أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - جواد البشيتي - ماركس إذ بُعِثَ حيَّاً!















المزيد.....

ماركس إذ بُعِثَ حيَّاً!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2715 - 2009 / 7 / 22 - 06:51
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


كلَّما عصفت بالرأسمالية أزمة اقتصادية حادة، كأزمتها الآن، التمع في ظلمة النسيان، التي تشغل دائماً حيزاً من ذاكراتنا، اسم شخص واحد هو كارل ماركس، فلا مهرب لذاكرتنا من قانون "تداعي المعاني" لديفيد هيوم، والذي كثيراً ما نعبِّر عنه بالقول "الشيء بالشيء يُذْكَر"، وكأنَّ ذِكْر أحد الخصمين يستدعي ذِكْر الآخر.

وعلى سبيل التذكير، إن نفعت الذكرى، نقول، أو يجب أن نقول حتى يصبح ممكناً تمييز خيوط الحقيقة من خيوط الوهم، إنَّ ماركس ليس الاتحاد السوفياتي، الذي حَكَمَ عليه التاريخ بالموت، وإنَّ الاتحاد السوفياتي ليس ماركس، الذي استمدَّ حياةً من موت ما سمِّي "النظام الاشتراكي (أو الشيوعي)"، ولو أبى "اليتامى الحُمْر" الاعتراف بهذه الحقيقة، التي تنمو ضياءً يوماً بعد يوم.

الرأسمالية هي التي ولدت ماركس، فاستولد من واقعها الاقتصادي ـ الاجتماعي فكراً، بسطه في مؤلَّفه الشهير "رأس المال"، فوعت وأدركت ذاتها على خير وجه.

إنَّها مصادفة صرف أن يظهر هذا الرجل في المكان الذي ظهر فيه (ألمانيا) وفي الزمان الذي ظهر فيه، وأن يكون يهودياً، وأن يكون اسمه كارل ماركس، وأن..، وأن..؛ ولكنها ضرورة تاريخية أن يظهر مثيلاً له في الفكر، فلو لم يظهر ماركس نفسه لأنتجت الضرورة التاريخية مثيلاً له، يقوم مقامه، فالمهمَّات التاريخية العظيمة هي التي تصنع الرجال العظام، وكأنَّها تحبل بهم.

في البدء، تجاهلوه، ثمَّ سخروا منه، ثمَّ حاربوه، ثمَّ ينتصر (أقول "ينتصر" ولا أقول "انتصر"). لقد نعوه عشرات، بل مئات، بل آلاف المرات، وطبعوا، في العداء له، ما يفوق ما طبعه "مجلس الاحتياط الفدرالي" من "الورقة الخضراء" أضعافاً مضاعفة؛ ومع ذلك ظلوا في حوار أبدي معه، وكأنَّ عصره وفكره لم ينتهيا بعد!

حتى أولئك "الحُمْر"، والذين "صنَّموا" ماركس وفكره حتى قال على الملأ "إنِّي لستُ ماركسياً"، تحوَّلوا جميعاً إلى بطرس، فأنكروه ثلاث مرَّات إذ تناهى إلى أسماعهم نبأ زوال الاتحاد السوفياتي، وكأنَّ انهيار بناية على رؤوس سكانها هو خير دليل على أنَّ علم الهندسة كان كومة من الأخطاء!

ولو كان ماركس على قيد الحياة عندما كان الاتحاد السوفياتي حيَّاً يُرْزق، ويُصوِّر نفسه للعالم على أنَّه الجنَّة على الأرض لقال، هذه المرة، وعلى الملأ، "إنِّي لستُ شيوعياً"، فلو كان "النظام الشيوعي" في الاتحاد السوفياتي وغيره هو ذاته "المجتمع الجديد" الذي بشَّر به ماركس، ودعا إليه، لدعا للرأسمالية بطول البقاء!

