أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - لغةٌ -قايلة- للسقوط














المزيد.....

لغةٌ -قايلة- للسقوط


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2724 - 2009 / 7 / 31 - 09:51
المحور: حقوق الانسان
    


أظهرتْ دراسةٌ قامت بها مجموعة من العلماء البريطانيين أن النملَ لا يقبلُ إلا العيشَ في أفضل ظروف متاحة. في جامعة بريستول، وضع الباحثون النملَ أمام خيارات: أعشاشٌ قريبةٌ رديئة، وأخرى بعيدةٌ وجيدة. ولم أندهش حينما قرأتُ أن النملَ اختار المشقّةَ وصولاً للجمال؛ علمًا بأن المساكنَ الجيدةَ أبعدُ عن تلك القريبة بتسعة أضعاف المسافة. قليلٌ من النمل اكتفى بالمنازل القريبة، ثم سرعان ما عَدَل عن رأيه ولحق بالصفوة ممن لفظوا "الرداءةَ" طلبًا للجمال.
لا أدري لماذا تذكَّرتُ تلك الدراسة حين وصلتني رسالةٌ غاضبةٌ حول ركاكة لغة المصريين اليوم؟ أيةُ مقارنة عقدَها ذهني بين اللسان المصريّ الراهن، الذي "يستسهل" الركاكة، وبين النمل الذي يسعى نحو الكمال؟ كاتبُ الرسالة أستاذٌ في أمراض القلب بجامعة المنيا اسمه أ.د. ناصر طه. حزينٌ من موات اللغة العربية الراقية على ألسن أبنائها. قال إننا لم نعد نستخدمها حتى ضَمُرتْ داخلنا. شأنها شأنَ العضو الحيويّ الخامل الذي يفقد قواه، ليس جرّاء العمل، بل جرّاء الكسل والخمول والإهمال. حزينٌ لأن تلامذته بالجامعة، الذين حصدوا أعلى الدرجات في الثانوية العامة، يتحدثون الإنجليزية، ولا يلجأون إلى العربية إلا مضطرين، فيخطئون بها كأنهم ليسوا عربًا! حزينٌ وباك على لغتنا الجميلة، رغم تخصصه العلميّ، فماذا عن أرباب اللغة من شعراء ودارعميين وأساتذة البيان؟ حدثني عن تقاريرَ تصلُه من أطباءَ بالمستشفى مكتوبة بلغة رديئة زاخرة بالأخطاء النحوية، بل والإملائية. كان آخرَها التماسٌ وصله من طبيب مرؤوس يشكو زميلَه ويطالبه بأن يوقِّع عليه عقابًا (راضِعًا)!!
والحقُّ أن المرءَ ليندهشُ من عدم احترامنا لسانَنا العربيّ، في مقابل اعتزاز كافة أمم العالم بألسنهم الأم! فأنتَ لو ألقيتَ التحيةَ على مواطن ألمانيّ بالإنجليزية لن يرد عليك السلام! بينما في بلادنا نتباهى بمعرفتنا لغةً أوروبية، فندسُّ بين الحين والحين كلماتٍ أجنبيةً، ثم نخطئ في كتابة جملةٍ عربية سليمة! جولةٌ واحدةٌ في شوارع مصرَ تجعلُك تظنُّ أن بلادنا واقعةٌ تحت احتلال إنجليزيّ أو فرنسي؛ إذْ تجدُ محالاًّ اختارت أسماءها من معاجم الغرب: أويزيس، ستايل، لا جولي، سمارت شوب، دريم، سيزورس، موون سيكريت، إنفنتي، اتنشن، جرين فالي، دريم هووم، بيوتيفول آيز، الخ! رغم أن ترجمات ما سبق بالعربية، برأيي، أكثر جمالاً وجاذبية للمستهلِك: الواحة، أسلوب، الجميلة، الدكانُ الأنيق، الحُلم، المقصّ، سرُّ القمر، اللانهائيّ، انتباه، الوادي الأخضر، البيتُ الحُلم، العيونُ الساحرة. ولهذا انتبه الأذكياءُ، الغيورون على هُويتهم ولسانهم، إلى أن لغتنا قادرةٌ على إعطائنا معاني لافتةً وذكية فاختاروا لمحالّهم أسماءَ مثل: الإسكافيُّ السعيد، كراكيب، شبابيك، بساطة، فرحة، السلاملك، خير بلدنا، أيامنا الحلوة، لؤلؤ وأصداف، الخ.
كنّا قديمًا نعتزُّ بلغتنا، حتى ونحن واقعون تحت الاحتلال الإنجليزي، أما الآن، فنجد الإنتلجنسيا والكتّابَ أنفسهم فقراءَ البيان ركيكي اللغة. (إنهم يدهسون القارئَ "بعربية" متهالكة!) قالها المترجمُ الكبير طلعت الشايب في حوار قديم، أجراه معه الشاعر سمير درويش.
وأقرأُ الآن في مجلة "بروسيل" أن الرئيسَ الفرنسيّ نيكولا ساركوزي وصفَ العربيةَ بأنها "لغة المستقبل، والعلوم، والحداثة"، تزامنًا مع سعي الحكومة الفرنسية لتدريس العربية في جميع مدارسها! أشكرُه طبعًا، ثم أبتسمُ، وأتمنى بالمقابل أن تسعى حكومتُنا لتدريس العربية في مدارسنا أيضًا! حتى لا يتكرر ما حدث بالأمس على القناة الثالثة بالتليفزيون المصري، حينما أطلَّ علينا رئيسُ أحد أحياء القاهرة يصرّح بأن الحيَّ غير مسؤول عن كارثة موت العشرات تحت أنقاض أحد المنازل المنهارة، بل إن قاطني العقار هم المسؤولون؛ "لأن المنزل كان (قايل) للسقوط"!!!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى الضفدع!
- أوباما، وغرفةُ الجلوس
- أجملُ قارئ في العالم
- فلتقصّ الشريطَ تلك السيدة!
- مقابر جماعية للمصريين
- ردُّ الأشياءِ إلى أسمائها الأولى
- المواطَنة ودرس الفلسفة
- هذا شابٌ من جيلي
- مصر
- سألتُ الأستاذَ: لمَن نكتب؟
- وأكره اللي يقول: آمين!
- الغُوْلَة
- -شباب يفرح القلب-
- بل قولوا إنّا شبابٌ صغار!
- إنهم يذبحون الأخضرَ
- مصرُ التي خاطرهم
- القططُ المذعورة
- لا تأتِ الآن، فلسْنا أهلاً لك!
- أيها الطائرُ الخفيف، سلامٌ عليك
- فريدة النقّاش، صباحُ الخير


المزيد.....




- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - لغةٌ -قايلة- للسقوط