أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فتحى سيد فرج - زمن ال -مابعد - 2 - 2















المزيد.....

زمن ال -مابعد - 2 - 2


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 2721 - 2009 / 7 / 28 - 08:05
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


القرن العشرين حمل لهذه الرؤية أخبارا غير سارة ففي عام 1905 ظهرت "نظرية النسبية الخاصة" للعالم الألماني البرت أينشتين (1879-1955م) لتثبت ارتباط ما يشاهده الإنسان في لحظة معينة وفي مكان محدد بحركة المشاهد نفسه، هادمة بذلك مبدأ الزمان والمكان المطلقين لنيوتن وكذلك مبدأ " الموضعية المطلقة" الذي تبناه الحداثيون، وأثبتت نظرية أينشتين " تعدد الرؤى الصحيحة لنفس الموضوع" .
وفي عشرينيات نفس القرن ظهرت نظرية " ميكانيكا الكم Quantum" التي وصفت وفسرت سلوك مكونات الذرة وفي موقع الصدارة منها قانون " مبدأ اللاتيقن" الذي اكتشفه العالم الألماني هيزنبرج (1901-1976) والذي أكد أن مجرد ملاحظة الإنسان للواقع تؤثر على حالته، ومن ثم على ما يشاهدهأويقيسه، وبذلك يكون كل من مبدأ "اللاتيقن" و"ذاتية المشاهدة" قد ألقيا شكوكا على مدى صحة " الموضوعية المطلقة" واكتملت الصورة بظهور نظم منطقية جديدة مثل "المنطق متعدد القيم" و "المنطق الغائم" لتجاوز مقولة الصواب المطلق أو الخطأ المطلق التي تضمنها قانون "الثالث المرفوع" في المنطق التقليدي لأرسطو، وهكذا تهيأت الساحة لظهور " ما بعد الحداثة " والتي تتلخص في رفض مفهوم الرؤية الكلية العامة والوحيدة للواقع، وقد أدى رفض ما بعد الحداثيين لمفهوم " المعرفة الموضوعية" إلى عديد من النتائج منها :
• إحلال مفهوم "الرؤى المتعددة للعالم" محل "الرؤية الكلية والوحيدة للعالم" فلا توجد رؤية كلية وحيدة بمقدورها الإحاطة بكافة أبعاد الواقع وجوانبة المختلفة والمتشابكة، كما لا توجد حقيقة كلية بمقدورها فهم تاريخ الإنسان وتفسيره ولكن هناك الكثير من الحقائق الجزئية .
• إحلال "التفسير" محل "المعرفة" فقراءة الواقع تحتمل أكثر من تفسير .
• لم يصبح الواقع أو العالم "موضوعيا" يمكن مراقبته بدون التأثير عليه، فمعرفتنا بالواقع ترتبط بخصوصة "الذات العارفة" بقدر ارتباطها بـ "الموضوع المعروف" والعلم الذي نعيش فيه يتأثر بأفعالنا ويؤثر فينا، لذا لا يمكن الفصل التام بين "الموضوع المشاهد" و "الذات المشاهدة" .
• انتهاء عصر البعد العقلاني للحقيقة فقط، فلقد أصبح للحقيقة أبعادا أخرى كالحدس والعواطف، وتؤدى غيبة الحقيقة الواحد إلى غيبة القيم الأخلاقية المطلقة .
• انتهاء عصر يقينية المعرفة، فلا النصوص سواء كانت دينية أو فلسفية أو أدبية ليس لها معان مستقلة عمن يقرؤها، فكل قارئ لها يفهمها بطريقته ويستنبط منها معاني مختلفة .
• الأفكار مرتبطة ارتباطا وثيقا بالبيئة الثقافية التي أنتجتها .
• ضرورة التشكك في كافة الأفكار المطروحة في المجتمع العقلاني (القائم على العقل) حيث إنها وسيلة هذا امجتمع للسيطرة على أفراده .
ثانيا : أصل وفصل مجتمع حضارة الما بعد
مهمة التعرف على خصائص مجتمع حضارة الم بعد من الأمور الصعبة نظرا لكونها حضارة مازالت في طور التشكل وتشهد ديناميكية في التغير السريع، وقد اطلق على هذا المجتمع مسميات عديدة منها "مجتمع ما بع الصناعة" أو "مجتمع المعلومات" أو "مجتمع المعرفة" . وكما تتعدد مسمياته تتعدد النظريات أو المقاربات التي تعنى بالبحث عن أصله وفصله، ولقد طور فرانك وبستر Frank Webster عالم الاجتماع الإنجليزي، تصنيفا سداسيا لتلك المقاربات يمكن استخدامها في تحليل مكونات وخصائص مجتمع حضارة الما بعد وهي :
1. المقاربة التكنولوجية : شهد النصف الثاني من القرن العشرين بداية الثورة التكنولوجية وسارت في عدة مراحل، كان أولها سنة 1943 بظهور أول كمبيوتر رقمي متعدد الأغراض، وبدأت المرحلة الثانية 1977 بظهور الكمبيوتر الشخصي الذي شكل الأساس لـ " ديمقراطية الحوسبة" فلم يعد امتلاك التعامل مع الكمبيوتر في يد قلة بل أصبح حقا مشاعا يتمتع به كل أفراد المجتمع الإنساني، ومما دعم ذلك منظومة تشغيل الكمبيوتر بـ "ويندوز" منذ عام 1985 كطريقة سهلة للتعامل مع الكمبيوتر، أما المرحلة الثانية التي مازلنا نشهد آثارها فبدأت في تسعينيات القرن الماضي بدمج تكنولوجيا الكمبيوتر مع تكنولوجيا الاتصالات في كيان واحد .
2. المقاربة الاقتصادية : تنامى في الفترة الأخيرة الدور الذي تلعبه قطاع الخدمات على حساب قطاعي الأنشطة الاقتصادية التقليدية الزراعة والصناعة، وقد فرق عالم الاقتصاد النمساوي فرتز ماشلوب Fritz Machlup (1903- 1983) بين مجتمع ما قبل و مجتمع ما بعد على أساس مقدار ما تسهم به "صناعات المعلومات" في مجمل الدخل القومي لهذا المجتمع .
3. المقاربة الوظيفية : تقوم هذه المقاربة على دراسة تطور ونمط نسبة العاملين في كل من قطاعات الاقتصاد الثلاثة : الزراعة، الصناعة، الخدمات (أو المعلومات) أو البنية الوظيفية السائدة في المجتمع، فإذا تجاوزت نسبة العاملين في قطاع المغلومات نسبة من يعملون في كل من قطاع الزراعة والصناعة يعتبر هذا المجتمع وصل لمجتمع ما بعد الصناعة، ومثل هذا المجتمع تمثل المعلومات المورد الرئيسي لاقتصاده الجديد والذي يعرف بـ "الاقتصاد عديم الوزن" حيث يكون إنتاج الثروة فيه راجعا، للأفكار، والمعرفة، والمهارات، والموهبة، والإبداع .

