أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - جفت دموع العراقيات في بلد دجلة والفرات















المزيد.....



جفت دموع العراقيات في بلد دجلة والفرات


سرمد السرمدي

الحوار المتمدن-العدد: 2726 - 2009 / 8 / 2 - 04:48
المحور: الادب والفن
    



لحظة عارية -7

ماذا تعرف عن كردستان قبل 2003 ؟!,انا لم اكن اعرف غير نوع الملابس المختلف حلبجة وكباب ولبن اربيل بكل وكلمة كاكا , بكل صراحة !

لفت انتباهي جلوس احد الأخوة الأكراد بجانبي وهو يتمازح مع باقي المتقدمين لأختبار كلية الفنون الجميلة مثلي , لتقضية الوقت اثناء انتظار موعده الذي طال وليس بيدنا حيلة غير اختراع ماامكن من المواضيع لقتل الوقت الذي كالسيف ان لم تقطعه قطعك , ويعني هي حرب انتظار مستمرة في دوائر العراق الرسمية لكل من لديه معاملة يراجع لأنهاءها , الأنتظار قدر المواطن العراقي ,وكان هذا الزميل الكردي يترجم بعض كلمات لزميل اخر بلغته الكردية مثل بنات وعلاقات وحب وكل ما يخطر ببالك بما يناسب اعمارنا حينها , وتعالت الضحكات , والهمزات والغمزات, خاصة في وجود طالبات كن ينتظرن مثلنا موعد الأختبار المنشود ,مما اشعل فتيل ذاكرتي عنوة وانا اصغي لهذه الكلمات التي لا اسمعها لأول مرة , واذا بي استرجع صورتي وانا اجمع اغراض بسيطة في حقيبة رياضية حمراء ووالدتي تحاول منعي من رحلة اعتزم القيام بها يا ترى ما هي !.

اها .. تذكرت الان انني كنت احضر حقيبتي الصغيرة التي ارسلها لي احد اقاربي الذي حالفه الحظ بالهرب لهولندا مع عائلته من وطأة الحصار الأقتصادي , وارسلها لي مع بعض الملابس لأفتتح دراستي الجامعية بارتداءها علها تكون مرحلة جديدة شكلا ومضمونا بالنسبة لي, حيث الحزن يلفني كل ما يأتي موعد اعلان نتائج امتحانات السادس الأعدادي وانا اتذكر كوني الوحيد بين اصدقائي من لم يدخل طبا او هندسة او قانونا او حتى ضابط وهذه الأخيرة رغم انها اخر ما فكرت به من حلول الا انها وردت في الذهن لما رأيت الذين لم يحالفهم الحظ في مهن تعد محترمة في العراق من دون غيرها وهي الطبيب والمهندس والمحامي , لما رأيتهم تغيروا في اول شهر بدأوا فيه الدوام في الكلية العسكرية وكلية الشرطة , من انحناء الفاشلين في الدراسة الى شموخ وانتصاب في القامة وثقل في الحديث مقلدين بهذه الهيئة رجالات الدولة كنوع من رد اعتبار او سد نقص, او قد اكون مبالغا في تقديري للمشهد, الا انه ورد في ذهني هكذا احتمال اعود له فيما بعد, المهم ..كنت لأتمنى ان لا يأتي ذكر نتائج الأمتحانات النهائية ولكنها تتكرر كل سنة , واثناء بحثي الفاشل عن عمل اكون به تحت امرة صاحب عمل او مشروع تجاري اكون انا صاحبه,واقول فاشل لأني خسرت في الحالتين ولم استطع المحافظة على عمل واحد في أي عطلة صيفية او حتى اثناء الدراسة حيث كنت احاول بجد ان اعمل واوفر لنفسي شيئا يسيرا من المال ,حتى انني الآن اضحك متذكرا كيف ان جيبي بقي خاليا باليا رغم خبراتي العملية المتعددة , ولا اعرف السبب بصراحة ,الا ان ابناء الطبقة المتوسطة في العراق وخاصة من المعلمين لم يكن اباءهم يطلقونهم في الأسواق في عطلة المدرسة بل يجلبوا لهم كتبا ومجلات ليقرئوها اضافة لمناهج السنة الدراسية القادمة استعدادا يعني , ورغم ذلك الحرص الا ان الحصار لم يبقي هذه العادات بعيدة عن مخالبه , وكانت مجلة المزمار ومجلة مجلتي هي صديق طفولتي العذبة كأحد ابناء الطبقة الوسطى في المجتمع العراقي, ولما دخلت الدراسة المتوسطة , خلص انتهت مع بداية الحصار هذه العذوبة , وبدأ عالم جديد , وهو الشارع !

انا اذا انفتحت ماانسديت كما يقال بالعراقي. بمعنى اذا استرسل قلمي فللصباح الباكر , هذا ان كان هنالك ما يثبت عدم زوال بكارة صباحاتنا , فكل هذا الدم ولسه باكر , غريبة , لهذا ايها القارىء انا سأركز في حقيبتي التي وضعت فيها منشفة وملابس داخلية وثلاثين الف دينار عراقي لا تساوي بوقتها عشرين دولار على مااعتقد , عام 98 ,وودعت امي وهي لا تعلم ماانوي فعله في ذلك المساء المريب, لقد كنت مجنونا فعلا فهذه الموال قد حصدتها من بيع فرن صغير كنت انوي تشغيله لصناعة المعجنات الا انني لم اتعلم كيف اعجن ولم اجد من يشاركني بخبرته وانا بمالي , بصفتي صاحب الشركة !!, مراهقة تجارية اضاعت كل ما لدي من مال ولم يكن بعيري ينتظر غير القشة التي قصمته ذاك المساء, لأني وبالصدفة رأيت مشهدا لسائق سيارة برازيلي يبدوا شابا من الميسرين قد خانه الحظ فضغط على بوق السيارة برفق, واذا بسيارة تقف امامه في ذاك التفرع للشارع منتظرة اشارة المرور باللون الأخضر تفتح ابوابها وينزل منها اربعة اشخاص ظنا منهم انه يقصدهم بصوت الهورن , بوق سيارته التي من مواليدالثمانينات وكان من يركبها ملكا ابن ملك رغم انها في 98تخيل !, وفتحوا عليه الباب وجروه للشارع وعملت على رأسه احذيتهم لدرجة انه بكى متوسلا ان يتوقفوا , هنا لسعتني سيكارتي حيث وصلت نارها لأصبعي وانا اشاهد الشاب المسكين يهرع لسيارته غير مصدق انه على قيد الحياة وينطلق والأربعة اشخاص يحركون جوانب احزمتهم ليظهروا لمن يراقب الحدث انهم يحملون المسدسات, وكانت هذه اشارة كافية ليتفرق الناس, فلا تعرف وقتها هل هو مسدس ماء او هواء المهم هو مسدس يضعه شخص يرتدي زيا مدنيا فيعني اهرب بجلدك , هربت بعظمي فلا اتذكر لي جلدا وانا النحيل وقتها!

