أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - غرائب الحب1















المزيد.....

غرائب الحب1


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2726 - 2009 / 8 / 2 - 10:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان يقول ديستوفسكي: إنك إذا عشقت امرأة لطهارتها ولنبل أخلاقها وتبين لك بعد ذلك أنها فاسقة , فإنك حتماً ستنسى الطهارة وستعشق الفسق الذي بها.

ومن غرائب الحب أن المستكشف للقطب الجنوبي (سكوت) هو والذين معه قد لاقوا حتفهم وهم يحتضنون صور زوجاتهم ومعشوقاتهم وأبنائهم بين جوانحهم والغريب أنهم تركوا غذاءهم وشرابهم واحتضنوا صور أبنائهم وجيرانهم وأصدقائهم , هذا ما جاء في مذكرات (سكوت) التي عثر عليها بجانبه, فقد هلكوا في عاصفة ثلجية بيضاء, وخلعوا أمتعتهم التي بها غذاءهم لكي يرتاحوا من الإرهاق والتعب, واحتفظوا بصور زوجاتهم وعشيقاتهم وأبنائهم في مشهد إتراجيدي محزن ومؤسف مما دفع بال(مثّالة-النحاتة) زوجة سكوت بأن تنحت لزوجها تمثالاً يجسد الوفاء الكبير لهذا الحب .
فالحب هو عبارة عن تشخيص حالة مزمنة من الشعور والإحساس.

والحب يعطي صورة طبيعية عن نفسية المحب , فإن بعض الناس تحبُ وتعشق بحقد فيسيؤون للمعشوق أو للمعشوقة إذا واجهوا منهم عدم تقبل وأريد هنا أن أقول أنه لايوجد حب من طرف واحد, وبعضهم يكيدون لعشاقهم كيداً , والبعض الآخر يصبح إنساناً بمعنى الكلمة للإنسانية .

وللحب غرائب كثيرة ليست عند ديستوفسكي وحسب بل عند الإنسان العادي , أما عند المبدعين فإن الموضوع مختلف , إنه خلاق , الحب خلاق يخلق الروايات والقصص والإثارة والأكشن.

والحب أيضاً عند ديستوفسكي لا يقل روعة عن كل مجانين الهوى والقلوب الكبيرة , فالعشاق أكبر ميزة تميزهم عن الناس العاديين هي ضخامة قلوبهم ونبل أخلاقهم ووفائهم , فالحب الشيء الوحيد الذي لا يحتاج إلى عقل ولا إلى منطق , إنه فقط بحاجة إلى قلب كبير , فأصحاب القلوب الكبيرة هم فقط من يعشقون ,و شيء غريب جداً أن تعشقَ امرأة ً وتطلبها للزواج فتقبل زواجها منك شريطة أن تصطحب معها عشيقها أينما ذهبت, وقد حصل هذا فعلاً مع ديستوفسكي بهذا الشرط ولم يعترض عليه , فكان يعلم عشقها لصاحبها وخيانتها له كل يوم, ولأن ديستوفسكي عاشق فقد قال في هذا قولته المشهورة :إنك إذا أحببت َامرأة معتقداً أنها طاهرة وقد تبين لك فسقها بعد ذلك وشذوذها فإنك حتماً ستنسى الطهارة وتعشق الفسق.
فعلاً كقول الشاعر نزار قباني :

فأنت يا حبيبي كالأطفال نحبهم مهما لنا أساؤوا.

فالعاشق قلبه كبير , والعاشق يصلح لقيادة الناس والمجتمع ولكنه لا يصلح للسياسة , لأن أصحاب القلوب الكبيرة لا يحقدون ولا يظلمون ولا يسرقون ولا يسيؤون للناس ولا يسرقون قوت الغلابة.

وهذا يعني أن الحب ليس له ما يبرر حقيقته أو حقيقة وجوده وكيانه, بل الحب هنا كيان مصطنع , ورؤيا تخلقها عقلية العاشق , تماما خلق كبير الآلهة زيوس الآلهة أثينا, فلا يمكن مثلاً أن يعشق شخصٌ شخصاً آخر لمجرد كلمة قالها , أو لمجرد سلوك في شخص المحبوب, فتلك الطباع يتوهم العاشق أنه يعشق محبوبه بسببها , فإذا ظهرت له بعد ذلك نقائض فإنه يبقى مستمراً في العشق فيستأنف عشقه بعشق النقائض, وينسى غير ذلك
فالمُحب يتجاوز عن أخطاء محبوبته , بل ويصبح عاشقا لتلك الأخطاء.

وتطبيقاً لكلامه ولرقة مشاعره فقد بحث ديستوفسكي لصديقها عن عمل عند أصحابه من التجار الكبار وكل هذا لمجرد أنها صديق لزوجته وترك بعد ذلك الساحة والجو للعاشقين .

