أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبدالرازق خشبه - تجربة الصين الاقتصادية وكيف تستفيد منها ؟















المزيد.....

تجربة الصين الاقتصادية وكيف تستفيد منها ؟


عبدالرازق خشبه

الحوار المتمدن-العدد: 2722 - 2009 / 7 / 29 - 04:30
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


كانت تواجهني دائما مشكلة الاستيقاظ المبكر، حيث أنني قد تعودت أن أمارس بعض الرياضات قبل أن أتناول طعام الإفطار وأخرج إلى عملي، وظلت هذه المشكلة تؤرقني لبعض الوقت إلى أن فكرت في اقتناء منبه يسهل عليّ تلك المهمة الشاقة، فذهبت إلى أحد الأسواق الكبيرة أبحث عنه، لكنني لفت انتباهي شيء هام ألا وهو أن كل المنتجات المعروضة به سلع صينية، فوقفت مبهورا لبرهة من الزمن، وسألت نفسي ماذا فعلت الصين للوصول إلى ذلك النجاح، ولماذا لا تستفيد دول مجلس التعاون الخليجي من تجربتها التي أصبحت حاضرة يوميا في بيوتنا ومنازلنا ومكاتبنا وملابسنا وأدواتنا التي نستخدمها ابتداء من أبسط السلع الاستهلاكية وحتى ألعاب الأطفال، وانتهاء بأعقدها بأسعار لا تنافس السلع الأخرى وبكميات مذهلة تتزايد جودتها يوما بعد يوم لدرجة جعلت من الصين عملاق وقوة اقتصادية عظمى في القرن الحادي والعشرين قرن العولمة والإنترنت، خاصة بعدما بدأ الاقتصاد الصيني يحقق أعلى معدلات نمو في العالم بنسبة لا تقل عن 8 % سنويا منذ أكثر من ربع قرن، تلك الجمهورية التي تأسست رسميا في أول أكتوبر عام 1949 م.
لقد عانت الصين كغيرها من دول العالم الثالث من القهر والتخلف بسبب الاستعمار الغربي وظلت في حالة من الثبات الحضاري على مدى ثلاثة قرون إلى أن انتصرت ثورة الشعب الصيني عام 1949م بقيادة ماوتسي تونغ ، ومنذ ذلك الحين بدأت الصين أولى خطواتها على طريق النهوض ونفض غبار التخلف ، وفي زمن قياسي استطاعت أن تحقق إنجازات عظيمة في حركة التنمية والتحول الاقتصادي ، ومنذ عام 1990م حققت معدلات نمو فاقت كل التوقعات ، بلغت أعلى معدل لها عام 1993 م حينما قفز معدل النمو الاقتصادي فيها إلى 13 % بعدما كانت حتى منتصف القرن العشرين كياناً هزيلاً ضعيفاً يعاني من تفشي الجهل والفقر ونقص التقنية وضعف الهوية القومية والهزيمة النفسية وسيادة القوى الأجنبية ، حيث بلغت نسبة الأمية عام 1949 م حوالي 80 % من السكان ، وهو عامل قوي كان يكفي لتحطيم كيان أي دولة ، ولكنها في خلال ربع قرن انتقلت مرة أخرى في تاريخها الذي يعود لأكثر من 5000 سنة لتصبح قوة عظمى تنافس الولايات المتحدة الأمريكية على سيادة العالم ، وتعتبر اليوم أهم دولة في العالم اقتصاديا وسكانيا وسياسيا حتى أصبحت عملاقا تجاريا يحتل المركز الخامس على مستوى العالم ، ونجحت المنتجات الصينية التي تتميز بمستوى جودة معقول وسعر منخفض ، في غزو كثير من الأسواق العالمية التي تشتد بها المنافسة ، مثل السوق الأمريكي وسوق الإتحاد الأوروبي الذي أدت المنافسة مع المنتجات الصينية بهما إلى إغلاق مجموعة من المصانع الأمريكية والأوروبية في عدد من القطاعات ، أبرزها قطاع صناعة المنسوجات .