بهذا ختم طريق سير تفكيري اليومي, حيث هو رصيف طويل ينتهي ببيت احد الأصدقاء الذي يعمل دكتورا يدرس المسرح الآن ,وهذا الطريق كنت فيه افكر في كل شيء حتى انني لم اعد اتعثر فيه وانا اغمض عيني من التعب احيانا , فالمشي ذهابا وايابا والجلوس على الرصيف بحيرة ويأس اثناء مرور سيارة حديثة لأبن مسئول في الدولة او ورود خبر عن موت صديق من المرض ولا مال لعلاجه, كل هذه التناقضات كانت في رأسي, واحسب ان صديقي الدكتور سيطالبني بأجرة المعالج النفسي يوما ما فقد سببت له بلا شك اعياء في كل مرة اعرض عليه مسرحية اليوم من موسم حياتي , التي لم تكن اسوأ من ما يعيش بالطبع, لكن ساعود اليه لاحقا فهذا الأنسان هو من اندر من بقى على قيد الصداقة طوال حياتي , الغير صديقة بالمرة !

في ذلك المساء وصل معي اليأس حد الجنون واغراني مبلغ الثلاثين الف التي بالكاد توصلني الى شمال العراق حيث تأتينا احاديث الف ليلة وليلة مرصعة بالأحلام الوردية لشباب هربوا من جحيم الفاقة والحصار الداخلي , لأنك لا تتخيل كيف ان شرطي يحاسبك على طول شعر لحيتك واذا باليوم التالي نفس الشرطي يحاسبك على حلاقتها متهما اياك بالتشبه بالأمريكان والغرب عموما , عجيب!, انطلقت متحزما بهذا العجب العجاب ومعي الحقيبة الحمراء .. مرتديا الجينز الأسود الذي بقى معي لسنتين حيث يعتبر بهذه الحالة جديدا جدا !, اها .. وركبت تكسي لا اعلم لماذا بقيت سيارات التكسي من نوع المسكوفيج الروسي في مدينة الحلة على قيد الطريق, لكن ان دل على شيء فعلى القدرة والذكاء العراقي, ومن ناحية اخرى على قلة الحيلة فليس هنالك من بديل !,اوصلني السائق المخمور والضاحك بوجهي العابس والملقي لنكت عن المطرب سعدي الحلي المعروفة بالضرورة لأبناء العراق محاولا ان ينتشي بما احتساه مسبقا من خمرة مغشوشة لم يكن ليتوفر ثمن غيرها لأمثاله ايامها , كما ان وقتها هنالك ما يسمى جزافا بالحملة الأيمانية, وانا استغرب كيف يطلق مسئول حملة ايمانية بحيث يحكم على ما سبقها بالكفر وهو ذات المسئول موجود في السلطة بالمرحلتين !, مع ان اغلى انواع الخمور نراها يوميا تتناقل بين نوادي المرفهين المقربين من اصحاب الحكم بشكل طبيعي , ولعلها حملة ايمانية على الشعب فقط , وعلى رأي عادل امام الفقراء يدخلون الجنة ,والآخرين للنوادي , توقفت عربة العصور الوسطى واقصد التكسي الروسي اللعين الذي يقطع مسافة عشر دقائق بنصف ساعة لأنه من موديل السبعينات وما زال صامدا متضامنا مع روح الصمود العراقي على رأي شاعر باعر !,توقف امام كراج , مرآب, لسيارات نقل المسافرين بين محافظات العراق, ولم اجد داعيا لأذهب الى أي سيارة وكنت اريد العودة للبيت الا ان خرفا عقليا اصابني وهداني لسيارة تحركت حال صعودي اليها حيث كنت الراكب الأخير الذي ينتظره السائق ليتحرك متوجها من مدينة الحلة الى بغداد, انا لم اكن اعرف الى اين اذهب , الهرب هو الهاجس الوحيد في رأسي , الى اين , هذا بحث اخر , نزلت من السيارة امام المحطة العالمية كما تسمى , للقطارات ,امام مرآب بغداد, الذي يعرفه العراقيين بعلاوي الحلة ,جلست على الرصيف وقد حل الليل , تذكرت امي وابي , وبكيت .واغلب الظن أنب بكيت لعدم وجود أي فكرة عما افعل حاليا , فأتجهت لأقرب مطعم متواضع واشتريت سندوتش فلافل , وهي من هبات المصريين علينا ايام الثمانينات حين كانوا يعملون بالعراق ورجالنا يقاتلوا دفاعا عن الأمة او الأب العربي لا فرق فلما رجعوا لا لقوا ام ولا اب يحضنهم ويقول لهم برافوووا !, بل تراب ارض يلفهم بصمت , فلم تعد تكفي مصادر الدموع لترفد عيون أمهاتنا العراقيات في بلد دجلة والفرات !. جفت دموع العراقيات في بلد دجلة والفرات !

اكلتها وانا امضغ متحيرا بالأصوات التي اسمعها ترن في اذني, اصوات سائقي السيارات التي تنادي بوجهتها في الكراج, فهذا ينادي موصل والثاني كركوك والثالث بصرة وهكذا , وانا عند انتهاء اللفة , التي هي اسم السندوتش بالعراق تذكرت ان شمال العراق والقصص السريالية ربما تشملني بعطفها واجد منفذا الى خارج الجحيم الى الجنة , ولكني لم اكن اعي ماافكر فيه , لم اكن ابلغ الثامنة عشرة من عمري حتى , لم يمنعني ذلك من التوجه الى سيارة تذهب للموصل , عند صعودي اياها تحركت فكنت ايضا اخر راكب ينتظره السائق ليبدا رحلته !!.

من يجلس بقربي؟! , رجل كردي من اربيل , يا للهول , عرفت هذا من رده للسلام , وطبعا لم يجبني قائلا وعليك السلام من اربيل لأعرف انه منها بل بعد ذلك تبين اثناء الحديث من اين هو , وطوال الطريق بدأ يرسم لي اللوحات الخرافية بدون ان يقصد, فقد تحدث معي لنقضي الطريق الطويل , ستة او ثماني ساعات لا اعلم بالضبط كم من الوقت تكلمنا ونمنا واكلنا ثم وصلنا , المهم.. ابناءه في المانيا , واولاد اخيه في كندا , والآخرين في طريقهم عبر اليونان وتركيا والى اخره من قصص الهرب من العراق دارت بيننا تتصادم كلماتها ودخان سكائرنا انا والرجل , وهنا استدرك وسألني وماذا عنك , اين تذهب؟!,أي جميل منه ان يتذكر ان لي حصة في الحديث لكن بصراحة انا كنت متنازل عنها بارادتي فماذا اقول له وقد يكون من المخابرات او الأمن فحينما اقول انا ذاهب لأجد مهربا خارج العراق بالتأكيد يوقف الباص ويحملني بكيس على ظهره ليدفنني في اقرب مركز شرطة فرحا بالصيد الثمين !, لهذا لم اقل اكثر من انها سياحة, وفهم الكاكا أي الأخ باللغة الكردية انني شاب واريد الفرار بجلدي طلبا للحرية , بالمناسبة السفر لم يكن ممنوعا لكن أربعمائة الف دينار عراقي كانت حلم بعيد المنال, وهي فقط تأشيرة خروج من العراق , ومنح جواز السفر , ناهيك عن الباقي , وكانت بوابة هرب الشباب الضائع طلبا للرزق هي الأردن , التي انتهت اغلبها بجملة يعطيك العافية سيدي والعودة خالي الوفاض .. بعدين بعدين الله كريم !

