أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد حسو - شرطة الأخلاق العربية وشجاعة لبنى














المزيد.....

شرطة الأخلاق العربية وشجاعة لبنى


أحمد حسو

الحوار المتمدن-العدد: 2728 - 2009 / 8 / 4 - 08:18
المحور: حقوق الانسان
    


قبل حوالي خمسة عشر عاما تعرضت، في دمشق، لموقف مماثل لما تعرضت له الصحافية السودانية لبنى أحمد حسين. لكن علي أن أعترف بأني لم أكن أملك، يومها، شجاعة لبنى و"نمت على الموضوع" وكأن شيئا لم يحدث. كما أن القصة لم تتعلق بارتدائي لبنطلون أو سروال، كما هي الحال عند لبنى، إلا أن جوهر القصتين واحد وهو أن كلينا كان ضحية لشرطة الأخلاق العربية مع تعدد أسمائها. ولو أني أثرت الموضوع، حينها، لربما كنت قد تسببت في نقاش في سوريا حول هذه القوانين المهينة للإنسان كما هو حاصل، اليوم، في السودان، لكن لسبب ما لم أفعل. في الحقيقة لا أعرف تماما لماذا سكتت على الموضوع وأردت "لفلفته" بكل ما أوتيت من قوة؟ ربما لأني لم أكن أملك الأوراق الثبوتية التي تثبت شخصيتي، إذ كنت خارجا للتو من سجن عدرا السياسي، وكنت مازلت مطلوبا للأمن العسكري بتهم سياسية ولو اعتقلوني من جديد لكنت قد قضيت سنوات أخرى في سجن آخر؛ إنها قصة معقدة لمن لا يعرف هرمية الأجهزة الأمنية السورية وتداخل عملها. وتعود القصة إلى عام ألف وتسعمائة وأربعة وتسعين، وبعد خروجي من السجن بأيام، إذ كنت في حديقة عامة في دمشق (حديقة تشرين) مع صديقة سورية نجلس سوية على العشب وكان الوقت مساء، وكانت الحديقة لاتزال تعج بالرواد إذ كنا في فصل الصيف. تقدم مني شاب بثياب مدنية وسألني عن علاقتي بالصديقة التي تجلس معي: هل هي أختي أم زوجتي أم ماذا؟ وشدد على أن أعطيه الأوراق الشخصية ودفتر العائلة (قسيمة الزواج). وعلي أن اعترف اليوم بأني فوجئت بالسؤال، لا بل صعقت؛ ربما للأسباب التي ذكرتها وربما لأني كنت محروما من الحقوق المدنية ولم أكن أملك أوراقا شخصية في الأصل. انتابني فجأة شعور غريب بأني سأعود إلى السجن من جديد. ورحت أستعيد شريط التعذيب ومرارة الزنزانة، التي قضيت فيها أحد عشر شهرا ونصف بصحبة الظلام والجراذين. كما أصابني الخوف على الصديقة وعلى سمعتها فيما لو اعتقلتها الشرطة بتهمة أخلاقية. وهذا هو الفارق الآخر بيني وبين لبنى أحمد حسين التي لم تكترث لهذه "الخزعبلات"، بل مضت في شجاعة نادرة إلى الدفاع عن حقها حتى النهاية.
لم أعرف ماذا أجيب ولذت بالصمت. تمالكت الصديقة نفسها، بعد أن كانت أيضا في طريقها للانهيار، وتمتمت ببضعة كلمات توحي بأننا لم نفعل شيئا معيبا وبأن عليه أن يتركنا في حالنا. فجأة هبط علي الوحي وأمسكت بذراعه، مع ابتسامة ذات مغزى، وأخذته جانبا وأعطيته كل ما أملك من نقود على أن يعتقنا، وهو ما حصل فعلا. وفي طريق العودة لم ننبت ببنت شفة (هي وأنا) وكأننا أقدمنا على شيء مشين. هي لم تقل لي شيئا وأنا أيضا، وبتواطئ ضمني، سكتنا على الموضوع طيلة هذه السنوات إلى أن قرأت ما حدث للبنى أحمد حسين، ضحية السروال أو البنطلون "الفاضح". لبنى اعتقلت بسبب سروال وأنا تعرضت لما يشبه الاعتقال بسبب جلوسي مع صديقة في حديقة عامة وأمام مرأى العشرات. وإذا كانت المادة، التي اعتقلت بموجبها لبنى، باتت معروفة وتحمل الرقم مائة واثنتين وخمسين من القانون الجنائي السوداني وتتناول "الأفعال الفاضحة والمخلة بالآداب العامة"، فإن المادة التي كدت أعتقل بموجبها غير معروفة، حتى الآن، لكنها موجودة على كل حال.





#أحمد_حسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا قاطع الغيطاني ألمانيا؟
- ماذا يجري في السعودية؟
- النظام السوري يزيل المساحيق عن وجهه حول تداعيات اعتقال أكثم ...
- من المسؤول عن أحداث القامشلي وسواها


المزيد.....




- متوسط 200 شاحنة يوميا.. الأونروا: تحسن في إيصال المساعدات لغ ...
- -القسام- تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يندد بفشل نتنياهو بإستعاد ...
- إيطاليا.. الكشف عن تعرض قاصرين عرب للتعذيب في أحد السجون بمي ...
- -العفو الدولية-: كيان الاحتلال ارتكب -جرائم حرب- في غزة بذخا ...
- ألمانيا تستأنف العمل مع -الأونروا- في غزة
- -سابقة خطيرة-...ما هي الخطة البريطانية لترحيل المهاجرين غير ...
- رئيس لجنة الميثاق العربي يشيد بمنظومة حقوق الإنسان في البحري ...
- بعد تقرير كولونا بشأن الحيادية في الأونروا.. برلين تعلن استئ ...
- ضرب واعتقالات في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جامعات أمريكية ...
- ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد حسو - شرطة الأخلاق العربية وشجاعة لبنى