أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين رشيد - حكاية عبر الازمان














المزيد.....

حكاية عبر الازمان


حسين رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 2715 - 2009 / 7 / 22 - 08:39
المحور: الادب والفن
    


توثية ... وكيبل ... و رصاصة
كان لزقزقة عصافير الصباح صداها اليومي على مسامعه وهو يرتشف كوب الشاي متأملا قطرات الندى المتزحلقة على أوراق شجرة البرتقال عبر النافذة المطلة على حديقة الدار الأمامية, أتم شرب الشاي التقط مفاتيح السيارة ونظارته الطبية وتخطيط هندسي كانت قد اتمه في الليلة الماضية وجهاز الهاتف النقال, ليخطو صوب السيارة بعد ان نادى على ابنته لاصطحابها إلى المدرسة. فتح باب الدار أدار محرك السيارة بعد ان اعتاد على تفقدها, لتدور العجلات ببطء نحو الشارع, نزل من السيارة ليغلق باب الدار لكن مظروف صغير لفت أنظاره ليلتقطه من الأرض ويتلمسه بخوف وحذر فتحه كانت ورقة إنذار حوت بداخلها رصاصة. دارت به الدنيا أعاد ابنته والسيارة إلى الدار اخبر زوجته بالموضوع اتصل بأهله وبعض أصدقائه المقربين ليخبرهم بالامر ذاته, ليعرضوا عليه ترك الدار والسكن معهم في نفس منطقة سكناهم وذلك لوجود عدة دور فارغة, وحين استفسر عن سبب فراغها كانت الإجابة الأسباب نفسها ورقة ورصاصة .لم يبق أمامه سوى السفر والرحيل من اجل نجاته وعائلته من خطر العنف. لتفقد المدينة عقلا أخر وانسانا نبيلا اخر يضاف الى قائمة الخسارات. الى هنا انتهى, لكن لنا عودة في نهاية المقال.
إذ ما عدنا إلى الوراء بسنين أو عقود قليلة ونبحث عن خلفية المجتمع العراقي النابعة من القرية المتوارثة من البداوة العربية. نجد أن العنف كان سيد الحياة ولا تحل أي مشكل من دون وقوع شجار او معركة بين عائلتين أو عشيرتين أو قبيلتين وحتى بين منطقتين متجاورتين وفي اغلب الأحيان يكون الخاسر الأكبر هو من كان يتحلى حتى ولو بقسط بسيط من الحكمة والعقل. وفي بيئتنا التي توارثناها عن آباءنا وأجدادنا والى يومنا هذا نسمع عن الفصل او الدية و( تدير)* المذنب أو المجرم آذ صح القول بعد حل المشكلة عشائريا والأخير دائما ما يكون المعتدى وفي أحيان أخرى يكون هو المعتدي عليه بسب خلاف قد لا يستوجب حله سوى دقائق لكن ثقافة (التوثية) لم تسمع بتلك الدقائق أن تكون خيرا فتتدخل وبقوة قد تودي إلى الموت وهذا بدوره يدعو إلى الثأر وهكذا لا ينتهي الأمر ألا بترحيل أحدى العائلتين او العشيرتين الواحدة عن الأخرى وهذا العنف ربما يكون مستشريا في مجتمعنا وخاصة الريفي منه ونلاحظ ذلك من خلال تصرفات البعض منهم من خلال الاحتكاك البسيط مع الاخرين ترى ردة الفعل العنيفة والشيء الاخر اذ ما وصل هذا الشخص الى مركز مهم في العمل او الدائرة اما اذا تطور الامر وصل الى مركز حكومي كما حصل مع نظام صدام ستتحول ثقافة ( التوثية ) الى ثقافة اكثر حداثة الا وهي ثقافة ( الكيبل) ذلك السوط الذي يشيع الرعب والارتجاف في نفس أي كائن يراه, اشيعت هذه الثقافة في اغلب مفاصل الحياة اليومية ابان حكم الطاغية حتى في المدارس اضافة الى سياسية الترحيل او التهجير الإجباري وهذا الاخير شمل الالاف من العوائل التي رمي البعض منها على الحدود بحجة التبعية الايرانية ورحل البعض الاخر الى مناطق بعيدة عن ما اعتادت هذه العوائل العيش بها مثل رمى الاكراد في صحراء السماوة والرمادي , الامر الذي دفع بالبعض من المتنفذين