اصبح الرجل الصديق الكردي دليلي بدون ان يعلم في رحلة قصة دخلت فيها لا اعلم أي نهاية سأنتهي معها ,لما وصلنا الموصل ذهبت معه لنفس الفندق , ولكن هو خشي مني لكوني كثير السؤال مريب الوضع فلم افصح شيئا عن وجهتي الا السياحة التي لو حلفت له على القران لن يصدقها وملامح وجهي البائس تكشف عن ضربة اقتصادية عالمية للسياحة لو وضعت صورتي في اعلان للسائحين اينما كان !,لهذا افترق عني بحجج كثير واذكر منها انه يشخر اثناء النوم واتخذ كل منا سريرا في غرفة منفصلة بذاك الفندق ,وفي هذا الفندق تجمع كافة فئات الشعب المتشعب , واغلبهم من الجنود طبعا , لهذا لم انم من احاديثهم المتواصلة ولما حل الصباح وجدني صديقي الكاكا واقفا امامه اسأله ماذا يكون يا ترى فطار الأكراد لأني متشوق بصفتي سائح جديد !!, بالتالي هو بين ان يضربني وبين ان يقع على الأرض ضحكا من اللزقة التي حلت عليه قدريا !, ولكنه كان طيبا فذهبنا لنفطر معا ولأول مرة اعرف ان اللبن والخبز والشاي هو الفطار الشعبي لديهم ,وبعد ذلك قالها لي بصراحة وبمعنى يكفي تتابعني فأنا نظيف امنيا , فهو اعتقد على ما يبدوا انني مكلف بمراقبته !, وارشدني لمرآب أي كراج سيارات نقل الشمال التي تعني الذهاب الى اربيل ,بالتالي لم اجد بدا غير ان اخضع لخشيته احتراما لمساعدته لي لد الآن انا التائه في المدينة وفي حياتي بشكل عام, وودعته , وذهبت للكراج ولكن لم يكن هنالك من سيارات الا في وقت الظهيرة , فقلت مع نفسي لأمثل دور السائح لعله ينسيني توهاني لبرهة لحين ان تتوفر سيارات لأربيل ,هل تدرك ايها القارىء كيف يكون توهان الطفل صعب على غيره وهو الوحيد الذي يكون اخر من يدركه اخيرا , انا كان حالي كذلك!

احياء مدينة الموصل لم توفر لي الدعم المعنوي فهي انهكتني من التعب وانا اتجول بينها محاولا ان اقضي وقت الظهيرة حيث قالوا بامكانية توفر سيارات لأربيل عصرا , فانتقل نظري الى تلة كبيرة عرفت بعدها انه النبي يونس عليه السلام , وقلت هيا لأصلي حيث كنت متدينا جدا جدا , لدرجة انني ختمت القرآن تقريبا بهذه الرحلة للمهول فبعد قليل ستدرك لما لم اقل مجهول !, صعدت تلك التلة كباقي السائحين والزائرين ودخلت وصليت بذاك البناء الفخم ذو العمدة الحجرية والزخارف المهيبة , وحينما اصلي ابكي بصوت مسموع , ولم انتبه لأنتباه شيخ يبدوا عليه مسئولا عن المكان , فقد ضاعت مني التسمية الصحيحة لهذه الوظيفة , فتارة احسبهم منظفين وتارة للمصلين منظمين , المهم انهم يخدمون المكان براتب من الدولة تحت عنوان معين , فتقدم نحوي وانا جالس أكفكف دموع الضياع , وسالني ان كنت احتاج شيئا وبصراحة كان بيني وبين ان ارتمي بحضنه واجهش بالبكاء ثواني لولا ان قطعت نظري سائحة لا تبدو عراقية تدخل وهي تضع الحجاب كأنما لهيبة المكان وليس عادة لها , فهي ترتدي الجينز ورشاقة جسدها تفوق خيال من لم يرى الستلايت بعد حيث لم يكن مسموح في العراق, وبهذه الألتفاتة للممشوقة قوامها ابتسمت كالأبله للشيخ واجبته بأني بخير الآن , فذهب معتقدا اكثر بفائدة الصلاة ومطمئنا لأيماني كشاب في مقتبل العمر , كانت بعض الوفود السياحية من الدول القريبة مثل تركيا والعربية منها ايضا تزور العراق تحت حراسة مشددة وبمحدودية بحيث لا نراها في الشوارع مثلا بل في اماكن معينة قلما نحتك بهم ولا تدفعنا عصي رجال الأمن كما تدفع عصا البليارد الكرات على الطاولة الى جحورها!!

كنت بين لحظة واخرى اهم بالرجوع والتعقل لكن هنالك امل في المزيد من التوهان الذي يبدوا متواز مع مااحمل من نقود , فلو كنت افلست لوجدتني عند اول حافلة راجعا للبيت , لكنها من جانب اخر اول سفرة بحياتي لهذا الحد والبعد ولوحدي بشكل تام, لهذا كان لها سحرها رغم كل شي,وصلت للجامعة , وقلت في نفسي ادخل اقضي باقي الوقت متنكرا بزائر لأحد الطلبة من باقي المجافظات العراقية, وادخلوني , وكنت الوحيد الذي لا ارتدي الزي الموحد من ملابس طلبة الجامعة فكانت الأنظار علي ,ذهبت للكوفي شوب وكان وقتها خراب شوب , حيث المشروبات اغلبها من الرداءة, اقصد الصناعة المحلية التي لا طعم ولا لون ولا رائحة , اكيد لتساهم في رفد البلد بالطاقات العلمية من طلبتنا الأعزاء, تنقلت حاملا عصيري المعتصر لدرجة ان اصبح ماء في قنينة مكتوب عليها عصير ,كان الغش منتشرا جدا في الأطعمة والمشروبات بكون الوضع حصار والمعامل المحلية لا تملك الخبرة الكافية لسد نقفص السوق, وصلت لكلية طب الأسنان , ويا لجمالها وهي تقبع فوق التلة لخضراء ,وبالصدفة كانوا يقيمون درسا عمليا يكون فيه العلاج مجانيا للمتطوعين الذي بالواقع من فقراء الناس الي اعتادوا هذه الزيارات التي تبدوا خدمة للعلم لكنها رغم المها ومعاناتها المضاعفة التي ترافق عادة زيارة طبيب اسنان مرخص وله عيادة الا ان ميزتها المجانية تجعل الألم يسيرا في الفم عنه في الجيب المتألم اصلا وقتها لأغلب الناس , بالتالي وقفت في الطابور وقفة تضييع للوقت لعلي احظى بنظرة هنا وهناك من خلال الحشد على الجميلات وقد يكتفون بتنظيف اسناني لا قلعها فحسب ما سمعت عن التنظيف كونه سهلا لا يكلفني الما في لفم , فما بالك بالجيب , بعدها وصلت انا ومن قبلي في الطابور وكان شيخا كبير في العمر حيث اؤكد على كبير لأن شيوخ العراق صغار الا ان الشيب عنوان ورمز الهم يهاجمهم عنوة في الأربعينات وحتى الثلاثينات احيانا !, وصل الدور لهذا الشيخ من قبلي فتفضل علينا استاذ خرج من باب المختبر الطبي للكلية وقال لن نلحق ان نعالج الجميع اليوم عودوا غدا ان شاء الله !, ربما هو القدر من انقذني من تحت مشارط وبرينات الطلبة الغير متمرسين ,لا اعلم.

