أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام عبود - ليس مباحًا أن يكون المرء طويلا في بغداد















المزيد.....



ليس مباحًا أن يكون المرء طويلا في بغداد


سلام عبود

الحوار المتمدن-العدد: 831 - 2004 / 5 / 11 - 07:23
المحور: الادب والفن
    


لا أحد يعرف كيف تجمّعت خيوط الأشياء في عقله, لا هو ولا أحد غيره يعرف ذلك. فالأمور كانت بسيطة, بسيطة وواضحة إلى حد أنه لا أحد لاحظ حدوث الأشياء. لا أحد, حتى أقرب الأقرباء لم يلاحظوا كيف بدأت الأمور, فهم كغيرهم لا ينتبهون للأشياء إلا فقط حينما تكبر وتتعاظم وتمد لهم لسانها وتقول لهم: يا ناس, يا عالم, أنا هنا.

ومن دون شك, ليس من المعقول مطالبة الجميع بتقديم براهين على ملاحظة أو عدم ملاحظة الأشياء. فالكل مشغول بحياته الخاصة وبهمومه. نعم, كل واحد من الناس له همومه ومشاكله. فأخته الصغيرة مثلا, التي يحبها أكثر من أي شيء في الدنيا, وربما يحبها حتى أكثر من نفسه, ترقد عليلة, تلازم الفراش منذ فترة طويلة, ولا أحد أيضا لاحظ كيف بدأ مرضها المفاجئ, وسبب ذلك. لكنه يتذكر جيدا أنها أولا بدأت تحس بخمول وصداع, ثم أخذ شعر رأسها يتناقص, ورغم أنهم لم يعودوا قادرين على إرسالها إلى المدرسة, فإنهم شعروا بالحزن لأنها عجزت عن الذهاب إلى المدرسة لا بسبب الفقر فقط, وإنما بسبب شيء آخر لا يعرف أحد مصدره, شيء أجبرها على النوم في الفراش, ثم في النهاية وجدوا أنها عاجزة تماما عن الحركة. في المستشفى لم يدم الفحص طويلا, فبعد أن نظر إليها الطبيب قال لهم:

- هل أحوالكم المادية جيدة?

- مستورون, أجابت الأم.

- الستر وحده لا يكفي لمصاريف علاجها, هل لديكم شخص من العائلة في الخارج?

- أي خارج?

- خارج الوطن, خارج العراق.

- لا, أجابت الأم وهي لا تعي لماذا يتطلب منها أن يكون لها شخص ما في الخارج, رغم أن لها زوجا موجودا في مكان ما لا يعرفه أحد.

- زين, خذوها إلى البيت واعتنوا بها جيدا, حتى يفرجها الله.

- ماذا تستطيع أم أن تفعل وحدها وهي عاجزة تماما, تعيل خمسة أفواه جائعة, فزوجها غادر البيت في يوم مظلم ولم يعد. ولا أحد أيضا يعرف لماذا وإلى أين ذهب ومتى يعود?! حتى هي لا تعرف. كل الذي تعرفه أنه قال لها قبل أيام من اختفائه: (لم أعد أطيق سلوك هذه الكلبة (حليمة). فهي لم تعد صبية صغيرة فقط, بل هي الآن امرأة, وأمر علاقتها بهذا الرجل, الذي يعمل في شرطة الأمن, يدور على كل لسان, ولا يقتصر الأمر على ذلك, فالجميع يتحدثون عن أن هذا الرجل تحوم حوله الشبهات). أجابته الأم: (لا تكن موسوسا يا رجل, ابنتنا تعرف حدودها جيدا. وهي لا ذنب لها إذا كانت تذهب إلى عملها لتعيلنا, بعد أن أصبحت سوق الصفارين خاوية ولم يعد عملك في تبييض وإصلاح الأواني يسد رمقنا. إضافة إلى هذا, فهذا الرجل الذي تتحدث عنه بسوء, قد زارنا بسبب أنه خلص (حليمة) من ورطة وقعت فيها مع بعض الأشرار, وهو الذي ساعدها في الحصول على عمل لدى أحد معارفه, وليس من العدل أن نجازيه بهذا الشكل). بعد أيام قال الأب لها: (اسمعي يا امرأة, أنا طقت روحي, واسودّ وجهي, وإنني سأفعل شيئا لا يعرف إلا الله عواقبه). انتظرت أياما عدة وهي تتوقع في كل يوم أن تصحو فتجد حليمة مذبوحة في فراشها, لكنها صحت في أحد أيام الشتاء الباردة لتجد أن زوجها قد ذهب ولم يعد. نفذ تهديده. هل مات? انتحر? هرب? لا أحد يعرف. كل الذي يعرفونه عنه أنه قضى حياته كلها لا يعرف سوى طريق واحدة, هي الطريق التي تقوده من البيت إلى سوق الصفارين حيث يعمل, ثم إلى المسجد, فالبيت. فأين تراه ذهب وهو الذي لم يغادر مدينته إلا مرة واحدة, حينما حشر نفسه في سيارة (الزوار), المتوجهة إلى قبر الحسين في موسم الزيارة, قبل أكثر من عشرين عاما!

