أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عماد بني حسن - في الطريق الى رام الله















المزيد.....

في الطريق الى رام الله


عماد بني حسن

الحوار المتمدن-العدد: 2728 - 2009 / 8 / 4 - 03:58
المحور: القضية الفلسطينية
    


أمس قبل ايام وقبل عدة ساعات ... قبل سنوات قليلة دفن ياسر عرفات ... أشهارا وأعلانا على أن الواقعة قد بدأت ...
أمس يوم صار لمدخل الرئاسة وفق صفيحة النحاس .. سجاد أحمر طويل في ممرضيق .. وقف على طرفيه جنود مثل جنود روما بسيوف محشوة بطلقات .. وبزات عسكرية كأثواب الرهبان ..وقد تلونت وجوههم بصدى الماضي .. صدى أباؤهم الذين .. سطروا في الوديا ن والجبال .. كلمات لاتزال تغنى .. في صدى الصدور لاغنية عبي المدفع فدائي ولا تهاب طيارة .......كان الليل دامس والصمت يلف كل شيىء .. طرق على الباب ثلاث مرات .. كأنة كان ينادي قلبي .. ركضت فرحا عانقت وجهه المغطى بالشجاعة والعنفوان .. .. ارتمى في صدري ثم غادرت احدى يداه عنقي رفعها عاليا عاليا ... نظرت اليها ومن هم حولي ... ثم قال بصوت أجش ... أنظروا ... الى قبضتي ... أنظروا .. لقد جئتكم بفلسطين ... نعم ... حفنة تراب من البلاد .... ثم هوت قبضتة بين الوجوه الهائمة التي راحت تلتقط بانفاسها ريحا وصدى لتلك الايام ...
أكتوت أجسادهم وصدورهم بنيران أطلقت من كل حدب وصوب .. فغادروا بعد ان خلعوا بزاتهم
وتركوا وجوههم لابنا ؤهم حاملي الغار والمسك والعطر الرذاذ .. هنا يبدأ النهار ... وهناك ينتهي الليل ... هنا مات الرجل .... وقبل أن يموت مضى لتلك الايام هاتفا في الصدى .. أخي لاتفتك بي .. لاتشرب نخبي .. ولا تترك للاحذية فوق دمائنا ممرا ... أخي أيها الوارث قصرا وعرشا وسيوف .. سيلقون على رؤؤس جنودك الريش فتصير ضاحية من ضواحي الشرق المقدس ... يخلعون نعالهم عند البوابات ويرفعون أياديهم تذرعا الى الله ... اللهم بارك لنا هذا المكان وجللة وكلله بالورد ... اللهم ان هذا النذر اليسير من الاغنام المذبوحة فداء لك فأرفع عنه كل شر وضيم ...اللهم أن اليك نعود خاشعين .. لقد بلل الراحل تاريخنا بنسمة هواء تدخل الينا من ابواب لانعرفها... .. مضى الفدائي ... ليلتة في فراش لايعرف ماذا يقول في لـذتة... .والسؤال طريح الفراش ممددا أمام عينية كجندي تدحرجت خوذتة والتـوى عنقة وفتحت يداه بلا ترتيب ... ووميض خاطف لاضواء ملونة صغيرة تروح ونجىء ثم تختفي مع اه...غير جريحة .. اه مبلله بدموع تلك الاسئلة المسجاة بلا حراك ...المسجاة بلذة لاتعرف مداها ولا زمانها .. اهي من الماضي ام أنها فراق ستطويه الايام كذكريات الشبل ... ام سيعود على حصان أبيض يعانق الريح ولا يستسلم له وقد غطى اللثام وجهه وارتسم كالمارد بوجه المغطى حتى ريف العيون ........
لقد سقطت كل الاشياء المدونة على لوحات الصدى ... وتحولت الى شبه صور معلقة في براويز وقد تدلى البرواز فأخذ شكله المنحرف حد السيف الصغير .. متجها نحو الباب ... مد يده وعيناه هناك .. نحو السرير والى عيون الشبل التي قالت له وداعا يا أبي ... ولكن بلاصوت وبكل أنواع الصمت ... وداعا أيها الغابر في طيات السجاد .. وعلى وقع طبول لاصوت ولا صدى لها ... صامتة كليل نامت فيه أسواق المخيمات الا من حارس جمع بقايا السوق المندثرة .. فتحركت صورة رسمها اخر الفدائيين المتعبين في ليالي المخيم ... يستل علبة سجائره وينتظر رائحة الشاي ..... يتحرك قليلا فتتحرك معه قرقعة سلاح لايعرف أين يركنه ...بقي صدى متعب لنيران تكاد تنطفي .. في شارع لا حياة فيه للاحياء اللائـذين خلف الابواب ...