المهم خرجت من الجامعة ولم اكلم احدا الا موظف الأستعلامات , وامامها كانت هنالك كافتيريا صغيرة تعودنا ارتياد مثيلاتها لضمان اسعار الوجبات السريعة الرخيصة , فدخلت واذا بطالب جامعي يلتهم من لفته سندويشه ويشرب السفن اب , وجلست قربه وبعد السلام, انا كل همي ان اتكلم مع أي انسان , لأني مللت الكلام مع نفسي , تحدثنا عن الجامعة وحياتها وعن الموصل كمدينة سياحية تقريبا وتركيبتها السكانية , يعني بوصفي غريب وهو يتفاخر بمدينته , واكلت معه , وبعدها جاء وقت الدفع فذهب ليغسل يديه , انا تصورت الأمر عاديا ان اكون انا الضيف في هذا المشهد وبالتالي لن ادفع , لكني لم اتوقع ان يذهب مسلما علي وتراركا صاحب الكافتيريا يطالبني بسعر سندويتشين لفتين يعني , دفعت وتذكرت نكتة الذي يغسل الكلينكس بعد كل استعمال ويتشره على الحبل فيجف ويستعمله مرة ثانية ,لو كنت عراقيا لفهمت قصدي اما اذا لم تكن فأسأل اقرب عراقي ومااكثر تناثرهم في مختلف البلدان الآن !

اخيرا وصلت الكراج وركبت سيارة اربيل , والكل يتحدث اللغة الكردية , ويألوني مثلا كم الساعة واشير لهم باصابع يدي مدعيا الخرس مرة والصداع وعدم استطاعة الكلام مرة اخرى, يعني لتجنب السين والجيم , لكني لاحظت ان هنالك رأسا ليس غريبا عليه يجلس في المقدمة من سيارة الكوستر, ولا اعلم كيف اترجم كوستر لمن لا يعرفها بصراحة هي باص صغير من عشرين راكب ازرق اللون بالعادة منتشر في ارجاء العراق,وفي كل كوستر تجد بوستر لمطرب او مطربة او حتى شيخ وخطيب ديني مشهور, وبالتالي وقتها لابد ان تتوقع سماع كاسيت اجباري لهذه الأذاعة المتنقلة , حينما بدا جمع اجرة السائق وهنا في العراق تأتي الأجرة من الخلف للأمام متنقلة عبر الركاب ولو حصل خطا فيها يعود السائق ليوزعها وكثيرا ما ظلم احد الركاب الذين دفعوا الأجرة بكونه لم يصله ما دفعه لن الذي لم يدفع اتخذ خطوة السائق الحسابية فرصة للأختباء ونيل ما لا يستحق , واتذكر مرة وانا اقف في سيارة كوستر توصلني للكلية بعدما انقبلت يعني ان مساعد السائق ويدعى السكن , وهو ليس اسم لعمارة او بيت بل بكسر السين , يكون بالأنكليزية مرادفا للأضاءة المساندة لأضاءة السيارة الرئيسية , ولعل الأستعارة حنا ليست في محلها فأغلب من عملوا في هذه المهنة من سمار الوجوه او تطلي وجوههم الدهانات والشحوم كمنظر معروف لمن يعمل في السيارات وتصليحها وقيادتها فمن اين الضوء المساند لا ادري !, يبدوا انه الضياء الداخلي لمريم نور او ما شابه , المهم .. فهذا الشخص السكن وقتها بدأ يشكو ويصرخ في الركاب الذين يا عيني عليهم زاد الطين بلة اني تعاطفت معه وصارت المحاضرة حوار بيني وبينه واسمعي يا ركاب , جارة, على الخلاق وكيف ان الأجرة لا تستحق ان لا تدفع ويتحمل المرأ كل هذه الأهانات الموجهة بالباطن والعلن احيانا لو تم اكتشاف الذي لم يدفع ولم يعذره حجة نسيانه وسرحانه مثلا , ولما وصلت ونزلت وجدت في يدي اجرة نسيت ان ادفعها !, كنت انا من نسى الأجرة والسبب انني ركبت السيارة وفيلم اخلاق الطريق في وسطه فأندمجت في احداثه لدرجة انني نسيت , بالتالي عبرت الشارع بسرعة للكلية خشية رجوع السائق والسكن مسانده لضربي المبرح, والله كنت لأستحق!

حيرني هذا الرأس الأشقر الشعر اثناء سير الكوستر باتجاه اربيل من الموصل الا انني عرفته لما وصلنا اخر نقطة تفتيش تابعة لحكومة بغداد, حيث لم يكن يسمح للدولة العراقية ان تتجاوز اراضي كردستان بعد فرض الحظر الجوي والقصة المعروفة, فكانت نقطة تفتيش دقيقة جدا , كأنها بين دولتين ,ولكن التفتيش كان تركيزه على شيء واحد وهو هل هنالك مشتقات نفطية يتم تهريبها لكردستان حيث كانت محرومة من النفط وقتها كعقاب على لجوؤها للأمم المتحدة بعد عام 91 وحصولها على حماية دولية , لهذا لم يركزوا في هوية الطالب التي كنت احملها وبصراحة لم يكن شكلي مثيرا للشكل فلا لحية لي ولا شعر طويل ولا ابدوا عسكريا هاربا من الجيش او من هذا القبيل , فمررنا ولكني اكتشفت اثناء نزولنا للتفتيش ان هذا الشخص ذو الشعر الأشقر من مدينة الحلة وهو كردي التقيت به مرة فلابد ان يكون يتذكرني بعد محاولة او اثنتين , وليس لي بد الا ان احاول فأنا بحاجة لدليل في اربيل !.

حين صعدنا السيارة تظاهرت بالعجلة وجلست قربه ولم يحفل من كان قربه بتبديل المكان القسري من قبلي , ولما جلست سلمت, ولم يعرفني , وبالتالي بدات حديثي فتذكرني واستغرب ماذا افعل , وهنا حجة السياحة لم يعد لها مكان فأنا رسميا خارج سلطة بغداد!!, فقلت له اريد الهرب من العراق , وضحك مستغربا متسائلا عما اذا كنت فعلت جريمة او هربت من الجيش او هكذا يعني من امر واسباب, وانا بكل براءة قلت له لا ابدا انما اريد الهرب للعمل وتكوين نفسي كما يفعل الكثير ممن يرسل المال لأهله في العراق ويصبح ذو فائدة اكثر من بقائه , فتعاطف ووعد بأن يدلني عمن يهربني من اربيل حين نصل , وارتحت نسبيا ,لأني لااعلم ما تعني كلمة قجقجي الا حينما شرحها لي , هل تدرك مدى الجهل الذي كنت فيه ؟!,ستدرك لو فكرت لماذا اكتب عن حياتي بهذه البساطة , لأني فعلا احاول ان افهم مالذي حدث لنا في العراق , وبصراحة اكثر اريد ان اعرف ما الذي حدث لي بالذات او لنقل كيف وصل بي الحال لكتابة هذه السطور من الأساس !!.

