أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محسن ظافرغريب - حزب العودة العميل















المزيد.....


حزب العودة العميل


محسن ظافرغريب

الحوار المتمدن-العدد: 2714 - 2009 / 7 / 21 - 07:17
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    



د . وليد الحلي: جمع المجد من كل أطرافه؛ فهو "أمين عام حقوق الإنسان"، "مستشار رئيس جمهورية العراق"، "قيادي في حزب الدعوة الحاكم"،
و"ناطق باسم حزب الدعوة الحاكم" و"ممثله في العاصمة البريطانية لندن"، شارك (الحلي) مبكرا بإنذار رعاة حقوق الإنسان بجرائم عصابة صدام البعثفاشية، وشارك في أول وأكبر رفض للانظام البعثفاشية المدان دوليا لاحقا، رفض عرف باسم "لجنة العمل المشترك" في بيروت، عاصمة (الحياد النسبي) بوصف "وليد الحلي"، العمل الذي تشظى(*) بفعل التجاذبات الدولية ذاتها ليصار إلى إحتلال العراق المرفوض من حزب الدعوة ذاته، والذي دفع ثمن موقفه كبش فداء الدعوة رئيس حكومة العراق الإنتقالية "القوي الأمين" د . إبراهيم الجعفري" خير خلف لخير سلف "الزعيم الأمين"مؤسس "جمهورية العراق" القاسم المشترك الأعظم الشهيد الخالد "عبد الكريم قاسم" (تقدس سر روحه الأبي). "وليد الحلي" يطل عبر برنامج "الرجع البعيد"(**) من فضائية "العراقية" الرسمية، ليشير بإصبع الإتهام إلى (مستر براون البريطاني) الذي أملى على "صدام" المقبور بإجهاض حزب الدعوة، وتهجير العراقيين، بشهادة سكرتير صدام آنذاك "حسن العلوي"، في شريط مسجل، وقد استفسر المقبور من سكرتيره هذا عن معنى مفردة "إجهاض"!، أجابه بأنه: القتل في الرحم!، بيد أن حزب "الدعوة" كان خليفة حزب "العودة" الإسم الحركي لتنظيم البعث المنقسم على نفسه الآن الآن وغدا، وأجراس العودة فلتقرع..!؛ كي لا تعود نكبة العراق باسم (قضية العرب المركزية!) في خارطة طريق عراقية جرت تصفيتها فلسطينيا بالتفاهم مع (عباس وقريع)، ليعصب رأسه في العراق؛ كل أقرع ينبو ويخبو! الآن الآن وغدا!.. أرأيت مزرعة البصل الأخضر في منطقته، قلب بغداد القائح؟!.

دون براءة اختراع لمعلومة هي ضالة المثقف ولو على قارعة "مكب القمامة!" على رأي الرئيس "نوري المالكي" (العنتر نت): جرى حديث الركبان، عن شحن وتصدير بضاعة فاسدة على قاطرة بريطانية إلى العراق، جرى مجرى النار في العراق مجروح السيادة، العراق الذبيح الهشيم، و مثله كان حديث القطار الأميركي إلى العراق الجريح منذ نكبته في بغي الإنقلابات 8 شباط الأسود 1963م أمين سر القيادة القطرية لحصان طروادة الإحتلال (حزب البعث) "علي صالح السعدي" الذي كان يتحدث في جلساته المسائية عن الأسرار بعد أن نبذ البعث لأفكار سياسية أخرى مثلهما حديث مذكرات عضوي القيادة القطرية لحزب البعث: طالب شبيب وهاني الفكيكي، و حديث لغز اختفاء متعاملين مع دوائر استخباراتية من الوجود دون التعرف على مصيرهم قتل بعضهم على عجل دون مسوغ سوى ستر علاقة البعث بالمخابرات الأجنبية في العراق.

