أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - هايل نصر - في الحماية القضائية للطفولة 2/2















المزيد.....


في الحماية القضائية للطفولة 2/2


هايل نصر

الحوار المتمدن-العدد: 2714 - 2009 / 7 / 21 - 10:21
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


الكفاح من اجل حقوق الطفل كفاح من اجل مشروع مجتمع.
تمت الإشارة في المقال السابق المتعلق بالحماية القضائية للطفولة إلى ما هو معمول به في كل من ألمانيا وسويسرا في هذا المجال. و سنشير هنا إلى الحماية, ضمن نفس السياق, لما هو الحال عليه في فرنسا. وبما أن الحقوق, مهما كان نوعها, لها تاريخ ترسخت فيه وتطورت واغتنت عبره وبمنطقه, وتجاري مسيرته, وتغتني من دروسه وعِبره , لذا من المفيد عرض لمحة تاريخية قبل التعرض للحديث عن الواقع الحالي للحماية القضائية للطفولة في فرنسا.
تذكير: لم تكن خصائص الطفولة معترف بها, ولا الشعور بها موجود في عصر الإمبراطورية الرومانية, ولا في بدايات العصور الوسطى. كان يجب انتظار القرن 15 و 16 ليظهر بعض هذا الاعتراف الذي بدأ يتطور ببطء, ليدخل خجولا في مفاهيم الأسرة البرجوازية, المتكونة في ظل النظام القديم ( النظام القديم هو النظام السابق على الثورة الفرنسية) في القرن 18 , وليمتد بعدها إلى الطبقات الاجتماعية الأخرى. وأصبحت العائلة تنتظم حول الطفل, مع اعتبارها له قاصرا حتى بعد بلوغه سن الثلاثين, وتستمر الوصاية والسلطة الأبوية عليه كاملة. فهو مثلا بحاجة لموافقة الأب للزواج. فمفهوم الطفولة, والاعتراف بها, لم ينفصل عن التطورات الاجتماعية عبر التاريخ. ( Ariès 1973, cité par Patricia Benc’h_le Roux, au Tribunal pour enfant , 2008 ).
في عهد الثورة الفرنسية تطور قانون الأسرة على هامش الوضع القانوني للأطفال, ورغم إعلان حقوق الإنسان والمواطن, والمبادئ التي جاءت بها الثورة, فان حقوق الطفل لم يُكرّس لها إعلان خاص بها أو ذكر منفصل لها.
أنشأ قانون 16 أوت/آب لعام 1790 محاكم الأسرة المكلفة بإقامة الوفاق في المنزل الأسري " la concorde dans la famille ". و تم بموجبه إلغاء تعسف الأسرة , وخاصة ربها,بحق أفرادها من الأحداث, وسلطتها التأديبية عليهم وحبسهم, ليسند إلى هذه المحاكم اختصاص النظر في قضايا الأطفال درء لكل تعسف. كما ألغى قانون 7ـ11 مارس/آذار 1793 حق الابن البكر وفرض تقاسم الميراث بالتساوي بين الأخوة.
و أنشأت مصلحة عامة " public service " تتعهد برعاية وحماية الأطفال المتروكين, معلنة نهاية العصر الذي كان فيه مثل هذا العمل يعتبر حسنة أو صدقة, ليصبح حقا قوميا (الان بريال). واتخذت بهذا الخصوص مجموعة إجراءات , منها إنشاء دور الأمومة الذي نص عليه دستور 1793 تستطيع النساء أن تجد فيها مكانا للولادة والرعاية. وأصبح الأطفال "اللقطاء" يسمون أيتاما, أو الأطفال "الطبيعيين" للوطن. واستبعدت كل مصطلح فيه انتقاص من كرامة وإنسانية هؤلاء أو إهانة لهم. وفي عام 1796 أصبح الأطفال المهجورين يستقبلون في ملاجئ مدنية بحماية الدولة ورعايتها, وان على هذه الأخيرة دفع نفقات كل احتياجاتهم, وتنقلاتهم, وما يلزم لأصحاب العمل لتشغيلهم وتعليمهم المهن, وعلى هؤلاء الالتزام أمام الدولة بفعل كل ذلك, وخاصة الالتزام بتكوينهم المهني. و تمت شرعنة هذه الإجراءات بقرار نيفوز للعام الخامس.
