو الموافقة على الغزو الاستيطاني الإسرائيلي، لهذه البقعة من العالم المسماة فلسطين، فالموقف من الغزو والعدوان والاستعمار مبدئي وهو ليس موضوعاً للمقايضة أو المساومة والسجال.

ولكن هناك، ووفقاً للمعطيات الواقعية، والمحصلات التاريخية، والمآلات المرحلية، والموجعات اليومية، والمنظورات المستقبلية، والإمكانيات الموضوعية حقائق ماثلة، ودامغة وقاهرة، لا يمكن القفز من فوقها وتجاوزها، بحال، كما أن عدم معالجتها سيؤدي إلى استفحالها. كما أن هناك "وساوساً" وهواجساً، وربما كوابيساً وأفكاراً جديدة تتوالد من قلب مخاضات لم يعد من المجدي إنكارها أو التغاضي عنها بخطاب وجداني عاطفي لا يقدم ولا يؤخر.

كما لا أفهم بذات السياق، وهـْم "إخوتنا السلايفة"، في خطابهم الدعوي لإعادة استعمار وغزو الأندلس، إلا في سياق الرغبات التدميرية المعهودة، إياها، للإضرار والإجهاز على الحضارات الأخرى، وهدم العمران، وإشعال نار الفتن والخلافات والانشقاقات وسفك المزيد من الدماء، ومراكمة الانشقاقات التاريخية، التي لا تحول ولا تزول، ولا تتزحزح عن كاهل العباد، كما فعلوا، سابقاً، بحضارات الشرق القديمة العظيمة كالسورية والبابلية والمصرية. فالأندلس، حسب الخطاب التعبوي الصحوي التدميري، أو إسبانيا، التي تنعم اليوم بفضاء حضاري وإنساني، هي دولة حقوق وعلم وقانون ومؤسسات وتوفر عيشاً كريماً لمعظم مواطنيها. ولكن هل لنا أن نسأل ماذا سيكون عليه الحال لو لم يـُدحر أولئك العرب منها وإعادتها إلى حظيرة الحضارة البشرية؟ أعتقد أن الجواب هو أكثر من كابوس وتصور لا يطاق.

وتجري اليوم من خلال الهجرات المكثفة إلى أوروبا محاولة للعب بالنسيج الحضاري الأوروبي وتدميره ونسف السلام والأمن والتمدن والرقي الذي تموضع عبر مئات السنين هناك. فالأحياء العربية والإسلامية في قلب أوروبا باتت بؤراً للتعصب والانغلاق والتحجر، ومرتعاً للتناقضات القدرية والصراعات الأبدية والأوهام الأسطورية التي جلبوها معهم من ثقافة الصحراء الخاوية الصفراء.

وحتى لو كان لهم حق تاريخي في فلسطين، وهذا موضع نقاش وسجال، فإن التجارب التاريخية الكثيرة والمتكررة أثبتت أنهم غير أهل وليسوا بجديرين لإدارة حتى شؤونهم العائلية، فما بالك بالبلاد والعباد، أو لجهة تحقيق أي قدر وكرامة واعتبار لإنسان هذه المنطقة، وهم بالتالي غير مؤتمنين لا على فلسطين، ولا على غيرها من البلدان.

لذا، يعتقد، هنا، أن الغاية من الدعوة لتحرير فلسطين هي محض دعوة شريرة، وغير بريئة، لإعادة هذا البلاد لحظيرتها، وسيرتها الأولى، سيرة الدم والثأر والتواطؤ والغدر والقتال، والفتك من جديد بشعبها الطيب المسكين. فمن ينظر اليوم لحال ما يسمى فلسطين، تحت السلطة الوطنية والإمارة الحمساوية، بات يخشى بالفعل من عودة هذا البلد إلى الحظيرة العربية. ودعنا نقارن بين وضع ما يسمى بالمواطن "العربي"، في ظل الإدارة الإسرائيلية، أو عرب 48، ووضع نفس هذا المواطن في ما يسمى بالأراضي العربية، ومن كل النواحي الإنسانية والحياتية. بحيث باتت المواطن العربي والمسلم يحلم بأن يصبح مواطناً في دولة "إسرائيلية ويهودية"، وبكل ما لهذا من رعب إيديولوجي وأسطوري وعقيدي في المخيلة والوجدان والعقل الجمعي لإنسان هذا المنطقة. إذ تم القبض على الكثير من المتسللين "العرب والمسلمين"، من مصر والسودان، مثلاً، لدى محاولتهم دخول الدولة اليهودية والهرب من جحيم دول الإيمان الإخوانية والوهابية السلفية في مصر والسودان، على سبيل المثال. فالغاية، القصوى، من الدعوة لتحرير فلسطين، برأينا المتواضع، هي في إعادة هذا البلد إلى حظيرة الاستبداد والدكتاتورية وضم شعبه مجدداً إلى قطعان الجياع والفقراء والمقهورين ومحرومي الجنسية وأية حقوق إنسانية أخرى، على أيدي العائلات والسلالات القدرية المؤبدة في منظومة الاستبداد. وباتت تلك الدعوة، تعني وفق المعطيات والتجربة، إنشاء الدول الاستبدادية، والديكتاتورية الفاسدة، والكيانات الكرتونية الهزيلة والفاتكة بشعبها، ليس إلا، بغية التجريب السياسي فيه، وممارسة الاضطهاد بحقه، وترثيثه، وتحطيطه، وتجويعه وإفقاره، وقهره، والتنكيل به، والتشفي به، وممارسة الساديات المريضة وكل أنواع الشذوذ السياسي عليه.

