أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - لؤي حسين - سوريا - الإرهاب يدخل إلى سوريا















المزيد.....

الإرهاب يدخل إلى سوريا


لؤي حسين - سوريا

الحوار المتمدن-العدد: 829 - 2004 / 5 / 9 - 01:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ردا على مقال السيد منذر خدام المنشور في موقع الحوار المتمدن بتاريخ 7/5/2004
يجب ألا يكون مستغربا أو مستبعدا ظهور أعمال إرهابية في سوريا كالتي حدثت مساء 27/4 في دمشق. بل كان متوقعا بأرجحية كبيرة امتداد مثل تلك الأعمال التي انتشرت في كل البلدان المحيطة بسوريا إلى داخل الأراضي السورية، خاصة بعد ما آلت إليه الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق. فحادث دمشق هو اشتقاق لما يحدث الآن في العراق من عنف أهوج غالبه لا يهدف الى أكثر من تحقيق فعل مسلح، وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون هذا الحادث معنيا بمواقف السلطة السورية وبسياساتها. ولأن الإرهاب ليس له قوام يمكن أن نحدده به ونتعامل معه، ولا يحتاج الى منظمات كبيرة ومنتشرة عالميا كمنظمة القاعدة، إذ يكفي وجود بضعة أفراد يهوون العنف أو يؤمنون به ويستسهلون قتل الناس ليشكلوا مجموعة إرهابية قادرة على ترهيب ملايين الناس وإيذاء مئات أو آلاف منهم. إضافة لذلك فإن العمل الإرهابي لا يمنعه الضبط والاستقرار الأمني أو السياسي كما يشاع عن سوريا وإن كان ذلك يحد من انتشاره وأثره بشكل ما. وهذا تحديدا ما استنتجته الإدارة الأميركية بعد أحداث 11/9، واعتبرت أن الإجراءات الأمنية مهما بلغت شدتها والتي يمكن أن تفرضها داخل بلدها لن تقيها شر ومخاطر الإرهاب، لهذا وجدت ضرورة في أن تقوم بالبحث عن منابع الإرهاب وتجفيفها.
أما بالنسبة لنا في البلدان العربية، وبالأخص في سوريا، فقد اعتبرنا أن سياسة الولايات المتحدة هي المسبب الرئيسي للإرهاب، وأن دورنا يقتصر على مطالبتنا باتفاق دولي على تعريف الإرهاب، مع أن أي تسمية نطلقها على العمل العنفي المسلح كتسميته مقاومة أو إرهابا لن تحمينا من خطره. وليس هذا الخطر قائما أصلا من عدم وجود مثل هذا التعريف أو من عدم التمييز بين الإرهاب والمقاومة أو الجهاد. ولا يخفّ ذاك الخطر إن كان العمل العنفي مشروعا أو مدانا ما دام يودي بحياة البشر، أبرياء كانوا أم أطرافا في العملية العنفية. فكل عنف هو قاتل لبعضنا أو لذوينا. كما أن الطريق إلى تمييز الأعمال العنفية وتعريفها هو طريق مسدود أصلا لعدم وجود مرجعية كونية واحدة، قانونية أو أيديولوجية، يقبل بها كل الناس أو يمتثلون لها. فإن جرّمت الأمم المتحدة عملا عنفيا على أنه إرهاب فلن يفيد ذلك إلا بامتناع الدول والمؤسسات الرسمية عن دعم أصحاب ذاك العمل بصورة علنية. وسنجد دوما مجموعات دينية أو أيديولوجية لا تقبل بهيئة الأمم المتحدة أو غيرها من المؤسسات والهيئات الدولية مرجعا لها، وستبقى تأخذ بفتاوى أئمتها أو أصول مذهبها.
وإذا حاولنا تلمس تصنيف للإرهاب من آراء ومواقف النخب السورية من أهل السلطة أو معارضيها، كما أغلب النخب العربية، فسنجد أنهم يستثنون منه كل عمل عنفي يستهدف الأميركيين، وبدرجة أقل الإسرائيليين، بغض النظر عن هوية الفاعل وغايته من القتل. فما يميز الإرهاب عن سواه هنا هو جنسية من يقع عليه الفعل العنفي وليس نسبته إلى فاعله أو آلياته. ومثلما قال لي أحد المتحمسين لكل عمل عنفي يستهدف الأميركيين وأعوانهم في العراق، حتى لو أدى إلى قتل عراقيين، فإنه في حال عاد بعض المقاومين السوريين من العراق وقاموا بأعمال عنفية في سوريا حينها سيسميهم إرهابيين.
لقد تعاملنا مع الإرهاب باستسهال لأننا أمّنا لأنفسنا سلفا عدم المسؤولية عنه، وحمّلنا أميركا كل مسؤوليته كما حمّلناها مسؤولية كل مشاكلنا. وتساهلنا مع الموضوع كون خطر الإرهاب الحالي موجها ضد الولايات المتحدة. ولم نقم أهمية للخطر الذي يصيبنا منه، إذ إن خسائرنا، بمقاييس بعضنا، زهيدة مهما كبرت بمقارنتها مع فداحة خسائر الأميركيين مهما صغرت. لهذا يمكن أن نلحظ عند بعضنا رضى وتواطؤا مع العمل الإرهابي ما دام يستهدف الأميركيين، من دون خشية من يوم يأتي يحوّل فيه الإرهابي هدفه صوبنا. هؤلاء يعتقدون أن انتشار الإرهابيين في بلداننا ظاهرة عرضية موقتة مرتبطة بوجود الأميركيين في بلداننا وفي حياتنا، وما إن يخرجوا حتى تزول الظاهرة ويعود الإرهابيون بشرا طبيعيين ومواطنين صالحين.