وفيما يتعلق بالأحداث الجانحين, استمر القانون الجنائي criminel لعام 1791 باعتبار سن البلوغ الجنائي 16 عاما. وادخل مفهوم الاستفادة من قرينة سن التمييز أو عدمه عند الأحداث, تاركا للمحكمة تقدير ذلك. فثبوت التمييز عند الحدث, عند ارتكابه الفعل المجرّم, يجعله يستفيد من عذر عدم البلوغ ولكن دون الاستفادة من "المعاملة التربوية". في حين أن الحدث غير المميز يعتبر غير مسؤول فيتم إخلاء سبيله وتسليمه لأسرته أو لإدارة السجون المكلفة بالاحتفاظ به وتربيته. وقد جاء القانون المذكور بأول تطور فيما يعلق بالتكفل prise en charge بالأحداث الجانحين , وعرض إنشاء مقار تربوية خاصة. ومنذ تلك الفترة تم تكريس استقلال القانون الجنائي للأحداث في 3 مراحل لا مجال هنا لتتبعها. ويمكن الإشارة فقط إلى انه منذ عام 1810 إلى 1945 , وتحت تأثير المذهب الوضعي والعلوم الاجتماعية, عرف القانون الجزائي للأحداث تطورا عميقا باتجاه "التربوية", في حين أن الدولة كانت تهتم بحماية الأطفال المتعرضين لسوء المعاملة.
مع النمو الاقتصادي السريع بين 1945 و 1973 ازداد, حسب دراسات علماء الاجتماع المنصبة على هذا الموضوع, نسبة الجنوح وبينها جنوح الأحداث. وعرفت هذه الفترة, فيما يتعلق بالأحداث الجانحين, تطبيق المعالجة الجسدية والنفسية بهدف تحسين السلوك, وكذلك المعالجة المهنية, أي تمكينهم, بعد مرحلة الدراسة والإعداد المهني, من الحصول على وظيفة وعمل لتحسين مستواهم المعيشي. والمعالجة التربوية بهدف الإدماج في البناء الاجتماعي. ( Roché, la délinquance des jeunes, Seuil, 2001, p.16).
فكرة إعادة التربية في الميدان القضائي ارتبطت ارتباطا وثيقا بمفهوم المراقبة والنأي بالحدث عن الأوساط الاجتماعية والعائلية المتهمة بالمسؤولية عن الدفع إلى جنوح الشباب. وعرفت الفترة ما بعد 1968 , بشكل خاص, إعادة التفكير ودراسة السائد من المفاهيم التربوية, وصاحب ذلك عودة التيار الجزري répressif في السبعينات والثمانينات والذي سجل خيبة الأمل في النموذج التربوي المبني على الإدماج المهني. وتم الانتقال من التربية المراقبة إلى الحماية القضائية. وقد عرفت الفترة من 2002 إلى 2007 إصلاحات عميقة أدت إلى تطوير قضاء الأحداث وأعادت بناء النظام القضائي الفرنسي للأحداث على مفهوم الوقاية من الجنوح وعلى حماية الطفولة.
فقانون 5 مارس 2007 المتعلق بحماية الطفولة من الجنوح أخذ بمبدأ الرد المنظم على كل الأفعال الجنحية المرتكبة, وأقام نظام المثول المباشر immédiate comparution للحدث الجانح أمام محكمة الأحداث. ونوع العقوبات التربوية التي يمكن أن تتخذها محكمة الأحداث ضده. فقد حمل القانون المذكور إصلاحا ثلاثيا: 1 ـ ترسيخ مبدأ الوقاية prévention , 2 تعزيز وسائل الإنذار والتحذير من الأخطار المهددة للأحداث. 3ـ تنويع طرق التدخل لدى الأطفال للاستجابة لاحتياجاتهم. (الجريدة الرسمية 6 مارس 2007 ص. 4215 ).
و لا بد من الإشارة إلى أن تطور النظام القضائي الفرنسي للأحداث اخذ في اعتباره التزامات فرنسا بالاتفاقيات الدولية بهذا الصدد, وبشكل خاص الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل بتاريخ 20 نوفمبر 1989 والتي اشرنا إليها في الجزء الأول من هذا المقال.

