أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - العراق الجديد : يعود البعث..لا يعود البعث














المزيد.....

العراق الجديد : يعود البعث..لا يعود البعث


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2719 - 2009 / 7 / 26 - 09:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يشهد العراق طوال تاريخه الحديث حراكا سياسيا واجتماعيا بهذه الوتيرة السريعة، التي يشهدها اليوم ومنذ عام 2003 . فما حصل ويحصل من تحولات وتبادل في المواقع، ومن تغييرات بنيوية عميقة، وهجرات سكانية داخلية وخارجية، وصعود وهبوط بين فئاته الاجتماعية التقليدية والجديدة والمستحدثة والوافدة، يكاد يخفي تماما ما يجري من ترتيبات سياسية كبرى ,وأهداف إستراتيجية بعيدة، وراء الكواليس .

وآخر تلك الترتيبات هو الاجتماع الذي عقد في اسطنبول، وضم مسئولين أمريكيين وأتراك وقيادات من الجماعات المسلحة العراقية ، وسط استغراب واعتراض الجانب الرسمي العراقي الذي وصف ذلك الاجتماع، بالصدمة للعراق ، على حد تعبير وزير الخارجية العراقي السيد هوشيار زيباري . وما يرفع من درجة الاعتراض أيضا، هو ما جاء في خطاب السيد رئيس الوزراء العراقي خلال زيارته الحالية للولايات المتحدة، بخصوص قضية المصالحة الوطنية وشروطها من وجهة نظره . كما أن بين الصدمة وشرط "من لم تتلطخ أيديهم بالدماء" صدرت تصريحات أخرى لمسئولين عراقيين تدعو تلك الجماعات إلى نبذ العنف والدخول في العملية السياسية .


لماذا الصدمة أولا ؟

الكثيرون يعرفون منذ عام 1991 ، بأن الخطة الأمريكية كانت تستهدف أساسا ، رموز وقيادة النظام الديكتاتوري السابق مع الحفاظ على هيكله العام من حيث التنظيم والسلطة والدولة . وما التحولات التي طرأت على طبيعة الإستراتيجية الأمريكية في ظل إدارة بوش الابن إلا تنويعا فرعيا استثنائيا، لم تحسب نتائجه ومضاعفته السياسية بدقة، ضمن الظروف والملابسات التي أحاطت بها، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 .

فهل كان يتوقع الطرف السياسي العراقي الحالي مثلا ، بأن الأمريكيين سوف يستأذنوه في إجراء ترتيباتهم السياسية البعيدة الأهداف ؟ أم أنهم صدقوا بالفعل، بأن العراق الجديد بوضعه الملتبس سيكون حليفا استراتيجيا أبديا للولايات المتحدة ؟

فصحيح أن حزب البعث العراقي قد انتهى عمليا من حيث التنظيم والقيادة والرموز الكبيرة، ولم يتبق منه غير حفنة من الفلول والعصابات والرؤوس التي فقدت امتيازاتها بزوال النظام السابق، إلا أن تجربتنا العراقية المريرة تنبأ بالعكس من ذلك تماما . فهو من حيث العقلية والتلون وانعدام روح المسؤولية والأنانية السياسية والرشوة والفساد والتنافس الأعمى والكيدية وغياب روح التعاون والتضامن والتكافل الاجتماعي ، لا يزال قويا وضاربا جذوره في الأعماق البعيدة للفكر السياسي الحالي، وبغض النظر عن الشعارات العريضة وحسن النوايا عند البعض . فمن تلك المظالم والظواهر والأوضاع الشاذة المستمرة، ستستطيع حتما تلك الحفنة الصغيرة، من أعادة إنتاج نفسها مرة أخرى عاجلا أم آجلا .

لا صدمة إذن ولا ثمة مفاجئات في الأمر، سوى للغافلين عن التكوين الحقيقي للمجتمع العراقي، وما يعتمل فيه من قوى محركة وفاعلة .

وثانيا، من هم حقا من " لم تتلطخ أيديهم بالدماء" ؟

تبدو هذه العبارة الأسطورية والتي تتكرر باستمرار في الخطاب الرسمي، فضفاضة وتقريرية وإنشائية، أكثر من كونها عبارة حقوقية وقانونية.

