أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - كريم الثوري - حوار مع خوذة جندي قتيل














المزيد.....

حوار مع خوذة جندي قتيل


كريم الثوري

الحوار المتمدن-العدد: 2721 - 2009 / 7 / 28 - 07:15
المحور: كتابات ساخرة
    


اعطني خوذة جندي قتيل.. وخذ ألف نشييج
رداً على سعاد الصباح
اعطني خوذوة جندي.. وخذ الف اديب

لسبب ما كان ينسى خوذته وحين ياتيه الأمر موبخاً أن يرتديها ، يرتبك بشدة فهو لا يدري تحديدا أين ركلها اخر مرة فيظل يجول ويفتش عنها بين ركام المرميات في الملجأ الذي جمعه باربعة من الجنود تحت الأسرة الخشبية المعوجة كي يتسعهم المكان ،أو في الصناديق الهجينة التي تعبث بها الفئران والصراصر ومعلبات( الاكسباير) منتهية الصلاحية، لكنه وبعد أن ينالهُ الجزع ، يستعير خوذة الجندي المُجاز فيجلسها على رأسه بعد ان يُعدل حزامها على عنقه وكأنه يُعاين نهايته محزوز الرقبة..
كثيراً ما كان يُمعن في خوذة آمر الوحدة المصنوعة من الفولاذ خلافا لبقية مراتب الوحدة ،فقد كانت تزهو بأناقتها ولمعانها وذلك السور المصنوع من نسيج خاص يمنع انكشافها بعيون العدو ويتمنى بينه وبين نفسه لو يسرقها يوما ويضعها فوق هامته ليقارن ليس الا بين خوذة جندي عادي وخوذة عقيد ركن يتكلم بطرف أنفه. هذا التنافر بينه وبين الخوذة أمره غريب فلا هو يطيقها ولا هي تجلس على رأسه فتكوره ولا تترجرج فتنزاح حين الإستفار يمينا او شمالا وهو محمَل باثقال التجهيزات العسكرية ، فتأخذ منه قدراً حين يعاود تعديل نصابها في تربيعة رأسه وكثيراً ما كان يستهزيء بها لأنها لا تمنع عنه المنية إذا ما باغتتهُ اطلاقة قناص يضعه في مربع التقويس ، فهي ليست اكثر من كليشة لجاهزية قتال غير متوازن في حروب الكر والفر..
كان قد أسّر بهذه النكتة قبل أن يباغته الأجل ففي يوم كان في حراسة ليلية في الحجابات وهو يراقب بمنظاره الليلي تحركات الجهة الأخرى التي تبعد مسافة 200 متر وهو يُردد قصيدة انشودة المطر للسياب الذي ما فارقه يوما ، قال لصاحبه : سأتنفس قليلاً ، اعطني سيكارة، لكنه كان حذراً الا يُظِهر قوامه فإشارة النار موتٌ مُحقق ، لكن حفيف الهواء وشعاع القمر بالتماعات النجوم وكأنها تستدعية لمناطحة غرامية ، اخرجته من طوره ، وما أن أخرج رأسه قليلاً حتى سقط مسجى بدمه.
لم اتمالك نفسي فازحت ديوان السياب لأعاين مكان جرحه ، وكان في جبهته ،صرخت بقوة: كان عليك أن ترتدي الخوذة، وكان آخر ما تفوه به انها كانت السبب ثم اغمض عينيه الى الابد.
حاولت الاتصال بالموقع الخلفي ولم افلح ، قلت ربما البطارية ليست على ما يرام وعلي الانتظار حتى الصباح لاسلك الطريق الذي يغطي تمام القامة فليس بمقدوري أن اترك المهمة والا سأعاقب.
كان الى جانبي والخوذة في الطرف الآخر قد تحررت منه الى الابد، رأيتها شامته فرحت أحدثها:
أراك شامتهة وكأن المصاب لا يعنيك؟
- وماذا عساي ان افعل؟
- اي شيء، ابكي نوحي ولولي، لكن لا تلتزمي الصمت فالمصاب مصابك
- لقد تعودت ياهذا حتى بحّ صوتي
- ماذا تقصدين؟
هل تعتقدني لم احزن لموته؟
- نعم هو كذلك فلم تحركي ساكنا هكذا تخيلتك
- انت تطلب من حفار القبور أن يسكب الدمع كلما القى ميتاً في القبر
- ليس هذا ما اعني ولكنه الدم مازال ساخنا
- وهل تعلم كم من الرؤوس غادرتني بنفس الطريقة ؟
- كيف؟
- في اليوم التالي ستعلم جوابي؟
- نـحن في الآن ، افصحي لنشغل الليل بأي حديث ،لم استسغ قراءة السياب حتى‘ ثمة فجيعة أكبر...
- غداً سأركن في المستودع يوما او يومين ، وسأكون واقية لرأس سيلقى حتفه ، هذا قدري وشغلي يوم اشتغلت المكنات لتوظيفي
- ألم تحاولي الإعتراض أو الفرار مثلا؟
- إفعلها انت اولاً لاحتذي بك ؟
- لا استطيع فحبل الإعدامات يتربص بالهاربين
- اذن انتظر مصيرك مادمت محاصراً مثلي
- لا استطيع فما بيني والموت قاب قوسين
- هل هناك وسيلة أخرى نتسلى بها حتى الصباح ؟
عندها اخرجت ديوان السياب من بين الركام ورحت أنشد لها قصيدة حفار القبور.
كريم الثوري





#كريم_الثوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقليات في العالم
- سليل الدمعة الساكبة
- غِبارٌ العراق والوجوه الغابرة
- تفهامية المقهى المحاصر عابر في التيه
- حوار مع حيوان زاحف
- حين يوظف المال لا حين توظف المبادىء
- حوار مع حذاء قديم
- العراق سينهض من جديد في حاضرة التاريخ
- البيت بيت ابونا والغربة يحكمونا
- القبح ومدلولات الجمال في القبيح8
- من اين
- متى ياتي البحر الى العراق
- وصية مهرب الحدود
- القبح ومدلولات الجمال في القبيح6
- القبح ومدلولات الجمال في القبيح5
- القبح ومدلولات الجمال في القبيح4
- القبح ومدلولات الجمال في القبيح3
- حوار مع اشباح تترصدني
- القبح ومدلولات الجمال في القبيح القسم الثاني
- حوار مع حمار


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - كريم الثوري - حوار مع خوذة جندي قتيل