بقيت هي تلهث عند أطراف السرير .. حدود الجرح أن سقطت او نسيت الحدود او نسيت المسافة ... .. لو وقعت في الماضي ضحية اللحظات العابرة ... ولا يعرف ان كانت ليلتها الاخيرة .. .. أهو وداع ام وداع اخر .... هي تبكي ولا تعرف من الوداع سوى صورة لرجال قد تطويهم جوازات السفر المباركه بدموع كل من عبروا ... هو لايعرف .. لكنه سيقول لها ... ايتها الحبيبة .. ام الفدائيين .. أم الاشبال العزيزة الغالية .... أفرحي لفرحي بلقاء ... ذاك الرجل المسجى ... في ... بلاطنا الاول ..... اللهم ان الغنيمة قد فاضت في ديارنا فلا تجر علينا الويلات ..ولا تدفع في وجوهنا باناس ينشدون الوطن او راية جهاد ... فلا تأخذ بايديهم .. اللهم احرس لنا كل طيف هنا .. حيث نركع ونحن الغرباء القادمون من هناك شوقا الى هنا حيث الارز والتوت والديوك البلدية ...
يمضي الشبل الحائر من أمام العسكري .. بعد أن نفض أوهام الليل والتعب ... يمر من امامة ... ثم يقول صباح الخير ياوطن .... العسكري ينظر ولايرد ... والشبل يمضي .. وطرقات حذاءة تنتظم ..... صباح الخير لاأحد يرد ... ثمة صدى لصوت من مذياع صغير ركنه بائع القهوة ... يحاول عبثا ألتقاط الصوت .... هنادار الاذاعة ... ثم يغيب مشوشا ثم تستقيم الابرة ... هنا صوت الاذاعة الاسرائيلية ...أنتم الان في رحاب اذاعتنا اهلا وسهلا بكم ...
يشربون القهوة ويمضون خلف دخان سجائرهم ... لقد أطل السائق برأسة ...ثم يقول ساعة العبور بدأت يا أخوان .... يتلاحقون متوزعين على صناديق صفراء خصصت لعامة العابرين ... يغيب الصوت مع صدى لازيز سيارة الدودج الاردنية ذات اللون الاصفر التي
أنطلقت بسرعة فائقة علت ثم أنخفضت ويد السائق تبرم على أبرة المذياع لصوت أم كلثوم ... وقابلته وأنسيت أني خصمتة .... صفا الصوت وبقي صوت السائق الاردني ... وهو ينظر متفحصا الوجوه في المراة ..بشاربية المعتقين ووجهة الغليض ... الاخوان فدائيين .. ثم يستدرك اقصد خدمتوا بالقواعد ايام العـز ... لايترك مجالا للاجابة فيقول راحت الايام .. راح ابو عمار .. راحت البلاد ياعمي ....ثم يمضي على وقع الدودج الصفراء التي تعلوا في مسافة العبور ثم تنخفض بسرعة ... لاتخافوا كل شي ميسر باذن الله تعالى ... وطالما الله تاب عليكم ياعمي والله لتشوفوا احسن مقابلة ... صمت الجميع لصوت مخنوق يعكرة صدى العابرون..... ودارت الايام ومرت الايام ... صوت متسللا ......وقابلتة وأنسيت اني خاصمتة......
لاحت من بعيد ألوان متداخلة تحمل فوقها كلمات علقت كالخردة على صفائح من خشب .... قال السائق الاردني ... تقول هذه الكلمات انكم الان في رحاب دولة اسرائيل .. فادخلوها أمنين مطمئنين ... قال السائق متابعا حديثه .. ياشباب ..سوف يمر كلبين على السيارة سينظرون في عيونكم .. ثم ينبح الاول مرة والثاني مرتين فهذا روتين ..ثم يقول والله العليم واحدمن الكلاب ذكر والثاني انثى ...لكن أتركوا الامر لصاحب الامر .. معكم اوراق ياعمي بتحل زنار الجندية الشقراء .. لكان اذا في نسوان فكرك بفتشوهن الجنود ... لا ياعمي هذول ناس بيعرفوا الاصول ....
ثم كررها اذا قال الكلب عــوو والله أعلم الانثى ...ثلاث مرات يعني لازم نعبر .. وهذا اللي بدوا يصير ...
لم يخفي السائق فرحتة بركابه العابرون في رحلتهم الاولى ... ... يقول احدهم
جاء الكلبين ولم ينبحوا نظروا في وجوهنا ثم مضوا ... سمعنا من الخلف ضربات على السيارة ... فأنطلقت تشدوا الوديان والمنخفضات .. تكلم احدنا بعد ان عبرنا.. قلنا للسائق نريد تقبيل اول خطوة نخطوها في بلادنا ... لكن السائق لم يتوقف الا امام السجادة الحمراء الضيقة وعلى طرفيها جنديين وفي المقابل صفيحة نحاس تدل على أننا وصلنا الى فلسطين ...
عماد بني حسن



#عماد_بني_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة الوطنية ....والجهل السياسي
- رسالة كمال مدحت تفتح لاحقا ؟
- مخيم تحت الطلب
- العشاء الأخير بين بن لادن وبوش ؟
- تسويات صغيرة مؤقتة :
- صرخة أمير قطر مدويه في الفراغ العربي
- من يبرم صفقة لاقتتال في المخيمات ومن ينفذها؟
- القيادة الفلسطينية الجديدة والعاصمتين
- ما هي خطوات الارهاب البوشارونية الانتخابية؟
- الاخلاق الاميركية يمثلها شارون ؟...
- لماذا يأمر شارون موفاز بقمع المتطرفين؟!
- عين الحلوة حقل النفط الاحتياطي


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عماد بني حسن - في الطريق الى رام الله