وصلنا اربيل , ماذا اصف لك , كأني في بلد ثاني , الملابس غير, الكلام غير, وبقيت في ذيل دليلي عنوة , لحين ان ارشدني لهوتيل رخيص , واتفقنا على لقاء عند السوق في اليوم الثاني, ذهبت للهوتيل ,وكان اسمه فندق الزيتون على مااذكر, قرب القلعة , قلعة اربيل المشهورة ,وبعد ان تفاوضت مع صاحب الفندق على سعر السرير لليلة واحدة فقد اتضح انه ارقى فندق!, ولا يسكنه الا رجال اعمال اتراك يأتون للتجارة وعراقيين من الدرجة الأولى, وانا لم يكن لي سلم لأتدرج فيه لأن جيبي حينما حولت النقود العراقية لتي نتداولها في ارجاء العراق للنقود الورقية السويسرية التي يتداولها الأكراد, وهي العملة العراقية القديمة قبل التسعينات , اصبح المبلغ ينذرني بمجاعة قريبة , فكنت متحفظا ازاء اسعار السرير الواحد, وانتقلت لفندق ثاني ارخص بكثير,واشترط صاحب الفندق ان اخذ موافقة الأسايش وهو الأسم الكردي على ما يبدوا لمركز الأمن او الشرطة , وانا ارتعبت وتوسلت اليه ان يمررها هذه الليلة لكنه طمأنني انه اجراء روتيني ان اجلب منهم ورقة تبرر اقامتي في اربيل , يعني منذ ذاك الوقت والأقامة بورقة يوافق عليها !, نزلت الشارع اسأل عن الأسايش اين تقع واذا بها مركز شرطة لكن من يقف عند الباب يرتدي الزي الكردي وانا لم اتعود رؤية شرطة بهذا الزي فتصورته مواطن عادي وسألته واذا بلغته العربية البسيطة ترشدني بصعوبة الى غرفة داخل المبنى يجلس فيها عراقيين عرب يعدون على الأصابع حيث الوقت اصبح العاشرة ليلا ولم ادرك, ويتوسطنا رجل كردي يرتدي قميص وبنطلون وهو خلف منضدة كأنه موظف الأستعلامات , وارتحت لأن الذين يجلسون بقربي يتكلمون العربية فهونوا علي الجراء الروتيني الذي جئت لأجله ولما وصلني الدور وقفت امام المكتب مبرزا بطاقة هوية الطالب لمحت شخصا عراقيا عربيا من لكنته احمر الوجه مريب من الذين يتأبطون المسدسات في شوارع بغداد ينسخ بعينيه ما في هويتي اثناء تصفح الجالس وراء المكتب لها , واعطاني المسئول ورقة مكتوب عليها بالكردي فيما فهمته يبات ليلة واحدة او نحو ذلك , لكن اثناء هذه الدقائق كان احمر الوجه يمرر جنسيته محاولا اخذ ورقة مثل التي تكتب لي من قبل المسئول الكردي وراء المكتب , وفهمت وياريتني ما فهمت انه ضابط مخابرات عراقي يحاول المبيت في اربيل , فاخذت الورقة وهو يرمقني بنظراته وهرعت للفندق , ودخلت الغرفة التي استطعت دفع سعر سريرها , لأن السرير كان في غرفة معدومة الملامح لكنه قرب شباك ولأنني هلكان من التعب فكان الشباك مريحا لي بكونه سينذرني بطلوع الشمس وموعدي مع الصديق الكردي من الحلة عند اول السوق ,كما اتفقنا , كان في الغرفة سريرين , شغل الثاني شخص ادعى انه من مدينتي الحلة , وبأنه جاء لشراء السجاد وبيعه هناك , وفعلا اعطاني ما يثبت كونه يعرف مدينتي من معلومات عن احياءها وطبيعتها السكانية لحين ان نمت وهو يتكلم , وفي الصباح وجدته يصلي ويستدرجني للكلام بعدها ليعرف الغرض من وجودي هنا اساسا , نعم كان الآخر من المخابرات او الأمن , يا فرحتي نمت تحت المراقبة حالما !.

لما وصلت نقطة موعد التقاءا بالسوق لم اجد صديقي , بلتالي حسب المعطيات ,صديقي الكردي تنصل عني, والمن عرفتني, والمخابرات تراقبني, ومسلسل رأفت الهجان عملت موسيقاه ما عملت في رأسي, فأصبحت الموسيقى التصويرية لخطواتي الضائعة في اربيل , وبلحظة حسبت نفسي تحولت مطاردا واخذت اتلفت وانا اسير نحو كراج للسيارات ينادي السائق مما فهمت بصعوبة دهوك , ما هي دهوك؟! فابعد مدينة وصلتها بحياتي حينها هي بغداد ,لا يهم , سأذهب لدهوك لعلي اكون بمأمن فأنا مطارد الآن كرأفت الهجان , عجيبة ماذا يفعل بك الخوف من الاعيب, فعلا ركبت السيارة وانا ادعي الخرس حينا والنوم احيانا اخرى لأتجنب الحديث مع الجالس قربي ,وفي دهوك لم اتحرك خطوة خارج الكراج , وان لم تخني ذاكرتي قد اكون تناولت شيئا سريعا لسكت جوعي , وسمعت من ينادي سليمانية , هل تدرك كم الجنون الذي رافقني حينها !, وركبت السيارة المتجهة لسليمانية فورا , وصلتها ليلا وقفت السيارة في منطقة اسمها خان يونس , وهناك وجدت شخصان يحرسان مدخل بيت كبيرة بابه, ذهبت اليهم منهكا سألتهم هل هنالك حل لمشكلتي ؟!

