أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - (هناك نفوس موفّقة للأعمال الخيرية ومُحبة الخير للعموم ومكارم الأخلاق والمحبّة والودّ لجميع الخلق والسّعي في الصّلح العموميّ وتربية الفقراء فما حاجتهم إلى التّعاليم الإلهيّة؟















المزيد.....

(هناك نفوس موفّقة للأعمال الخيرية ومُحبة الخير للعموم ومكارم الأخلاق والمحبّة والودّ لجميع الخلق والسّعي في الصّلح العموميّ وتربية الفقراء فما حاجتهم إلى التّعاليم الإلهيّة؟


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 2723 - 2009 / 7 / 30 - 01:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أنّ هذه الأعمال والأفعال والأقوال ممدوحة مقبولة وهي شرف العالم الإنسانيّ، ولكن مجرّد هذه الأعمال لا يكفي لأنّها كجسم في نهاية اللّطافة ولكنّه بلا روح، بل إنّ السّبب الأوّل في الحياة الأبديّة والعزة السّرمديّة والنّورانيّة الكلّيّة والفوز والفلاح الحقيقيّ هو عرفان الله، ومن المعلوم أنّ معرفة الحقّ مقدّمة على كلّ معرفة، وهي أعظم فضيلة للعالم الإنسانيّ، لأنّ معرفة حقائق الأشياء في عالم الوجود تؤدّي إلى الفوائد الجسمانيّة وترقّي المدنيّة الصّوريّة، أما عرفان الله فهو سبب التّرقّي والانجذاب الرّوحّي والبصيرة الحقيقيّة وعلوّ العالم الإنسانيّ والمدنيّة الرّبانيّة وتعديل الأخلاق ونورانيّة الوجدان. والثّاني محبّة الله التي توقد بعرفانه نور محبته في زجاجة القلب ، وتنير الآفاق بأشعّتها السّاطعة، وبها يحيا الإنسان حياة ملكوتيّة، وفي الحقيقة إنّ ثمرة وجود الإنسان هي محبّة الله، ومحبّة الله هي روح الحياة وهي الفيض الأبديّ، فلو لم تكن محبّة الله لكان عالم الإمكان ظلمانيّاً، ولولا محبّة الله لكانت قلوب بني الإنسان ميّتة محرومة من الشّعور الوجدانيّ، ولولا محبّة الله لانمحت كمالات العالم الإنسانيّ وانعدمت، ولولا محبّة الله لمّا كان الارتباط الحقيقيّ في العالم الإنسانيّ،ولولا محبّة الله لفقد الاتّحاد الرّوحانيّ، ولولا محبّة الله لخمد نور وحدة العالم الإنسانيّ، ولولا محبّة الله لما تعانق الشّرق والغرب كما يتعانق الحبيبان، ولولا محبّة الله لما تبدّل الخلاف والشّقاق بالائتلاف، ولولا محبّة الله لما تبدل الاختلاف بالاتّحاد، ولولا محبّة الله لما صار الأعداء أحباء، وإنّ محبّة العالم الإنسانيّ إشراق من محبّة الله وجلوة من فيض موهبة الله.
ومن الواضح أنّ حقائق النّوع الإنسانيّ مختلفة، والآراء متباينة والمدارك متفاوتة، وهذا التّفاوت في الآراء والأفكار والإدراكات بين أفراد النّوع الإنسانيّ منبعث من اللّوازم الذّاتيّة، لأنّ التّفاوت في مراتب وجود الكائنات من لوازم الوجود الذي ينحلّ بصور غير متناهية0
إذاً نحتاج إلى قوّة كلّيّة تكون غالبة على الجميع وآرائهم وأفكارهم، و تلك القوّة تحكم هذه الاختلافات وتجمع الأفراد عامّة تحت نفوذ وحدة العالم الإنسانيّ، ومن الواضح المشهود أنّ أعظم قوّة في العالم الإنسانيّ هي محبّة الله وهي الّتي تدخل الملل المختلفة تحت ظلّ سرادق الوحدة، وتهب الشّعوب والقبائل المتضادّة المتباغضة في نهاية المحبّة والائتلاف0
فكم من الأمم والأجناس والقبائل والشّعوب المختلفة قد دخلوا في ظلّ كلمة الله بعد حضرة المسيح بقوّة محبّة الله، وزالت وتلاشت الفوارق والاختلافات التي مضى على وجودها ألف سنة ، وانعدمت الأوهام الجنسيّة والوطنيّة، ووجد الاتّحاد الرّوحيّ والوجدانيّ وصاروا جميعاً مسيحيّين حقيقيّين روحانيّين.
وثالث فضائل العالم الإنسانيّ نيّة الخير وهي أساس الأعمال الخيريّة وقد رجّح بعض المحقّقين النّية على العمل، لأنّ النّية الخيريّة نور محض وهي منزّهة مقدّسة عن شوائب الغرض والمكر والخداع، فمن الممكن أن يعمل الإنسان عملاً مبروراً بحسب الظّاهر ولكنّه يكون مبنيّ على الاغراض النفسانية مثلاً قد يربي القصّاب خروفا ويحفظه ولكن عمل القصّاب المبرور هذا مبنيّ على غرض الانتفاع، ونتيجة هذه التربية ذبح الخروف المظلوم0
فكم من أعمال كثيرة مبرورة باعثها الأغراض الذّاتيّة، أما نيّة الخير فمقدّسة عن هذه الشّوائب.