دكتور (زيفاكو، علي!) "أيلي زغيب" من أصل لبناني يحمل الجنسية الأميركية ويعمل في المركز الثقافي الأميركي ببيروت، معروف وغامض وصديق شخصي مقرب جداً من مؤسس عث البعث (محمد) "ميشيل يوسف عفلق"، وكلاهما من مذهب ونهج واحد. كان زغيب على صلات شخصية بعراقيين منهم: فيصل حبيب الخيزران الذي كان يقيم في بيروت في عقد خمسينيات القرن الماضي فاستطاع بواسطته التعرف على عدد من الطلبة والسياسيين العراقيين، ويرفع تقاريره عن شؤون المنطقة العربية وسيما قضايا العراق بشكل دقيق ومعرفة الواقع السياسي العراقي، وكان زغيب يتعاطف مع افكار ميشيل عفلق والبعث دون أن يكون واجهة قيادية للبعث ودون انتساب للبعث.
من مهام زغيب اقامة علاقات وطيدة مع الطلبة العراقيين المتواجدين على الساحة اللبنانية آنذاك، سياسيين وسواهم، وينبغي على زغيب اقامة الدعوات والحفلات (الخاصة) لجذب أهتمام وانتباه العراقيين في بيروت. ومن خلال تلك الدعوات يسحب زغيب المعلومات والأخبار و
المستجدات عن الأوضاع العراقية.
كان ايليا زغيب يعمل في الواجهة الثقافية الأميركية في بيروت قبل انتقاله للعمل في الجامعة، وتدور الأقاويل والشكوك حول عمله خدمة لمصالح المخابرات المركزية الأميركية في المنطقة ومقرها بيروت، ولم يكن زغيب سوى عامل فاعل ضمن هذه الواجهة، يتحرك معها، وتم تكليفه بالأتصال بالطلبة والسياسيين القوميين العراقيين والعرب في بيروت ومعرفة افكارهم ومايدور في مخيلتهم من خلال الحفلات والدعوات التي يقيمها في دارته الشقة المستأجرة له من قبل المؤسسة الثقافية الأميركية التي كانت تعمل للحد من انتشار النشاط الماركسي الشيوعي في المنطقة، الذي بدأ يأخذ مساحة كبيرة بين أوساط الناس في البلاد العربية بالنظر لانتشار مجاميع الفقراء والمعدمين والعمال والفلاحين. يسكن زغيب الشقة التي يقيم فيها دعواته ولطالما سكنها ميشيل عفلق الذي تعرف عليه عن طريق المسؤول الاقليمي لوكالة المخابرات المركزية في الشرق الأوسط الذي حضر الى بيروت غير مرة واجتمع بـزغيب وعفلق اجتماعات مغلقة تم تدوينها في محاضر المؤسسة، غير أن زغيب تحدث بها لاحد الدارسين العراقيين بعد انقلاب 8 شباط 1963م في العراق قبل ان يختفي نهائياً.
وكثيراً ماكان يحضر ميشيل عفلق تلك الاجتماعات والحفلات ويتعرف على الموجودين ضمن تلك الدعوات من العراقيين، ومن الأسماء التي دعيت الى مثل تلك الدعوات وحضرها كل من "سعدون حمادي لولاح" الذي اطلقت القوات الأميركية التي تحتل العراق اسراحه، وهاني الفكيكي وأديب الجادر و طالب شبيب وفيصل حبيب الخيزران و ناصر الحاني و خير الدين حسيب وآخرين غيرهم من قيادات البعث أو من القوميين أو من الذين أسسوا حركة البعث في العراق.
يقول طالب شبيب في كتاب علي كريم سعيد عراق 8 شباط 63 الصفحة 270:"كنا نتهامس أنا وأديب الجادر ونلمح لبعضنا بشكوك حول احتمال أن تكون للرجل علاقة بحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، بل وصلنا الى قناعة بانه لايمكن ان يكون بعيداً عن ذلك".