وشرحت لهم وبالكاد فهموني فلغتهم العربية كانت صعبة الفهم علي والعكس صحيح ,وفهمت انهم يحرسون بيت الرئيس جلال طلباني !!, شرطيان فقط !, بصراحة لما سمعت الأسم ارتعبت اكثر وهربت منهم شاكرا تعاونهم الذي كان عبارة عن وصف لشارع خان يونس فلم يفهموا ماذا اريد بالضبط ولا انا والله عرفت ماذا اريد , فكل ما في بالي انني اصبحت مطارد واهلي الان في الحبس لا محالة يتعرضون للتعذيب, او على الأقل للسؤال عني من قبل الشرطة او الأمن , لأن كل ما فهمته من عبارات الناس اثناء ترحالي هنا انهم يشتمون صدام بحرية مطلقة !, بالتالي وجودي هنا بينهم مرعب لي وانا اعيش هذه المشاهد , واستمع هذه الذاعات المعارضة لنظام بغداد في كل سيارة اركبها , شيء مرعب بالكاد تخلصت من بعض خوفي وانا في الحادية عشرة من الليل وصلت حد اليأس فطرقت الأبواب التي وصفها لي الشرطيان جزاهما الله خيرا من كل قلبي اتمنى ارد لهما الجميل , فلعبة ومغامرة لمراهق تحولت في مخيلتي لجحيم فجاة ,كان اول باب طرقته بالخطا بيت لناس عاديين , الرجل الكبير فيهم كان يفهم العربية , فشرحت له انني من الحلة وقد اكون مطاردا لشك بعض رجال السلطة الذين شاهدوني في اربيل بكوني معارض او ما شابه , فاريد ان اصل لمن يساعدني على الخروج من العراق او يخبأني لحين ان اتأكد من عدم وجود خطر من رجوعي لأهلي , اعطاني كأس ماء وتعاطف بشدة ولكنه شرح لي الوضع في السليمانية بصراحة شديدة صدمتني , فقال ان هذا الشارع فيه احزاب عراقية معارضة للسلطة تستاجر بيوتا قرب بعضها تقريبا , ولأنك غير ملتحي فلا انصحك بالأحزاب الأسلامية , ما رايك ان اقدمك بصفتي جارا لهم , للحزب الشيوعي العراقي ؟!, ربما تبقى عندهم بضعة ايام لحين ان تصلك معلومة من اهلك ان كل شي تمام او تجد مخرجا من خلال مساعدة الحزب الشيوعي للخارج فعليا فقد ساعدوا الكثير على حد قول الرجل الكردي الطيب,وهو على الأغلب ابو ازاد فلا يمكن ان انسى اسم من ساعدني بل من المؤكد ان اخطأ فيه !.

الحزب الشيوعي العراقي في السليمانية بيت كأي بيت عراقي تعودت ان ارى بابا طويلة تفتح على حديقة ثم بيت بطابقين في اغلب الأحيان ,بناء يعود للسبعينات , والثيل يملىء مدخل الحديقة للباب الداخلي , هذا ما شاهدته فعلا حين طرقنا الباب انا والرجل الطيب وخرج علينا رجل في الثلاثينات من عمره اتصور اسمه محمد يرتدي بيجاما مخططة ,رحب بنا باللغة الكردية وادخلنا ورغم جمله الكثيرة لم يحصد غير ايمائاتي وابتساماتي فلم اعرف الرد المناسب لأني لا اتكلم الكردية كما اوضح له الرجل فتحول مباشرة للكلام باللغة العربية وبطلاقة لم اجدها منذ حللت في ارض الأكراد , تركنا الرجل الطيب لوحدنا وقبلته مودعا وجلست مع محمد في صالة الزوار بالبيت والتي ترصعت جدرانها بصور مألوفة لدي عن طلبة عراقيين في ايام الدراسة الجامعية واذا بها صور محمد حينما كان يدرس في المعهد التكنلوجي الواقع في مدينة الحلة, مدينتي!!, طبعا لم تسعني الأرض لسعادتي بهذه الصدفة فتعرفنا واخذنا الحديث عن الحلة وذكريات محمد وحبه لزميلته في الحلة التي تزوجت لأن اهلها لم يرضوا بالزواج من كردي , وهذه حالة تعصب نادرة عن الطرفين قد تحدث في كل زمان ومكان فلم استغرب واخذت اخفف عليه , وسمع مني قصتي واخذ يخفف علي , وجاء بالشراب وكان من نوع جن ومعه مقبلات من نوع جاكجيك!,بصراحة استغربت ووضعها على الطاولة وقدم لي الكأس ولكني بادرته برغبتي في الصلاة فقال براحتك تصلي او تشرب البيت بيتك, ولكني ولاحظ ايها القارىء كيف ان الورطة في حسن ضيافته لم تسمح لي بطلب مكان اخر اصلي فيه غير الذي يشرب فيه محمد يعني, فصليت امامه وهو يشرب امامي !!, وبكيت كعادتي التي لم افهمها لحد الان , واذا بي اسمعه يضحك ويقول ابكي لي معك ربما تحل مشاكلي , ولما خلصت صلاتي كانت لي رغبة ان اعاتبه عن عدم احترامه لكني كنت جائعا بشدة فألتهمت الجاكجيك وهي مقبلات من المعدنوس والخضار واللبن ,فجاء لي بالخبز معها ونسيت عتبي له بعد ان شبعت شاكرا فضل الله وفضله بالتأكيد, وفجاة نهض فزعا فقال ان الحل ان نذهب انا وانت لمسئول الحزب وبيته قريب وهو اكيد سيخرجك بسيارات الحزب الى تركيا , لكن ..واسمع هذه اللكن ايها القارىء!, قال محمد لكن اذا طلب منك المسئول ان تنتمي للحزب فلا تعترض وبدأ يعلمني مبادىء الحزب واهدافه وتفاجأت بان الجلسة اصبحت محاضرة بهذه السرعة وانا الهلكان من النعاس الذي لو دفعتني باصبعك لوقعت نائما , وبالكاد سكت محمد اخيرا وقال هيا لبيت المسئول !

وانا امشي بالطريق مع ممد لبيت المسئول واندب حظي للورطة التي دخلتها , تخيلت ان هذا الذي سيستقبلنا يلبس احمر في احمر , من شدة وقع المحاضرة التي اتخذني فيها محمد طالبا فيها عنوة حتى في الطريق !, ودق جرس باب البيت الذي وصلنا اليه اخيرا وخرجت علينا زوجة المسئول ترتدي البيجاما وكانت جميلة جدا لدرجة انني فارقت النعاس لحظة رايتها وفتحت عيناي وكأن طنا من القهوة صب في معدتي للتو , وادخلتنا واستقبلنا في الداخل ابن المسئول مرتديا الزي الكردي وكان شابا ذو شوارب سوداء يتحدث العربية بطلاقة, رحب بي وسالني قصتي وحكاها محمد بالنيابة مشكورا,فسألني الشاب كم معي من النقود وقلت لم يبقى معي الا عشرة دنانير من الطبعة السويسرية أي لا تساوي خمسة دولارات ربما ,فأستغرب وضحك وقال وتريد الخروج من العراق بهذا المبلغ؟!, ولم يكن من وقت لأجيبه فقد دخل المسئول علينا عائدا من خارج البيت وكان ضخما جدا , بحيث غرقت يدي في يده عند السلام , وانا ارى محمد يؤدي فروض الطاعة كمن كحاجب جاء مولاه ,وجلسنا جميعا وبدا المسئول الذي يرتدي زيا كرديا وليس احمر كما توقعت بل بني اللون , بدأ المحاضرة الثانية عن الحزب الشيوعي , وكذلك عن حال الأقتتال التي ستحدث خلال ايام بين الأحزاب الكردية , على حظي انا سيكون هنالك حرب اهلية !!

فأختصر لي المسافة والحوار وقال انت الان تعود طالبا من السائقين ان يقلوك مجانا لضياع مالك وهذا ادعاء قد ينقذك ويجعلهم يوصلوك لبغداد واحدا تلو الآخر وانصحك بركوب الشاحنات لا الباصات لأن النظام في بغداد يستعد لدخول المعركة للفصل بين الأحزاب التي تنوي قتال بعضها فالطرق ستكون مدججة بالجيش الا طرق الشاحنات التي تنقل المرمر والصوان والحجر من الجبال لكركوك والموصل ومن هناك جد من يساعدك لتصل بغداد ثم الحلة , هذه كانت خريطة عمليات المناضل المسئول التي فاتني ان افكر فيها !

