أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله طلعت - احترس ممنوع اللعب















المزيد.....

احترس ممنوع اللعب


هاله طلعت

الحوار المتمدن-العدد: 2728 - 2009 / 8 / 4 - 08:36
المحور: الادب والفن
    


نوال مدرسة ممشوقة القوام بملامحها طفولة واضحة و مرح لا تمحيه نظراتها الحزينة أحيانا , لا تتوقف عن الحركة الدائمة طوال العام الدراسي ظنها الوافدون على المدرسة مدرسه للتربية الرياضية, تحب عملها على غير العادة, ليست ناقمة على ما يدور حولها تقابل كل شئ بابتسامة صافية و طاقة حب لا حدود لها تلهو مع تلميذاتها وكأنها طفله في نفس عمرهم تقلب دروسهم إلى حواديت يملأها التشويق المخلوط بالجد أو الهزل أحيانا يتندر زملائها كثيرا على أنها تسير دائما في المدرسة محاطة بكوكبة لا تنتهي من التلميذات تسمع لهم و تعلو ضحكاتها على تعليقاتهم البريئة المشوبة بمكر الأطفال , تحاول دائما أن تبحث معهم عن هدف يسعوا الى تحقيقه من خلال حوا ديتها التي لا تنتهي , ينتابها أحيانا شعور غامر بالتعاسة لان تلاميذها تتغير عام بعد عام و تتقلص المساحة المتروكة في عقولهم للحلم , تستهزأ دائما و لكن بطريقة غير منفره من اهتمامهم الزائد برنات الموبيل و تسجيل ألاغاني الحديثة عليه و اهم ما ظهر على الكمبيوتر من اللعاب الكترونية, ينفقوا فيها معظم وقتهم , تبدى اهتمام غير عادي بتلميذ يكتب شعرا و تبالغ في مدح ما يكتب طالبه منه ان يقرأ اكثر ربما يتطور شعره يوم بعد يوم و يرقص قلبها فرحا عندما يبحث عنها تلميذ في كل مكان في المدرسة ليعطي لها رسمه انفق فيها يومه ليهديها اليها و تلميذ اخر كتب قصص طفوليه من وحي خياله و آخر قضى بعض وقته في المكتبه يبحث عن معلومه و يعود اليها ليخبرها بما توصل فتسمع اليه فاتحه عينيها بقوة ,علامة الاندهاش لتشعره باهمية ما وصل اليه و تطلب منه ان يستمر في بحثه .

تستمع الى مشاكلهم و خلافتهم الوهمية مع بعضهم البعض دون ملل معظم الوقت و ان شابها احيانا بعض الضيق من ملاحقتهم المستمرة لها عندما تعاني ضغوط مما يحيط بها في المدرسة و الحياة التي تدور حولها, فزملائها دائمي السخرية منها لانها لا تترجم حب كل هذا العدد من التلاميذ الى زبائن عندها في المجموعات المدرسية و الدروس الخصوصية ليتحول الحب البرئ الى قيمة ماليه تصرف في احتياجات الحياه التي لا تنتهي و تواجه دائما بسؤال واقعي مؤلم هو انت مش محتاجه للفلوس و لا ايه ؟ تخترق الكلمة عقلها و تحدث بداخله ضباب كثيف لا تستطيع التخلص منه بسهوله , تسبح بعدها داخل نفسها محدثه حوار صامت مع ذاتها , ومن منا في هذه الحياه الغريبة التي نعيشها جميعا لا يحتاج الى الفلوس ليستطيع سد احتياجاته الضرورية و المحافظة على كونه انسان يحيا على الارض و لم يمت بعد , لكن هل لأعيش لابد ان اقتل كل من حولي , حتى طاقة الحب التي تفيض بداخلي تجاه ازهار بريئة لم ترتكب أي ذنب حتى ذنب مجيئها الى هذه الحياه ,تنفض راسها لتطرد تلك الافكار الظلامية التي تجتاح روحها من ان لاخر و تحاول استعادة حبها الدائم للحياه برغم كل الاسباب التي تدعو لغير ذلك .