أما (حليمة), التي تجاوزت طفولتها بلمح البصر, فقد كبرت, كالعادة, بسرعة عجيبة لم يتوقعها أو يلحظها أحد. ففي إغماضة عين تحوّلت طفلة الأمس إلى امرأة مكتملة الأنوثة, وغدت مشغولة دائمًا, ولا أحد يعرف تقريبا بماذا هي مشغولة. لا أحد يعرف كيف ومتى ولماذا بدأت انشغالاتها, على أي حال ليس مهما أن يعرف المرء ذلك, المهم أنها الآن مشغولة بشئون تربطها بهذا الرجل المريب, الذي يثير الشبهات, والذي كان يتابعها خلسة. ظل الناس يتحدثون عن تلك المتابعة والمطاردة بهمس وحذر, لكنه أخذ في الآونة الأخيرة, خاصة بعد غياب الأب, يظهر في البيت علنا. لماذا ظهر علنا? ومن سمح له بذلك? وكيف سمح لنفسه? هذا أمر لا أحد يعرف منه شيئا. المهم, هو الآن هنا, وهي مشغولة بجسدها, وهو يتظاهر بأنه يحميها ويعطف عليها, علنا, عيني عينك, هذا كل ما في الأمر.

وماذا تستطيع الأم أن تفعل? حتى إذا أصبح مجيء الذي يطارد (حليمة) علنا? بل حتى إذا أضحى أحيانا يتشرط عليهم ويتأفف من سوء المعاملة التي يلقاها? ماذا تستطيع أم كسيرة أن تفعل?! والبنت الصغرى, التي لم تزل صغيرة, (سليمة) مريضة, و(حليمة) مشغولة, والأخوة الصغار تركوا المدرسة وضاعوا في الأزقة, والأب هددها ونفذ وعده. فماذا تستطيع أن تفعل! وماذا يستطيع هو أن يفعل?! ومن يستطيع أن يلوم أحدا?! لا أحد يستطيع أن يلوم أحدا...خاصة أن الأمور ما عادت كما كانت. فقد تغيرت الأشياء وأصبحت كما هي عليها الآن, لا كما كانت قبل أن تصبح سوق الصفارين خاوية, وقبل أن تمرض (سليمة) وتنشغل (حليمة) ويهرب الأب, وتتمرمط الأم, والأهم من كل ذلك قبل أن يقوم المجرمون بإطلاق النار على ابن الرئيس, يطلقون النار على زين الشباب, ويصيبونه إصابات خطيرة جعلته لا يحرّك جزءًا كبيرًا من جسده, الأمر الذي جعل الأطباء يستبدلون له في كل فترة عضوا جديدا, بدلا من العضو التالف, أو الذي لا تنقضي سوى أيام إلا ويتلف ويستبدلون به عضوا جديدا, من هنا بدأت الأشياء. نعم. من هذه النقطة: إطلاق النار على ابن الرئيس, زين الشباب. هو يتذكر جيدا ذلك اليوم, بل تلك اللحظة, كما لو أن الحدث وقع الآن. هو يتذكر ذلك بوضوح تام ويحس به, بالضبط كما لو أنهم أطلقوا النار عليه هو شخصيا, وكما لو أنه هو الذي تلقى الطلقات الثلاث عشرة اللئيمة ومازال يحملها في جسده وفي روحه نيابة عن ابن الرئيس. لكنه, رغم جراحه الممضة, يخفي الأمر عن الجميع, يخفي آلامه, كي لا يلاحظ ذلك أحد, فالمحاذير كثيرة ولا أحد يثق بأحد هذه الأيام.

حينما دخل (فرحان) بيتهم توقف لدقائق. استجمع أنفاسه وعدل من وضع ظهره, فقد أتعبه طول إحناء ظهره, وهو يسير من شارع المنتصر حتى البيت, مرورا بحي الثورة والشارع المحاذي لسوق البزازين. لقد تجنب السير في السوق. والسبب في ذلك لأن السوق موقع يمكن أن يلاحظه الآخرون فيه بيسر. ولكن لا يمكن الجزم بهذا أيضا, فلو قلنا إن السوق مكان يسهل على الآخرين أن يرصدوه فيه, فمن الصعب أيضا القول إن الشوارع الفرعية الخالية أفضل حالا من السوق. لماذا? السبب بسيط: في السوق يكون الزحام شديدا دائما, لذلك فقد لا يلاحظ الناس كل مَن هبّ ودبّ. أما في الشوارع الفارغة فمجرد وجود شخص واحد يكون مدعاة للملاحظة. سيرصدونه بسرعة البرق, خاصة لو كان طويلا. فطويلو القامة تسهل ملاحظتهم. ولكن من جانب آخر توجد في السوق دوريات وعيون وشرطة بكثرة, وفي الأماكن الفرعية والفارغة يقل عدد أولئك. وهذا يعني أن السوق والشوارع الفرعية وكل الأماكن متساوية في خطورتها. وسواء مشى الإنسان في شارع فارغ أم في سوق, أو حتى لو لبد في بيتهم, فهو عرضة لأن يكون تحت رقابة فرق الرصد, التابعة لابن الرئيس المصاب. ولا أحد يستطيع أن يحزر متى يقع المحذور, فجأة يحدث الحدث, فجأة يهجمون وتكون يا (فرحان) في خبر كان.