استغل أيليا زغيب الأجواء السياسية والثقافية في بيروت في فترة الخمسينيات ووجود أعداد من العراقيين وأكثرهم من الطبقات المتمكنة مادياً من ابناء الأثرياء والاقطاعيين والموظفين الكبار في المملكة العراقية ليعمل بين اوساطهم دون ان يلمس أي أستياء أو استغراب وأستهجان بالنظر للأسلوب الذكي والدقيق في العمل وبالتنسيق مع ميشيل عفلق الذي كان يتنقل ضمن الدائرة التي يرسمها ايليا زغيب له، حتى أن الرجل أمتثل لأمر أيليا زغيب بتغيير مسكنه حيث رفض عفلق السكن مع أي من الطلاب والسياسيين العراقيين والعرب عند بحث قضية تغيير مسكنه حفاظاً على سرية المسكن من المكتب الثاني للمخابرات السورية واللبنانية وفضل السكن مع عرابه وزميله ايليا زغيب في منطقة (برمانا).
وبقيت علاقة زغيب مستمرة مع تنظيمات حزب البعث الجديدة دون أن تكون له صفة حزبية أو قيادية معروفة، غير أن للرجل تأثير شخصي كبير على مؤسس حزب البعث، فقد أشار أكثر من كاتب وباحث لهذا الأمر وأن عفلق كان ينقاد لتعليمات أيليا زغيب بشكل ملحوظ وواضح.
ولهذا اصبح السيد زغيب حلقة الوصل بين القيادة القومية لحزب البعث وبين القيادات العراقية في بيروت دون أن تسأل هذه القيادات نفسها عن علاقة زغيب بهذه المهمة أو عن الدرجة الحزبية التي يشغلها زغيب في التنظيم أو صفته السياسية. وكان طالب شبيب صلة الوصل بين التنظيم وبين ايليا زغيب في بغداد، وفق ماذكره الكاتب علي كريم سعيد في كتابه (من حوار المفاهيم الى حوار الدم) ص 271.
وقبل قيام ثورة 14 تموز 1958 في العراق تقدم ايليا زغيب بطلب للحكومة العراقية عارضاً خدماته كأستاذ جامعي للمساهمة في عملية النهوض العلمي للحكومة العراقية كما ورد بطلبه المقدم الى الجامعة، وكانت الكليات والجامعة العراقية تشكو قلة الكادر العلمي فتم قبول طلبه، وحضر الى بغداد للعمل منتدبا من الجامعة اللبنانية كأستاذ جامعي في جامعة بغداد.
بقي أيليا زغيب يتحرك بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 وازدادت اتصالاته بأسماء محددة ومعروفة ومؤثرة في حركة البعث في العراق.
وبقي زغيب يتحرك في بغداد ويكثر من اتصالاته بالأسماء التي حفظها وأنتقاها من خلال علاقاته بالدارسين والسياسيين في بيروت مستغلاً حرية حركته وقدرته على الحركة في بغداد التي تعج بالتطاحن السياسي وأختلاط العديد من الأمور مستغلاً علاقته بـطالب شبيب وبعض الأسماء العراقية في تغطية الحركة ومد جسور العلاقات مع بعض الأوساط في بغداد، غير أن زغيب لم يغب عن بال الأمن العراقي ومديرية الاستخبارات العسكرية حيث كان تحت الرصد الدقيق في حركته واتصالاته وعلاقاته بالأسماء المشبوهة بالتعامل مع المخابرات المركزية التي يتصل بها، حيث تم اعداد ملفين له ممتلئين بالتقارير الأمنية التي تشير وتؤكد علاقة الرجل بالمخابرات المركزية، وقد وكد هذه المعلومات هاني الفكيكي في كتابه أوكار الهزيمة وعرضت التقارير على القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء وزير الدفاع "عبد الكريم قاسم"، غير انه اوصى بتشديد المراقبة عليه ورفع المعلومات عنه بدقه وأبقائه في العراق واستمرار تعاقده مع جامعة بغداد، للقبض على زغيب متلبساً بالجرم
المشهود.
