أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الرحمن كاظم زيارة - ملاحظات في البداهة والبديهية















المزيد.....

ملاحظات في البداهة والبديهية


عبد الرحمن كاظم زيارة

الحوار المتمدن-العدد: 2728 - 2009 / 8 / 4 - 03:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


البداهة احدى قوتي الفكر ، اما قوته الاخرى فهي الروية . فالاولى الى الحس اقرب والثانية الى العقل اقرب . والروية هي النظر البرهاني ، تستحضر المنطق والبرهان والحجة . فيما البداهة قوة حاضرة سريعة الانقداح بسبب التراكم المعرفي والمران العقلي والدربة على القياس . فبين البداهة والروية علاقة تتام ، احداهما تتمم الاخرى في مجموع قوة العقل . واذا شئنا تعبيرا آخر فهما ـ أي القوتين ـ حادثتان متنافيتان لاتظهران في وقت واحد ولاتختفيان معا ، واختفاء احداهما في وقت دون آخر.. ان انبساط احداهما في العقل بقدر ما ، يعني انحسار الاخرى بذات القدر . فالروية بقدرمعين، مؤشر على نقص في البداهة بنفس القدر . والبداهة بقدر معين ، مؤشر على نقص في الروية بذات القدر أيضا. والانسان يستخدم هاتين القوتين في جميع خياراته وانماط تفكيره وقراراته .. وليس من الصعب تمييز القوتين في النشاط العقلي تحت أي ظرف .
فاذا ما قبلنا القول ان العقل طريقة تشكل موضوعها بما يتحواه فانه يتحوى هاتين القوتين " البداهة والروية " وهما في وضع التنافي فاحداهما تقمع الاخرى ..ان ما يفيض عن البداهة وتنتجه ليس بديهيا فقط ولا مبرهنا عليه فقط ، وإنْ كان الامر يبدو كذلك كمالاينعدم ان يكون كذلك . بمعنى ان البداهة بوصفها نشاط عقلي ينطوي على عنصر المفاجأة في الوصول الى الحقيقة دون المرور بنسق دلائلي ذي صلة بالمفكر فيه، والذي قد ينتج عنه " بديهية " أو " مبرهنة " . والمفاجأة إفصاح مختزل للتراكم المعرفي والخبرة العلمية تنقدح حتى ولوبحضورآني لملاحظة أو لاشارة .
فلدينا تقابلان يصحان كمعطى اولي للصلة بين اربعة أشياء :
تقابل ( الفكري ـ الحسي ) وتقابل ( المنطقي ـ الحدسي ) .
والتقابلان يلمحان الى الفرق بين الحدس والبداهة .. والفرق بين المنطقي والفكري .
وهنا لدينا اربعة علاقات دالية ممكنة بين " البداهة " والروية " من جهة وبين " البديهية " و" المبرهنة " من جهة أخرى أخرى :
( البداهة ، البديهية ) ، ( البداهة ، المبرهنة ) ، ( الروية ، البديهية ) ، ( الروية ، المبرهنة ) .
فكل علاقة من هذه العلاقات هي تطبيق دالي ، مركبته الاولى قوة في العقل وتمثل جذرا للمتغيرالمستقل ، يستمد تحوياته من العقل ذاته ، ومركبته الثانية هي فعل القوة وتمثل أثرا للمتغير التابع ، يستمد تحوياته من القاعدة التي تنظم العلاقة بين المركبتين . فالبديهية والمبرهنة هما صور البداهة والروية. ويمكن اجمال التشكيلة العامة لهاتين المركبتين بحوائين اشمل فيكون سورهما ( = كم كل منهما) كل المتغيرات المستقلة (= قوى العقل ) وصورهما كل المتغيرات التابعة (= صور العقل ) .


وليس لدينا ما يثبت وجود للعلاقة ( البداهة ، المبرهنة ) ، سوى العلاقة ( الروية ، البديهية ) ،فهي موجودة . بكلمات أخرى ان للروية صورتان هما : المبرهنة والبديهية . ذلك ان البديهية جزءا من البرهان . وتتحصل عن طريقي البداهة والروية . فالبرهان ايا كان ليس ناتجا عن البداهة .
والحدس هوفعل بدهي ـ من البداهة ـ وفوق منطقي . والمنطق لاحدسي . لذا فأن معيارهما مختلف ، وبهما حاجة دائمة للاقناع الداخلي . فاذا كان المنطق واضحا في صوابه ، ومعيار الصواب فيه ما اتفق انه صائب من المقدمات سواء كانت بديهيات او مبرهنات سابقة . فأن البديهية ليس لها مثل هذا المعيار .
فما معيار الصواب في البداهة اذن ؟
ان هذا السؤال يحلينا الى اعادة ترتيب :
ـ تحويات كل من البداهة والروية .. و الحدسي واللاحدسي .. و الالهام والمنطق ...
ــ وتحويات كل من البديهية والمبرهنة ... المسلمة والقضية ... المصادرة والمسألة...
ولنبدأ من العقل بوصفه وظيفة ، يؤدي عملية التفكير وينتج فكرا هو سلسلة من التصورات والاحكام المقترنة ببعضها البعض . فهو كما تقدم حواء لقوتين : البداهة والروية . أو الحدسي واللاحدسي ،أو الملهم والمنطقي .. هاتان القوتان تنتجان :بديهيات ومبرهنات ، في علاقة دائرية بين ما هوبديهي وما هو برهاني .

