أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - باهي صالح - تُرى هل العين حقّ أم مجرّد خرافة و ظاهرة غباء و تخلّف...؟!















المزيد.....

تُرى هل العين حقّ أم مجرّد خرافة و ظاهرة غباء و تخلّف...؟!


باهي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2717 - 2009 / 7 / 24 - 05:45
المحور: كتابات ساخرة
    


لم أفهم سرّ تعليق عجلات السّيارات المستعملة فوق أغلب مساكن و فيلاّت الميسورين و أصحاب المال في مدينتي إلاّ عندما سألت أحد زملائي في العمل...في البداية لم أكن مهتمّا و لا مدقّقا إذ كنت أضنّ أنّ الظّاهرة هي من قبيل الصّدفة و هي تقتصر على عدد قليل من البنايات و لا تتطلّب تفسيرا أو سعيا لفهم أسباب و دواعي انتشارها....و ما استرعى انتباهي لها هو دورها في تشويه منظرالمدينة الفوضويّ و البشع أصلا...فكأنّ هذا الّذي كان ينقصها...!!

ضحك الزّميل و هو يظنّني مازحا،قال/ أرجوك لا تمزح...لا شكّ أنّك تعرف سبب الظّاهرة و الأرجح أنّك...لا أحد يجهل سرّ تعليق تلك العجلات على أسطح و في أعالي البنايات...!
لم يصدّق الزّميل جهلي بسرّ الظّاهرة إلاّ عندما أقسمت له بنبرة جادّة لا تقبل الشّك.
قلت/ أقسم لك أنّي لم ألاحظها إلاّ مؤخّرا...و كنت أضنّها تقتصرعلى بعض المنازل كما انّي لا أعرف لها سببا...!
ضحك الزّميل مرّة أخرى و قال/ حسنا...إذا فأنت ساذج أو غشيم...تجوّل في المدينة و في أحيائها و ستلاحظ أنّ العجلات معلّقة في أعالي أغلب الفيلاّت و المنازل الكبيرة...لماذا.. لدفع أذى العين عنها...؟!
بوّزت مستغربا و حدّقت في زميلي مشكّكا.
أي نعم لدفع أذى العين...يقولون أنّ إطارات السّيارات المستعملة تُذهب شرّ العائن عن تلك المساكن...العين حقّ كما تعرف...!
ضحكت و رحت أفكّر في تعليق مناسب.
إهْ...ما رأيك...ماهو تعليقك...؟! قال و عيناه تشعّان بالتّوق إلى ما أنوي التّعليق به.
و هل تردّ أذى العين حقّا...؟! سألت و أنا بين الجدّ و الدّهشة.
هكذا يقولون و هكذا يردّدون...يزعمون أنّها تحمي من العين و الحسد...!
و أنت هل تصدّق ما يقولون...؟! أردفت سائلا غامزا.
الحقّ أنّ منزلي بسيط و لا يحتاج إلى حماية من العائنين...!
قلت ساخرا/ كيف يكون لعجلات السّيارات أيّ مقدرة خفيّة في دفع شرّ العين و في نفس الوقت تُعتبر أحد أهمّ الأسباب في إزهاق الآلاف المؤلّفة من الأرواح البشريّة و التّسبّب بجرح و إعاقة أعداد مضاعفة أخرى كلّ يوم في مختلف بلدان العالم من جرّاء حوادث السّير و استخدام الطّرقات...أليس الأصحّ أن تكون لها قدرة ظاهرة لا شكّ فيها في القتل و الأذى....؟!

و في إحدى المرّات عندما هربت إلى البادية من صخب المدينة و ضغطها كما اعتدت أن أفعل بين الوقت و الآخر...لأضبط مزاجي و أرتاح قليلا...لأتخلّص من الصّداع و الطّنين و الأزيز الّذي تسبّبه لي مدينة الغبار و الضّوضاء....
أكّد لي قريب يسكن هناك أنّ العين حقّ و لا ينكرها إلاّ كافر...؟!!

