أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وليد المسعودي - الايديولوجيا في مناهجنا التربوية















المزيد.....

الايديولوجيا في مناهجنا التربوية


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 2720 - 2009 / 7 / 27 - 09:18
المحور: المجتمع المدني
    


من حيث المعنى تعرف الايديولوجيا بكونها علم الافكار السائدة لدى مجتمع معين او عصر معين، وكثيرا ما تقدم الايديولوجيا الافكار على الواقع المعاش، اي انها تحاول ان تطبق النظري على الواقعي ولكن الاخير يخالفها ويختلف عنها لانها تحمل الاقنعة والاوهام التي قد تفرضها على المجتمع ضمن حدود النسبي من الايديولوجيا وفقا لدرجة انتمائها الفكري والعقائدي .
فالايديولوجيا التي تطالب بحقوق العمال وتفضح الاستغلال الرأسمالي وتعلن ان العالم يعاني الاغتراب والاستلاب البشري بسبب سيطرة راس المال والسلطة الايديولوجية المصاحبة له، نقول انها تفضح الواقع وتتحداه وتعطي بديلا عنه، ولكنها من حيث الفعل والتطبيق تعاني الكثير من عدم الحضور وذلك لكونها نظرية شمولية تتصور ان العالم سينتهي لدى طبقة معينة تشهد الخلاص والسعادة البشريتين، كذلك الحال مع الايديولوجيا في شكلها القومي فانها ايضا تقدم الافكار وتحاول ان تنتج مثالها ونموذجها وقد تستطيع النجاح في ذلك الامر وتخدم المجتمعات التي تظهر فيها هذه الايديولوجيا، ولكنها في النهاية تظل مطلقة وشمولية، وهنا نذكر ان القومية في شكلها الايديولوجي استطاعت ان تبني الدول الحديثة ولكن نهايتها كانت مرعبة الى حد كبير، والنماذج واضحة في اوربا هتلر وموسوليني وغيرها من النماذج الاستبدادية، وفي عالمنا العربي لم تستطع الايديولوجيا القومية ان تحقق ما انجزته القومية في الغرب بالرغم من التشابه الكبير في صفات تقديس الذات وتبجيل التاريخ والاعتزاز بالهوية والامة والتراث بشكل ايديولوجي وشمولي الى حد كبير، وذلك لاسباب لا تتعلق بالايديولوجيا ومضمونها فحسب بل تتعلق بطبيعة حامليها الذين كثيرا ما يخلطون بين الوهم والواقع ويحاولون القفز على الاخير عبر احلام واوهام دونكيشوتية الى حد بعيد وهنا نقصد بالنموذج القومي في العراق الذي لم يكن يهدف الى خلق جيل قومي تقدمي متحرر الا من خلال الايديولوجيا وهذه الاخيرة تجعل العالم عبارة عن نسخ متشابهه ومتجانسة الى حد بعيد.
هذه مقدمة لموضوعنا حول علاقة الايديولوجيا بالتربية او دور الايديولوجيا في مناهجنا التربوية ، وهذه الاخيرة مليئة بالاوهام والاقنعة التاريخية التي تضفيها الايديولوجيا حول دور التراث العلمي والانساني والمعرفي بشكل يبعدنا عن الواقع ونقده ومحاولة تجاوزه، فالايديولوجيا كانت تظهر في نظام التربية والتعليم في العراق من خلال الدستور الذي حدد اهداف التعليم من خلال “رفع وتطوير المستوى الثقافي العام وتنمية التفكير العلمي واذكاء روح البحث وتلبية متطلبات مناهج التطوير والانماء الاقتصادية والاجتماعية وخلق جيل قومي متحرر تقدمي قوي في بنيته واخلاقه يعتز بشعبه ووطنه وتراثه ويتحسس بحقوق قومياته كافه ويناضل ضد الفلسفة الراسمالية والاستغلال والرجعية والصهيونية والاستعمار من اجل تحقيق الوحدة العربية والحرية والاشتراكية” (الدستور العراقي المعلن في 16 تموز 1970) والنظرة الاولى الى هذه الاهداف الظاهرة في الدستور العراقي تتحدد بالكمال من حيث النظرية واللغة، ولكن من حيث التطبيق لا تنتمي الى الواقع في شيء يذكر فالايديولوجيا القومية لا تعترف إلا بالذات مرجعا ثقافيا ولايمكن ان تتعرض هذه الاخيرة الى النقد ومحاولة تطويرها وتغييرها، وكلنا يتذكر مبدأ التنفيذ ثم النقاش الذي سيطر كثيرا على ادبيات حزب البعث في مراحل متواصلة، الامر الذي اقصى تيار الاعتدال فيه وتم تجاوز التقدمية التي كانت سائدة في شكلها الايديولوجي ايضا، بحيث اصبحت الصورة تبتعد عن العلم وتطبيقه في مناهج التربية لتحل محلها الايديولوجيا المبجلة للذات المطلقة القومية متمثلة في حروبها المتواصة، القادسية، ام المعارك، وغيرها في المناهج التربوية في مواد التربية الوطنية والتاريخ والادب والنصوص.. الخ، الامر الذي ادى الى تردي المستوى الثقافي العام وتراجع الفكر العلمي الى الاسطوري والغيبي والسحري وتخلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك تراجع مفهوم الوطن الجامع في شكله المعرفي والثقافي وتحوله الى مجاميع من الطوائف والقبائل لم تستطع الدولة القومية استيعابها من خلال ثقافة المواطنة والاعتراف بهوياتها وثقافتها الداخلية كما هو سائد الامر لدى الدول الحديثة في الازمنة الراهنة، هكذا كان دور الايديولوجيا معمما لحقائق زائفة، وماحيا لحقائق واقعية واكيدة من خلال التستر على الفساد والجريمة التي يباشرها العقل السياسي الذي يسيطر على نظام التربية والتعليم في العراق.
دور الايديولوجيا اليوم