قوس (فرحان) جذعه إلى الوراء, وظل على هذا الوضع بضع دقائق, حتى شعر أن عموده الفقري عاد إلى استقامته. سار داخلا باحة الدار, فواجهته (حليمة) وهي تجلس على الأرض, في شمس الربيع الدافئة. كانت (حليمة) تضع طرف خيط طويل في فمها والطرف الآخر في رجلها وهي تفتله بمهارة, فيلتقط الشعرات النامية على جلدها, فاجأه وجودها وهي تلتقط الشعر.

- أخفتيني!

- لماذا? ماذا رأيت? عفريتا, أم....?

- أم ماذا? قوليها...لماذا لا تقولين?

- ماذا أقول لواحد مثلك لا شغل ولا عمل لديه. الطول طول النخلة والعقل عقل السخلة.

- مقبولة منك, ولو أنت جعلتيها ماسخة, أكثر من اللازم.

- على فكرة, نسيت أن تعوج ظهرك.

- لا لم أنس, أجاب بخوف وهو يحني ظهره مجددا ويمشي كما لو كان مصابا في العمود الفقري.

نظر إليها بطرف عينه وقال:

- ولكنك أنت....

- ماذا أنا, أكمل, ماذا أنا? انتهى دور الجميع ولم يبق غيرك أنت, ماذا أنا, قل? تريد أن أقولها لك لكي تريح نفسك? ها, تريد أن تسمعها من حلقي!

سار مسرعا باتجاه الغرفة المعتمة, التي ترقد فيها أخته (سليمة) وهو مغمض العينين, متمنيا من كل جوارحه ألا تتحامق (حليمة) وتنطقها. هي ساقطة, ربما نطقتها. ماذا سيفعل حينها! تفعلها, ساقطة مثلها تفعلها.

دخل غرفة أخته الرطبة المعتمة, وقد جذبه كالعادة أنينها المؤلم. مسح صوت (سليمة) العليل الخافت من مخيلته كل شيء في الوجود, ولم يعد يرى سوى وجهها الصغير, الأصفر, الذابل وهي تئن:

- سلومة, هل تريدين ماء?

- هزت رأسها بالنفي وهي تبتسم له بإعياء.

- جائعة?

- لا, نطقت بشفاه يابسة, لمجرد أن تريه أنها قادرة على النطق ولم تمت تماما.

قال الطبيب: خذوها إلى البيت واعتنوا بها, وانتظروا حتى يفرجها الله, لكن الله لم يفرجها, ولا يريد أن يفرجها.

قبلها في جبينها المعروق ولم يتمالك نفسه. أين ذهب شعرها الكستنائي الجميل الطويل, وماذا حدث لخدودها الوردية?

خرج من الغرفة مسرعاً وهو يكتم بكاءه, تجنب الاصطدام بهيئة (حليمة). دلف مسرعا إلى مدخل السلم الذي يقود إلى سطح البيت وذهب ليجلس, كما اعتاد دائما, في زاوية من زوايا سطح البيت, في الجزء الملاصق للسور, الذي يفصل البيت عن بيوت الجيران. هنا اعتاد أن يجلس, ينظر إلى السماء البعيدة, محاولا أن يقيس المسافة التي تفصلهم عن الله, مترقبا من دون يأس أن ينزل إليهم حاملا دواء سحريا لـ(سليمة) أو على الأقل باعثًا أحد ملائكته الطيبين إليهم.

هنا, في سطح البيت, هو قريب من كل شيء, هنا لا يستطيع أحد أن ينتصر عليه, أو يخفي عنه شيئا. فهو قد درس كل شيء بدقة وإمعان. هنا هو أقرب إلى السماء وأقرب إلى الأرض. هو هنا بين السماء والأرض. بقفزة واحدة يستطيع أن يرتقي السور ويقذف جسده, فيجد نفسه قد استقبل الأرض وصعدت روحه فجأة إلى السماء, بلمح البصر, وهو هنا يستطيع أن يرصد كل شيء, أن يسمع حتى أنين (سليمة) حينما تريد شيئا, فيسرع ليلبي لها حاجاتها, ومن هنا أيضا رصد تسلل الوغد إلى بيتهم واختلاءه بـ(حليمة). أخبر أمه, فتعاركت معها, وسمعها تقول:

- تسمعين كلام الأثوَلْ, المخبَّل, زين خليه يعيشك ويعيش أولادك.

- ولكنك لم تقولي لي, هل صحيح أنه جاء إلى البيت في غيابي?

- نعم, جاء. لكنه لم يأت من أجلي, جاء من أجلك.