هذا الاستسهال في التعاطي مع ظاهرة الإرهاب أنسانا أن وجود الإرهاب ليس مرتبطا بتوفر شروط مادية محددة بقدر ارتباطه بوجود أفراد يؤمنون بالعنف ويستسهلون قتل البشر. وعنف هؤلاء عنف سياسي أو جماعي موجه ضد جماعة لحماية أو للدفاع عن جماعة أخرى يعتقد الإرهابي أنه يمثلها ويفتديها، ومن غير الضروري إن كان أصابه أو وقع عليه هو شخصيا ظلم محدد. فهو يعتقد أنه مكلف بتنفيذ رسالة تحملها جماعته أو مكلفة بها.
لقد ارتبط التعاطي الخاطئ مع مسألة الإرهاب، الذي انتشر كثيرا بعد الاحتلال الأميركي للعراق، مع طريقة التعامل مع المسألة العراقية منذ بداية التهديد الأميركي الفعلي بغزو العراق، حين شجع الكثيرون منا تطوع شبان سوريين على التسلل إلى العراق لقتل الأميركيين. وصار هذا الموضوع مادة لتباهي الكثير من اليساريين والديموقراطيين يدلّون به على وطنية وشجاعة وحيوية الشعب السوري. وبعد ذلك صار الحديث عن شرعية المقاومة المسلحة وأحقيتها، واختصار المقاومة على العمل المسلح واعتباره أرقى أشكال النضال والمقاومة والجهاد. وارتفعت الأصوات تمجد أي عنف يقع على الساحة العراقية، وتسخر من أي مقاومة سلمية. بل وصل الأمر عند البعض لإصدار بيانات أشبه بالفتاوى يهدرون فيها دم العراقيين في مجلس الحكم والعاملين في المؤسسات العسكرية وشبه العسكرية (حسب تسمية البيانات) التي شكلتها سلطة الاحتلال ومجلس الحكم، ويدعون أفراد <<المقاومة>> لقتل هؤلاء العراقيين الذين شبهتهم هذه البيانات ب<<جيش لبنان الجنوبي>>. وبرغم أن هذا تدخل سافر ومرفوض في الشأن العراقي، لكن الأهم فيه والأكثر ضررا وخطرا على العراقيين وعلى أهل المنطقة هو الدعوة إلى فعل القتل، إضافة إلى أن هذا القتل المطلوب موجه إلى أفراد عراقيين يملكون شرعية شعبية ودولية أكثر من أولئك المقاتلين وجماعاتهم.
إن الوضع في العراق الآن يعتبر بيئة مثلى لتفريخ الإرهاب. فلا يكفي أن ندل ونثبت حجم المسؤولية الأميركية بصنع هذا الوضع عبر أدائها الأخرق والارتجالي، بل يجب عدم التعامل بخفة مع موضوع العنف الجاري في العراق، والانتباه إلى إمكانية تحول ولو قلة من المقاتلين إلى إرهابيين، خاصة المقاتلين غير العراقيين الذين تطوعوا لقتل الأميركيين بدافع ثأري وانتقامي ومن ثم قاموا، أو شاركوا، بمهاجمة المؤسسات التابعة لمجلس الحكم أو مدنيين غربيين. فبعض من هؤلاء حين يعودون إلى بلدانهم سيكونون جاهزين لأعمال إرهابية فيها، بأي ذريعة وضد أي جماعة. فالشخص الذي تمرس على العنف وقتل أفراد جهة ما يعتقد أنها تعيق رسالة جماعته أو أيديولوجيتها، ولا يهدف من أفعاله الى تحقيق عدالة أو مساواة أو حريات الناس، أظن شخصا كهذا سيكون خطرا علينا وعلى نفسه. لهذا لا أعتقد أن الإرهاب الذي بدأ يسرع خطاه في منطقتنا سيكون مرتبطا بالضرورة بعد العراق بالتيارات الدينية، بل يمكن أن يأتينا من أي تيار متعصب. وليس بالضرورة أن يأتي من تنظيمات كبرى، ولا أن يكون موجها للسلطات والأنظمة حيث يقع العمل الإرهابي. وهذا ما بينته العملية الإرهابية الأخيرة في دمشق.
يكرر المفكر الإسلامي السوري جودت سعيد منذ مدة طويلة أن علينا نبذ العنف من حياتنا ومن عقولنا. وأجد في قوله تحديدا لمسؤوليات النخب العربية الآن، فكل إرهاب جذوره في العنف الموجود في العقول.



#لؤي_حسين_-_سوريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ردا على مقال السيد منذر خدام المنشور في موقع الحوار المتمدن ...


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إلى غزة بعد وصولها م ...
- -نيويورك تايمز-: إسرائيل أغضبت الولايات المتحدة لعدم تحذيرها ...
- عبد اللهيان يكشف تفاصيل المراسلات بين طهران وواشنطن قبل وبعد ...
- زلزال قوي يضرب غرب اليابان وهيئة التنظيم النووي تصدر بيانا
- -مشاورات إضافية لكن النتيجة محسومة-.. مجلس الأمن يبحث اليوم ...
- بعد رد طهران على تل أبيب.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات ...
- تصويت مجلس الأمن على عضوية فلسطين قد يتأجل للجمعة
- صور.. ثوران بركاني في إندونيسيا يطلق الحمم والرماد للغلاف ال ...
- مشروع قانون دعم إسرائيل وأوكرانيا أمام مجلس النواب الأميركي ...
- بسبب إيران.. أميركا تسعى لاستخدام منظومة ليزر مضادة للدرون


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - لؤي حسين - سوريا - الإرهاب يدخل إلى سوريا