لقد كابدت، ما تسمى بالشعوب العربية، كل أنماط وألوان الطيف التسلطية , وأنظمة الحكم البورجوازية والقومية، واليسارية، والماركسية، والشيوعية، والعسكرية والدينية وما بينها من السلفية، والإخوانية، والوهابية، والجمهورية، والأبوية، والملكية، والفردية، والبدوية، والإمارات الإسلامية، والمشيخات القبلية ، والمحميات النفطوية، والأنظمة الوطنية والعميلة والخائنة والمتصهينة والمتأمركة والمتأسرلة والمتسفيتة، ولكن النتيجة كانت واحدة، وهي الصفر التاريخي، بامتياز عجيب، على الشمال، فلا شيء سوى المزيد من الخراب والتهافت والتردي والانحطاط والدمار. ولن نتكلم ها هنا عن الإنجازات التي حققتها "دولة العدوان" للمهاجرين اليهود وأصبحت قبلة لهم يؤمونها من كل حدب وصوب، بينما صارت "الأوطان العربية" التاريخية "كوابيساً"، قاتلة مؤرقة وطاردة لأبنائها تشردهم في أرجاء هذا العالم مترامي الأطراف.

ولنقارن اليوم، أيضاً، بين الفضيحة السياسية المجلجلة والمدوية، التي تهيمن فوق أجواء ما يسمى بفلسطين، جراء اغتيال "الختيار"، والزعيم التاريخي لما يسمى بالثورة الفلسطينية، مسموماً على أيدي رفاقه التاريخيين في النضال، ورغم الكثير من تحفظاتنا عليه، وبين حال ووضع الجنرال شارون، الذي يرقد، منذ قرابة الأربع سنوات، في سبات سريري، وموت دماغي في إحدى المستشفيات الصهيونية، محاطاً بكل أسباب الرعاية والاهتمام الذي يصل حد التقديس والتأليه لرجل أعطى ووفى لما يعتقد أنه بلده ووطنه ويحاول "الصهاينة" إعادته للحياة رغم أن الموت أرحم له، فيما يمنع "سلايفة" الإمارة الغزاوية، وأرباب السلطة الفلسطينية وتجارها أية احتفالات بذكرى وفاة "الختيار"، الذي قضى مسموماً على يد رفاقه في النضال. بحيث بات المرء يشك بأن هذه المنظومة باتت لا تولد إلا الفاسدين والمتآمرين والخونة والقتلة المأجورين واللصوص والمخربين وأرباب الإرهاب. أما إذا أجرينا أية مقارنة بين أصغر قرية أو مستوطنة تحت السيادة "الاستيطانية الصهيونية الاستعمارية"، و"أتخن" مدينة وعاصمة في المنظومة البدوية، قاطبة، عمرانياً، وتنظيمياً، وهندسياً، وجمالياً، وحرية وإنسانية، فالنتيجة، وبكل أسف لن تكون في صالح أعرق عاصمة من عواصمهم المظلمة الكالحة السودء التي تعج بالفقراء والمتسولين والمحرومين والجياع وتعاني رزمات من المشاكل والأزمات وتنعق فيها غربان الموت والظلام بعدما حولوها إلى خرائب وزرائب وأطلال ويباب.

في ضوء ما هو قائم وموجود من آفاق وتصورات، وكما أسلفنا فالدعوة لتحرير فلسطين وإدخالها الحظيرة العربية هي دعوة خبيثة وشريرة وكلمة حق يراد بها باطل وإضافة جرح جديد إلى جسد متهالك ومتآكل. فليس من بين القافلة العربية ما يحسد عليه أو عليه "القيمة والعين"، وكلها مجرد كيانات ضعيفة وهزيلة ومفككة وخارجة عن السياق والتاريخ الحضاري الإنساني. ومن هنا، لا يجب على العرب أن يدعوا، البتة، لتحرير فلسطين بعد اليوم، بل أن تبقى بيد أي كان ولا حق لهم بذلك لانعدام أي إرث حضاري وإنساني ومدني لديهم يمكن التعويل والبناء عليه والثقة فيه. فمن يتابع اليوم ما يجري هناك، يطلب من الله، ويدعوه آناء الليل وأطراف النهار، ألا تتم الاستجابة لأي من دعوات تحرير فلسطين لأنها لن تكون في حال تحقيقها سوى إضافة كارثة وكابوس ومصيبة جديدة للاثنين والعشرين كارثة "الأخرى" الموجودة حالياً، وتعيش بنعيمها قبائل وشعوب العربان.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا والجيران: أما آن الأوان؟
- ألغت عرسها لأن خطيبها نجم أفلام إباحية
- اغتصاب جماعي ضد نساء دارفور
- الشاي الأبيض للقضاء على البدانة
- امرأة بريطانية على ذمة خمسة رجال في وقت واحد!!!
- إحذروا الكولا!!!
- أسيرة الجنس: الموديل الفاتنة تفر من قصر زوجها الأمير؟
- ما رغريت تاتشر بعد ثلاثين عاماً
- المثلية الجنسية في السعودية
- فضائح ُآل سعود: هل تجلد الأميرة السعودية الزانية؟
- تصحيح التفكير في عقل السوربوني الكبير2
- ابن كاسترو ضحية لعاشقة وهمية على النت
- تصحيح التفكير في عقل السوربوني الكبير (1)
- مروة الشربيني: قصة اغتيال حجاب
- الأزمة المالية العالمية: محرقة البليونيرات
- فضيحة العمدة المثلي الذي فر مع صديقه تهز تكساس
- مشيخات العبيد: كنتُ عبداً في الخليج الفارسي
- فضائح الجنس تطارد الرئيس كنيدي إلى القبر
- جمعيات حقوق الإنسان السورية في قفص الاتهام
- إعادة اكتشاف كونفوشيوس


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - لماذا يطالبون بتحرير فلسطين؟