4. المقاربة المكانية (أو الشبكية) : تقوم هذه المقاربة على الآثار بعيدة المدى التي تحدثها شبكات الاتصالات، التي تربط الأماكن المتباعدة، فنحن نعيش اليوم في "عالم مشبك" تترابط أنحاؤه عبر شبكة من "طرق المعلومات السريعة" التي دمجت الكمبيوت مع الاتصالات في منظومة واحدة هي شبكة "الإنترنت" ويتميز التنظيم الشبكي بالأتي :
• عدم وجود مركز له .
• قدرته على التمدد الذاتي .
• لم ولضم المعلوماتن حيث توفر لمستخدميها قدرات هائلة علة تجميع وتشبيك المعلومات ووضعها في نصوص فوقية .
• المرونة فهي خاصية تعني إمانية استخدام هذه المنظومة في تطبيقات متنوعة، علمية، عسكرية، إدارية، وشخصية .
ومن أهم المفاهيم التي ابتدعها مؤسس هذه المقاربة مانويل كاستر، مفهوم "فضاء التدفقات" ويعني الإمكانية التكنولوجية والتنظيمية لممارسة "التزامن" بغض النظرالتواجد في مكان واحد أو أمكنة متعددة، فعلى سبيل المثال يمكن لفريق تصميم الاستعانة بمهندسين من اليابان، وعلماء من كندا، واقتصاديين من فرنسا للعمل معا و"آنيا" لتنفيذ منتج جديد .
أما المفهوم الثاني فهو "الزمن الأزلي أو الافتراضي" فقد مكنت شبكات الاتصال إلى تلاشي الحدود بين الماضي والحاضر واندماجها في كيان واحد يمكن تسميته بانضغاط الزمن إذ إن الأعمال التي كان يقوم بها الإنسان في يوم يمكن إنجازها في ساعة بالاستعانة بشبكة المعلومات والاتصالات، كما يمكن متابعة حدوث الأشياء في نفس لحظة وقوعها بغض النظر عن تباعد أماكن حدوثها .