ودعوني واوصلني محمد وهنا استجمعت قواي لأصرخ بوجه عند اول الشارع هل هذه المساعدة التي تقدموها لي ؟!, فأخرج من جيبه خمسة دنانير وقال لن تصدقني لكن اهلي ماتوا بضربة الأسلح الكيمياوية في حلبجة جميعا وليس لي مكان غير هذا البيت احرسه , نعم عملي حارس للمقر الحزبي, لهذا ليس لدي مااساعدك به الا هذه الخمسة دنانير , وهو نفسه وليس انا فقط , الذي لم يصدق بأني لم اقبل الدنانير الخمسة , لأنها كل ما معه , شكرت محمد على محاولته ,وبيني وبينك ايها القارىء , ادركت انني في المكان والزمان الخطأ وقررت ان اتصل بأهلي لأستشعر هل لخوفي من المطاردة أي دليل ولو كلفتني المكالمة الدنانير العشرة كلها ,وفعلا كلفتي خمسة دنانير لكن صوت امي انساني كل التعب وانا اطنأنها انني راجع فلم اجد عملا في شمال العراق وهي مسافة الطريق واكون عندكم ولم تقل شيئا عن أي مطاردة فأرتحت اخيرا , وذهبت للكراج ووجدت سيارة واحدة تنادي زاخو فركبتها وهذا ما لم افهمه لحد الآن , هل هي رغبة بالنتحار, ام ان صوت امي ذكرني بكون قصتي هذه تنفع لفيلم عنوانه عودة الفاشل !, وبالتالي اخذتني فعلا العزة بالأثم كما يقال وقررت ان احاول مرة اخرى , وانا الميت من الجوع , والعطش !

زاخو.. بين الجبال تسير السيارة وكل نص ساعة يبردون اطاراتها لكثرة استخدام اداة التوقف البريك , حيث المنحدرات كثيرة, واخيرا وصلنا وتوقفت السيارة في سوق شعبي , مررت من خلاله لأزقة ضيقة لا اعلم اين الطريق الصحيح لأقرب فندق متواضع ولا اسأل لنفس السبب السابق, حتى لا اثير الشك عند الناس,فأنا عربي عراقي وسط الأكراد في لاوقت الذي سيتحاربون ويدخل بينهم جيش بغداد فيعني اكيد طرأت في بالي مشاهد كنا نسمع عنها عن ما يسمى العصاة ويقصد بهم البيشمركة وكيف يحاربون الجنود العراقيين دفاعا عن جبالهم , وانا ارتعب كلما تأتيني هذه الأفكار , لحين وصلت فندق متواضع جدا دخلت , واذا بي اتشارك سرير من ضمن ثلاثة في الغرفة , لعربي عراقي من البصرة في الأصل لكنه جاء من ايران لمقابلة اهله هنا لكونه هارب يعمل مع المعرضة العراقية , والثاني ايراني كردي يسافر بين كردستان وايران لغرض التجارة , والثالث نائم مريض فلم افهم ما قصته , وطوال الليل يحكي لي ابن البصرة كيف يقومون بعمليات ضد نظام بغداد في الجنوب , وكيف هم فاعلون في اختيار اهدافهم, من ضباط الأمن وسواهم الذين يؤدون واجباتهم في خدمة السلطة اكثر من المطلوب بحيث يؤذون الناس الأبرياء ,مما جعل هؤلاء المعارضة يكسبون رضا وتعاون الناس في المناطق الجنوبية وخاصة الحدودية مع ايران , وانا دهشت لحجم المخاطر التي يقومون بها ,ولو كنت مكانه ان بقى حيا لحد الآن فلن اقبل الا بمنصب وزير بعد 2003 جزاء الرعب والمخاطرة التي تأطرت بها عيناه حينما يحكي لي هذه القصص , اما الأيراني الكردي فلم افهم منه شيئا الا انه ذكرني بغوار يرتدي قبقابه حاملا ليفته وصابون الغار داخلا الحمام ,نصحني البصراوي بالأنضمام اليهم فضحكت وبررت عدم قناعتي بأني قد اعترف مع اول صفعة على خدي على كل مااعرفه وربما ازيدهم من الشعر ديوان !!, فضحك بدوره وقال ان الحياة كمغامر هي في دمك فلا تنكرها كحقيقة ربما تقودك لمصيرك الذي تستحق , وهذا بعدما سمع قصتي , وفي الصباح ودعنا بعضنا ويا حسرتي لا اذكر اسمه الآن فقد يكون احد الوزراء العراقيين حاليا !.

قرب بائع الشاي جلست مفلسا تماما , فالسائق لم يأخذ مني شيء اكراما لوجه الله , وكذلك صاحب الفندق, الا ان ربع دينار من المعدن لن تفعل لي شيئا , وها انا متسول بمعنى الكلمة لأستكان شاي أي قدح شاي بالعراقي, جلس قربي صاحب بار الشاي بالفحم متحدثا بالعربية قدر استطاعته , مرشدا اياي ان هنالك من هم مثلي يتجمعون مخترقين الحدود ليلا , ويقصد من ليس لديهم مال يعطونه للمهربين , القجقجية باللهجة العراقية, لماذا لا اذهب معهم في رحلاتهم محاولا اختراق تركيا عبر الجبال ويا تصيب يا تخيب , واغلب الأحيان تخيب فلم يرسم لي طريقا ورديا , بعد انتهائي من الشاي المجاني ودعته وذهبت لأجلس في ركن امام مقر لحزب تركماني او تركي لا اذكر, لأني وجدت شباب عربي عراقي جالسين هناك, وبين كلمة واخرى وجدتهم يتفقون على موعد الليلة لأجراء محاولة اخرى لأختراق الحدود التركية كما وصف ابو الشاي فعلا , واصغيت السمع وانا خالي المعدة مدركا ان هذه النهاية او البداية لا محالة لو تبعتهم !

امرأة كردية عجوز عمرها كبير جدا توزع الخبز علينا ونحن جالسين متسولين في المساء,وانا اقضم الخبز مع دموعي , افترشت المنشفة ونمت على الأرض لأول مرة بحياتي اشعر بأن الكون لا يهمني ,اريد فقط اغماض عيني , صحوت على اصوات عالية قربي , فالمجموعة اشعلت نارا والتفت حولها للتدفئة كالمتسولين في الأفلام الأميركية بالضبط الا انهم لم يجدوا برميل بل تنكة عراقية , وهي علبة معدنية يباع فيها دهن الطبخ عادة وتستخدم للزبالة , الجو بارد جدا التحفت بمنشفتي ولم اعي ذلك مما ادى الى نومي على الأرض مباشرة , الرصيف, خلص نهضت واقتربت منهم بعد دعوتهم لي ردا على ارتجافي من البرد, اخرجت اخر سكارة بجيبي وسحبت منها دخانها وكأنه اخر نفس بحياتي ثم مررتها عليهم ومرروها واحدا للآخر مكملين حديثهم عن محاولة اليلة لعبورهم الحدود ثم سالوني هل انت معنا واجبت نعم !

