أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولى - -الشَّرَاكَةُ-: لَعْنَةُ مُفَاوَضَاتِ السَّلامِ السُّودانيَّةْ!















المزيد.....

-الشَّرَاكَةُ-: لَعْنَةُ مُفَاوَضَاتِ السَّلامِ السُّودانيَّةْ!


كمال الجزولى

الحوار المتمدن-العدد: 828 - 2004 / 5 / 8 - 07:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


منذ وقع الانقطاع المأساوى فى مفاوضات السلام السودانيَّة بضاحية نيفيشيا الكينيَّة خلال الأسبوع الثالث من أبريل الماضى (2004م) ، وأنا أفكر فى ما عساها تكون العقبة (الحقيقيَّة) التى أوهت قرنها بعد قرابة العامين من مكابدة ولادتها المتعسِّرة ، وما تزال تتهدَّدها بالاجهاض حتى بعد أن استؤنفت أواخر ذلك الشهر ، بل وبالفشل فى تطبيقها حتى لو تمَّ التوصَّل عبرها لاتفاق (نهائى)! فخطر لى أن ما راج عن صعوبة الاتفاق على الوضع التشريعى (للعاصمة القوميَّة) ومصير (المناطق الثلاث) وما إلى ذلك ليس فى حقيقته سوى عَرَض أو نتيجة ، وأن مقاربة السبب (الحقيقى) لن تكون ممكنة إلا بالخروج من بين (الأشجار) الكثيفة لأجندة المفاوضات نفسها ، ومحاولة الاطلال على (غابتها) من بُعد ، وذلك للتحقق من صحة فرضية مفادها أن هاجس البحث عن (شراكة) مشروطة من جانب النظام هو (لعنة) هذه المفاوضات!
أول ما تقع عليه العين فى مشهد (الغابة) هذا هو أنه ، وعلى حين لم تفوِّت الحركة الشعبيَّة مناسبة لإظهار عدم ممانعتها فى إشراك بقية القوى السياسيَّة ، منذ أول تدشين التفاوض الحالى بضاحية مشاكوس الكينيَّة تحت مظلة الايقاد فى 18/6/02 ، فإن أهم ما ظل يُساق من جانب الحكومة والوسطاء ، وعلى رأسهم الأمريكان والبريطانيون ، فى باب التبرير لموقفهم القاضى بقصْره على الحكومة والحركة ، هو أن أوجب ما يستوجب السلام ، ابتداءً ، (وقف إطلاق النار) بين الطرفين (المتحاربين) والاتفاق على (ترتيبات أمنيَّة وعسكريَّة) لقواتهما. بهذا المنطق فرض على البلد كلها أن تحبس أنفاسها فى مقاعد المتفرجين لأكثر من عام حتى أبرم الطرفان (الاتفاق الاطارى) فى 20/7/02 ، و(مذكرة التفاهم لوقف العدائيات) فى أكتوبر 2002م ، وتمديدها فى نوفمبر 2002م وفبراير 2003م ، وترتيب (ممرات الاغاثة) فى يناير وأبريل 2003م ، ثم جاء لقاء (طه ـ قرنق) بضاحية نيفيشيا الكينية ليحسم مسألة (الترتيبات الأمنية) فى سبتمبر 2003م. وبذلك تكون قد انطوت ، أو هكذا يفترض ، صفحة تلك الحُجة التى تمسَّكت بها الحكومة وظاهَرَها فيها الوسطاء.
