أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - الغضب .. أفيون العرب!














المزيد.....

الغضب .. أفيون العرب!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 828 - 2004 / 5 / 8 - 06:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صب اللعنات على رأس الرئيس جورج بوش والسياسة الأمريكية "المفترية" .. أصبح هو النغمة الشائعة فى القاموس العربى هذه الأيام، وبخاصة بعد 14 أبريل الماضى، تاريخ "وعد بوش" الشهير الذى نافس "وعد بلفور" المشئوم فى إعطاء "من لا يملك" جزءا من اللحم العربى الحى الى "من لا يستحق".
ولا شك أن بوش وإدارته يستحقان هذا الغضب العربى، لكن هذا السخط العارم لا يجب أن يحجب حقيقتين نعتقد أنهما مهمتان.
الحقيقة الأخرى هى أن قسما لا يستهان به من أولئك الذين ينتقدون السياسة الأمريكية اليوم كانوا هم أنفسهم فى طليعة من أحرقوا البخور بالأمس للولايات المتحدة الأمريكية و"حتمية" التحالف الإستراتيجي معها!
والحقيقة الثانية هى أن جانبا كبيرا من طوفان الغضب والسخط على "وعد بوش" اكتفى بـ "التنفيس" الانفعالي والكلامى وافتقر إلى المضمون المحدد، ناهيك عن الآليات اللازمة لتحويل هذا المضمون الغائب الى مواقف سياسية جادة وواقعية.
ولا بأس فى أن يغير المرء موقفه، خاصة وأن التغير هو المطلق الوحيد فى هذا العالم عموما، فما بالك بعالم السياسة خصوصا الذى تتغير فيه موازين القوى باستمرار وتتبدل فيه الظروف والأحوال دائما وأبدا.
والمثال الكلاسيكى الشهير فى السياسة المصرية الحديثة بهذا الصدد هو موقف "زعيم الأمة" مصطفى النحاس باشا الذى عبر عنه بعبارته الخالدة "من أجل مصر وقعت معاهدة 1936 ومن أجل مصر ألغيتها".
لكن تعديل المواقف بناء على معطيات موضوعية .. شئ، والانقلاب من النقيض الى النقيض شئ آخر، خصوصا عندما يكون هذا الانقلاب البهلوانى بمقدار 180 درجة لمجرد السباحة مع التيار.
فهؤلاء الذين نتحدث عنهم ظلوا عقودا متعاقبة، وبالذات منذ أعلن الرئيس الراحل أنور السادات ان الولايات المتحدة تمتلك 99% من أوراق الحل والعقد للصراع العربى الاسرائيلى، ظلوا يلقنون الأجيال الشابة – التى غزا الشيب رءوسها الآن- دروسا تسبغ "الحكمة" و"العقلانية" على "الحليف الإستراتيجي" الأمريكي، وأنه لا بديل عن هذه الشراكة الاستراتيجية مع "ماما أمريكا" (مع الاعتذار للفنان محمد صبحى).
حتى عندما كان "الحليف الإستراتيجي" يتخذ مواقف معادية للحق العربى، وكثيرا ما فعل ذلك مستخدما الفيتو وغيره، دأب "عرب أمريكا" على تبرير هذه المواقف المعادية أو التهوين من شأنها، حتى جاء وقت أصبح فيه هذا التبرير مثل "الحب من طرف واحد"!
والآن .. ولأن "وعد بوش" كان أكبر من أن يُبتلع، ناهيك عن أن يُهضم، فان أحدا لم يجرؤ على رش السكر فوقه. وتحول الجميع، بمن فيهم عرب أمريكا، إلى نقاد أشاوس للسياسة الأمريكية الليكودية.
ولا بأس فى ذلك.. فالرجوع إلى الحق فضيلة كما يقول العرب. لكن هذه الفضيلة لا تكتمل الا بفضيلة ثانية ملازمة لها تسمى بـ "النقد الذاتى".
وهذا النقد الذاتى إذا كان يستوجب من الكاتب الفلانى أن يعتذر لقرائه على تضليله لهم لسنوات، بحسن نية أو لسوء تقدير أو نفاق، فانه يتطلب من رجال السياسة ما هو أكثر.
ومن الغريب أننا لم نسمع – مثلا – أن أحد المسئولين بالسلك الدبلوماسى قد استقال لسوء تقييمه لسياسة ما، أو لان نصائحه قد أوردتنا موارد التهلكة، مع أن الإخفاقات كثيرة وعلى معظم الجبهات.