- من أجلي? أنا يا ساقطة?

- لا تشتمي. نعم من أجلك. ألم تبلغي الشرطة عن اختفاء أبي?

- نعم, وما دخل هذا في البلاغ?

- له دخل. هو يقول إن بعض الناس بلغوا عنك قائلين إنك قدمت بلاغا كاذبا, وأنت تعرفين مكان وجود أبي, فما كان من الرجل الطيب إلا أن دافع عنا وأخبرهم بأنه متأكد من اختباء أبي. وهو مكلف بمتابعة الموضوع. لكن ضميره لم يسمح له أن يتسبب في إيذائنا. هو يخاطر بوظيفته لكي يساعدنا, فهل نطرده?

- اسألي أبا الخيمة الزرقاء, قولي له ذلك, فهو ينظر إلينا الآن, وهو المعين, ردت الأم وهي تنظر إلى السماء بخذلان.

(فرحان) يعرف تماما, بل هو متأكد مائة بالمائة لماذا يأتي هذا الوغد. هو يعرف أنه يستغل (حليمة) فهي مجرد طفلة, رغم مظهرها الغريب الذي أخذت تظهر فيه في الأيام الأخيرة. هو يعرف أنه يستغلها لغرض الوصول إلى هدفه. فـ(حليمة) رغم أنها سيئة, فإنها حقيقة طفلة كسيرة الجناح, ماذا تستطيع أن تفعل? ربما هو يهددها, أو ربما هو قد أفصح لها عن نواياه الشريرة. نعم, فالوغد ينتظر اللحظة المناسبة, لكي يفاجئه ويقتحم عليه غدرا مكمنه الحصين في السطح. ولكن مهما كانت الأقاويل عن (حليمة) فلا يمكن لها أن تبيعه بيسر إليهم, فهي أخته. حقيقة هي ليست أخته, هي ابنة عمه. لكنها أيضا بمنزلة أخته, فقد عاشا وتربيا معا ورضعا من الثدي نفسه. ربما هما لم يرضعا معا, لكنهما أكلا معا. حتى أمه التي هي ليست أمها وإنما زوجة عمها, هي أيضا بمنزلة أمها, فحينما جاءوا بها من تحت الأنقاض, حينما أصابت الطائرات الإيرانية بيتهم في بداية الحرب مع إيران, كانت طفلة في الثانية من عمرها, لم يسلم أحد من أهلها, جميعهم ماتوا, عمه وزوجة عمه وأولاد عمه الأربعة, ماتوا جميعًا عدا (حليمة) التي جاءوا بها إليهم. هي أيضا أخته, هي أخته وابنة عمه في الوقت نفسه.

لذلك, لا يمكن أن تسلمه إليهم, ربما يستغلها هذا الكلب اللعين لأمور أخرى, هو يعرف ماذا يريد هذا الوغد, ولن يجعله يصل إلى هدفه, فالسماء أقرب إليهم منه, نعم, السماء أقرب.

هنا, فوق سطح البيت, قرب السور, لا يستطيع أحد الوصول إليه. ففور أن يضع يده على السور, يرفع رجله ثم يقفز في الهواء وسرعان ما سيصل إلى الأرض: هوب, ويكون في خبر كان, بعدها تكون السماء أقرب إليهم منه.

لماذا يشغل نفسه بأمر (حليمة)? (حليمة) حقيقة ليست أخته. نعم, ليست أخته. هذه هي الحقيقة, فلماذا يغالط نفسه ويتحامق, هي مجرد ضيفة عندهم, أمه على حق حينما قالت لها ذلك في وجهها:

- أأنت ضيفة هنا? أختك نائمة في سرير الموت وأنت تدورين في كل مكان, كأنما لا يهمك الأمر. وحينما تتكرمين ترمين إلينا ببضعة دنانير حقيرة, لا نستطيع أن نشتري بها رأس بصل.

- وماذا أفعل لكم! أسرق?

- فكّري فينا, في أختك العليلة, في أبيك الذي لا يعرف أحد أين ولى, في هذا الذي حبس نفسه في سطح البيت ولا يعلم إلا الله أي شيطان دخل رأسه.

- اسمعي أنت, ليس عندي شيء أكثر أدفعه لكم, الذي أحصل عليه أعطيه لكم, ليس لدي أكثر من هذا, أنت لا تريدين أن تصدقي, أنت دائما تكرهينني, ولا تصدقين كلامي, لماذا أتعب نفسي معك, إذا صدقت كلامي أو لم تصدقي, فلا يهمني الأمر.

- طبعا, هذا جزاء هذا الثدي الذي أرضعك, ردت بحقد وهي تضرب على صدرها الضامر.

- لا تعيدي علي هذه الاسطوانة وهذا الفضل الذي لم أطلبه منك...

- ولكننا....

- ولكننا...ولكننا...ولكننا...دائما تتحدثون عنكم, كما لو أنني لست جزءا منكم. أنتم تذكرونني فقط حينما تريدون مني أن أدفع, أنا ابنتك حينما أدفع, أنت تفكرين في نفسك وفي أبنائك ولا تفكرين فيّ, لا تعرفين حتى ماذا بي.