5. المقاربة الثقافية ( العلاماتية أو السيميو طيقية) : تركز هذه المقاربة على ظاهرة "طوفان المعلومات" الذي بات يشهد الإنسان في السنوات الحالية، ففي دراسة لمدرسة إدارة المعلومات بجامعة كاليفورنيا أتضح أن كم المعلومات المتداولة في العالم يمكن تقديره كالأتي :
• عدد محطات الإذاعة يصل إلى 47.776 تبث سنويا 320 مليون ساعة ارسال مسموع، وعدد قنوات التليفزيون 21.264 تبث 123 مليون ساعة مرئية، وبهذا فحجم المعلومات التي تبثها الأذاعات ومحطات التليفزيون مجتمعة يقدر بـ 19500تيرابايت (19500أمامها 12 صفر) فإذا أخذنا أن عدد سكان العالم في نفس السنة 2002 يقر بـ 6.6 بليون نسمة يكون متوسط ما يتلقاه الفرد من معلومات سنويا حوالي 3 ميجا بايت (3 أمامها 6 أصفار) .
• إذا أضفنا مشاهدت أفلام السينما والفديو يصل ما يتلقاه الفرد إلى 3.3 ميجابايت، وإذا أضفنا المعلومات التي نحصل عليها من الكتب والمجلات والجرائد ... ووسائط التخزين المغناطيسية من الكاست والـ CD يصل ما يتلقاه الفرد إلى 5 ملايين تيرا بايت (5أمامها 15 صفرا) .
• والآن يصبح من الطبيعي أن نتساءل عن أثر هذا الطوفان المعلوماتي على إنسان الألفية الثالثة، يجيب جان بودريارد Jean Baudrillard أحد فلاسفة مابعد الحداثة " يوجد كم هائل من المعلومات ونقص شديد في المعاني" فهذا الطوفان المعلوماتي يأتينا عبر "علامات" على هيئة كلمات وأصوت وصور وأشكال ورموز، والتي من المفترض أن كلا منها يمثل شيء محدد في الواقع، إلا أن الحال ليس كذلك فالعلامة الواحدة تحمل في طياتها إشارات لأشياء متناقضة، وهكذا يصبح تفسير مغزى العلامة مسئولية متلقيها ويتوقف ذلك على خبرته وتوجهاته الشخصية، وتكون النتيجة تعدد التفسيرات لنفس العلامة، وبدلا من أن تعكس منظومة العلامات واقعا واحدا أصبحت مصدرا لأكثر من واقع، والأكثر من ذلك لم تعد العلاقة بين العلامة والشيء الذي تمثله علاقة أحادية الاتجاه بل أصبحت علاقة ثنائية الاتجاه، فهي من ناحية تمثله ومن ناحية أخري تؤثر فيه وقد تغير من خصائصه .
6. المقاربة المعرفية : تتميز هذه المقاربة عن غيرها باهتمامها بالتغيرات غير المسبوقة التي طرأت على حياتنا نتيجة تزايد "المعرفة النظرية" و التي يمكن تعريفها بأنها المعرفة "المجردة" التي لا ترتبط بموقف محدد، فقوانين نيوتن للحركة لم يتم صياغتها نتيجة حركة نوع معين من الأجسام دون غيرها، كما يمكن "تعميمها" بمعنى إمكانية تطبيقها في دراسة أكثر من ظاهرة، فقوانين نيوتن يمكن استخدامها لدراسة حركة الأجرام الكونية، وحركة المقذوفات، والسيارات، وحركة السوائل والغازات، كما يمكن تدوين ومن ثم تخزين هذه المعرفة النظرية .
و قد لعبت المعرفة النظرية دورا في المراحل السابقة لتطور المجتمع البشري، فقد أسهمت في تشكيل مجتمع حضارة الصناعة من خلال عديد من الابتكارات مثل الآلة والقاطرة البخاريتين، ورغم أن جيمس وات مخترع الآلة البخارية، وجورج ستيفنسون مخترع القاطرة البخارية لم يكونا من علماء الفيزياء، ولم ترشدهم قوانينها نحو إتمام اختراعاتهما بل كانا من فئة " الهواة الموهوبين" إلا أن الاختراعات الجديدة أصبحت تعتمد على المعرفة النظرية بشكل أكثر تركيزا، فالكمبيوتر كان تجسيدا لـ "آلة تورينج" وهي النموذج الرياضي للحسابات الرمزية المستمدة من قوانين الفيزياء والرياضيات التي قامت عليها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما أن مشروع "الجينوم البشري" الذي اكتمل سنة 2003 لم يكن ممكنا بدون معرفة أسرار تركيب جزيء الـ DNA .
ولا يقتصر الدور الذي تلعبة المعرفة النظرية على الابتكارات والاختراعات الكبرى بل تمتد لكافة شئون الحياة بدءا من نظم الصرف الصحي وتحلية المياه، وانتهاء بصيانة الطرق وتشييد المباني، ويبقى أن الاستخدام الفعال لما يحوزه المجتمع من معرفة يتوقف على البنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية السائدة في هذا المجتمع .
ويمكن تلخيص ملامح مجتمع حضارة الما بعد من خلال مقارنة قيمه الاجتماعية مع قيم المجتمع الصناعي كم يوضحة الجدول الأتي