المبرهنة هل تتحول الى بديهية ؟ كلا بالطبع والمثل السائر حول كروية الارض لايصح مثلا لتحول المبرهن عليه الى أمر بديهي . ان كروية الارض قضية قد تمت البرهنة عليها فهي ليست بديهية البتة . الا انها اضحت احد القضايا المعروفة والمتداولة لدينا . الا ان ثمة " بديهيات " اخذت صفتها هذه : بديهيات جراء تداولها على نطاق واسع . والعلم لايعنى بهذا النوع من " البديهيات" ولا يتعاطى معها بصفتها هذه حتى يثبت انها بديهيات فعلا . نحو :
ـ ان الاعشاب الطبية ان كانت لاتنفع فهي لاتضر .
ـ المشي ضروري لهضم العشاء .
وغيرها ، وكلاهما يمكن نقضهما بسهولة . فالاعشاب الطبية ان صح القول فيها بأنها لاتضر ، فهذا يعني انها لاتنفع ، فهي اذن تضر في حال وتنفع في حال آخر كأي دواء . وضرورة المشي بعد تناول العشاء أمر مغلوط ، لان الدم يتركز في الامعاء بعد كل وجبة غذاء فلا ينصح عندئذ بالحركة او القيام بعمل عقلي كالدراسة والتأليف وحل المسائل العلمية . لهذا ينصح دائما بالرياضة قبل وجبات الطعام الرئيسية وليس بعدها .
والخلاصة بصدد البديهية هي : أن البديهية قضية بسيطة تحتمل الصواب فقط . ولايحتاج في اثباتها الى البرهان ، فهي مسلم بها دون برهان .والتسليم بها أمر منوط الى الحس في المقام الاول حتى وأن لابسه ظل من العقل الذي يعمل في انسقة الروية . فهي استدلال تجريبي ليس للعقل فيه الا التصديق والموافقة والمعايرة والمقايسة العينية .
أما الخلاصة بصدد البداهة : فهي نمط للفكر الحاذق الذي استتبت فيه قدرة الاختزال الى بلوغ القدرة الحدسية والاستشفاف معا . فالتجريد هي معيار أول للبداهة .
البعض تختلط عنده " البداهة " بـ "البديهية " كأختلاط المحسوس بالمعقول .اما البديهية فهي ليست البداهة ـ للبداهة لفظ آخر هو البدهية ـ والبديهية قضية مسلم بها دون برهان يمكن الوصول اليها بالبداهة المعانة بالحقائق المحسوسة والقابلة للقياس والمعايرة والتجريب. والبديهية لها اسم آخر هي المصادرة . نحو (المستقيم اقصر مسافة بين نقطتين ) و( الشمس تبعث لنا النور ) و( القمر يبعث لنا الضياء).
لذا فان جذور القوة في العقل اثنان : البداهة والروية واثرهما : البديهية والمبرهنة ، على الترتيب . واذا ما نظرنا الى ان النتاج الفكري هو نتاج عقلي والاخير صيرورة تتركب من حواء يتحوى كلا من البداهة والروية وههما جذرا متغير العقل بوصفه حواءا يتحواهما فأن تجليات العقل بوصفه صيرورة تتحدد باربعة حدود هي بالاساس قيم طرفية ننلابس معها تجليات اخرى هي خليط من الحدود اثنين او ثلاثة وواحد او واحد وثلاثة او واحد واثنين ..الى آخره من الاحتملات الممكنة ز اما التجليات الاربعة فهي:

البداهة والبديهية يشكلان : صيرورة كلية البداهة.
البداهة والمبرهنة يشكلان : صيرورة جزئية البداهة.
الروية والبديهية يشكلان : صيرورة منطقية جزئيا.
الروية والمبرهنة يشكلان : صيرورة منطقية كليا .
لذلك يمكن النظر الى كل شئ محسوس او معقول ، وكل شئ محسوس او معقول على انه صيرورة تنطوي على الاكتمال والضمور في آن واحد بوصفهما فواعل لحواء الصيرورة .
هذه الملاحظة تقدم لتصور جديد زبناء جديد هو " منطق الصيرورة الموحد " .





#عبد_الرحمن_كاظم_زيارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكائنات المنقوصة هي الاصل وما ينقصها فرع منها
- نبذ نظرية المؤامرة ونبذ الارهاب وخواء العقل
- السبيل الى تنفيذ دعوة القذافي الى انشاء مجلس أمن حركة عدم ال ...
- السبيل الى أنسنة ادارة الولايات الامبريالية الامريكية
- نحو جبهة عربية لفصائل المقاومة و التحرير في الوطن العربي
- بطاقة تعريف الشكل الحيوي للشيخ محي الدين العربي
- نسبية المعايير وتوحيدية المنطق الحيوي
- سلطة المنطق التوحيدي وقانون التدافع
- يكتاتورية الشكل الحيوي تضطهد البنيوية الحقة
- الغاء جامعة الدول العربية مطلب جماهيري وحدوي
- (( جبر بوول )) ومجالات التوظيف في المنطق والفلسفة
- المطالعات الاربعة في المنطق التوحيدي والايديولوجيا
- النظام البديهي للمنطق الحيوي التوحيدي
- المنطق الحيوي للشكل الحيوي
- الادب الفلسفي في المقابسات
- مبادئ في التحليل البنيوي
- التوازن في مقالة المقابسات
- مقدمة في علم البنى
- البنية الزمرية
- الاناسة اوعلم تالاجتماع


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الرحمن كاظم زيارة - ملاحظات في البداهة والبديهية