مع ذلك راحت المفاوضات تنزلق ، رويداً رويداً ، بالمصادمة لهذا المنطق ، وبموافقة الحكومة ونفوذ الوسطاء ، لتتوحَّل فى صميم قسمة (السلطة) و(الثروة) و(المناطق الثلاث) و(العاصمة القومية). ورغم أن حناجر الوطنيين بحت من التنبيه إلى أن غياب (مشاركة) بقية القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى عن التفاوض حول هذه المسائل إنما يهدر شرط الاستدامة الأساسى لأى ترتيبات سلام مأمول. لكن النخبة الاسلامويَّة الحاكمة ظلت مشغولة فى الحقيقة بالبحث طوال الوقت عن (شراكة) تكتيكيَّة لا تمسُّ (هيمنتها) على الشمال ، بينما تفيد منها فى حلِّ مشكلاتها المستفحلة! فبعد أن تيقنت من استحالة المضى فى الانفراد بالسلطة فى ظرف محلىٍّ وإقليمىٍّ وعالمىٍّ غير مواتٍ ، وتحققت من أن الجماعات التى انسلخت عن أصولها الحزبية و(توالت) معها أضحت تشكل عالة عليها بدلاً من أن تكون سنداً لها ، إتجهت لتعديل استراتيجيتها بحيث تبرم مع الحركة الشعبيَّة بالذات (شراكة ثنائيَّة) تستخدمها حجراً تصطاد به ألف عصفور فى آن واحد! فهى أولاً ستضمن لها وقف الحرب التى أنهكت قواها ، وهى ثانياً ستدق إسفيناً تحتاجه بإلحاح بين الحركة والتجمع الوطنى المعارض ، وهى ثالثاً ستجعلها تفلت من عين عاصفة المتغيِّرات العالميَّة والاقليميَّة ، وهى رابعاً ستمكنها ، وهى الشغوفة (بالتمكين!) ، من وضع يدها (القويَّة) على الشمال كله ، حتى لو أفضى ذلك فى نهاية المطاف .. لانفصال الجنوب! ولعل هذا ، بالضبط ، هو ما يفسِّر ، من جهة ، سخاءها المفرط، مِمَّا كشف عنه سير المفاوضات حتى الآن ، فى تقديم التنازل تلو التنازل لغريمتها فى كلِّ ما لا يمسُّ سلطتها فى الشمال مهما عظم ، والعكس صحيح! فقد تصلب ، مثلاً ، موقف الحكومة الرافض لتبعيَّة منطقة أبيى للجنوب ، فى حين أبدت كرماً مشهوداً فى ما يتصل بحق تقرير المصير واحتفاظ الحركة بجيشها وحصولها على 50% من عائدات نفط الجنوب بجانب مكاسب اخرى اضطر رئيس الجمهورية لتذكير الحركة بها عندما أثارت مسألة تبعية أبيى (الشرق الأوسط 11/3/04). كما يفسِّر ذلك ، من الجهة الأخرى ، حرص الحكومة الذى لا تكاد تخفيه ، قبل كلِّ تنازل وعقب كلِّ تنازل ، على استفسار الحركة عن (موضوع الشراكة)!
ومع أن ما يحلم به النظام ليس مجرَّد افتراض عقلىٍّ مستبعد ، إلا أنه ما يزال يصطدم بالفشل حتى الآن على الأقل! فالحركة من جانبها ظلت تصف (الشراكة) تارة بأنها سابقة لأوانها ، وتارة أخرى بأنها رهينة بنتائج المفاوضات النهائيَّة ، وتارة ثالثة بأنها لن تكون على حساب التحوُّلات السياسيَّة الراديكاليَّة المطلوبة ، بل إن قرنق نفسه صرَّح بقوله ، العام الماضى ، (مستذكراً) أحد قوانين الدياليكتيك الماركسى المعروفة: "ومن قال إن الشراكة لا تكون إلا بالتطابق ، إنها قد تكون بالاختلاف أيضاً"! وبرغم متاعبها المتمثلة فى وجود تيار انفصالىٍّ لا يستهان به داخل وخارج صفوفها ، إلا أن الحركة ، فى ما يبدو من أدائها إجمالاً ، إستطاعت أن تظهر تمسكها بالتشاور والتنسيق ، على نحو ما ، مع قوى المعارضة الأخرى فى الشمال، علاوة على إفصاحها المستمر عن أن الاسهام الفاعل للقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى فى كلِّ البلاد يشكل ضمانة للتحول الديمقراطى وسنداً رئيساً لأىِّ اتفاق سلام نهائي ، وبالأخص خلال الفترة الانتقالية التى تتطلب الاستقرار والتركيز على التنمية ودعم خيار الوحدة الذي سيتقرر مصيره فى نهايتها.