- ماذا بك! أنت تأكلين على أحسن وجه وتلبسين أفضل منا, تخرجين وتدخلين كما يحلو لك, فماذا تريدين?

تراجعت حليمة إلى الوراء, انحنت وأخذت طرف ثوبها ورفعته إلى الأعلى, استدارت بعنف وهي تكشف عن فخذيها المبقعتين ببقع حمر وبيض, تنتشر مثل نباتات, وحشية من ركبتيها حتى بطنها.

- هذا أنا, انظري! ربما أعجبك جسدي وأنا لا ألبس أفضل منكم.

هي حقيقة ليست أخته, لا بد له أن يعترف بهذا نهائيا. لكنه لا يستطيع أن ينكر أنها بمنزلة أخته,بل هي أخته وابنة عمه في الوقت نفسه. ماذا تفعل أكثر من هذا? هو يعرف أنها قد أصيبت وهي صغيرة. وهو قد رأى جسدها وجراحها منذ أن كانا طفلين. ولكن لم يخطر بباله أن هذه الجراح الصغيرة غدت بهذا القبح والوضوح. هو لم يفكر من قبل كيف ومتى ولماذا حدث ذلك. لم يلاحظ ذلك. كانت ثيابها تخفي دائما كل شيء, تخفي حسرتها ولوعتها وانكسارها وجراحها, وتخفي عنه المرأة التي أخذت تنمو في السر. تخفي القروح التي أخذت تتسع, حتى اللحظة التي عرت فيها نفسها, فشاهد جراحها قد نمت معها بمرور الأيام, وكبرت معها مع كبر نهديها وتفتح جسدها.

الذنب ليس ذنبها, وليس ذنبه أيضا لأنه لم ير جسدها من قبل بهذه البشاعة, مشوها كما لو أنها مشوية في تنور. لكنه على أي حال رأى ذلك, وهو يعرف الآن أيضا أنها امرأة, فما الذي تغير? لم يتغير شيء. مازال هذا الوغد يطاردها, ويستغل براءة طفولتها للوصول إليه, يريد أن يتخذ منها وسيلة وذريعة للإطباق عليه. لكنه لن يمكنه منه. لن يجعلهم يستولون على جسده, لن يسلمهم شيئا ولا اصبعا واحدا... ولا حتى قلامة ظفر. سواء عاش أو مات ابن الرئيس فلن يمكنهم منه. السماء أقرب إليهم منه.

تصاعد أنين (سليمة). لم تتحرك أمه لمساعدتها. إذن فهذا الوغد هنا. جاء, ولا بد أن تكون (سليمة) متوجعة بسبب ذلك, فهي لا تطيق وجوده. ربما هي تشعر مثله بما يدبره هذا الوغد له, وما يخطط له ويناور من أجله, وهو يستغل وجوده هنا في البيت, بوساطة تصنعه التودد إلى (حليمة) وتقديم المساعدة لها, نظر (فرحان) من فتحات المحجر, فشاهد الرجل الوغد يقف في باب الغرفة, ثم ينسل ويدخل الغرفة, فار الدم في رأسه. يجب أن يضع حدا لهذه المهزلة التي طالت, لا بد أن يضع حدا لكل شيء. فمن غير المعقول أن يجلس هو هنا مكتوف اليدين بينما يقوم هذا الغريب باقتحام بيتهم كل يوم, من دون إذنهم, مستغلا غياب أمهم. وما ذنب (سليمة) التي لا تطيق وجوده! ألا يكفيها ما هي فيه! وهو, إلى متى سيظل حبيسا هنا? إلى متى سيظل خائفا, منتظرا أن يأتوا إليه ويجروه من رجليه مثل خروف? لا لن يسمح لهم بذلك, ولن يسمح لهذا السافل أن يفعل ذلك.

نزل (فرحان) بحذر, وهو مصمم على أن ينهي كل شيء. لكنه فقد زمام نفسه حالما اصطدم بـ (حليمة), التي حدجته بنظرة غاضبة قبل أن يفتح فمه, وقالت:

- ها, ماذا بك?

- ليس بي شيء, ولكن ألا تعتقدين أن الأمور صارت ماسخة أكثر من...

- اسمع يا دريع, هذا الذي لا يعجبك هو الذي يحمينا.

أحس (فرحان) بخوف مفاجئ يعتريه وهو يسمع كلمة يحمينا. فهي تعنيه بقولها هذا. قالت ذلك لترعبه, وقد تحقق لها ما أرادت. فقد عجز عن قول شيء, واكتفى بأن هز رأسه باضطراب ونطق شيئا غير مفهوم, فردت عليه على عجل, قبل أن يوضح ما يريد أن يقول.

- لو لم يكن هذا الذي لا يعجب سيادتك هنا لأكلونا.

