أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - سوريا والجيران: أما آن الأوان؟















المزيد.....

سوريا والجيران: أما آن الأوان؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2727 - 2009 / 8 / 3 - 07:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل يوم جمعة، في هذه الأيام الصيفية الجميلة الرائعة، يقصد السوريون هنا، المصايف والجبال، في سياحة شعبية بسيطة وبرحلات عائلية، للتمتع بسحر الطبيعة وبهائها الخلاب، في واحدة من أجل بقاع الأرض قاطبة وعلى الإطلاق. إنه، ساحل سورية، مهد الحضارات البشرية، وموطن أول أبجدية في التاريخ، وفي اللاذقية، تحديداً، حيث المساحات الخضراء التي لا تنتهي، فهذه المنطقة هي نقطة التقاء الشرق بالغرب حيث لا تبعد الحدود التركية إلا بضعة عشرات من الكيلومترات، واعتاد الناس سابقاً، وقبل الحقبة الفضائية، على التقاط الإشارات التلفزيونية الأرضية من قبرص وتركيا واليونان في أيام الصحو.

لقد كان لطبيعة المنطقة الجغرافية والمناخية والخصبوية الأثر الأول في انطلاق الحضارة البشرية من هذا المكان، وكما دلت عليه الكثير من الدراسات والأبحاث. وهناك مدن كاملة غنية بالكنوز والآثار، تحت هذه البقعة الجغرافية خرافية التضاريس والأبعاد. وحيث يتطلب مثلاً إصدار رخصة بناء موافقة من مديرية الآثار والمتاحف للتأكد من عدم وجود آثار في الموقع الذي سيشاد عليه أي بناء جديد، وكثير من الأبنية والمشاريع تم إيقافها نظراً لوجود لقى أثرية في محيطها.

وهنا تجتمع الغابات الامتدادية الشاسعة، مع الجبال الخضراء، مع البحر المتوسطي وزرقته اللامتناهية، مع الأنهار والينابيع العذبة، ووسط كل هذا الجمال هناك البحيرات العذبة وسط الغابات، وفوق ذلك كله هناك الإنسان الطيب الذكي المضياف الذي يحب ويعشق الحياة، ونمط الانفتاح، ولا يعرف أي نوع من الحقد والتعصب والتحجر والانغلاق. ويكثر هنا المبدعون في شتى المجالات، لاسيما الأدبية منها، حيث تتفتح القرائح وتلتهب الخيالات بالجمال الآسر الأخاذ الذي يحاصرك من كل مكان، ولا ندعي أية حصرية لأي قوم أو جماعة في الإبداع، غير أنه ولاشك هناك بيئات تساعد على التألق والإبداع. فهناك على مر التاريخ علاقة وثيقة بين الجمال والطبيعة والإبداع، ومن هنا لم يضف الأدب الصحراوي أية قيمة جمالية أو فكرية تذكر لتراث الإنسان وظل عاجزاً عن مواكبة العقل البشري الذي ظل يتطوراً إبداعياً، وعلى نحو متصاعد عبر الزمان.

خلال هذا الأسبوع كانت وجهة الانطلاق باتجاه منطقة صلنفة التي ترتفع حوالي الألفي متراً عن سطح البحر، وهي منطقة جبلية شاسعة مغطاة بالكامل بالغابات الحراجية ومنها ما لم تطأها قدم إنسان حتى الآن، ويكاد المرء يحتاج لملابس شتوية حقيقية في "عز" هذا الصيف بسبب برودة المناخ، وخاصة ليلاً، حيث لا يمكن، بحال، البقاء أو السهر ليلاً خارج الجداران المحمية، والنوافذ المغلقة.

فاللاذقية، تعتبر، قبلة السوريين السياحية الأولى في عموم الوطن السوري، ناهيك بالنسبة للكثيرين من دول الجوار والشرق والغرب على حد سواء. وما لفت نظري هو هذا الوجود الكثيف لمواطنين من دول الخليج، وهم ليسوا بسائحين عاديين بل جلهم مقيمون شبه دائمين، وملاك شقق، وفيلل، وأراضي، ويدخلون ويخرجون بسياراتهم بكل أريحية ومن دون أية مضايقات. إلى درجة أن هناك حارة في صلنفة اسمها حارة الكويتيين، وجل نازليها، وساكنيها وقاطنيها من الكويت، حيث تراهم يجوبون المكان، ويتجولون بكل حرية في أرجاء المكان، وأبناؤهم يذرعون الشوارع جيئة وذهاباً. ومنهم من يأتي في أول الصيف ومع انتهاء العام الدراسي ولا يسافر إلا مع آخر دقيقة من إجازته، نظراً لما للمكان من مباهج تبعث في النفس كل مشاعر السعادة والراحة والاسترخاء والاستنقاه والأمان والاطمئنان والألفة والمودة وحسن الضيافة التي يتمتع بها إنسان هذه المنطقة، إضافة للتسهيلات الإدارية والرسمية الأخرى التي تجعل هذا السائح و"الضيف العربي"، يشعر وكأنه فعلاً في وطنه وبيته، ويتصرف على هذا الأساس. مع شعور كامل بالأمن والأمان الشخصي الذي لا يستشعره المرء في أية بقعة أخرى من العالم. وحيث يتوفر كل شيء وبوفرة عجيبة لاسيما الخضار والفاكهة الطبيعية الطازجة والرخيصة إلى حد كبير مقارنة بدول الجوار، أما مع أسعار أوروبا فتكاد تكون شبه مجانية و"ببلاش". فقد كنت أشتري التفاحة بجنيه إنكليزي واحد في لندن، مثلاً، وهذا المبلغ يمكنك من شراء ثلاثة كيلوغرامات من التفاح في هذه الأيام.