كانت التقارير تشير الى أن للسيد ايليا زغيب علاقات وطيدة مع اربعة اشخاص في العراق يزورهم في بيوتهم، اتضح أن الأسماء هي صالح مهدي عماش ومحمد المهداوي وناصر الحاني وعلي عبد السلام، الأخير كان من اهالي منصورية الجبل ويتردد على بغداد ولم يتعرف احد على المكان الذي يقيم فيه وسنفرد حلقة خاصة للتحدث عنه تفصيليا.
بقيت حركة ايليا زغيب مرصودة ولم يتم الغاء عقده في جامعة بغداد، غير انه غاب عن الدوام في الجامعة دون ان يشير احد ما اذا كان قد غادر العراق من عدمه فأنذرته الجامعة بأعلان في الصحف العراقية بلزوم الدوام وبعكسه يعتبر مستقيلاً من العمل وهو ما صار عملياً، حتى حدوث انقلاب شباط 1963.
القادة البعثيون ممن لم يخشوا الحقيقة ادلوا بشهاداتهم عن ايليا زغيب، فقد سرد السيد هاني الفكيكي في كتابه (أوكار الهزيمة) ماعرفه وماتجمعت لديه من شكوك بحق الرجل، كما أفاد بمثل هذا الأمر طالب شبيب في مذكراته ضمن كتاب الدكتور علي كريم سعيد عراق 8 شباط 63، الا أن حازم جواد القيادي السابق في البعث العراقي لم يشأ أن يذكر ايليا زغيب بخير أو بشر بالرغم من معرفته الوثيقة بالرجل واجتماعه به مرات عدة سواء في بيروت أو في بغداد وبالرغم من معرفته بأسرار كثيرة تخص الرجل الا انه آثر التغطية وتجاوز التحدث عنه، الا أنه قام بسرد علاقة علي عبد السلام المشبوهة بصدام التكريتي حين أقدما بمصاحبة حاتم حمدان العزاوي لمقابلة القنصل البريطاني في البصرة قبل حصول انقلاب 17 تموز 1968، والحقيقة التي يخشى حازم جواد أن يذكرها أن المقابلة جرت في البصرة بحضور صدام كممثل لحزب البعث (الجناح اليميني في العراق) وعلي عبد السلام بأعتباره خيط الأرتباط بين المخابرات البريطانية وجماعة البعث في العراق في حين بقي حاتم حمدان العزاوي في مقهى البدر المطلة على شط العرب في منطقة كورنيش البصرة ينتظر قدومهما مما يشير الى تدخل المخابرات البريطانية في الأنقلاب الذي جاء به وزيراً في السلطة، وكونه يمثل جزءاً من منظومة العاملين تحت هذه الذريعة وهذا السبب.
وبامكان حاتم حمدان العزاوي الذي عمل مع صدام رئيسا لديوان رئاسة الجمهورية، وكان من المساهمين في عملية اغتيال عبد الكريم قاسم في شارع الرشيد عام 1959 والتي فشلت بعد أصابته بأطلاقة في يده، أن يدلي بشهادته بالوقت الحاضر وخصوصاً انه في ايامه الأخيرة لأصابته بالسرطان قبل أن يترك الدنيا ويواجه ربه بدلا من أن يكتم الحق فيعذبه الله وتلعنه الأجيال العراقية القادمة، مع أن الأخبار تشير الى كتابته أعترافاً خطياً بهذا الشأن أودعه لدى زوجته لنشره بعد رحيله والله اعلم.