كنّا نجلس (أنا و قريبي) فوق هضبة تشرف على قطيع الأغنام (تَبَعُه)...اذهلني ككلّ مرّة الهدوء وشدو العصافير...نهق حمار من بعيد يعلن عن نفسه و نبح كلب من مكان آخر يعبّر عمّا يبدو عن سعادته...كانت السّهول المعشوشبة المبقّعة بالأزهار و النّباتات البرّية تمتدّ أمامنا على مدّ البصر إلى حيث الجبال البعيدة و الأفق الغارق في مهرجان ساحر و مُلهِمٍ من ألوان الغروب...!

قلت كنت أجلس مع قريبي الّذي تبيّن لي في سياق تجاذب أطراف الحديث معه...أنّه يؤمن كإيمانه باللّه و رسوله أنّ العين حقّ و كل ناكر لها فهو كافر...و استطرد مستدلاّ و متحجّجا على قوله قائلا/ هل تعرف سي عبد الباقي...؟
قلت/ لا...؟!
قال مشكّكا/ سي عبد الباقي...ألا تعرف سي عبد الباقي...لا أحد هنا لا يعرفه...إنّه صديق والدك...أنظر إلى هناك...إلى تلك الدّيار...و لعلّي به يرعى حولها بغنمه...؟!
قلت متلهّفا/ و ماذا به..ليس مهمّا أن أعرفه...؟!
قال بنبرة استغراب/ عينه مؤذية...الجميع يعرف ذلك....ألا تعرف...؟!
قلت و قد عجزت عن إخفاء لهجة السّخريّة/ لا...لم يحصل لي الشّرف...!
قال/ إسمع...كان واقفا معي في إحدى المرّات عندما كنت منشغلا بإدخال القطيع إلى الزّريبة...حدّق في الأغنام و قال "خرفانك و كباشك سمنوا بسرعة مثل دجاج الكهرباء...ماذا تطعمهم...؟!"
و في غضون يومين أصيبت الأغنام بالمرض و فقدتُ رأسين...و في مرّة أخرى حدّق في ضرع البقرة و كانت ابنتي تحلبها و قال "ما أكبر ضرعها و ما أغزر حليبها" و في صباح اليوم التّالي مرضت البقرة و ظهر ورم في ضرعها و راح يكبر بسرعة مذهلة و كدنا نفقدها لولا لطف اللّه و سعينا بها للبياطرة...و في مرّة ثالثة....
قلت أقاطعه/ إذا فالرّجل قادر على الأذيّة بمجرّد النّظر و التّحديق...؟!
ردّ واثقا/ طبعا...لا شكّ في ذلك أبدا...ألا تعلم أنّ الرّسول حذّرنا من العين...؟!

في مرّة أخرى هبّت والدتي العزيزة ترشّ الملح و الكمّون الأسود في أرجاء البيت و هي تمتم بأدعية و آيات من القرآن الكريم و كان هذا دأبها بعد كلّ زيارة لجارتنا ياسمينة و هي إمرأة شارفت على خريف العمر....ضحكت و سألتها متظاهرا بجهلي و عدم اطّلاعي/ ماذا تفعلين يا أمّي...لماذا تنثرين الملح و الكّمون هكذا...؟!
قالت/ العين...العين...يا ولدي...اللّهم إكفنا شرّها...عين ياسمينة مؤذية...كلّما دخلت بيتنا حصل لنا مكروه من تأثير نظرتها الخبيثة....؟!
قلت محاججا/ كيف يا أمّي..لعلّك تظلمين المرأة المسكينة...لعلّها مجرّد صدفة...!!
صاحت/ صدفة....أنا أقول لك عينها خبيثة و أنت تقول صدفة...انظر لعينيها و طريقة تحديقها و ستعرف...كفاك اللّه شرّها...العين حقّ يا ولدي...؟!
قلت مشاكسا/ و هل نثر الملح و الكمّون....
ردّت تقاطعني/ نعم... نثرهما و قراءة القرآن يبعد أذى العين و يمحو آثارها....!
و قبل أن أنطق معلّقا اردفت قائلة/ لا زلت أذكر مجيئها عندما كان أخوك صغيرا الّذي عانته قائلة/ ما بال ولدك فاض بسرعة كعجينة الخميرة...و بعد ساعة واحدة من انصرافها سقط من أعلى الدّرج و أصيب بكسر في ساقه...أمّا أنا فقد دخَلتْ عليّ العام الماضي و وَجدَتْني منهمكة في أشغال المطبخ فرمتني بنظرتها المؤذية و علّقت بقولها "ما أسرع عمل يديك لا تكاد العين تثبت فيهما" و في اليوم الموالي لست أدري كيف أصبت بحروق في يدي اليمنى و أنا أشعل موقد الطّهي...!!