تدور نوال دائما طوال العام الدراسي في دومات لا تنتهي تحاول جاهده الحفاظ على بريق الحياه بأبسط السبل الحياتية المحيطة بها , لكنها عندما عادت في هذا اليوم من عمل مدرسي شاق وجدت اطفالها يعلو وجوههم الغضب و الضيق , فكرت للحظات ان تتجاهلهم و تذهب لاعداد الطعام ليتناولوا الغذاء الذي يحضر دائما في ميعاد العشاء لصعوبة العودة في الميعاد الذي كان متاح للبشر في ازمنة سابقة اظنها انقرضت عند معظم ساكني مصرنا المحروسه, لكن النظرات استوقفتها بشده و بدأ شعور بتأنيب الضمير يتكون داخلها (تستمعي الى شكوى تلاميذك و تتجاهلي غضب اولادك) , فقررت ان تجنب مشاعر الارهاق التي تداهم كل جزء من أجزاءجسدها الذي لا يهدأ ابدا و لا يتوقف عن الحركة و رغبتها في ان تنتهي من عبأ اعداد الطعام , تجلس معهم محاولة ان تصل الى سبب الغضب الذي يبدو على وجههم البريئة , تبدأ الشكوة الاعتيادية من ثقل الاعباء التي تقع على عاتقهم يوميا من الذهاب الى المدرسة وعمل الواجب و الايام التي تتكرر دون أي تغيير و ينطلق منهم انين واضح نريد ان نلعب , و تبدأ معهم في رحله للبحث عن مكان يصلح للعب و يلمع في عقلها مكان بضوء مصباح الفكرة , فتطرحه عليهم (لما لا نذهب الى نادي نقابة المعلمين؟) , يبدأ البشر يملا وجههم و يبدوا سعادتهم و تأيدهم بالفكرة و يتفقوا على ان يذهبوا يوم الاجازة ليقضوا اليوم هناك ,جميل ان تجد مكان تقضي به يومك مع اطفالك يستطيعوا فيه ان يفرغوا طاقتهم المتلهفه للعب وخاصة انك لست عضو في احد من النوادي المعروفة و ليس لديك سيارة تجعل مساحات الاختيار أوسع حيث لن تضع في الاعتبار طريقة الذهاب و العودة فالمكان قريب من مسكنهم و به مساحه كبيرة تصلح للعب .

.

يأتي يوم الإجازة و يستعد أطفالها للرحلة إلى هذا النادي و يصلوا إلى هناك و تبدأ رحلة البحث عن مكان للجلوس ليعقبها رحلة الانطلاق إلى اللعب و الجري المستمر و لكن بمجرد جلوسهم في المكان الذي وجدوه بعد بحث طويل يلاحظ احد أطفالها أن هناك وجوه غريبة تملأ المكان و تتحرك في كل الاتجاهات, منهم من
احترس ممنوع اللعب
يرتدي زى من يطلق عليه الأمن و البعض الآخر يسير في موكب يتوسطهم شخص تبدو عليه الأهمية , تطلب من أولادها تجاهل الأمر و الانطلاق للعب حتى لا يضيع الوقت في التساؤل عن طبيعة ما يحدث .

ينطلق الأطفال حاملين معهم الكرة للعب و لكنهم يفاجأوا بأن الأشخاص الذين يرتدوا زى الأمن يمنعونهم من الحركة و يطلبون منهم أن يعودوا إلى أماكنهم , تعود ملامح الغضب و الضيق على وجوههم و يبدءوا في التساؤل ;فتذهب نوال الى رجل الأمن لتساؤله , فتتلقى الإجابة بأن أمين النقابة يتجول في المكان و لا يمكنهم اللعب الآن حتى تنتهي الزيارة و في المقابل تلاحظ نوال أن المكان أصبح مقسم لعمل الأفراح و أعياد الميلاد و لم يعد هناك مساحات كبيرة تصلح للعب .

يجلس الاولاد الى جوارها و قد تبدلت علامات الضيق و الغضب التي كانت تعلو وجوههم , لملامح حزن و خيبة أمل , حتى هذا المكان المتاح للعب أصبح ممنوع اللعب فيه لوجود أمين النقابة الذي جاء لتفقد مشروعه الذي يدر عليه بالربح حيث تحول المكان الى كافتيريا ملحق بها أماكن للأفراح و أعياد الميلاد و صالة لممارسة الألعاب الرياضية يحصل منها مبالغ تفوق إمكانيات المعلمين أعضاء النقابة , ظل الأولاد جالسين إلى جوارها حتى انتهت الزيارة وعندما تجدد لديهم الأمل في اللعب كانت الصدمة الأخيرة التي في انتظارهم هي أن الوقت انتهى و لابد من مغادرة المكان , و عبثا حاولت أن تقنعهم أنها اختارت يوم غير مناسب و إنهم يمكن ان يأتوا يوم الأجازة القادم , ظلت ملامح خيبة الأمل تعلو وجوههم واضحة صريحة و هي تتساءل أي حلم تنتظره من أطفال تمنوا اللعب فجدوا أن حتى هذا ممنوع بأمر الأمين العام.




#هاله_طلعت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية هزلية
- عندما تحدثت بدور


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله طلعت - احترس ممنوع اللعب