بهذا الوسع النسبى فى الرؤية خيَّبت الحركة أمل النظام ، مِمَّا ألجأه (للمناورة) بالدخول مع حزبى الأمة والاتحادى الديموقراطى (لجنة المرحوم عمر نور الدائم ولجنة السيد فتحى شيلا) فى حوارات مطوَّلة ، ربما كان القصد منها إرباك صفوف المعارضة ، أو إيصال رسائل محسوبة إلى الحركة ، أو إلى حلفاء الحزبين داخل وخارج التجمع ، لكن (اختطاف) ما تيسَّر من بواشق المعارضة ، واستضعافها (بشراكة) تتأسَّس على شروط النظام ، ظل يمثل هاجس السلطة فى كلِّ الاحوال ، صرف النظر عن كونه بلا طائل لجهة (الحل السياسى الشامل)! هكذا ، وفى نهاية (حواره) المطوَّل مع الاتحاديين (2002 ـ 2003م) ، قامر النظام بتوجيه الدعوة للتجمُّع الوطنى عن طريق رئيسه السيد الميرغنى للتفاوض أو الحوار. لكن ما أن أعلن التجمع قبوله غير المشروط بتلك الدعوة (الشرق الأوسط ، 25/4/03) ، حتى سارع أمين الحزب الحاكم بالتنصَّل عنها زاعماً أن "الترتيبات كانت تجري للنقاش مع الميرغني وليس التجمع!" (الأيام ، 12/5/03) ، الأمر الذى أثبت بمجرَّده أن دوافع الدعوة أصلاً لم تكن التفاوض ، بقدر ما كانت محاولة إحداث فجوة فى جدار التجمُّع ، فلما فشلت لم يعد ثمة داع للدعوة نفسها!!
فجأة ، وفى 4/12/03 ، أبرم الأستاذ على عثمان مع السيد الميرغنى (إتفاق جدة الاطارى) المكتظ بالقنابل الموقوتة ، والذى قبله التجمع بمعجزة! ولكن النظام لم يحرِّك إصبعاً ليضع شيئاً منه موضع التنفيذ ، على علاته الكثيفة ، مِمَّا يرجِّح أيضاً قراءته كمحاولة أخرى لإحداث فجوة فى جدار المعارضة ، فلما لم تحدث بدأ النظام يتصيَّد الفرصة المناسبة للتنصل عنه هو الآخر! ويبدو أن هذه الفرصة المنتظرة قد لاحت له بانضمام مقاتلى (دارفور) إلى التجمع فى فبراير 2004م ، فسارع لإعلان فصم الاتفاق! وكان السيد الميرغنى ، رئيس التجمع ، موفقاً تماماً فى تعليقه على ذلك بقوله: "أوَلا يحمل قرنق السلاح؟! فلِم يتفاوض النظام معه؟! أوَلم تحدث مصادمات بين الجانبين بعد بدء المفاوضات ولم نسمع بالانسحاب منها استناداً إلى نهج العنف؟! فلماذا اذن الكيل بمكيالين؟! (البيان ، 7/3/04). كما عبر الفريق عبد الرحمن سعيد ، نائب رئيس التجمع ، عن ذلك أيضاً بصورة أكثر مباشرة لصحيفة (الشرق الأوسط) فى حينه قائلاً: "إن الحكومة أبرمته "اعتقاداً منها بأنه سيفجر .. التجمع ويؤدي .. إلى تفكيكه ، وعندما فشلوا .. قرروا التملص .. من التزامهم". وربما كان من المهم أن نشير هنا إلى أن د. قرنق لم يفوِّت هذه الفرصة أيضاً للإعلان عن رفضه تنصل الحكومة من ذلك الاتفاق (الاتحاد ، 3/3/04) ، وكان ، قبل ذلك ، قد دعا الميرغنى للتحرك باتجاه الوسطاء من أجل المشاركة فى جولة المفاوضات التى كانت قد بدأت في نيفاشا خلال الأسبوع الثالث من فبراير 2004م (موقع NDA على الشبكة 21/2/04).
وإذن فقد رهن النظام حساباته النهائية (للسلام) بهذه (الشراكة الثنائية). أما (طلعاته الاستكشافيَّة) فى جبهة المعارضة فلم تشكل سوى دفع تكتيكى بهذا الاتجاه ، فحتى لو أفضت (لاختطافات) جزئية هنا أو هناك فلا بأس بها ، كونها لن تتمخض ، فى أكثر الاحتمالات مخاطرة ، سوى عن (شراكات) صغيرة مرغوب فيها مع شركاء ضعفاء لن يكلفوا النظام مثقال ذرة من التنازل على غرار شراكاته مع مجموعتى الهندى ومبارك المهدى وغيرهما. لذلك فإن النظام لا يبدو مستعداً ، البتة ، لمجرَّد التفاكر حول (مشاركة) القوى الأخرى فى المفاوضات إلا من الزاوية التكتيكيَّة البحتة ، وهى بالتحديد الزاوية التى ينبغى الاطلال منها على (اتفاق جدة) الاطارى.