المعرفة ... ثروة الأمم المتجددة
المعرفة قوة : ظل الدور الذي تلعبه المعرفة متواريا عن الأنظار إلى أن جاء عصر تكنولوجيا المعلومات لتبرز المعرفة، وبهذا تعدلت موازين القوة، فبعد أن كان "العنف" هو مصدر القوة في حضار الزراعة، و "ثروة المال" كمصدر قوة في حضار الصناعة، أصبحت المعرفة هي السلاح الرئيسي في صراع القوى .
مكونات المعرفة : يقول أهل المنطق والفلاسفة عن المعرفة إنها "ثمرة التقاء ذات مدركة بموضوع مدرك" وهم بذلك يوضحون اختلاف مفهوم "المعرفة Knowledge " عن مفهوم "البيانات Data" ومفهوم "المعلومات Information" فالبيانات ليست إلا تلك العلامات التي نستخدمها في التعبير عن خصائص وصفات ما نقابله في الواقع من كيانات أو أحداث، وقد تكون أرقام، أو لغة أبجدية، أو أشكال، أو رموز، مثل بيانات جواز السفر، أما المعلومات فهي بيانات تمت معالجتها لتأخذ شكلا جديدا يفيد متلقيها في أداء عمل أو أتخاذ قرار .
وهناك ما يسقط من حساب مفهومي البيانات والمعلومات ويشكل سمة أصيلة من سمات المعرفة، فراي الإنسان وتفسيره لما يدور حوله يعتبر من العناصر الأصيلة للمعرفة، وبالتالي يمكن الوصول لتعريف المعرفة بإنها " مجمل رؤى الإنسان للواقع" وتتكون من
• الاستنتاجات العقلية الناتجة من العقل والتجريب، أو المعرفة بماذا .
• الخبرات المكتسبة الناشئة من الممارسات العملية أو المعرفة بكيف .
• الأحكام الشخصية النابعة من التجارب الذاتية .
والمكون الأول للمعرفة وهو "المعرفة بماذا" وهي مجموع الحقائق التي توصل إليها العقل البشري باستخدام المناهج العلمية، ويمكن التحقق من صحتها بالاختبارات والتجارب المعملية أو المسوح الميدانية، ويعرف هذا النوع بـ "المعرفة التقريرية" أما "المعرفة بكيف" فهي التي يكتسبها الإنسان نتيجة الممارسة وتتبدى في المهارات، وتعرف بـ "المعرفة الإجرائية" ويشكل هذان النوعان من المعرفةالمجال الذي تعمل تكنولوجيا المعلومات على هندسته، وهناك نوع ثالث يطلق عليه " المعرفة الشعورية" أو "الحكمة" التي تضم كافة المعتقدات والمشاعر والأحاسيس الإنسانية .
ويتضمن التعريف السابق ما يمكن صياغته على هيئة عبارات لغوية أو معادلات رمزية، وقد حدد ميكائل بولاني Miohael Polanyi في قوله "نحن نعرف أكثر مما يمكن قوله" ما يمكن به تصنيف المعرفة إلى "معرفة ظاهرة Explicit Knowlodge " و" معرفة مكنونة أو مستترة Tacit Knowlodge " والمعرفة الظاهرة يمكن تدوينها ومن ثم يسهل تداولها، ونراها في الوثائق، وبراءات الاختراع، والأوراق العلمية، أما المعرفة المكنونة فيصعب التعبير عنها وتدوينها مثل الخبرات الذاتية، كبراعة عازف بيانو، أو حنكة طبيب عيون، أو مهارة راقصة باليه .
وقد توصل عالم الإدارة الياباني نوناكا سنة 1994 إلى نموذج لإنتاج المعرفة يبدأ بالفرد لينتهي بالأمة مرورا بالمنظمات والمجموعات، وذلك عبر سلسلة من التحولات من المعرفة المكنونة إلى المعرفة الظاهرة وبالعكس عن طريق نقل الخبرات والمهارات بالمعاشرة لتتحول المعرفة المكنونةإلى معرفة ظاهرة، ومن خلال عمليات "الإظهار" ووضع "نظم للمعارف المتجددة" يمكن تشكيل منظومة أو دورة معرفية وقد كان هذا هو سر المعجزة اليابانية في النهوض الحضاري بعد دمار الحرب العالمية الثانية، وقد اعتبر هذا النموذج ثورة في الفكر الإداري بشكل عام .