لقد استطاعت الصين أن توظف العامل البشري توظيفاً جيداً والذي يبلغ 1.5 مليار نسمة ، من خلال المشروعات الصغيرة والقروض طويلة الأجل ، وبالتالي تحولت المنازل إلى ورش عمل صغيرة في وقت يوجد وكيل للتسويق ، وبالتالي انخفض العجز وقلت نسبة البطالة وازدادت نسبة التنمية ، معطية العالم درسا مهما وهو أن عدد السكان ليس عائقا أمام التقدم والنمو وأن الثروة البشرية هي أغلى ما تمتلكه الشعوب ، التجربة الصينية فريدة من نوعها ، فالصين دولة كبيرة واستطاعت تشغيل أياديها العاملة وفق خطط ذكية ، وتؤكد الإحصائيات أنها تمكنت من تخليص ربع سكانها من دوامة الفقر والتخلف فعلى الرغم من امتلاكها 7 % فقط من الأراضي الزراعية إلا أنها استطاعت توفير الغذاء لسكانها . وأعلن في نوفمبر عام 2002 في مؤتمر الدوحة الاقتصادي عن انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية بعد جهود استمرت خمسة عشر عاماً لتعجيل وتفعيل سرعة نموها الاقتصاد ، والوصول بمنتجاتها لمستوى منافس للواردات الخارجية ، بعد قيامها بتحديث قاعدتها الصناعية المختلفة ، فانضمام الصين إلى المنظمة العالمية للتجارة يدل على التميز في المنهج الصيني في التنمية الاقتصادية وبالتغيير التدريجي المتوازن .

وبعد ... فهل يمكن الاستفادة من التجربة الصينية في التنمية الاقتصادية على مستوى دول الخليج العربي التي مازالت تعاني من تعثر عملية التنمية الحقيقية بها والتي من أبرز متطلباتها أن يرتكز اقتصادها على قاعدة اقتصادية متنوعة تحقق الثبات والاستقرار للاقتصاد ، وتمكنه من التخطيط السليم لمستقبلة ، خاصة في ظل وجود العديد من العقبات التي تحول دون تحقيق التنمية التي من أبرزها قيام اقتصاد دول الخليج على أحادية الدخل والإنتاج ، بمعنى أنها تعتمد على سلعة واحدة في تكوين الناتج المحلي وتغذية النشاط الإنتاجي ، إلا وهي النفط فعلى سبيل المثال تمثل العائدات النفطية لدول المجلس حوالي 151 مليار دولار ، وهي النسبة العالية من الناتج المحلي الإجمالي الذي تجاوز 280 مليار دولار خلال العام 2000م ، وحيث أن أسعار النفط العالمية تشهد تذبذباً نتيجة للتفاعل المستمر بين عوامل العرض والطلب ، فإن اقتصاديات هذه الدول تعتمد على عوامل خارج نطاق سيطرتها إلى حد بعيد في الوقت الذي تتسم القاعدة الإنتاجية في الصين بالتنوع الكبير ، حيث تلعب جميع القطاعات الاقتصادية دوراً مهماًَ في الدخل القومي وبصفة خاصة قطاع الصناعة التحويلية والتكنولوجية ، كما أن استمرار اعتماد اقتصاديات دول المجلس على العمالة الأجنبية في عملية النمو الاقتصادي والتنمية في الوقت الذي يرتفع فيه معدلات البطالة بين مواطني دول المجلس باستمرار نتيجة للارتفاع في معدلات النمو السكاني وزيادة الداخلين الجدد إلى سوق العمل ، وبالتالي انخفاض العمالة الوطنية ومن ثم الاعتماد على العمالة الوافدة والتي تمثل هاجساً أمنياً وسياسياً واقتصادياً مستمراً لدول المنطقة ، وتقف عائقا قويا أمام تحقيق تنمية ثابتة وراسخة ، في الوقت الذي تتميز فيه الصين بوجود فائض ضخم من العمالة الوطنية في ضوء حجم السكان الضخم والبالغ 1.5مليار نسمة وهو الأمر الذي يمثل ميزة للصين تساعدها على تخفيض تكلفة منتجاتها وبالتالي رفع القدرة التنافسية في الأسواق العالمية ومن ثم زيادة الصادرات الصينية ، وفي الوقت الذي لا تزال هيمنة القطاع الحكومي على مجمل النشاط الاقتصادي لدول المجلس وتراجع دور القطاع الخاص ، بالرغم من الخطوات الجادة التي اتخذتها هذه الدول بشأن تشجيع القطاع الخاص ، نجد أن هناك توجهاً متزايداً في الصين لإحلال القطاع الخاص محل الدولة في إدارة الأنشطة الاقتصادية المعولمه لأجل التخفيف من الأعباء الملقاة على كاهل الدولة وجعل القطاع الخاص شريكاً أساسياً في عملية التنمية فمنذ عام 1980م حقق القطاع الخاص الصناعي نمواً كبيرا في اقتصاد الصين بلغ 11.5% سنوياً .