لقد كتب د. عبد الوهاب الأفندى منبهاً إلى أن ثمة "شيئاً واحداً يبغضه المسؤولون السودانيون .. وهو الحوار .. ولكن هذه الايام .. تستمع الحكومة بصبر إلى اشتراطات المتمردين .. فهى ترفض الاستماع لوجهة النظر المخالفة إذا كان صاحبها مسالماً" (القدس العربى، 28/4/04). وفى الحقيقة فقد كان السيد أمين حسن عمر ، أحد أبرز المفاوضين من جانب الحكومة ، قد قطع ، قبل ذلك ، قول كلِّ خطيب بتأكيده على "أن الحكومة لن توقع الاتفاق لتكون أقلية في السنين الأولى .. وإذا كان المقصود صفقة ثنائية فهى كذلك ، أما الاحزاب فإن المطروح لها الآن هو فقط المطالبة بانتخابات حرة نزيهة عندما يأتى وقتها في تفاصيل الاتفاق"! (من موقع NDA على الشبكة ، 5/10/04). بل وقد كانت للرجل تعبيرات سابقة أكثر وضوحاً ومباشرة وفظاظة ، كقوله عن بقيَّة القوى السياسية: "فليس لهم أن يقولوا: أشركونا ، بل بإمكانهم أن يقولوا: لا تنسونا!" (ضمن ابراهيم الأمين ؛ الرأى العام، 14/8/03). ومنها أيضاً تعليقه على رؤية المعارضة (للتسوية السياسَّة) باعتبارها حكومة انتقالية تفكك دولة الحزب لصالح دولة الوطن ، قائلاً: إن "الوصول إلى زحل والمريخ ونجوم السماء أقرب لهم!" (الأضواء ، 12/9/03). وحتى عندما استعر الخلاف بين الحكومة والحركة حول تبعية منطقة أبيى ، مطالع هذا العام (2004م) ، فإن وفداً من الحزب الحاكم هُرع إلى نيفيشيا للتباحث مع وفد الحركة حول (الشراكة) بينهما بعد توقيع إتفاقية السلام! فلكأن ما استعصى على وفد الحكومة سوف يسلس لوفد الحزب! على أن الرسالة كانت واضحة: فموقف النظام المتصلب بشأن (أبيى) يمكن أن (يلين) شيئاً فى ما لو (لانَ) موقف الحركة بشأن (الشراكة)! وقد كشفت صحيفة (الشرق الأوسط) فى تقريرها المشار إليه ، أن الحكومة لا تمانع فى ضم المنطقة للجنوب شريطة موافقة الحركة على (الشراكة) مع الحزب الحاكم ، وخوض الانتخابات المقبلة معه فى قائمة واحدة ، ونفض يدها عن قوى المعارضة الأخرى!
لكن ، وبما أن للحركة حساباتها بالمقابل ، كما سبق أن أشرنا ، فقد أورد التقرير ردَّ الناطق باسمها ، فى تلك المناسبة أيضاً ، بأن رؤيتهم للأمر تقوم على " التحول الديمقراطى و .. إشراك القوى الأخرى عبر جميع آليات المشاركة". ولعل هذا ما يفسِّر عودة النظام ، فى هذه اللحظة بالذات ، لسؤال الميرغنى مجدَّداً عن الموقف من ضم مقاتلى دارفور إلى التجمع! غير أن الميرغنى الذى اعتبر ذلك محض مبرر واهٍ للتنصل عن (اتفاق جدة) سارع لابتعاث رسول منه إلى نيفيشيا لحث الحكومة على حسم مشاركة التجمع فى المفاوضات. ولما عاد المبعوث بخفى حنين طار الميرغنى بنفسه إلى كمبالا أملاً فى وساطة موسفينى لتمكين المعارضة من (المشاركة) فى المفاوضات (البيان ، 19/3/04) ، ثم ما لبث أن توجه من هناك إلى نيفيشيا حيث التقى بطه وقرنق. وفى حين لم يرشح ما يشير إلى حماسة حكوميَّة لمسعاه ، حملت الأنباء تفاصيل الاستقبال الملوكى الذى هيَّأته له الحركة ، فقد كان وفدها المفاوض ، وفى مقدمته د. جون قرنق "مصطفين فى مدخل المنتجع لاستقبال الميرغنى ووفده!" (موقع NDA على الشبكة ، 10/4/04). لكن ، وبما أن الأمور بخواتيمها ، فإن كلَّ هذا المخض لم ينتج ، للأسف الشديد ، ولو قليلاً من الزبد ، حيث ما تزال المعارضة معزولة عن (المشاركة) ، مِمَّا لا يغنى (الاستقبال الملوكىُّ) عنه شيئاً!