ماركس كتب مجلَّدات في النظام الرأسمالي؛ ولكنه لم يكتب سوى بضعة سطور في النظام الاشتراكي؛ لأنَّه كان عدوُّاً لدوداً لكل فكر طوباوي؛ ولأنَّه لم يفهم المجتمع الجديد الاشتراكي إلاَّ بوصفه أحد خيارين تاريخيين، فالرأسمالية، على ما قال وتوقَّع، إمَّا أن تتقدَّم نحو الاشتراكية وإمَّا أن تتقهقر، ومعها البشرية كافة، إلى عهود الوحشية، التي إنْ أردتم معرفة ماهيتها، وإدراك كنهها، فانظروا بالعين المجرَّدة من الأوهام إلى ما يسمُّونه "الرأسمالية الجديدة"، أو "الليبرالية الجديدة"، مع شريعتها، التي تسمى "نهاية التاريخ".

سقوط الاتحاد السوفياتي ظنُّوه سقوطاً لماركس، فقرَّروا إذلال هذا الرجل مع فكره بما يشبه الصفح عنه، فشرعوا يتساهلون في معاملة كل من يَذْكُر اسمه، أو يقرأ له، أو يكتب عنه، أو ينادي بأفكاره، وينحاز إليها، وكأنَّ الرعب الذي ألقاه في قلوبهم قد ولَّى وانتهى.

أمَّا قبل ذلك، أي عندما كان هذا الرعب يستبدُّ بهم، فكانت عبارة "اكرهوا ماركس!" هي جوهر وقوام خطابهم السياسي والإعلامي والفكري، فهو، في الصورة التي أظهروه فيها، الملحد الكافر، وهو اليهودي، والعدو اللدود للقومية، وهو الشرير الذي تبذر أفكاره بذور الاقتتال والحروب الأهلية، وتقوِّض السلم الأهلي، وتُفْسِد الفطرة التي خُلِق عليها الناس، وتناصب كل ملكية خاصة العداء ولو كانت ملكية صحن وملعقة. ولكن، ما أن تأكَّد لهم صلبه، فموته، فدفنه، حتى شغفوا حُبَّاً باليهودي الصهيوني، وبيهود "وول ستريت" والكونغرس.. وحتى زجوا العالم بأسره في حرب الكل ضد الكل، مستثيرين ومؤجِّجين في النفوس كل عصبية تهبط بالإنسان إلى الدرك الأسفل من الحيوانية، فعرف العالم من الفساد الشامل والعام في رُبْع قرن من الزمان ما لم يعرف له مثيلاً، في الكم والنوع، منذ التاريخ المكتوب.

في كتاب "رأس المال"، وفيه فحسب، يمكنك أن ترى الرأسمالية، والرأسمالية اليوم أيضاً، في حقيقتها العلمية، العارية من زخرف الثياب والقول، وأن تُدْرِك، من ثمَّ، أنَّ خير من حلَّل النظام الرأسمالي، وسبر غوره، واكتشف قوانينه الموضوعية، وفهمه فهما عميقاً واسعاً شاملاً، هو كارل ماركس، الذي تظل الرأسمالية في عصره ما ظلَّت على قيد الحياة.

لقد تحدَّى هذا الرجل، إذ جعل لفكره جذوراً عميقة في تربة العلم، كل زعماء الفكر الاقتصادي الرأسمالي أن يأتوا بتفسير علمي لـ "الربح الرأسمالي" غير التفسير الذي أتى به، والذي بفضله ظهرت "عدالة الأجر" على أنَّها الظُلم الاقتصادي والاجتماعي والتاريخي وقد لبس لبوس "العدالة الرأسمالية".

قانون "العرض والطلب" نقَّاه ماركس من الخرافة، موضحاً أنَّ هذا القانون، وعلى أهميته، يفسِّر فحسب درجة انحراف السعر عن قيمة البضاعة؛ ولكنه لا يستطيع أبداً أن يفسِّر تلك القيمة ذاتها؛ والدليل على صدق ذلك أنَّ توازن العرض والطلب هو لحظة بيع البضاعة بقيمتها؛ وبيع البضاعة بقيمتها إنَّما هو ذاته بيعها بربحٍ، فإذا كانت قيمة بضاعة ما هي حاصل جَمْع قيم كل البضائع المستهلَكة من أجل إنتاج تلك البضاعة فكيف يمكن، عندئذٍ، بيعها بربح عندما يتوازن العرض والطلب؟!

وحتى كتابة هذه السطور لم نسمع إجابة رأسمالية علمية ومُقْنِعة عن هذا السؤال ـ التحدي، الذي انطلق منه ماركس ليؤكِّد أن جوهر الرأسمالية سيظل هو ذاته، وهو السعي لأمرين في آن: "الربح الأقصى" و"التراكم"، أي زيادة تركيز رأس المال.