وخلاصة القول أنّه بعد عرفان الله وظهور محبّة الله وحصول الانجذاب الوجدانيّ ونيّة الخير تكون الأعمال المبرورة تامّة كاملة، وإلاّ فالأعمال الخيريّة وإن كانت ممدوحة إلاّ أنّها تكون ناقصة إذا لم تستند بعرفان الله والمحبة الرّبانيّة والنّية الصّادقة، مثلاً يجب أن يكون الوجود الإنسانيّ جامعاً للكمالات حتّى يصير كاملاً، فالبصر محبوب جدّاً ومقبول ولكنّه يجب أن يؤيّد بالسّمع، والسّمع مقبول جدّاً ولكنّه يجب أن يكون مؤيّداً بالقوّة النّاطقة، والقوّة النّاطقة مقبولة جدّاً ولكن يجب أن تكون مؤيّدة بالقوّة العاقلة، وقس على ذلك سائر قوى الإنسان وأعضائه وأركانه، وحينما يحصل هذا الاجتماع في القوى والحواس والأعضاء والأجزاء يصير الإنسان كاملاً.
والآن يوجد في العالم بعض من النّفوس يريدون في الحقيقة خير العموم ويقومون بمعاونة المظلومين وإعانة الفقراء بقدر استطاعتهم مفتونين بحبّ الصّلح وراحة العموم، فهؤلاء وإن كانوا كاملين من هذه الجهة ولكنّهم ناقصون بحرمانهم من عرفان الله ومحبّته.
فقد كتب جالينوس الحكيم في كتاب شرح الرّسالة الأفلاطونيّة في السّياسة المدنيّة "إنّ العقائد الدّينيّة لها مدخل عظيم في المدنيّة الصّحيحة والبرهان على ذلك أنّ جمهور النّاس لا يقدرون على إدراك سياق الأقوال البرهانيّة فهم من هذه الوجهة محتاجون إلى الكلمات الرّمزيّة من الإخبار بالثّواب والعقاب في الدّار الآخرة، والدّليل على ثبوت هذا المطلب ما نشاهده اليوم من القوم الذين يدعون بالنّصارى المعتقدين بالثّواب والعقاب حيث يصدر عن مؤمني هذه الطّائفة أفعال حسنة كأفعال الفلاسفة الحقيقيّين كما أنّنا جميعاً نرى عياناً أنّهم لا يخشون الموت ويعدّون من المتفلسفين الحقيقيّين لكثرة حرصهم واشتياقهم إلى العدل والإنصاف"انتهى.
فانظروا الآن كيف أنّ الصّدق وتضحية الرّوح والإحساس الرّوحانيّ والنّوايا الصّادقة والأعمال الخيريّة أوصلت المؤمنين بالمسيح إلى درجة أنّ الفيلسوف جالينوس الحكيم – مع أنّه لم يكن من ملّة المسيح – شهد بمكارم أخلاق هؤلاء المؤمنين وكمالاتهم حيث قال (إنّ هذه النّفوس فلاسفة حقيقيّون)، فهذه الفضائل والخصال لم تكن بمجرد الأعمال الخيريّة، ولو كان المقصود مجرّد حصول الخير وصدوره فهذا السّراج أيضاً مضيء الآن وينير هذا المكان ولا شكّ أنّ هذا الضّياء خير مع هذا لا نحمد هذا السّراج وها هي الشّمس تربّي جميع الكائنات الأرضيّة وبحرارتها تنشأ وتنمو، فأيّ خير أعظم من هذا، ولكن لمّا كان هذا الخير غير صادر عن نيّة الخير ومحبّة الله وعرفانه فلا ظهور ولا جلوة له أبداً، أمّا لو قدّم شخص من بني الإنسان لآخر قدحاً من الماء فإنّه يشكره ويثني عليه، غير أنّ الإنسان الّذي لا يفكر يقول إنّ هذه الشّمس التي تضيء العالم والتي ظهر منها هذا الفيض العظيم تستحقّ التّقديس والتّمجيد فلم لا نمدحها ولا نشكرها ثم نمجّد ونمدح الإنسان الذي قام بعمل خيريّ محدود؟ ولكنّنا إذا نظرنا بعين الحقيقة نجد أنّ صدور هذا العمل الخيريّ الجزئيّ من الإنسان منبعث عن الإحساس الوجدانيّ ولهذا استحقّ التّمجيد، ولكنّ نور الشّمس وحرارتها ليسا منبعثين عن إحساس ووجدان لهذا لا تستحقّ مدحاً وثناءً ولا شكراً وكذلك النّفوس الّتي تصدر عنها الأعمال الخيريّة وإن كانت ممدوحة غير أنّها ما لم تكن منبعثة عن عرفان الحقّ ومحبّته فإنّها لا شكّ ناقصة0
وفضلاً عن هذا إذا نظرت بعين الإنصاف ترى أنّ هذه الأعمال الخيريّة التي تصدر من النّفوس عامّة منبعث أصلها أيضاً من التّعاليم الإلهيّة يعني دلّ النّفوس على هذا أنبياء السّلف وبيّنوا لهم محسّناتها وشرحوا لهم تأثيراتها الحسنة فانتشرت هذه التّعاليم بين البشر ووصلت إلى هذه النّفوس بالتّسلسل والتّتابع ووجّهت القلوب إلى هذه الكمالات، ولمّا رأى النّاس أنّ هذه الأعمال مستحسنة وتسبّب السّعادة والهناء في العالم الإنسانيّ فمن أجل هذا اتّبعوها، إذاً فهي أيضاً من التّعاليم الإلهيّة ولكن يلزم لدركها قليل من الإنصاف لا المحاجّة والمجادلة.(عبد البهاء)