آتي الآن إلى والدي رحمه اللّه الّذي لا زلت أذكر أنّه كان ينصحنا بالخروج فرادى (إخوة و أبناء عمومة) لتشتيت العائن و تبديد آثار العين.....!

و النّاس في بلداننا العربيّة الإسلاميّة (عموما) يحصّنون أنفسهم ضدّ العين بالتّمائم و الرّقية و قراءة القرآن...و من أغرب إجراءات التحصّن تلك، الاجتهاد في عدم إظهار النّعمة كحُسن المظهر و اللّباس و إخفاء علائم الصّحة و الوسامة بالنّسبة للذّكور و الجمال بالنّسبة للإناث دون نسيان تعليق صورة اليد المفتوحة و في وسطها عين مرسومة و تحتها عبارة عين الحسود لا تسود...تعليقها على الصّدور و داخل السّيارات و الحوانيت و المحلاّت و البيوت و غيرها إلى غدت تجارة صور الأيدي المضادّة للعين و السّور القرآنيّة المكتوبة و المنقوشة على الصّحون و الأواني و أدوات الزّينة المختلفة تجارة تدرّ على أصحابها خاصّة من ذوي الأعين الضّيقة أموالا طائلة...و ما من شيء لا نفهمه من همّ أو مرض أو أذى إلاّ و أرجعناه إلى العين أو الجنّ أو فعل ساحر...حتّى السّيارة الّتي لم نستطع بيعها نقول أنّ عينا أصابتها...؟!!

أذكر أنّ أحد الأئمّة فتح عيادة خاصّة في شارع رئيسي و علّق لوحة كبيرة يقول فيها "علاج العين و السّحر و الجنّ"، جهّزها بمكتب و كمبيوتر و سرير لمعالجة المسحورين و المضروبين بالعين، و كان يستقبل في عيادته النّساء و الرّجال و حتّى الفتيات الحسناوات على سمع و بصر أجهزة الرّقابة، و كان القرآن وسيلته و دواءه الأوّل...

الحقيقة أنّ عقيدة العين و الاعتقاد في قدرتها على إلحاق الأذى بالهدف سواء أكان بشرا أو حيوانا أو جمادا لها جذور عميقة في موروث الدّين الإسلامي...

نقول عان فلاناً أي أصابه بعينه، فهو معين، ومعيون، ورجل عائن، ومعيان، وعيون...

يقول ابن القيّم : "....ونفس العين لا يتوقّف تأثيرها على الرّؤية بل قد يكون أعمى فيوصف له الشّيء فتؤثّر نفسه فيه وإن لم يره وكثير من العائنـين يؤثرون في المَعين بالوصف من غير رؤية"....عجايب...؟!
تمعّن أخي القارئ في هذه النّظريّة العلميّة الرّياضيّة التّكنولوجيّة الفذّة الّتي خرج بها هذا العالِم الإسلامي العظيم...أين أنت يا انشتاين يا يهوديّ و يا حفيد القردة و الخنازير و أين نظريّتك النّسبيّة من نظريّة العين تلك...؟!

و تعليقي هو/ لماذا لا نشكّل جيشا من العائنين من بينهم جارتنا ياسمينة و سي الباقي و آخرين و نجتاح بهم دولة إسرائيل ثمّ يحدّقون و يحدّقون حتّى ندمّرهم بأشعّة أعينهم الخارقة و يكفون الأمّة كلّها شرّ العويل و النّباح....أليس هذا اقتراحا جديرا بدراسته من طرف قادة و جنرالات الجيوش العربيّة...؟!



#باهي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - باهي صالح - تُرى هل العين حقّ أم مجرّد خرافة و ظاهرة غباء و تخلّف...؟!