الاقتصاد المعرفي : ولد هذا المصطلح على أيدي بيتر دروكر Peter Dracker عالم الإدارة النمساوي عندما جعله عنونا للفصل الثاني عش من كتابه "عصر الانقطاع" وهو يعني الاقتصاد الذي يقوم على استخدام المعرفة بشتى أشكالها لتحقيق مزايا تنافسية، ويتمتع الاقتصاد المعرفي بالعديد من الخصائص التي تميزه عن الاقتصاديات التقليدية، فأولا : تشكل المعرفة المورد الرئيسي لهذا الاقتصاد، وتعتبر المكون ارئيسي لما ينتجه من سلع وخدمات، فـ 70% من تكلفة إنتاج سيارة أصبح الآن يعزى إلى عناصر معرفية من قبل برمجيات التصميم والتشغيل لإنتاج السيارة، كما أن تزويد السيارات الفاخرة بأجهزة تحكم عن طريق الكمبيوتر، ثانيا : يتوقف الاستخدام الفعال للمعرفة على المنظومة الثقافية السائدة في المجتمع، ثالثا : يلعب "رأس المال البشري" المتمثل فيما يحوزه أفراد المجتمع من معرفة دورا محوريا في خلق القيمة وإنتاج الثروة .
منحنى الابتسامة والقيمة المضافة : لعل هذا المفهوم الجديد يؤكد قيمة الاقتصاد المعرفي كوسيلة رئيسية لإنتاج القيمة، ويوضح هذا المنحى مدى إسهام العمليات ذات المحتوى المعرفي في إضافة قيمة للمنتج، حيث أصبحت عمليات البحوث والتطوير، وعمليات البيع وخدمات ما بعد البيع هي أكثر الإسهامات في قيمة المنتج، ولقد قدرت "منظمة التعاون الاقتصادي للتنمية" أن القيمة المضافة للصناعات المرتكزة على المعرفة تزداد بمعدل سنوي قدره 7%.