هل تغيرت الاحوال بعد زوال الدكتاتورية البعثية في العراق من حيث حضور الايديولوجيا في نسق التعليم وممارسة مفهوم التعمية على الحقائق والوقائع التي تحدث في عالمنا اليومي والمعاش؟ بالطبع سوف يكون جوابنا بين حدين او موقفين الاول يصرح بالايجاب من حيث ان التعليم لم يعد مؤدلجا وفقا للنموذج القومي الذي ساد في العراق، إذ بدأت هناك ايديولوجيا جديدة تدخل اليه متمثلة بالثقافة السياسية المرتبطة بالدستور الدائم الجديد تلك التي تحث او تؤمن بالديمقراطية كاطار ثقافي وانساني مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الديمقراطية لايمكن ان تتعارض مع الاسلام في شكلها وتكوينها، وذلك الامر انعكس على التربية الوطنية في مراحل دراسية مختلفة اذ يتم تدريس الديمقراطية مصاحبة للشورى او “الديمقراطية في الاسلام” كذلك الحال مع مادة الادب والنصوص التي بدأت تتخلى عن سياقاتها القومية والتبجيلية لحروب قائد الضرورة، اما الموقف الثاني فانه يصرح بالنفي من حيث حضور الايديولوجيا في اشكالها الدينية التي تتصارع على مناهج التربية والتعليم وظهور المدارس التي تدعمها الاوقاف الدينية، فضلا عما تبقى من الثقافة القومية في مادة التاريخ تلك التي تظهر البطولات والثورات العربية واثرها في محاربة الاستعمار.
ان دور الايديولوجيا في مناهج التربية والتعليم ينبغي له ان يقصي الجانب التبجيلي المطلق لدى الذات ويحاول قدر الامكان ان يتبع الحاضر الاجتماعي والسياسي ولا يقفز على الوقائع والاحداث، بحيث لو تصورنا ان يكون للايديولوجيا دور فليكن مرتبطا بالعلم على سبيل المثال من خلال ترغيب الطلبة بالعلم ومحاولة وصف الذات العربية الاسلامية ليس بالكمال المطلق فحسب بل تصورها في وضعها الطبيعي ذلك الذي يشهد التخلف والتراجع عن الحضارة والتقدم البشريين، بالرغم من صعوبة ذلك الامر، وذلك بسبب ان مؤسساتنا التربوية تظل مرتبطة بالسلطة السياسية ومرتبطة بالدولة ايضا، ولا يمكنها ان تشهد الانفصال عنها “اي السلطة السياسية وليس الدولة” من حيث الجوانب الابداعية والتطويرية لطبيعة النص التربوي، فكلما كانت الذات بلا ايديولوجيا مطلقة كلما كانت اكثر حرية في التعرف على الواقع ضمن صورته الحقيقية وليس ضمن صورة الاوهام التي تريد ان تكسبها الايديولوجيا لدى الاجيال الجديدة الصاعدة.
ان امكانية ابعاد الايديولوجيا في شكلها الشمولي الذي يضفي الجمود على الحياة الاجتماعية والثقافية عن نسق التعليم يحتاج الى تحقيق مجموعة عوامل تتمثل في:-
-1 العمل على دراسة واقع التربية والتعليم في الازمنة الدكتاتورية وكيف اخذت الايديولوجيا نصيبها منه بحيث استطاعت ان تلغي الجانب التنويري والابداعي فيه (وهنا نشير الى الكم الهائل من الدراسات المخالفة للايديولوجيا القومية تم اقصائها وطردها من مجال التعليم والدراسات العليا في الكثير من الجامعات العراقية لانها لا تتفق مع ايديولوجيا الدولة فضلا عن تحديد دور الباحثين في الكتابة والدراسة والابداع.. الخ) من حيث القدرة على خلق صفات النقد والمبادرة والمسائلة سواء داخل المؤسسات التربوية من قبل القائمين عليها او من خلال المؤسسات الجامعية والبحثية في العراق، فدراسة اثر الايديولوجيا يمكننا من الوقوف على الحاضر ايضا ما دام الاخير يتيح الحرية في البحث والابداع والتاسيس المستقبلي، بالرغم من ان التعليم ضمن مبادئ الدستور الدائم غابت عنه صفة الحرية بالمعنى الذي يتيح التحول والتجديد كما هو الامر معمولا لدى الدول الحديثة وكما الامر في حالة لبنان على سبيل المثال (يشير الدستور اللبناني الى ان التعليم حر مع امكانية ان يكون للطوائف حقوقها في انشاء مدارسها الخاصة، وهنا يكون التعليم اللبناني ليبراليا من حيث التنوع والتنافس وحاملا لمبدأ التعددية في مرجعية التعليم كما يرى ذلك الامر ناصيف نصار، وهي في النهاية اي مرجعية التعليم مرتبطة بالانظمة العامة التي تصدرها الدولة).
-2 العمل على تطوير جانب الحرية في المؤسسات التربوية والتعليمية، تلك التي تجعل المعلم او الاستاذ الجامعي يمتلك المزيد من الحرية في النقد الاجتماعي والثقافي، وتداول المزيد من الاراء المختلفة والمتصارعة بشكل سلمي بعيدا عن الرجوع الى الايديولوجيا الشمولية الاقصائية التي نجدها عند المجتمع الجماهيري اكثر مما هي سائدة وسط المجتمع الاكاديمي والجامعي، وكل ذلك مرتبط بتطوير بنية التربية والتعليم وجعلها اكثر حرية في التحول والانتقال من شكل الى اخر بما يخدم العملية الثقافية والاجتماعية لمجتمع متحول ومتغير على صعيد المستقبل.