لقد سألوا رب العمل، أي كل رب عمل، "من أين لك هذا؟"، فأجاب وكأنه لسان الحقيقة: "من عصاميتي، فكل ما أملك إنما هو ثمرة جهدي وكدِّي وعملي وعرقي.. وذكائي".

ومع ذلك، ظل الواقع يجيب قائلاً: "إنَّ من يعمل لا يملك، وإنَّ من يملك لا يعمل، وإنَّ أكثر الناس ذكاءً هم الفقراء"!


الأزمة الموضوعية في عالم الاقتصاد الرأسمالي العالمي، وهي الأولى حجماً ونوعاً، في عصر العولمة، كشفت عن أزمة عميقة في الذات، فكلا الطرفين (الطرف المدافع عن الرأسمالية والطرف المناوئ لها) أظهر، إذ تحدَّث وكتب، عجزاً علمياً، فما سمعناه أو قرأناه من رأي وتحليل وتعليل وتفسير.. ومن مواقف من ثمَّ، إنَّما أظهر وأكد الاغتراب الفكري.

كل الأجوبة كانت بعيدة، غريبة، عن "السؤال".. سؤال "ما حقيقة هذا الذي حدث؟ ولماذا حدث؟ ولماذا حدث على هذا النحو فحسب؟".

وكان يكفي أن تستمع لممثلي الرأي والرأي الآخر في بعض من الفضائيات العربية حتى تتأكد أنَّ الأزمة في العقول أشد عنفاً من الأزمة في "وول ستريت"، أو من الأزمة التي انطلقت من حي المال هذا.

هذا يدافع عن الرأسمالية وهو يجهل تماماً حقيقتها الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية، وذاك يُحدِّثك عن الاشتراكية، وعن ماركس والماركسية، بما يقيم الدليل على أنَّ مأساة ماركس تكمن في أنَّ منتقديه ومؤيديه متساوون في سوء فهمه.

إننا حديثو العهد في الممارسة الإعلامية لحرية الرأي، بوجهيه أو طرفيه؛ ولكنَّ هذا يجب ألاَّ يظل مبرِّراً لفهم حرية الرأي على أنها الحرية في نبذ "العلمية" من الآراء، فأنتَ، على سبيل المثال، ليس من حقكَ أن تتحدث، بدعوى حرية الرأي، عن "السلعة"، و"رأس المال"، و"رأس المال المالي"، وأنتَ تجهل ماهية تلك الأشياء أو المفاهيم.

"الأزمة" تزامنت مع أزمة في جائزة "نوبل" للاقتصاد، فمنحها، هذه المرة، اصطدم بعقبة أخلاقية، فكيف تُمْنَح لرجل اقتصاد في وقت تشهد الأزمة على أنَّ ملتون فريدمان قد نالها بوصفه أحد كبار النظريين الاقتصاديين المسيئين إلى الاقتصاد الرأسمالي؟!

ومع ذلك منحوها لرجل اقتصاد، حاله الفكرية لا تقل سوءاً عن الحال الاقتصادية للنظام الرأسمالي.

ولو كان للموضوعية والعلمية من وزن يُعْتَدُّ به في قرار المَنْح لمنحوها لرجلٍ أعظم شأناً من الجائزة نفسها، ومن مانحيها، ومن نوبل نفسه؛ وهذا الرجل هو كارل ماركس، الذي عاد الطلب على "أسهمه الفكرية" يقوى ويشتد، فهو الآن، وبشهادة حتى خصومه، الحائز على ألقاب من قبيل "مفكِّر الألفية الثالثة"، و"أهم شخصية ألمانية على مرِّ العصور"، و"الشبح الذي عاد"، و"أعظم الفلاسفة في التاريخ".

حتى رجل الأعمال والسياسي الليبرالي الشهير جورج سوروس تحدَّث عن ماركس قائلاً: "لقد قرأتُ ماركس، فاكتشفتُ كثيراً من الصواب في فكره".