تسطيح الكرة الأرضية : يعتقد الكثيرون منا أن "كروية كوكب الأرض" قد أصبحت أمرا مسلما به خاصة بع أن زودتنا الأقمار الصناعية بصورة كوكب الأرض سابحة في الفضاء الكوني، ولكن هناك من يشكك في ذلك مثل "جمعية الأرض المسطحة "الأمريكية أو الشيخ ابن باز المفتي السابق للسعودية، ولعل ذلك يثير قدرا من السخرية لمناقضته قوانين العلم الحديث، ولكن هذه النظرة الساخرة لم تمنع توماس فريدمان Thomas Friedman الكاتب الأمريكي الشهير من إصدار كتاب عام 2005 " العالم مسطح : التاريخ المختصر للقرن الواحد والعشرين" والذي حلل فيه ظاهرة العولمة وتطورها على الوجه الآتي :
أولا : العولمة في صورتها الأولي (1492 – 1800 )

• شهد العالم خلال هذه الفترة تقلص المساحة الظاهرية من كبيرة إلى متوسطة نتيجة التقدم في وسائل المواصلات .
• كانت الأمم هي عامل التغير الأساسي في العلاقات الدولية .
• كان المحرك للصراعات هو الدوافع الدينية أو الاستعمارية أو كلتاهما .
• تسيدت أوروبا الساحة الدولية .
ثانيا : العولمة في صورتها الثانية 1800 – 2000)
• تقلص مساحة العالم الظاهرية من متوسطة إلى صغيرة نتيجة ظهور وسائل المواصلات الحديثة (خطوط السكك الحديدية والطائرات .
• عامل التغير الأساسي في العلاقات الدولية أصبح الشركات متعددة الجنسية .
• صراع القوى يحركه البحث عن أسواق جديدة وعمالة ماهرة .
• تسيدت الولايات المتحدة الساحة الدولية .
• بدء ظهور واستخدام تكنولوجيا المعلومات .
ثالثا : العولمة في صورتها الثالثة (2000 - ...)
• تقلص مساحة العالم الظاهرية من ضغير إلى متناهية الصغر نتيجة لتشبيك العالم عب شبكات الكمبيوتر .
• تزايد قدرة الأفراد على التعاون والتنافس على مستوى العالم ككل .
• صراع القوى الذي يحركه البحث عن أسواق جديدة وعمالة ماهرة .
• شيوع استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على نطاق واسع .
وقد أدي كل ذلك إلى ظاهرة تقلص المكان وانضغاط الزمن، فعلى سبيل المثال أدت زيادة سرعة وسائل المواصلات من حوالي 18 كم / ساعة ( متوسط سرعة العربات التي تجرها الخيول أو القوارب الشراعية سنة 1500) إلى تقلص الحجم الظاهري للعالم حوالي سبعين مرة كما يظهر في الشكل التالي :



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن ال - ما بعد - 1 من 2
- زمن ال - ما بعد -
- دفاعا عن المنظمة التي تدافع عن حقوق الإنسان
- على طريق الهند
- بدر الدين أبو غازي ... الناقد والرسالة
- نظرية اللعب في دراما الأطفال
- الحكومات العسكرية في العالم العربي
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية (كامل)
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية 3 من 3
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية 2 من 3
- ثقافة النخبة المصرية ودورها في التنمية 1 من 3
- دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة مشكلات التعليم3-3
- دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة مشكلات التعليم 2-3
- دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة مشكلات التعليم 1-3
- الحكومة أم المجتمع المدني .. من أقدر على مكافحة الفساد
- رؤى مستقبلية
- البلطة والسنبلة ، مصر والعرب
- البلطة والسنبلة إطلالة على تحولات المصريين
- الثقافة والتنمية
- شواهد العجز عن الإصلاح في العالم العربي


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فتحى سيد فرج - زمن ال -مابعد - 2 - 2