وحين نجح انقلاب شباط 1963وجد الأنقلابيون ملفاً على طاولة الزعيم عبد الكريم قاسم بوزارة الدفاع يخص الدكتور ايليا زغيب الأستاذ اللبناني المنتدب للتدريس في العراق، فحولوا الملف الى لجنة مشكلة من المقدم محمد يوسف طه والمقدم علي عريم وجعفر قاسم حمودي لدراسة ماورد في الملف من تقارير وأدلة وتقديم خلاصة ورأي به الى المجلس الوطني لقيادة الثورة، وبقي الملف لدى جعفر قاسم حمودي حتى قيام انقلاب 18 تشرين الثاني 1963 وبعده اختفى الملف !! دون ان يعرف احد سر اختفاء الأضبارة وتوفي جعفر قاسم حمودي بعد ان تم اقصاءه وتحجيم دوره الى درجة النسيان !! وخلال حكم البعث بعد انقلاب شباط 1963 تنقل ايليا زغيب بين القيادات البعثية في بغداد، وكانت علاقته بصالح مهدي عماش وطيدة، وكان للرجل دور مهم في تفقد القيادات البعثية والألتقاء بها وأهمية الأشخاص الذين يتصل بهم بحكم ارتباطه بأجهزة المخابرات الاجنبية التي تتطلب مدها بالمعلومات والتحليلات والمستجدات في الساحة العراقية، وبقي يستخدم اساليب استثنائية في التقرب اليهم وادامة الصلة بهم ومدهم بالأفكار والخطط التي يراها من وجهة نظره لصالح سلطة البعث في العراق وأدامة السيطرة على السلطة.
وحين افتضح امر ارتباطه وعلاقاته المشبوهه لشريحة كبيرة من العراقيين التي بدأت تتناقل القصص والأشاعات والأقاويل عن أرتباط ايليا زغيب بالمخابرات الأمريكية، وحين افتضح امره بالرغم من حالة الفوضى التي كانت تعيشها قوات الحرس القومي والأجهزة الأمنية في العراق حيث تفرغت تماماً لملاحقة وقتل الشيوعيين، بادر كل من علي صالح السعدي وهاني الفكيكي بالأتصال بطالب شبيب الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية شارحين له ماتوفر لهما من معلومات دامغة تؤكد تعامل الرجل مع المخابرات الأمريكية، وطلبا منه العمل للقبض على ايليا زغيب، لكن طالب شبيب طلب امهاله فترة من الزمن للتأكد من صحة المعلومات !! دون أن يبرر سبباً منطقياً لهذه الفترة والمماطلة متحججاً بوجود اجتماع لديه مع بعض السفراء في ذلك الوقت، والغريب في هذا الأتصال الذي اكده كل من الفكيكي وطالب شبيب وعلي السعدي أن الأمر لايتعلق بوزارة الخارجية للقبض على مشتبه به سيما وأن علي صالح السعدي كان وزيراً للداخلية ونائباً لرئيس الوزراء وقيادياً من قيادات البعث إضافة الى كون الفكيكي من قيادات البعث وبأمكانهما أن يوعزا لأي سيطرة من سيطرات الحرس القومي للقبض على المشتبه
به، غير انهما لم يقدما على ذلك مالم يطلبا الأذن من شبيب ؟؟ دون أن يذكرا سبب ذلك صراحة، ولم يتم القبض أو التحقيق مع أيليا زغيب
، أذ غادر زغيب بنفس اليوم عن الطريق البري عبر منطقة الحدود العراقية - الرطبة - الأجفور بالرغم من الأيعاز بمنعه من السفرمن وزارة الداخلية لاحقاً وخرج عبر المنافذ الحدودية للعراق، و دون أن تتمكن السلطات العراقية من أعتقاله، مما يوحي أن خبراً تسرب الى زغيب بسرعة يطلب منه المغادرة والنفاذ بجلده بعد افتضاح امره، فتم له النفاذ من المنفذ البري، ودون أن يتم تسجيل أسمه في سجلات المغادرة للمسافرين عبر المنفذ الأردني ليختفي الى الأبد ودون أن يعرف عنه مكان، سوى أن اشاعات انطلقت أنه اجتمع لاحقاً بميشيل عفلق في البرازيل مرة أخرى ليختفي مطلقاً بعد ان ارسل توصيته الأخيرة بأعتماد الدكتور اللبناني الياس فرح بديلاً عنه في القيادة القومية للحزب البعثي العراقي ومن ثم مفكراً قومياً للتنظير في هذا الحزب فكان له ما اراد.