إنَّ الطلب على هذا الرجل يقوى ويشتد الآن، وكأنَّ العالم المثخن بجراح الأزمة المالية والاقتصادية العامة للرأسمالية يتوفَّر الآن على إعادة اكتشاف ماركس، وعلى استعادة الاهتمام به؛ ونحن لو صرفنا النظر عن عداء ماركس للرأسمالية، لاكتشفنا أنَّه "الوعي الحقيقي" للنظام الاقتصادي الرأسمالي، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، وكأنَّ الرأسمالية لم تَعِ ذاتها على خير وجه إلاَّ من خلاله.

ولا شكَّ في أن انهيار الاتحاد السوفياتي قد أسدى خدمة جليلة إلى ماركس، الذي كان في أحسن تقويم فجعلته موسكو الحمراء أسفل سافلين.

المنافحون الآن عن الرأسمالية يقولون إنَّ ما أصابها، انطلاقاً من "وول ستريت"، لا يعدو كونه جزءاً من "دورتها الاقتصادية الطبيعية"، ضاربين صفحاً عن أنَّ ماركس ذاته هو صاحب براءة اكتشاف تلك الدورة!

إنَّها الأزمة الاقتصادية العالمية الحقيقية الأولى في القرن الحادي والعشرين، وإنَّ نحو 2000 مليون إنسان سيُعانون الجوع ونقص الغذاء، مع ما سيترتَّب على ذلك من عواقب اجتماعية وسياسية..؛ فـ "الريح الاقتصادية" هي دائماً الريح الاجتماعية ـ التاريخية الأقوى، والتي لكونها تأتي بنتائج غير متوقَّعة، في معظمها وأهمها، يُنْظَر إليها على أنَّها شيء يشبه "يد القضاء والقدر"!

إنَّ كثيراً مِمَّا نَنْظُر إليه على أنَّه "صُروحٌ" في نُظُم حياتنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.. والفكرية، تَذْريه "الريح الاقتصادية العاتية"، وكأنَّه بناء من ورق.

ولقد علَّمنا التاريخ أمراً في منتهى الأهمية هو أنَّ "النظام الاقتصادي ـ الاجتماعي الخالص"، أي الذي يتوفَّر أربابه على جعله خالياً خلوَّاً تامَّاً من نقيضه، ليس بشيء يختلف عن "العدم الخالص"، فانهيار الاتحاد السوفياتي، مثلاً، فُسِّر على أنَّه نتيجة حتمية لإفراغ نظامه الاقتصادي ـ الاجتماعي" من قوى لها السيادة التَّامة، تقريباً، في النظام الرأسمالي، وكأنَّ شيئاً من الرأسمالية كان يمكن أن يشحنه بأسباب الحياة والبقاء والنماء. واليوم، حيث لم يبقَ في الميدان (العالمي) سوى حميدان، أي النظام الرأسمالي، شرع هذا النظام يتخفَّف من "ألبسته"، التي، عن اضطِّرار، لبسها في صراعه ضد ما سمِّي بـ "النظام الاشتراكي"، والتي يمكن تسميتها، مع كثير من التحفُّظ، "ألبسة اشتراكية"، فما عاد، بالتالي، يملك كثيراً من تلك القوى التي تسنده ضدَّ وزنه وثقله، أي التي تَحُول بينه وبين الانهيار على نفسه بسبب وزنه وثقله.

إنَّكَ، بعد وبسبب انهيار الاتحاد السوفياتي، تَعْجَز عن أن تكون محامياً (مُقْنِعاً) عن ماركس، فأين هو "النظام الاشتراكي (أو الشيوعي)" الذي سيحلُّ، لا محالة، محلَّ "النظام الرأسمالي"، بموجب القوانين (الاقتصادية) الموضوعية للرأسمالية نفسها؟!

ولكنَّ إنصاف الحقيقة (لا إنصاف ماركس) يَحْملنا على أن نقول توضيحاً إنَّ ماركس لم يتحدَّث عن حلول (وضرورة حلول) الاشتراكية محل الرأسمالية إلاَّ بوصف هذا الحلول أحد خيارين تاريخيين، فهو قال: "إمَّا أنْ تَحِل الاشتراكية محلَّ الرأسمالية وإمَّا أن تعود الرأسمالية بالعالم والبشرية إلى الوحشية (الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية..)".

وأحسبُ أنَّ الخيار الثاني، أو الآخر، أي "خيار الوحشية"، هو الأقرب إلى "العِيان" منه إلى "الخبر"!