أنظر مثلا الى النتائج السلبية فيما يتعلق بمحاولات التسوية السليمة لملف الصراع العربى الإسرائيلي وكيف تسير من سيئ الى أسوأ، أو فيما يتعلق بالتطورات التراجيدية على حدودنا الجنوبية فى السودان وكيف فقدت الدبلوماسية المصرية أى تأثير إيجابي فيها، أو فيما يتعلق بالأوضاع فى العراق سواء قبل العدوان الأمريكى أو بعده، أو فيما يتعلق بالملف الإيراني، أو حتى فيما يتعلق بالسلوك الليبى وما يخلقه من عواقب.. ثم أخيرا وليس أخرا بالعلاقة "الاستراتيجية" مع الولايات المتحدة.
ليس فى أى ملف من هذه الملفات نجاحات يعتد بها، بل إن معظمها ليس به سوى الاخفاقات. ومع ذلك لم يقدم مسئول واحد من المسئولين عن هذه الملفات استقالته ليحل محله زميله الذى كان يخالفه فى الرأي وأثبتت الأيام أنه كان على حق، وهو ما يحدث فى أى بلد من بلدان العالم .. الا مصر حيث يستمر المسئول فى الدفاع اليوم عن سياسة ما وعن نقيضها غدا، بالضبط مثلما نجد أن الذين يتصدرون الحديث عن "الإصلاح" وهم أنفسهم المسئولين عن الأمر الواقع فى الماضى والحاضر!!
وهذا ينقلنا الى الجانب الأخر الذى أشرنا إليه آنفا، وهو سيادة "خطاب الغضب" الكلامى والانفعالي الذى سرعان ما ينتهى الى لا شئ سوى تكريس الأمر الواقع وتدنى جدول أعمالنا الى مجرد المطالبة بـ "إزالة آثار" آخر عدوان، بعد أن نكون قد نسينا العدوان الأصلي، أو بعد أن أصبح العدوان الأصلي أمرا واقعا.. ألفناه وتعايشنا معه!!
بينما الخطاب العقلانى يستدعى تحليل الأسباب التى أوصلتنا الى مرحلة "وعد بوش"، دون إغفال الأسباب العربية فى المقام الأول ومسئولية الاستراتيجية العربية المعتمدة عن ذلك، ثم وضع استراتيجية جديدة تتجنب الأوهام وجوانب الضعف السابقة، وتضع أيديها على أوراق مهملة ونقاط قوة وإمكانات مهدرة وتحالفات إقليمية ودولية بديلة. وان يأتى ذلك كله ثمرة لحوار وطنى وديموقراطى. فليس من المعقول مواجهة كوارث خطيرة تهدد الوجود العربى فى الصميم باجترار نفس السياسات القديمة التى كانت أحد الأسباب التى مهدت الطريق أمام هذه الكوارث.
بدون ذلك سيظل صب اللعنات على رأس الرئيس بوش ووعده المشئوم .. مجرد كلام فى الهواء.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جــريمـــــة الـقــــرن الحــــادي والعشـــــــرين
- الــــــورطــــــــــة !
- - وعد بوش - .. لاقامة إسرائيل الكبرى
- حكاية سيدة محترمة اسمها - ميريام - اطلبوا الإصلاح .. ولو من ...
- بعد أن تحول العراق من »وطن« إلي »كعكة« سباق دولي وعربي محموم ...
- رسالة مفتوحة الى أصحاب الجلالة والفخامة والسموالبقية فى حيات ...
- بين -الدير- و-الشيخ- .. -ياسين- يدفع فاتورة الاستشهاد جرائم ...
- رئيس الحكومة صاحب المزاج العكر .. أول ضحايا لعنة العراق
- من لا يقـــدر على - بــوش- وزعــانفــــه فليقــــذف نــادر ف ...
- من لا يقـــدر على - بــوش- وزعــانفــــه فليقــــذف نــادر ف ...
- العربى مريض .. فمن يكون - بوش - : الطبيب أم الحانوتى ؟
- صاحبـــة الجــلالة تنهـض من تحـت الأنقــاض
- بمناسبة انعقاد المؤتمر العام الرابع للصحفيين مـصــــر تستـحـ ...
- حــرب - الكــاتشــب - و - النفــط - للفــوز بالبيت الأبيــض
- انتبهوا أيها السادة : تهويد التاريخ بالاحتيال بعد تهويد الجغ ...
- أمريكا فى مواجهة العالم
- صـحفـــى مصــــرى .. بــدرجــة شيـــخ قبيــلة فى العــــراق!
- ســـــنـة ســــوداء للصـحـــافـــة
- مضــاعفــات انتقــال المبـــادرة مـن - المـركـز - إلى -الهام ...
- الحجاب- الفرنسى .. و-النقاب- الأمريكى!


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - الغضب .. أفيون العرب!