وكم عبـّر أكثر من ضيف "عربي"، من هؤلاء، وفي جلسات وأحاديث جانبية وعابرة، عن شعوره الغامر بالفرح والسعادة والأمان، وإحساسه بروعة وسحر المكان وروعة الشعب الطيب المضياف، وعن السهولة في الدخول والخروج والإجراءات الأخرى التي تصب في ذات السياق. ويستطيع مثلاً أي من هؤلاء العرب، الزواج، والتملك، والبناء، والتجارة، وإقامة المشاريع، والدخول والخروج من دون فيزا إلى سوريا.

تذكرت ها هنا، وفي غمرة هذه الاحتفاليات، وضع مواطننا السوري المحزن والمؤلم في نفس هذه البلدان التي يحظى بها هؤلاء الأخوة الضيوف بكل التقدير والاحترام. ونازعتني النفس الأمارة بالأسئلة اللعينة في كل وقت تظهر وتلوح فيه الكوابيس الحياتية والتناقضات. ويمكن القول، بأن نفس هذا الضيف المدلل، والذي يتمتع في سوريا، بكل ما يليق بالإنسان الحر الكريم، قد يكون، وبكل بساطة، "كفيلاً" لمواطن سوري في نفس تلك الدولة الخليجية التي أتى منها، وتراه يزور سوريا من دون أي شعور بالحرج، أو الذنب، وحتى "الكسوف"، وكأنه لم يفعل أي شيء على الأإطلاق، ومع ما لذلك من انتهاك صارخ لكرامة وإنسانية السوري، وتناقض، وتباين صارخ في المعاملة، و"إنكار للجميل"، لشعب يستقبلهم بكل محبة وضيافة وحفاوة واحترام، وبكل ما ينطوي عليه هذا الأمر من قلة اعتبار للمواطن السوري، ناهيكم عن عشرات القيود والتمييز في المعاملة والصعوبة في الشعور بأي نوع من الأمن والاطمئنان الأسري والحياتي بالنسبة للمواطن السوري في عموم المنظومة الخليجية. فنظام الكفيل مجرم وعبودي واسترقاقي ومحرّم وغير قانوني ويتعارض كلياً مع أبسط القيم الأخلاقية التي تعارفت عليها البشرية ولا يطبق إلا في هذه المنظومة البدوية. فهل يقبل هؤلاء الضيوف العرب أن يكون لهم كفيل سوري يتحكم بكل تصرفاتهم ومستقبلهم ويكون مصيرهم بيده؟ كلا وحاشى لله، فالقيم والأخلاق، وكرم الضيافة والحضارة السورية تمنع كل هذا الهراء. أو بالأحرى هل يقبل أي من السوريين أن يمارس هذا الدور على أي إنسان في العالم؟ وهل هناك ثمة فروق حضارية وأخلاقية وإنسانية بين السوريين وبين هؤلاء العرب؟ أما آن الأوان لهؤلاء تعلم، وتمثل القيم، والطيبة السورية النبيلة في احترام والتعامل مع الضيف العربي؟ وإلى متى يبقى هذا الملف من دون تناول رسمي بما يعيد شيئاً من التوازن لهذا الخلل الكبير في العلاقة، والتناقض الصارخ في ظاهرة بدأت تأخذ بعداً عنصرياً مقيتاً ومؤرقاً، وغير مقبولة على الإطلاق.











#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألغت عرسها لأن خطيبها نجم أفلام إباحية
- اغتصاب جماعي ضد نساء دارفور
- الشاي الأبيض للقضاء على البدانة
- امرأة بريطانية على ذمة خمسة رجال في وقت واحد!!!
- إحذروا الكولا!!!
- أسيرة الجنس: الموديل الفاتنة تفر من قصر زوجها الأمير؟
- ما رغريت تاتشر بعد ثلاثين عاماً
- المثلية الجنسية في السعودية
- فضائح ُآل سعود: هل تجلد الأميرة السعودية الزانية؟
- تصحيح التفكير في عقل السوربوني الكبير2
- ابن كاسترو ضحية لعاشقة وهمية على النت
- تصحيح التفكير في عقل السوربوني الكبير (1)
- مروة الشربيني: قصة اغتيال حجاب
- الأزمة المالية العالمية: محرقة البليونيرات
- فضيحة العمدة المثلي الذي فر مع صديقه تهز تكساس
- مشيخات العبيد: كنتُ عبداً في الخليج الفارسي
- فضائح الجنس تطارد الرئيس كنيدي إلى القبر
- جمعيات حقوق الإنسان السورية في قفص الاتهام
- إعادة اكتشاف كونفوشيوس
- أرفعوا أيديكم عن المرأة


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - سوريا والجيران: أما آن الأوان؟