رفعت يدها نحو وجهها, وفتحت فمها, وابتلعت شيئا لا مرئيا, وهي تؤكد قائلة: أكلونا أكلا.

تركها مسرعا وعاد إلى مكمنه في السطح مذعورا, وهو يرى أمامه أفواه الكلاب الجائعة مفتوحة, يسيل منها اللعاب, بانتظار أن تأكل ما تبقى من جسده, بعد أن بترت الساقان واليدان. لبث في مكمنه مرتعشا, حتى هدأت روحه, فأخذ يسمع مجددا صوتها وهي تلاطف الرجل, فثارت أعصابه ونسي خوفه واقترب من سور السطح وهو يفكر في أمر واحد: أن يتسلق سور السطح, يغمض عينيه ويقفز إلى أرض الزقاق وينهي كل شيء بلمح البصر. السطح ليس عاليا جدا, وحينما يسقط لن يتهشم تماما, لكنه حتما سوف يفارق الحياة في الحال, وبهذه الطريقة لن يمكنهم منه.

عاد إلى ركنه الصغير في السطح, جلس مرتجفا من فرط الانفعال وهو يواصل الاستماع إلى الصوت القادم من باحة الدار: دريع, الطول طول النخلة.. من هنا بدأ كل شيء. نعم من هذه النقطة. هو يتذكر كل شيء كما لو أن ذلك حدث اليوم, الآن, في هذه اللحظة كان (شريف الحلاق) يقص شعره, في اليوم الذي ذاع فيه خبر إصابة الابن الأكبر للرئيس. همس الحلاق في أذنه مثل أفعى:

- الموضوع يتعلق بالطول. بالطول فقط. تصور في كل ساعة يبدلون له يدا ورجلا.

- لماذا? تساءل (فرحان) كما لو أن الأمر يعنيه شخصيا.

- لماذا لماذا? لأنه مشلول اليدين والرجلين.

- وكيف يبدلونها له?

- يسمونها زراعة. يزرعون له أعضاء جديدة كلما أحسوا أن القديمة تلفت. يعني بالضبط مثلما يزرعون بطيخا أو بصلا. يسمونها زراعة الأعضاء البشرية.

- ومن أين يأتون بها لكي يزرعوها في جسمه?

- بيني وبينك, يأخذونها من الناس, ويزرعونها بدلا من القطع المريضة.

- من الموتى?

- أنت دريع بحق. أي موتى! من الناس الأصحاء. الموتى لا ينفعون في هذه الحالات. سأقول لك شيئا خاصا سمعته من أناس يعرفون كل شيء عن الموضوع. القضية باختصار, أنهم شكلوا فرقا خاصة ووزعوها في كل مكان. هذه الفرق تدور في الشوارع والأسواق والأحياء, وتبحث عن الناس الذين في مقاس زين الشباب. وحينما يعثرون عليهم يأخذونهم سرا. وحينما يجدونهم بنفس الطول, يقطعون الأجزاء التي يريدونها منهم ويرمون الباقي إلى الكلاب. ولأنه يحتاج إلى تبديل مستمر, كل ساعة, فهم يحتفظون بعدد كبير من الناس للاحتياط.

- زين, وإذا كان الإنسان أضعف أو أسمن? تساءل (فرحان) بخوف وهو يفكر في نفسه. لكنه استبعد نفسه من الأمر. فرغم أنه ربما شابه ابن الرئيس في الطول, فإنه مجرد جلد على عظم. فهو لا ينفع.

- كل شيء تم تدبيره وإيجاد الحلول المناسبة له. السمين يضعفونه, والضعيف يسمنونه. كل شيء محسوب, وهل تتصور أن الأمر لعب زعاطيط! هناك فرقة من الأطباء المشهورين, أمهر الأطباء في العالم يشرفون على سلامة الإجراءات.

كان ذلك هو بداية الحدث. أما الأمر الذي زلزل كيانه, وجعله يذهب فورا إلى سطح البيت, يفكر مرتعبا في الأمر فهو ظهور ابن الرئيس في التلفزيون يمشي مضطربا, متأرجحا وهو ينظر إليه بتمعن ولؤم من شاشة التلفزيون. في بادئ الأمر خاف, لكنه لم يقبل الأمر على علاته كحقيقة. فظل لعدة أسابيع يجمع الأخبار ويتقصى كل شيء عن حياة وصحة ابن الرئيس. حتى أخذ يستمع مرارًا إلى حادثة الاغتيال من كل من يراه ويقابله ويقلبها من جميع جوانبها. وظل طوال ذلك الوقت يؤمل نفسه بأن ذلك مجرد أمر عابر.

فمن المحال أن يعيش ابن الرئيس بعد أن أصيب بثلاث عشرة رصاصة. حتى القطة لها سبعة أرواح, سبعة وليس ثلاث عشرة!