هل المقصود منها دماء الماضي حصرا، أم دماء الحاضر أيضا ؟ وأي عراقيين نعني بالضبط هنا ؟ عراقيو ما قبل التحرير أم ما بعده ؟

فلقد اختلفنا حتى بخصوص الدماء وفصائلها حين صنفت طائفيا وأثنيا ودينيا ، وجرت بخصوصها مرافعات هزيلة بائسة سميت بالمحاكم الجنائية للنظام الديكتاتوري ، فأصبحت هنالك أولويات ومراتب في دماء الضحايا ، فمن فيهم صار أولى بالتقدير والتكريم وإرجاع الحقوق ، ومن فيهم لا حول ولا لسان ولا ذاكرة ولا قوة ولا حزب ولا عشيرة له ،ضاعت حقوقه وسنوات عذابه وصبره وهجرته القسرية، ضمن المساومات والمحاصصات السياسية القائمة حتى على أرواح الشهداء ،وفي هذه الفوضى العارمة والمعمعة السريالية، حل الكثيرون من الضحايا المزيفين محل الضحايا الحقيقيين، وبمعرفة وتواطؤ وصمت الجميع من الأطراف السياسية .

أليس هذا نوعا آخرا من القتل وسفح الدم، للضحية مرة أخرى ؟
ألم تتلطخ أيادي القائمين على هذه المرافعات الكارتونية بدماء الشيوعيين والكرد الفيلية والصابئة والكلدوأشوريين والتركمان واليزيدية ومن السنة أيضا ممن قتلوا وتعذبوا وتضرروا من تلك الجرائم والسياسات والتجاوزات ؟

هل نام بعدها ، المسئولون ملئ جفونهم عن شواردها؟ أم أن ثمة تأنيب غامض للضمير، ما زال يؤرقهم بحق الدماء البريئة التي زهقت، وكان لونها وطنيا خالصا ؟

ألم تتلطخ أيدي " جيش المهدي " الذي تأسس من نواة فدائيي صدام وأنصاره المهزومين بدماء العراقيين ؟
ألم تتلطخ أيدي المليشيات " الوطنية " الأخرى بالدم العراقي الذي لا يعترف له بأي لون ؟
ألم تتلطخ أيدي العابثين والفاسدين بالاقتصاد العراقي بدماء اليتامى والأرامل ؟
فمن يسرق من المال العام هو يسرق من المال المخصص لبناء المدارس ومعاهد التعليم والمستشفيات ودور رعاية الأيتام والعجزة ولا يختلف أطلاقا عن ذاك الذي يطلق رصاصة مباشرة في رأس ضحيته البريئة .

عن أي دم نتحدث أذن ؟

من هذا العبث سيعود البعث إليكم، وان بعد حين وبأسماء ويافطات أخرى .

ومن هذه الفوضى العارمة وسوق الهرج السياسي، سيتسلل هانئا ومطمئنا إلى تلك النفوس الجاهزة التي لم تصلحها الحروب والمآسي والويلات والنكبات المتتالية .

لأن البعث الذي تكرهون بالفعل علانية ، يستمد قوته ونسغ حياته من الشر الذي لا يزال حاضرا في نفوس الكثيرين ، عربا وأكرادا وسنة وشيعة ، ومكونات أخرى ، علمانيون أو رجال دين، ففي صفوفهم جميعا لا يزال ثمة بعثيون وأن لم ينتموا .



#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة العراق الجديد وسط الذئاب الاقليمية الهرمة
- ماالمطلوب بالضبط من التحالف الكردستاني ؟
- مصير العراق الجديد يتوقف على الانتخابات المقبلة
- نحو جبهة مدنية واسعة لخوض الانتخابات التشريعية
- العراق الجديد : هل الدولة فضاء للسياسة أم فضاء للغنيمة ؟
- هل ينحسر الاسلام السياسي أم ينكشف على حقيقته ؟
- العراق الجديد : مصالحة وطنية أم تصالح مع الذات ؟
- العراق الجديد : معوقات بناء الدولة الوطنية
- جثث بلا قبور: مابين عمو بابا ووزير التجارة الفاسد
- العراق الجديد:في التحول الديمقراطي واعادة الاعتبار للسياسة
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية؟-الجز ...
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية ؟
- عن الانتخابات العراقية وثوب الديموقراطية اواسع
- الخلفيات الاجتماعية والسياسية لاعادة تأسيس حركة الانصار1979/ ...


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - العراق الجديد : يعود البعث..لا يعود البعث