كان ظهور ايليا زغيب واختفاؤه سراً من اسرار العلاقة البعثية وقضية استلام السلطة التي كان زغيب كثيراً مايتحدث عنها، وكان اللغز الأكثر حيرة أن جميع من أرتبط بهم زغيب أصبحوا قياديين في السلطة والبعث في العراق، وأن التقارير المحفوظة في مديرية الأمن العامة العراقية والأضابير المتفرعة عنها لدى جهاز الاستخبارات العراقي قد اختفت برمتها، حتى أن كاتباً رصيناً مثل حنا بطاطو خاض في تفاصيل تاريخ العراق السياسي لكنه لم يتطرق الى قضية أيليا زغيب، بالأضافة الى أختفاء الملف الذي استلمته اللجنة التي شكلتها قيادة البعث من جعفر قاسم حمودي ومحمد يوسف طه والمقدم علي عريم عند العثور على ملف زغيب فوق طاولة رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة يوم 9 شباط 1963 مع مرفقها تقارير الأمن التي تفيد بثبوت قناعة الأمن العراقي كون الرجل كان جاسوساً للمخابرات الأمريكية، وكانت التقارير تشير الى علاقة زغيب بقيادات البعث العراقية وتطلب من قاسم اعتقاله أو ابعاده عن العراق، غير أن عبد الكريم قاسم علق على بعض التقارير بخطه مايفيد أن يتم أبقاءه تحت المراقبة الدقيقة.
وفي كتاب (اوكار الهزيمة) للمرحوم هاني الفكيكي أشارة واضحة الى اتهام طالب شبيب بتسريب خبر نية القيادة اعتقال ايليا زغيب الذي قلل من شأن التقارير الأمنية المرفوعة عنه وعدم التسرع في تصديق كل ماتكتبه هذه الاجهزة، وطلب تأجيل البت في الأمر، حتى حانت الفرصة لزغيب للأفلات من قبضة العراقيين بالرغم من منعه من السفر خارج العراق.
كان السيد ايليا زغيب سراً من أسرار بيروت وبدأ ينفذ كالسهم ضمن تنظيمات البعث من خلال ميشيل عفلق وكان ساعده الأيمن في التخطيط ورفيق رحلة عمله السياسي، وكان حضوره الى بغداد قبل ثورة 14 تموز 1958 منتدباً للعمل كأستاذ زائر في جامعة بغداد ليس سراً يماط اللثام عنه وعن اسبابه ودوافعه الحقيقية، كما كان عمله ومهماته في بغداد طيلة الفترة من أنتدابه عام 57 ولغاية مغادرته العراق بعد انقلاب شباط 1963 بأشهر.
كان ايليا زغيب سراً من أسرار العلاقة المبهمة مع قيادات البعث وحقيقة يحاول العديد من القياديين البعثيين ان ينفوها أو يقللوا من أهميتها دون أن يجدوا مايسند نفيهم أمام الأسانيد والوقائع والتقارير والشهادات التي تحضر عند الأشارة الى أرتباطات الرجل المشبوهة والمغلفة بالكتمان، حتى أن القائد المؤسس للبعث ميشيل عفلق لم يذكره أو يتذكره مطلقاً في أي مناسبة علنية أو صريحة في مذكراته أو تصريحاته.
بعض ممن كتب بضمير مفتوح وبردة فعل من يشعر بتأنيب الضمير أورد أسم زغيب والملابسات التي احاطت أرتباطاته والشكوك التي دارت حوله وكونه ضمن دائرة الشك والأتهام في قضية عمله لصالح المخابرات الامريكية ومنهم الفكيكي و طالب شبيب في مذكراتهما، اما البعض الآخر فقد بلع اسمه عبر المذكرات ولم يشأ أن يتذكره معتقداً أن الذاكرة الجمعية العراقية كانت قد نسيت الرجل وأن التاريخ لم يعد يتذكره فأقدم على تناسيه وغض الطرف عنه وعن علاقته المريبة والممتلئة بالأستفهام كما فعل حازم جواد في مذكراته المنشورة بجريدة الحياة مؤخراً.