لكن ابن الرئيس سرعان ما خيب توقعاته, حينما عرضه التلفزيون على الملأ في تلك الليلة المرعبة. نظر إليه زين الشباب نظرة عميقة, ذات معنى خاص, وابتسم هازًا رأسه المطوق بعقال سميك. فما كان من (فرحان) إلا أن ذهب إلى السطح متفكرا في الأمر بقلق حقيقي. لكنه رغم ذلك لم يستسلم أيضا. ولم يستسلم حتى بعد أن أكدت له أمه مخاوفه وعمقتها, حينما سألها بمكر, بطريقة ملتوية قائلا:

- هل تعتقدين أنني أشبه زين الشباب, يا أمي? طبعا, أقصد بالطول, بالطول فقط.

- ولماذا لا, بالطول والعقل والحلاوة.

هو يعرف تماما أنه لا يشبه ابن الرئيس في شيء. ربما يشبهه في الطول لا أكثر, وأن أمه قالت ذلك لأنها تحبه. مجرد حب أمهات!! لكنه رغم ذلك أخذ الأمر على محمل الجد. وحينما سمع في الأخبار أن ابن الرئيس أخذ يمشي ولكن بصعوبة تأكد له أن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ بالنسبة له, مادامت هي تسير من حسن إلى أحسن بالنسبة لابن الرئيس. ومنذ ذلك اليوم قرر أن يفعل كل شيء لكي يضللهم.

في بادئ الأمر, وضع لفافة كبيرة على رجله, وظل يعرج عدة أسابيع, حتى تقيحت رجله فعلا. ومرة قفز من مرتفع فكسرت رجله, وتمنى أن تقطع لكي يتخلص منها, ولكنه شفي بقدرة قادر. وحتى لو لم يشف فكيف كان عليه أن يخفي عن فرق التفتيش يده ورجله الثانية!

لم تدم طويلا حيلته, التي ابتدعها وحاول فيها أن يسير على أطراف أصابعه, ليبدو أكثر طولا. فقد سبب له ذلك تعبا شديدا, كما أنه لم يستطع إقناع الناس بأنه يحس بآلام في باطن قدميه وكعبيه.

والأخطر من هذا زاد ذلك الفعل من مراقبة الناس له. فقد أصبح موضع تساؤل الرائح والغادي, وأصبح الجميع يتهامسون عن السر الذي جعله يطول عدة سنتيمترات خلال أيام! لذلك اضطر إلى هجر هذه الطريقة, ولجأ إلى تجريب طريقة الفحجة. فأخذ يفحج مقاربا بين صدور قدميه ومباعدا بين عقبيه. وقد أغراه النجاح الذي حققه فأمعن في تفحجه, فراح يمشي مباعدا بين رجليه, إلى الحد الذي لفت فيه أنظار الجميع ودفعهم إلى التساؤل عما إذا كان مصابا بالفتاق. وهو أمر يخجل منه, كما أنه من ناحية ثانية, لا يحل مشكلة الرجلين واليدين. فالمصاب بالفتاق يعتبر سليم الرجلين واليدين. لقد كف عن تجريباته المتنوعة أخيرًا, حينما وجد أن آلام الظهر هي الحل الوحيد المقنع المتبقي أمامه. فأخذ يحني ظهره حالما يخرج من باب البيت, وأحيانا يفعل ذلك حتى أمام المشكوك فيهم من أهله كـ (حليمة).

ورغم أنه اتخذ كل الإجراءات اللازمة للتمويه الجسدي, فإنه لم ينس التفكير في خطط سريعة لمواجهة الحدث, لو أنهم فاجأوه وداهموا البيت. خاصة أن جاسوسهم يراقب البيت في كل لحظة, متصنعا التودد إلى أخته (حليمة). لن يمكنهم منه. حينما يتقدمون إليه سيتسلق السور, ثم هوب... وسيكون بعد ذلك قد ذهب إلى السماء, وضاع عليهم كل شيء.

صوت (حليمة) وصل إلى أذنه وانغرز في بدنه مثل مسامير حارقة, خاصة حينما ضحكت, بعد أن قال لها الرجل شيئا ما, مسليا.

هذا لا يطاق. ذهب إلى السور كما قرر سابقا. وضع يده على السور ولم يغمض عينيه كما خطط, بل فتحهما, وفكر في أن يلقي نظرة سريعة إلى الأرض. نظر فراعه المشهد: الأرض بعيدة جدا, والحجارة المتناثرة والأتربة والأوساخ تنتشر مثل الأسياخ المدببة. لو قفز فإنه سيتفتت, يتمزق, وربما لا يموت. من يدري! ربما سينقذونه. ولماذا لا, لديهم فريق من أمهر الأطباء من كل العالم.

توقف ساكنا لدقائق لا يعرف ماذا يفعل. وفي الصمت الذي سيطر على عقله سمع أنين (سليمة), ثم أخذ صوتها المرتعش الحزين يختلط بصوت الرجل وبصوت (حليمة) الضاحك. الساقطة تضحك وتمزح وأختها تموت إلى جوارها. فكر في أن ينزل ليردعهم, لكنه خاف من مواجهة (حليمة). وفي الحقيقة خاف من مواجهة الرجل. فماذا يفعل لو أنه كان بانتظاره الآن? ماذا يفعل لو أن الوغد تسلم الأمر بإلقاء القبض عليه, وأنه يجلس فقط بانتظار أن يتمتع ويتسلى به قبل أن يلتقطه ويسلمه إليهم!?