لو كانت هذه القصة في مجتمعنا العربي وتأكذ الزوج من خيانة زوجه(زوجته) ..طبعاً كلنا يعرف النتائج وماذا سيحدث .

وهنا أقولُ لو أصبحت كل الناس بمستوى فهم وإدراك ديستوفسكي وتركوا لنساءهم الخيار, فإنني أعتقدُ أن 90% من نساء العرب سيتزوجن ممن يرغبنهم وأولهن بعض أو غالبية الملتزمات بالدين اللاوتي يرفضن الخيانة , فهؤلاء يفضلن الزواج الشرعي على الخيانة , لذلك سيطلقن أزواجهن ويلتحقن بعشاقهن .

كلنا نعرفُ ديستوفسكي الأديب الرائع وروايته ورائعته (المقامر) ولكن قلةٌ منّا تعرف ديستوفسكي العاشق الغريب في عشقه وحبه,فبعد أن ألقي القبض على ديستوفسكي بتهمة خيانة القيصر والقصر الإمبراطوري, حُكم عليه بالإعدام شنقاً وتم تخفيف العقوبة إلى السجن لمدة أربع سنوات قضاها الأديب العاشق في سيبيريا, وبعد أن أنهى مُدة العقوبة حل ضيفاً على موظف حكومي اسمه (إيسييف) , وكان لهذا الموظف امرأة آية في الجمال إسمها (ماريا ديمتروفا) عشقها ديستوفسكي إلى مستوى الجنون وهي التي تحدثنا عنها سابقاً وكان الأديب ديستوفسكي يحترم مشاعر الصداقة فكتم حبه , وبعد عدة أشهر أصيب الموظف زوج المرأة بداء السل الرئوي فضعفت صحته وقدراته الجنسية فتركته الزوجة بعد أن مات , وعرض عليها ديستوفسكي الزواج, ولكنها رفضت لأنها وقعت في غرام معلم مدرسة , وقد قبلت بدستوفسكي بعد ذلك بسبب ضغوطات مالية شريطة أن تصطحب معها عشيقها أينما ذهبت.

ووافق ديستوفسكي وتأكذ بعد ذلك من خيانتها له فتركها لعشيقها , وبقي على إتصال ِبها طوال حياتها وحين مرضت هي بداء السل أيضاً بقي ديستوفسكي بجانبها يرعاها ويقدم لها ما تريده من علاجات , وكان يستدين من التجار والأصدقاء في سبيل علاجها أو في سبيل تأمين بعض الأدوية لها.

من الواضح أن فترة السجن التي قضاها الأديب ديستوفسكي جعلته يفقد الحنان والمشاعر العاطفية الصادقة , وهذا النوع من الحرمان طبع شخصية العاشق ديستوفسكي , وقد عشق ديستوفسكي بعد ماريا عدة نساء ولكن ماريا كانت الأعنف من بين النساء , ويقال أن ديستوفسكي اصطحب معه صديقها بدافع الصداقة وليس بدافع أنه يعرف خيانته له مع زوجته , وبعد أن تأكذ من الخيانة تركها لعشيقها لتنعم معه بحياة كلها حب ورضا.

هذي هي مشاعر الحب الحقيقية , إن العاشق الصادق يترك لمعشوقته أو معشوقه حياته ليديرها بنفسه , فلا ينزعج من سعادته إذا هو مارس شيئاً يحبه .
إن الحياة القاسية على الفنان والمبدع لا يمكن أن ينساها إلا من خلال قصة حب يعيشها بينه وبين محبوبته وهذا ما حصل مع ديستوفسكي,و كل الفئات الإجتماعية تستطيع أن تحيا من دون حب ومشاعر إلا المبدع , إنه دائما ً يبحث عن الحب والحنان , فالفن والإبداع بحد ذاته هو تعويض عن عقدة نقص الحنان تجعل المبدع في حالة بحثِ دائم ومستمر عن الحب, فيعشق القصيدة والزهروالنبعة والجدول والنحت والموسيقا والتمثيل والدراما بكافة فروعها .








#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امرأة في البرلمان
- شيوعية النساء؟ أم شيوعية الرجال؟
- حب للأبد
- الازدواج في الزواج
- هل الحبْ ضعفٌ في الشخصية
- خاتم قُدسي على حفة كُرسي
- الاعجاز العلمي في القرآن
- المرأة وقسوة البداوة والقوانين
- ماذا لو كان شكسبير فعلاً عربيا؟!
- مشاكل الناشطات النسويات
- 90% من المسؤولين العرب جواسيس
- ماذا تعرف عن الشيوعية1
- نفاق إجتماعي 1
- زوج مطيع لزوجته
- رسالة حب ليست للنشر
- المرأة متميزة عن الرجل بالعاطفة والحب الكبيرين
- قاطعوا الدول الإسلامية
- حوار ممل يومي بين الناس
- أصل عقد الزواج
- مهنتي


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - غرائب الحب1