وعليه فقد جاء زغيب الى العراق ورحل عنه دون ان يتعرف احد على الجهة التي رحل اليها ودون ان نتعرف على المكان الذي حل فيه وما أذا كان حياً أو ميتاً فقد كانت الجهة الوحيدة التي تعرف بحقيقته الجهة التي عمل لحسابها ووظفته لصالحها بالأضافة الى معرفة السيد ميشيل عفلق بمكان اقامته.
لم يعرف عن ايليا زغيب انه ارتاد نادياً اجتماعياً أو مقهى أو حفلاً أو مكاناً عاماً في بغداد، ولم يعرف أنه شوهد في الأماكن العامة، الا انه كان يرتاد اماكن النخبة في الفنادق التي يرتادها السفراء والقناصل وكبار القوم، كما شوهد غيرمرة يدخل نادي العلوية صحبة شخصين لم يستطع أحد التعرف عليهما أو مشاهدتهما مرة أخرى، غير أن زغيب زعم انهما من أقربائه حضرا اليه من بيروت في اعمال تجارية.

* * *
(*) رقصة التوازن تقوم على مزيج الطوائف المتفاعلة بعضها مع بعض أو ضد بعض سياسيّاً واجتماعيّاً. ترتفع كفّة في الميزان أحياناً على كفّة، ولكن ضمن قوانين الجاذبيّة، وإذا أطاحتها نشبت حروب أهليّة أو تدفّقت موجاتُ هجرة. يطرح الفيلسوف فردينان آلكييه سؤال: «لماذا الفكر السياسي المسمّى يساريّاً يندرج مع الفكر الثقافي الأشدّ رجعيّة والأكثر تخلّفاً؟ ولماذا التمرّد، الذي من خلاله ينتفض الإنسان على الضغوط التي ترهقه، يبدو متعارضاً مع الثورة؟».
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=178691
* * *
(**) صفحات حقبة مظلمة من تأريخ العراق الحديث
عميل وكالة المخابرات الأميركية CIA أيليا زغيب الـعقل المـدبـر لحـركات البعث وعفلق الخطيرة في المنطقة العربية
http://www.albayyna-new.com/archef/581/albayyna-new/pag7.html



#محسن_ظافرغريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفأر الفار هدام ينتحل خوذة نبوخذ نصر
- البعثُ في الشِّعر الجّاهلي
- مولد وأربعينية ملك البوب
- خُمْبابا
- خُمْ بابا
- في اليوم العالمي للاجئين
- التَّوارد لدى السَّيِّد الوالِد
- أمين(*) سِرَّة -فيحاء- الصَّافية
- أمين Amin
- طائر الرّوح
- يحيا يحيى السماوي
- تشيؤ شعري Dinggedicht
- سؤال وجواب A&Q
- قصيدة المقالة
- لُفافة نفث أف ٍ
- شيكسبير بحضرة إلهة الشعر
- إرادة ٌ شعبية
- لفيفة العِرق الدَّساس
- مِثل . . فينيق؛ صديق
- تَبَّت يدا أبي . .


المزيد.....




- دبي بأحدث صور للفيضانات مع استمرار الجهود لليوم الرابع بعد ا ...
- الكويت.. فيديو مداهمة مزرعة ماريغوانا بعملية أمنية لمكافحة ا ...
- عفو عام في عيد استقلال زيمبابوي بإطلاق سراح آلاف السجناء بين ...
- -هآرتس-: الجيش الإسرائيلي يبني موقعين استيطانيين عند ممر نتس ...
- الدفاع الصينية تؤكد أهمية الدعم المعلوماتي للجيش لتحقيق الان ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /20.04.2024/ ...
- ??مباشر: إيران تتوعد بالرد على -أقصى مستوى- إذا تصرفت إسرائي ...
- صحيفة: سياسيو حماس يفكرون في الخروج من قطر
- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محسن ظافرغريب - حزب العودة العميل