نظر إلى السماء فوجدها بعيدة, بعيدة حقا, ولم تطاوعه عيناه على النظر إلى الأرض. ومن دون إرادة منه جذبه أنين (سليمة) المتصاعد, فنزل السلم طائعا منقادا إلى حشرجاتها المؤلمة. وما إن وضع رجله على الدرجة الأخيرة من السلم حتى وجد نفسه في مواجهة الرجل, الذي من المحتم أنه ينتظره الآن ليسلمه إلى حتفه. استجمع قوته. وقف أمامه متحديا, وقال بصوت متلعثم, ولكنه واضح:

- اسمع أبا الشباب, أنا قررت أن أسلم نفسي طوعا, طوعا بمحض إرادتي, لم يجبرني أحد على ذلك, طوعا, ولكن بشرط واحد.

نظر الرجل إلى حليمة) نظرة مليئة بالدهشة, ثم ابتسم بمكر, وعاد يهز رأسه, وهو يواجه (فرحان) المضطرب مثل سعفة تهزها الرياح.

- نعم, بشرط, إذا قبلتم به كان بها, وإذا لم تقبلوا فكل واحد يذهب إلى سبيله, مفهوم? وإذا لم يكن لديكم اعتراض, فشرطي الوحيد هو أن تعالجوا (سليمة). وبخلاف ذلك, لن أستجيب لكم, واضربوا رءوسكم بالحائط بعدها.

نظر الرجل مرة أخرى إلى (حليمة), التي بدت حزينة وغاضبة. أرادت أن تقول شيئا, لكنها عجزت, كما لو أنها اختنقت بعبرة اعترتها. تململ الرجل ثم تحرك صوب (فرحان), يريد أن يمسك يده, وهو يقول:

- ليس الآن, نستطيع أن نحكي في الموضوع في وقت آخر.

- لا تتقدم! قف مكانك! ليس لدي وقت آخر, الآن أو ستخسرون كل شيء... لو تقدمت خطوة واحدة فستخسرون كل شيء.

توقف الرجل متلعثما, حائرا, وهو لا يعرف ما عساه أن يفعل. لكن (فرحان) أحس أن الماكر يدبر أمرا ما, فهو ربما يحاول التظاهر بالحيرة لكي يهجم عليه ويلقيه أرضا. تراجع (فرحان) إلى الوراء مسرعا وهو يقول:

-قف مكانك!

توقف الرجل ونظر إلى (حليمة), التي وقفت متخشبة كتمثال مذعور. غمزها الرجل, فأشارت إليه برأسها, فانبرى يقول بصوت فيه ود واضح الافتعال, موجها حديثه إلى (فرحان):

- سنتفاهم فيما بعد, فيما بعد. أنا مشغول الآن, نطق ذلك واتجه صوب باب البيت, بينما ركض (فرحان) مسرعا نحو الغرفة التي ترقد فيها (سليمة). قبل (سليمة) في رأسها على عجل, وخرج مسرعا متجها نحو سور السطح, وهو يردد بصوت حزين ومتوعد:

- والله السماء أقرب إليكم مني. والله السماء أقرب.



#سلام_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحل فدائيو صدام, جاء فدائيو بوش!
- الاحتلال العراقي لأميركا
- ســقـط صــدام هــل يـســقـط الـحـزب؟
- مــوســيـقــيـو الـحــدائــق
- أيـفــنـد يـونـســون الـحــلـم الاوروبــي فـي الادب الاســوج ...
- القيادة الكردية العراقية الحاكمة بين خياري الفيدرالية والحرب ...
- صرخة من أجل العراق
- صـدام عـمـيــلاً تـمـحــيـص الـمــصطلـح
- منابع الديكتاتورية.. صدام نموذجاً هل صنعته الطفولة أم صنعه ح ...
- عــلّــوكــي
- ظاهرة مقتدى الصدر: الجذور, الأسباب, النتائج
- مـن الـثــــورة الـى الـدولـــة
- يـوميات عربـيـة في أسـوج مـن الثورة الـمؤدبة الى الثورة الخج ...
- الـشــاعـرة الأســـوجـيــة اديـث ســودرغــران تـكـســر جــلـ ...
- مــن يـكـون -الـروائـــي- صـــدام حـســــيـن؟ عـن -زبــيــبـ ...
- إعــادة إعـمـــار الـثــقـــافـــة فـي الـعــــراق الـبــعــ ...
- الـمــــوت يـمـشـــي فـي نــومـــه
- أقــنـعـــة الـفـــرهـــــود
- هل استقر مهد الحضارات في بطون الدبابات؟
- ســقـط الـديـكــتـاتـور صـعـد الـيـانـكـي: تهـانـيـنـا


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام عبود - ليس مباحًا أن يكون المرء طويلا في بغداد