فقط فى أواخر أبريل الماضى (2004م) ، عندما لاحت فى الأفق نذر الانهيار الوشيك للمفاوضات ، وغادر نائب الرئيس نيفيشيا إلى الخرطوم للتشاور مع حكومته ، بينما غادرها رئيس الحركة إلى (أسمرا!) للاجتماع مع الرئيس الاريترى المبغوض من النظام ، ومع زعيم مقاتلى دارفور التى أصبحت فى عين عاصفة التدخل الأجنبى ، وللاتصال من هناك بالميرغنى فى القاهرة ، وبالمهدى فى الخرطوم ، وفى الوقت الذى كان فيه مؤتمر البجا يحتفل فى الشرق بالذكرى العاشرة لانطلاق العمل المسلح وسط حضور جماهيرى شارك فيه نظار القبائل وفصائل المعارضة بما فيها الحركة الشعبية وحركة تحرير السودان بدارفور (سودانايل ، 28/4/04) ، فى تلك اللحظة بالتحديد قرَّر الحزب الحاكم تجاوز مسألة قبول التجمع لمقاتلى دارفور بين صفوفه ، وطار أمينه العام إلى القاهرة ليعرض على الميرغنى تفعيل (اتفاق جدة) من أجل تحقيق الحل السياسي الشامل! (البيان ، 28/4/04).
حسناً! ولكنَّ (الحل السياسى الشامل) ليس (قشة) يتعلق بها من يستشعر الغرق فجأة ، أو ظلاً يتفيَّأه لبعض الوقت من تقطعت أنفاسه فى الركض خلف السراب ، بل هو قناعة مفكَّر فيها لدى أطراف سياسية متكافئة تعترف بشرعية بعضها البعض ، وباستقلالية بعضها البعض ، وبحقوق بعضها البعض. وطالما كان ذلك كذلك فكيف يستقيم مسعى الحزب الحاكم مع الميرغنى فى القاهرة ، بينما هيئة شوراه كانت ، قبل أسبوعين فقط من ذلك ، قد فرغت من تقرير استراتيجيتها بشأن حزب الأمة ، مثلاً ، "للتحالف معه لتغيير مفاهيمه"! وكذا بشأن المؤتمر الشعبى "لإعادته للمؤتمر الوطنى ، أو التحالف معه فى جبهة يقودها المؤتمر الوطنى، أو البقاء مستقلاً مع منعه من الانضمام للقوى المعارضة للمؤتمر الوطنى"! كما قرَّرت عموماً أنه يتحتم على المؤتمر الوطنى "عقد تحالفات مع الأحزاب لتوحيد الرؤى السياسية!" (الأيام ، 13/4/04).
(توحيد) الرؤى السياسية ، إذن ، فى معنى (قصقصة) رؤى الآخرين كى تجئ على مقاس رؤية السلطة وإلا (مُنعوا) من التقارب مع بعضهم البعض ، هو أقصى ما يطيق الحزب الحاكم من (تنازل) لأجل (الحل السياسى الشامل)! وبعبارة أخرى: تلك هى شروط (الشراكة) وفق رؤية النظام لمن أراد ، أما (المشاركة) .. فلا! فهل ترانا نبدو (متشائمين) أكثر مما ينبغى إن نحن استنتجنا من هذه الحقيقة (نوعيَّة السلام) الذى يُتوقع أن تتمخض عنه نيفيشيا بين لحظة وأخرى؟!



#كمال_الجزولى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حَقْلُ الأَلغَامْ!
- القَوْسُ المُوَشَّى
- مَتاعِبُ التُّرَابِى
- إتفاق الميرغنى ـ طه حول تكريس إقتصاد السوق الحر ورفع يد الدو ...
- إيقاف (الصحافة) أجهض مبدأ قوميتها وأضر بقضية السلام
- أَيَصِيرُ الشَّعِيرُ قَمْحاً؟
- أَرْنَبٌ .. وقُمْرِيَّتانْ؟!
- العُلَمَاءُ وسِجَالُ التَّكْفير
- الإطَاحِيَّة !
- مزاجُ الجماهير!
- عَاصِمَةُ مَنْ؟!
- زِيارَةُ السَّاعاتِ الثَّلاث!
- المَصْيَدَة!
- عِبْرَةُ ما جَرَى!
- خُطَّةُ عَبدِ الجَبَّار!
- دارْفُورْ: وصْفَةُ البصِيْرةْ أُمْ حَمَدْ


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولى - -الشَّرَاكَةُ-: لَعْنَةُ مُفَاوَضَاتِ السَّلامِ السُّودانيَّةْ!