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسارات التنوع الثقافي في العراق
- المثقف والحرية واسئلة المستقبل
- أطفال في الشوارع بين التسول والضياع
- مفهوم الحقيقة بين العلم والدين
- معوقات ثقافة الابداع في العراق
- في تاريخية الكتابة والموت ( قلق الكاتب من محو الذاكرة )
- فاعلية المثقف من العزلة والرفض الى الممارسة الاجتماعية
- نحو علمنة الزمن الثقافي العربي
- أزمة العقل السياسي العراقي ( بين الخضوع الايديولوجي وإعادة ا ...
- البحث عن مهمة اجتماعية للفلسفة.. فكر لا يغادر مدارج الجامعة
- الذات والاخر في صورة النقد المزدوج
- معوقات مجتمع المعرفة في العالم العربي
- سياسة الاندماج الاجتماعي الفعال في بناء الدولة العراقية
- حرس بوابة الاخبار
- مشروع ديكارت الفلسفي وإعادة ترتيب الوجود
- المجتمع الجماهيري .. عامل محافظة ام تطور
- مفهوم الحرية ركيزة اساسية لتطور المجمتع
- محددات ثقافة الارهاب
- لماذا يفشل المثقف الحر في في انتاج ابداع مختلف (المثقف والمؤ ...
- الاحزاب السياسية والوعي العمالي ( نكوص مجتمعي ام استقلال سيا ...


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...
- مسؤول أممي لبي بي سي: -المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب- ...
- الأونروا تدعو لرفع القيود عن وصول المساعدات إلى شمال غزة
- الأمم المتحدة: هناك مؤشرات وأدلة واضحة تثبت استخدام إسرائيل ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وليد المسعودي - الايديولوجيا في مناهجنا التربوية