ركبنا نحن الأربعة صباحا في عربة لنقل الماشية مجانا , وهي لوري صغير الحجم سيتجه بنا الى نقطة حدودية اسمها ابراهيم الخليل, تفصل بين العراق وتركيا , والخطة ان ننتظر عند هبوط الليل ثم نتتبع اثار من سبقونا عبر جبار وطرق وعرة سمع البعض عن اشارات ودلائل ولكننا جميعا غير متأكدين مما ينتظرنا بالضبط, كان الثلاثة اولهم هارب من الجيش محكوم بالأعدام والثاني متهم بالتعامل مع حزب كردي ضد سلطة بغداد والثالث فقير الحال كبير السن نسبيا يائس على ما يبدوا لدرجة انني حينما سألوني سبب وجودي هنا لم اجد مااجيب ولم يدفعهم الفضول للمعرفة فكلنا في مركب واحد مهما اختلف السبب, وحين وصلنا لقرية على الطريق الذي اتذكر جمال لون العشب المخضر على جانبيه نزل الثلاثة من السيارة وهي تسير وصرخوا في ان انزل بسرعة وقفزت فلم تكن مسرعة بدورها , ولما تساءلت عن السبب, قالوا حتى لا يطالبنا السائق بالأجرة !,وانطلقوا بين الحشائش في طريقهم وانا واقف على الأسفلت اترقب المشهد , ومشيت وراءهم ,وبدأت المسافة تكبر بيننا لدرجة انني لم اعد ارى الا اخرهم , ثم توقفت وجلست وحدي وانا اراهم يختفون بين ضباب الجبال وتمددت غير ابه بالديدان تخترق قميصي الممزق لتقرصني , نهضت بصعوبة فلم اجد الا طريق العودة واضحا للأسفلت , واذا بطفل كردي من بعيد يصرخ ويلوح بيده لي وانا لا افهم ما يريد فلم اعد افهم مااريد بدوري,حقا ماذا اريد؟!

اقترب الطفل يحمل عصا خشبية يتكئ بها على الأرض كالأعرج لكنه لم يكن , لم افهم منه الا كلمة الغام , وكانت كافية لترعبني , ولوح لي ان اتبعه وقادني الى الطريق الأسفلتي , وشاهدت لأول مرة بحياتي الغاما تبرز من تحت الأرض , ولأخر مرة اتمنى ان اكون مجبرا على السير بينها نحو الشارع العام, لما وصلنا الشارع قابلنا شيخ يبدوا جدا او ابا للطفل ويتحدث العربية بصعوبة وما فهمته منه انع نعتني بالمجنون لسيري بين حقل الغام عراقية منذ ايام الحرب الأيرانية , وحاول ان يفهم مني لماذا ولكني لم احمل جوابا , فهداني لطريق العودة الى زاخو, سيرا على الأقدام , ثم مرت برازيلي تكسي, فيها شاب مرح يزمر بالهورن عاليا من بعيد وكأنه يلمح لي بالركوب ان كنت ارغب بأستئجاره , فمددت يدي وتوقف وسالني الى زاخو؟, قلت نعم لكن لا املك النقود , قال اركب فانا راجع بكل الأحوال , وركبت وحكا لي انه يعمل على هذا الطريق ليوصل المسافرين من زاخو الى النقطة الحدودية ابراهيم الخليل , ولما ارتحت له قصصت عليه قصتي , فضحك وتألم بنفس الوقت , ورمى علي مثلا باللغة الكردية لا يحتمل المقام ان اشرح معناه , لكنه اشار بانني لا بد ان اعود فليس هنالك ما يجعلني اترك حياتي لأجل مجهول الا لو خسرتها تماما !

اوصلني عند مقهى لصديق له وتكلم معه بما لا افهم , فاذا بصاحب المقهى يجلب لي اللبن والخبز والشاي, فطار الأكراد البسطاء كما تعلمت هناك, وشكرته وبدأت الكل , وبعد قليل جاء صديق لصاحب المقهى شاب في عمري تقريبا , تكلم مع صاحبه وجلس قربي وباللغة العربية واللهجة العراقية تكلم بطلاقه وقال لي انه سيساعدني للعودة الى بغداد بكل سرور وكان اسمه سامان , وفعلا اركبني سامان مع سائق يعرفه ليقلني الأخير للسليمانية , واقلني السائق بعد ان وعد سامان على ما يبدوا مع سائق يعرفه الى كركوك , ومن كركوك اقلني سائق يعرف الأخير الى الموصل وهنا لم اجد من يقلني بالواسطة , فذهبت لصاحب محل عنده تلفون وشرحت له اني اضعت نقودي وانني ممكن ان ابعث اليه بالنقود بالبريد والضمان ان سمح لي بالأتصال ببيتي من التلفون سيكون عنده رقم هاتفي ,, ووافق فاتصلت باهلي وكانت الأمور على ما يرام للعودة فلا شيء مريب اطلاقا في كلامهم , وبنفس الحجة قلت انني حاولت لمرة اخيرة الحصول على عمل ولم استطع لهذا انا عائد اخيرا , فاعطاني صاحب المحل الشاب اجرة الذهاب لبغداد ثم الحلة واستحلفني بعدم ردها وكان كريما فعلا على عكس الطالب صاحب السندويتش الذي دفعت ثمنه وانا الضيف !, ووصلت بغداد , ثم الحلة , ثم باب البيت اخيرا فكيف اطرقها وماذا اقول ؟!, لم اطل في انتظار اجابة السؤال فلما فتحت الباب استقبلني اهلي فرحين ومواسين ان الفرص كثيرة ان شاء الله لعمل جديد ولا يهمك وكذا من هذا الكلام , ولما وضعت رأسي على وسادتي اخيرا , نمت ليوم كامل, ثم صحوت وكأن شيئا لم يكن !. .. هارب من العراق عبر كردستان .. هرب لأجل الهرب , ربما !

يتبع ...

لحظة عارية – 8

الكاتب
سرمد السرمدي
العراق



#سرمد_السرمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن العراقي عاري عاري عاري
- علكة صهيونية تغزوا الأسواق العراقية
- ليس في لوحة الغدر لون للرجال – لحظة عارية 3
- القاهرة تكتب وبيروت تطبع والعراق يغرق - لحظة عارية 2
- رسالة عراقية ل عمر موسى
- لحظة عارية 1
- فنية الفعل في القرن الواحد والعشرين
- العصر الجليدي الخامس
- نحو السهل الممتنع
- ألف باء الآه
- ثالث اثنين الميكانو
- بعثرة في بعثرة
- ذات كيان الذات
- نقطة التلاقي الأفتراقية..افتراضية فن ثامن !
- نقطة التلاقي الأفتراقية في اخر الفنون واخيرها !
- في اخر الفنون واخيرها !
- تداخل افتراضات الفن الثامن !
- جدلية فن الفن الثامن !
- نحو فن للفن..الفن الثامن !
- ميثولوجيا قصة و انحراف معرفي


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - جفت دموع العراقيات في بلد دجلة والفرات