أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نجم خطاوي - عن الحرب وحكمة السيدة السويدية منى














المزيد.....

عن الحرب وحكمة السيدة السويدية منى


نجم خطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 830 - 2004 / 5 / 10 - 04:55
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في الحقيقة لم اكن اعرف امرأة بهذا الاسم ( منى ) في مدينتي السويدية , أو لنقل قريتي التي أقيم فيها منذ ثماني سنوات والملاصقة للحدود السويدية النرويجية , والفضل وحده لمعرفتي تلك المرأة يعود لذلك الحشد الذي أقمناه في ساحة المدينة يوم السابع عشر من آذار العام الماضي للاحتجاج ضد الحرب وكوارثها وضد نظام صدام المقبور.

ويومها تناجيت بعض الأصدقاء والمعارف من السويديين للتضامن مع شعبنا العراقي ووطننا الذي تنتظره الحرب , وصارت الفكرة وتحشدنا سوية , وكانت رايات وأعلام وصيحات احتجاج وأغاني امتزج فيها العراقي بالسويدي , وكانت المواطنة السويدية ( منى ) هناك بالطبع , وقد بكرت بالحضور بعد أن خطت بنفسها كلمات تندد بالحرب فوق لافتة صنعتها لوحدها ثم أحضرتها وركزتها وسط الساحة .

هذه المواطنة السويدية يسارية الميل والهوى , ولم تكن كراهيتها للحرب وليدة فكرة دخلت عقلها فجأة أو بقدرة قادر , فقد سارت ساعات طويلة وكتبت عشرات الشعارات يوم كان الأمريكان في فيتنام , وقد شاهدت صور الحرب تلك بكل ما تحمل من مأساوية ودمار . ورغم أن هذه المواطنة لم تكن تتجاوز سنوات المراهقة حين ابتدأ هتلر وحزبه النازي حربهم ضد البولونيين والسوفيت وغيرهم أواخر أربعينيات القرن الماضي إلا أن ذاكرتها لا زالت تختزن بشاعات وماسي تلك الحرب .

كانت المشاعر متقاربة في التنديد بالحرب وأمريكا والدعوة للديمقراطية في العراق يوم احتشدنا في آذار العام الماضي , وكنت اقف سوية جنب المواطنة السويدية ( منى ) مع رايتي وكلماتي التي كتبتها بالسويدية , وكان ما يدور في رأسي ما لا يمكن لمنى أن تتخيله وتدركه , واعني هنا سنواتي السبع التي قضيتها مقاتلا في جبال كردستان ضد نظام صدام المقبور , وتلك الصور المرعبة والمآسي والعذابات التي كنت شاهدا عليها , وهي على كل حال بعض من عذابات وأوجاع وطن كان يئن ولسنوات طويلة تحت حكم الطاغية الديكتاتور, وحين كنت احدث منى وغيرها عن تلك المآسي وغيرها كنت اعرف بكل اليقين بأنهم ينصتون تماما ولكنهم غير قادرين على الفهم .

أعود لحكايتي , فبعد أن قاربت مظاهرتنا تلك نهايتها اتفقنا على أن نأتي كل يوم سبت وفي تمام الساعة الثانية عشرة وفي نفس المكان للتعبير عن مشاعرنا المعادية للحرب والدكتاتورية , وقد علم الجميع بذلك , ولكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن كما يقولون فقد جرت التطورات بشكل سريع ودراماتيكي , فحين تجمعنا أنا و ( منى ) و بعض الحضور( لا يتجاوز العشرة أشخاص ) يوم السبت الذي تلا حشدنا الأول وبالتحديد يوم الرابع والعشرين من آذار كانت المدافع والطائرات الأمريكية قد بدأت الحرب , ويومها بهتت شعاراتنا المنددة بوقف الحرب والدكتاتورية , فالحرب قد وقعت , ولم ينصت الذين قاموا بها للكثير من الأمم والشعوب , فكيف سينصتون لنا في تلك القرية السويدية النائية , ثم أن الدكتاتور في طريقه للزوال فما معنى التنديد به ( بذلك عبرت امرأة مرقت قرب حشدنا المتواضع ) , وتشاورنا في ما يمكن أن نفعله في أيام السبت القادمة وكيف يمكن لنا كسب الناس لتحشدنا بعد أن أصبحنا قلة , وكانت منى لا تنصت كثيرا لأحاديثنا , فما كان يدور في مخيلتها ويدفعها للاحتجاج ضد الحرب كبيرا وقاسيا ينسيها كل ما حولها , يضاف لذلك كونها امرأة متقاعدة لديها الكثير من الوقت لحضور مثل هذه مناسبات يصعب على الكثيرين حضورها , واتفقنا على أن نعبر عن مشاعرنا بطريقة أخرى غير التحشد كل يوم سبت كما اتفقنا سابقا .

وفي السبت التالي اخبرني بعض الأصدقاء بأن السيدة السويدية منى تقف لوحدها في الساحة .

ذهبت لمكان تحشدنا في الساحة وكانت ( منى ) لوحدها تحمل لافتتها المنددة بالحرب واقفة وغير مكترثة بكل ما حولها وفي مخيلتها صورة الحرب ومآسيها , ووقفت قليلا وتحدثنا ثم عدت لعملي وظلت هي واقفة في الساحة .

أتذكر هذه المرأة كثيرا هذه الأيام وأنا أتطلع للصور الكريهة المقززة القادمة من نفس المكان ( سجن أبو غريب ) الذي غيب وعذب فيه يوما الكثير من مناضلي وأحرار العراق , فقد كانت حكمتها بليغة , فالحرب لها مستحقات ونتائج تفوق بشاعتها وفظاعتها حد التصور , وهي وان اقترنت هذه المرة بقضية إزاحة الغول المرعب نظام صدام , فقد تبقى حربا بكل ما تعني هذه الكلمات من معنى , ومن يدري لعلي سوف لن اكتفي بالتنديد بمآسي الحرب وبشاعات انتهاك حقوق الإنسان في العراق بالشعارات ورسائل التنديد بل سأعود ثانية لدعوة ( منى ) وغيرها للوقوف في نفس الساحة التي وقفنا فيها بوم السابع عشر من آذار العام الماضي رغم أن حماس الناس للتضامن مع قضية العراق وأهله قد خف قليلا .

سأمني نفسي بأن حشدنا القادم سيكون ابتهاجا برحيل المحتل من وطني وتسلم الناس هناك شؤونهم بنفسهم ودون وصاية , هل سيصير ذلك !

لننتظر ونرى كما تقول الحكمة السويدية ......



السويد

2004/05/08



#نجم_خطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كاد الهمج أن يقتلوا صاحبي
- من بطاقات آخر الليل
- سلاما لأحبتي الشهداء الشيوعيين
- تحليق
- لم تحطبوا لوحدكم فلا تأخذوا النار لخبزكم - حول القرار الجائر ...
- قصيدتان لشاعرين من السويد
- هل يمهد كنس ساحة التحرير وشتل الأشجار في حديقة الأمة الطريق ...
- سأطردك من ذاكرتي أيها الغول البغيض
- ليس الحزب الشيوعي العراقي وحده الذين ابتهجوا بالقبض على الطا ...


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نجم خطاوي - عن الحرب وحكمة السيدة السويدية منى