بتلك المناطق باستغلال هولاء المرحلين قسرا. هذا اضافة الى جلب بعض المتعاونين مع السلطة واسكانهم بدل تلك العوائل ليستمر الحال على ما هو عليه سنين وسنين ذاق بها الناس المر وتجرعو ا السم الزعاف من بطش الكيبل والتقارير الحزبية والتحقيقات الامنية, حتى جاء التاسع من نيسان وسقطت تلك الثقافة بسقوط دراميكي لسلطة متجبرة على شعبه, لكن الذي يبدو ان لعنة الثقافات المتوارثة لم تشاء ترك هذا الشعب المسكين ليكون الوليد هذه المرة اكثر حداثة واكثر رعبا وقسوة اذ انتشرت ظاهرة التهديد بالرصاصة المصحوبة بورقة الانذار بالرحيل. هنا تتدخل الافكار والايدلوجيات والطروحات والاراء حول ماهية الرصاصة ومهمتها الخفية واسبابها, ولماذا تكون مرعبة بهذا الشكل. البشر بطبيعتهم مختلفون عن كل المخلوقات, حتى طغى هذا الاختلاف فيما بينهم وذلك بسب امتلاك البعض قناعات راسخة ودائمة بقدراتهم على تغير الاخرين وردهم الى جادة الصواب التي يعتقدوها صائبة ضمن افكارهم المتداولة, ولو توقف البشر قليلا عند أي خلاف او اشكال سواء كان معرفيا او فكريا او دينيا او عرقيا وحاولو تداول الامر من خلال النقاش والحوار لضمنوا السلام والامان عبر مر العصور, لكن الطامة الكبرى والكارثية تحدث حين يختل ميزان القوى عقب تغير سلطوي يكون باسط قوته وجبروته سياسيا وفكريا وثقافيا ودينيا وقوميا على الاخر لتنتج عبر هذا التغير ثقافة عنف لمحاولة رد السلطة الفقودة او افساد فرحة الاخر بهذا التغير, ويرافقه من الجانب الاخر تفجر الاحقاد لتكون لغة الانتقام والمطاردة ردا ليشاع في النهاية مبدا ان لم تكن معي فانت ضدي والية القتل على الهوية.
عودة الى بدء, بعد ان سافر المهندس واستقر بمدينة اخرى تاركا داره واهله واصدقاءه وعمله وذكريات طفولته وشبابه. انطلقت حملة امنية من قبل الحكومة القت القبض من خلالها على العديد من المجرمين والارهابين ومن بينهم مجرم اعترف بالعديد من الجرائم ومنها تهجير الناس عبر رمي ورقة تحوي بداخلها رصاصة ومن بينهم المهندس, هنا حدثت المفارقة فجد هذا المجرم كان قد قتل شخصا ( ودير) من مدينته الى مدينة اخرى ليستقر في قرية عمل عند احد الملاكين ليتزوج من ابنته المشاع عنها اقوال غير لائقة ليكون ناتج تلك الزيجة أربعة أبناء وثلاثة بنات أكبرهم انخرط في جهاز امني للسلطة مع تدرجه الحزبي السريع لما عرف عنها من مهارة في كتابة التقارير واستخدام الكيبل بدوره تزوج من امرأتين احداهن زوجة صديق له كانا على خلاف دائم والتي تآمرت معه في استنطاق زوجها بسب النظام ورئيسه وتسجيل الحديث على شريط كاسيت لتكون في الأخر شاهدة عليه في المحكمة على انه من المتآمرين على النظام ليحكم عليه بالإعدام , ليكون هذا الإرهابي حفيدا لجد قاتل وأب مجرم وأم واشية. *تدير تعني بلهجة الوسط ترك دياره والرحيل الى ديار اخرى, وفي اللهجة الجنوبية تعني (يجلي)



#حسين_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة.... اغتصاب ولكن ....!
- من مكرمة الى هدية
- تعلموا من الزعيم
- 14 تموز وحدوته المصالحة
- وزارة ومنظمات المجتع المدني
- دمعة السيادة
- يمضون ونبقى
- الترجمة الادبية بين الابداع والامانة
- ثلاث عجاف
- تحالفات جديدة !
- السلطات والادب
- كامل شياع .... سلاما
- نوايا
- ارض البرتقال
- فرحة في الوقت الضائع


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين رشيد - حكاية عبر الازمان