ومن أهم عوامل نجاح تجربة التنمية في الصين ارتفاع نسبة الاستثمار الأجنبي إضافة إلى ارتفاع معدل الاستثمار المحلي الصيني الذي بلغ 39 % من الناتج المحلي الصيني الإجمالي عام 1998م ، إلا أننا نجد أن دول الخليج مازالت تضع العراقيل أمام رؤوس الأموال الأجنبية بالرغم من أهمية هذه الاستثمارات في رفع القدر الإنتاجية للدولة وترشيح قواعد اقتصادها إذا لم ما تم التعامل معها وفق شروط وقواعد محددة مثلما يحدث في الصين ، لقد انفتحت الصين على العالم من خلال أجندة وطنية ، فالاستثمارات الأجنبية تأتيها من كل حدب وصوب فتستحوذ على نصيب الأسد من بين الدول النامية ، تدفقات سنوية من الاستثمار الأجنبي المباشر ، وفي الوقت نفسه تمتلك قاعدة إنتاجية قوية مكنتها من الاستفادة من هذه الاستثمارات ، فالمنتجات الصينية تصل إلى كل أصقاع الأرض ، فهي تهدد بعض الدول النامية ، منذ أن عملت على استخدام الاستثمار الأجنبي كمبدأ استراتيجي حيث وصل الاستثمار الأجنبي المباشر إلى أكثر من ألف مليار دولار ، وكذلك تستخدم الصين القروض الأجنبية في مشروعات بناء كبيرة ومتوسطة وقد وافقت الصين عام 1999 على 315 ألف مشروع استثماري أجنبي بقيمة تعاقدية قدرها 600 مليار دولار وبذلك أصبحت الصين ثاني اكبر مستقبل للاستثمارات في العالم بعد أمريكا علما أن نصيب العرب من الاستثمار العالمي هو 1% فقط ، وتعتبر هذه التجربة تجربة فريدة بين الدول النامية ونحن يمكن أن نستفيد من هذه التجربة ونأخذ الدروس والعبر .



#عبدالرازق_خشبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تنجح دبى فى تخطى الازمه الاقتصاديه العالميه؟


المزيد.....




- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...
- الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق ...
- ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران
- صحيفة: إسرائيل جمعت أكثر من 3 مليارات دولار منذ بداية الحرب ...
- ماذا تتضمن المساعدات الأميركية الجديدة لإسرائيل وأوكرانيا؟
- تراجع ردّ فعل الأسواق على التوترات بين إيران وإسرائيل
- -إعمار- تعلن عن إصلاح جميع مساكنها المتضررة من الأمطار


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبدالرازق خشبه - تجربة الصين الاقتصادية وكيف تستفيد منها ؟