#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين الله -حوار مابين مؤمن وملحد
- أحد روّاد النّهضة العربيّة في مصر يُعرّف عبد البهاء والبهائي ...
- وحدانيةُ الله من المنظور البهائي
- نداء إلى أهل العالم من صغيره إلى كبيره
- الأدب والدين
- نحو مجتمعات متآزرة في عالم عناصره متفاعلة متحدة
- ماهو الدين ؟؟؟؟
- ما هو الدين؟؟؟؟؟
- فليسقط الخلاف ولنُبعد الاختلاف-فلا خلاف ولا اختلاف
- الوصيّة في البهائية وأهميتها-الجزء الثالث والأخير-(3)
- الوصيّة في البهائية وأهميتها-(2)
- الوصيّة في البهائية وأهميتها
- الزواج فى التشريع البهائى
- حقائق وبراهين للعاشقين
- الرؤية البهائية للمجتمعات المتماسكة
- دلائل الالوهية وبراهينها واثبات لزوم المربي للإنسان منذ الأز ...
- اصحاب الكهف
- من يخط طريق المستقبل-(2)
- من يخط طريق المستقبل؟-(1)
- الأمل في السلام العالمي الذي هو وعد حق


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - (هناك نفوس موفّقة للأعمال الخيرية ومُحبة الخير للعموم ومكارم الأخلاق والمحبّة والودّ لجميع الخلق والسّعي في الصّلح العموميّ وتربية الفقراء فما حاجتهم إلى التّعاليم الإلهيّة؟