الرأسمالية اليوم، والتي عَوْلَمَت كل شيء بما يُوافِق مصالحها، فَقَدَت، وتَفْقِد، ركنين من أركان بقائها بوصفها نظاما اقتصادياً ـ اجتماعياً فيه من "الأنْسَنة" ما يكفيه شرَّ التحوُّل إلى "وحشية شبه خالصة"؛ وهذان الركنان هما: "الدولة" بوصفها أداةً لدرء مخاطِر الرأسماليين الأفراد عن الحاجات الأوَّلية والأساسية للمواطنين، ولِجَعْل "الغذاء الرخيص" حقَّاً عامَّاً، ومن حقوق الإنسان الأساسية، و"السوق الحرَّة"، التي هي الآن كمثل ظلٍّ فَقَدَ جسمه، فهي موجودة الآن في الاقتصاد الرأسمالي "المُعَوْلَم" بوصفها جزءاً من "آثاره التاريخية"، أي أنَّها تنتمي إلى ماضيه أكثر كثيراً من انتمائها إلى حاضره.. ومستقبله.

من قبل، كُنَّا نقول إنَّ "الدولة" في الولايات المتحدة تُمثِّل "طبقة" الرأسماليين، التي عرفت كيف تَجْعَل "الشعب" شَعْباً لها؛ أمَّا اليوم فإنَّها لا تُمثِّل سوى جزء ضئيل، وضئيل جداً، من تلك "الطبقة". وهذا الجزء الضئيل، المتضائل، ليس لديه من المصالح والأهداف والدوافع إلاَّ ما يجعله، في سياسته وبرامجه وخططه وسلوكه، منافياً للعقل والمنطق والحكمة.. ولماضيه الطبقي من القيم والمبادئ والشعارات.

إنَّه، أي هذا الجزء، وبفضل العَوْلَمة، قد أفْقَدَ دُوَلِنا صفة "المُمَثِّل للمصالح الطبقية العامة للرأسماليين في مجتمعاتنا"، فَدُوَلِنا هي الآن في انفصال متزايد متسارِع ليس عن مجتمعاتها فحسب، وإنَّما عن طبقات الرأسماليين فيها. إنَّها، أي دُوَلِنا، تُمَثِّل، في المقام الأوَّل، "الحكومة العالمية"، أي حكومة الولايات المتحدة، التي تُمثِّل تلك الفئة الضئيلة المتضائلة من الرأسماليين، والتي جعلتها مصالحها ترى في أوهام "العهد القديم" خير أساس لإيديولوجيتها.

ليس شكسبير، وإنَّما شايلوك، في معناه الاقتصادي والأخلاقي والإيديولوجي، والذي امتزج فيه "يهوه" حتى أصبحا كائناً واحداً، هو الذي يَحْكُم العالم الآن، ويُمثِّل هوية عصرنا!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الشيخ جرَّاح- هو -رودوس- التي تتحدَّى أوباما!
- لِيُعْقَد في -بيت لحم- ولكن ليس في -بيت العنكبوت-!
- من -أزمة الحل المرفوض- إلى حل -الحل المفروض-!
- الأهمية الحكومية ل -المعارَضة- عندنا!
- ما وراء أكمة -صُلْح- أوباما مع المسلمين!
- اقْضوا على اللاجئين.. تَقْضون على -حق العودة-!
- شتاينماير الذي هزَّ رأسه!
- ما بين -رجل الإعلام- و-رجل الأمن-!
- المخاطر الإسرائيلية.. كيف يمكن أنْ تُواجَه أردنياً؟
- المستوطنات في أسواقنا وبيوتنا!
- تخطِّي الرأسمالية.. أما زال ممكناً؟
- الزمن في حياتنا اليومية!!
- يوم اسْتُعيدت -السيادة العراقية-!
- رِفْقاً بالنواب!
- -المبادرة العربية- عندما تُهْدَم بأيدي العرب!
- في ثقافة -التطبيع الثقافي-!
- هل من متجرِّعٍ ثانٍ ل -السُمِّ- في إيران؟!
- -خطاب- يُزيل حتى البُقَع العنيدة من الأوهام!
- العالم يحبل بأزمة غذاء جديدة!
- تداول السلطة.. إيرانياً!


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - جواد البشيتي - ماركس إذ بُعِثَ حيَّاً!