أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - قاهر الجيران : قصة قصيرة














المزيد.....

قاهر الجيران : قصة قصيرة


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 2717 - 2009 / 7 / 24 - 07:23
المحور: الادب والفن
    



عندما باع محمد شقته في العمارة وتوجه نحو حي شعبي ليكتري منزلا بغرفتين وصالة، استغربنا لحال هذا الرجل الذي يبيع ملكه ويذهب لكراء منزل ينغص صاحبه عليه حياته بقيمة الكراء شهريا. وبدا غيابه راحة للجميع من صداعه وتدخلاته المتكررة في حياة الجيران الخاصة. وسُر الكثير من هؤلاء الجيران الذين كانوا لا يتقبلون تدخلاته تلك باسم أنه رئيس الجمعية السكنية بالعمارة. رؤساء العمارات المجاورة لا يفعلون مثله ويتجنبون الاحتكاك مع السكان وخاصة في ما يخص حياتهم الشخصية داخل شققهم...

يفترس سلالم العمارة يوميا. يتجسس على هذا وذاك، إن رأى أي عازب يصحب فتاة معه، يسأله بعصبية ويدخل معه في نقاش حاد غالبا ما كان يقود إلى العراك وتدخل الجيران. ينتفض إذا ما تراءى له طفل يلوث السلالم أو يخطط على الحيطان والجدران خطوط الطفولة الأولى. ويصرخ إذا ما سمع إزعاجا يأتي من هذه الشقة أو تلك. إن تحداه أحد الجيران، وزاد من صوت الموسيقى وتعاطى الخمر، بدأ بالصراخ ودق الباب عليه بقوة وسبه وشتمه بأقبح الشتائم وكأنه مريض عقليا فقد صوابه. لا تثنيه توسلات زوجته، ولا نصائح أصدقائه وجيرانه وكل من يعرفه، وحده على صواب يجيبهم لأنه رئيس الجمعية ومن حقه أن يحارب الفساد والضجيج...

لا ينام قبل الناس حتى ولو تحاده أحدهم وسهر الليل كله. يستغرب مصطفى جاره، " أخشى على هذا الرجل من تصرفاته هذه، سيودي بحياته إن استمر على هذه الحال...". قال الناس الكثير، وتكلموا عنه حتى أعياهم الكلام. انتقدوا تصرفاته، وشكوه إلى زوجته. أصغت إلى كلامهم وصمتت ولم تستطع أن تقول له أي شيء، فهي تعرفه. لا يحتمل النقد والتخطيء. إنما يقبل شيئا واحدا فقط، الموافقة على أقواله وأفعاله وتقريراته كأنه نبي زمانه.

بحث بعض الجيران عن كل الأسباب التي أدت به إلى هذا، واستغرقوا في البحث عن الدوافع لذلك، جلسوا مع أنفسهم محاولة منهم معرفة سبب هيجانه واضطراباته المتكررة. قال البعض منهم: "هل يكون قد تعرض لإهانة من أحد الجيران؟". واستغرب الآخرون من دوافعه إلى خلق المشاكل مع الناس: "إذا كان يدعي الصالح العام، فلماذا يفعل هذا، ويسب الناس ويدخل في صراعات معهم ويخلق المشاكل معهم...؟ ".

الآن بعد رحيله توقفت المشاكل وتوقف الضجيج والصراخ وكل ما كان ينتفض لأجله، وانتهى سهره وصراخه وسبه وشتمه وقبحه البادي عليه.

فكر الناس مليا في كل هذه الأحداث التي عرفتها المدة التي عاشها معهم في نفس العمارة، لا بد من أسباب دفعته لخلق البلبلة بين الجيران وخلق الصراعات فيما بينهم، لا بد أن هناك دوافع نفسية وغيرها دفعته لجعل الحياة جحيما طيلة ثلاث سنوات من سكناه معهم وبالقرب منهم.

ولكن الآن، لا داعي لهذا التفكير الطويل والملي، لقد رحل محمد وانتهى الأمر. وتمكن الجميع من تحقيق الراحة وطمأنينة البال بعد رحيله. منهم من كان يدعو عليه ليرحل ويحل هذا اليوم من كل قلبه. ومنهم من كان لا يحقد عليه ويتمنى من كل قلبه أن يتغير ويعيش حياة هانئة وسعيدة دون مشاكل.

وهكذا انتهت سنوات عاشها سكان العمارة في الجحيم والمشاكل، واستمرت الحياة طبيعية بينهم بعد رحيل محمد وعائلته الصغيرة. لقد تغير وضع العمارة وبدأ السكان يلاحظون التغيير الطاريء مع قدوم رئيس جديد لجمعيتهم السكنية والذي أصبح لا يعير أي اهتمام لشؤون الناس الخاصة وبدأت الميوعة تتسرب إلى العمارة. هذه نتيجة التطرف والتشدد في التعاطي مع المسؤولية.... !



عزيز العرباوي
كاتب
[email protected]



#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفتنة والقتل على الهوية : (7) :
- الدعوة إلى التباعد بين المذاهب دعوة سخيفة : (6) :
- الحوار بين المذاهب ضرورة ملحة : (5) :
- استحضار العقل في الحوار المذهبي : (4)
- أسباب التباعد والدعوة إلى التقارب : (3)
- الحوار وسيلة أم غاية ؟ (1)
- مظاهر العنف الفكري وضرورة التخلي عنه : (2)
- المشاعر المسافرة : قصة قصيرة
- بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى : فؤاد الزبادي بالجديدة :
- تشبيك العمل الجمعوي : شعار اليوم التكويني بالجديدة :
- عن التفاعلية الرقمية : مشتاق عباس يساهم في الثورة العلمية:
- قصائد قصيرة
- الرحلة الباردة : قصة قصيرة
- السينما المغربية في مفترق الطرق :
- الهروب إلى الحنين
- سيرة رجل و قصص قصيرة
- العدالة ومرتكزاتها الأساسية :
- سيد الجهل
- الشاي وقصص أخرى :
- أصناف العرب


المزيد.....




- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - قاهر الجيران : قصة قصيرة