ـ قاضي الأحداث juge des enfants:
قاضي الأحداث في فرنسا قاض متخصص في مسائل الطفولة. فما كادت الحرب العالمية الثانية أن تضع أوزارها حتى رأت الحكومة المؤقتة إن من بين القضايا المستعجلة جدا وضع مشروع قانون لحماية الطفولة, يوضح الإجراءات الواجب إتباعها عند اقتياد الأحداث أمام القضاء, "ففرنسا ليست غنية بالأطفال حتى تتجه لإهمالهم وعدم صب كافة جهودها لرعايتهم والعناية بهم". وجاء أمر 2 فيفري 1954 لوضع القاعدة الأساسية الحالية لقضاء الأحداث وميزه بعمق عن القانون الجزائي للبالغين. وركز بوضوح لا لبس فيه على أولوية التربية على الزجر. وأشار إلى أن الحدث الجانح هو قبل كل شيء كائن في طور النشوء والتكون. وأسس مبدأ قرينة عدم المسؤولية, فيمكن للطفل البالغ من العمر 7 إلى 8 سنوات عند خرقه القانون أن يجيب على أسئلة القاضي. ويستطيع هذا الأخير عقابه ولكن فقط باتخاذ تدابير تربوية. و ابتداء من سن 13 عاما يمكن أن يتعرض للعقوبة الجزائية.
وعليه أصبح الأحداث الجانحون يمثلون أمام قضاة متخصصين, ومحاكم متخصصة هي محاكم الأحداث. والمحاكم الجنائية للأحداث.
وكان أمر 23 ديسمبر عام 1958 قد وسع سلطات قاضي الأحداث, وأعقب ذلك تطور كبير في مجال التخصص. وحدد له اختصاصين : 1ـ الاهتمام بالأحداث ممن هم في خطر. 2ـ الاهتمام بالأحداث الجانحين. وفي الحالتين يقوم بتحديد القضية وحصرها, ثم يحدد بعدها الحل الواجب والملائم لها, كل ذلك بالاعتماد على المصالح services الاجتماعية المتخصصة ومساعدتها.
يمارس قاضي الأحداث مهامه في الدائرة القضائية للمحكمة الابتدائية الكبرى التي يعمل فيها. ولكن مهامه القضائية لا تقتصر فقط على هذا القضاء. فهو يمارس مهاما قضائية في شؤون أخرى, ضمن اختصاص المحكمة الابتدائية الكبرى, و محاكم الجنح. وهو قاض منفرد متخصص في مسائل الطفولة في المواد المدنية والاجتماعية والجزائية.
قد يكون تدخله مثير في المواد المدنية عند ما تكون صحة الحدث الجسدية أو النفسية في خطر. أو عندما تكون شروط تربيته غير ملائمة بشكل كبير. ويمكنه اتخاذ تدابير تربوية لحماية القاصر.
ولعل من الفائدة هنا أن نشير إلى بعض الممارسات التطبيقية المهنية التي يُذكّر بها قاضي الأحداث الأكثر شهرة في فرنسا والذي يرأس محكمة أحداث بوبكني Bobigny , ومؤسس مؤسسة الطفولة والأسرة, القاضي جان بيير روزينكزفيك Jean Pierre Rosenczveig في كتابه الصادر في فيفري/ شباط 2009 "لماذا أصبحت قاضي أحداث".
ففي النظر في قضايا الإحداث واتخاذ القرارات بصددها يبين جانب الملائمة بين ما يفرضه القانون على القاضي. وبين جانب الحرية التي يمكن لهذا الأخير أن يعمل بمقتضاها وضمنها:
"لا يحتل كتاب القانون المدني مكانا بارزا على مكتبي. كثيرا ما ابحث عنه هنا وهناك. فهو يستعمل بطبيعة الحال كإطار. حيث لا يمكن التصرف كما اتفق. هناك أشياء مسموح فعلها وأخرى غير مسموح بها. كما توجد صيغ وإجراءات يجب احترامها. ولكن في هذا كله مرونة واتساع بما فيه الكفاية. فنحن نعمل هنا (في قضاء الأحداث) مع العلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية, وعلم النفس والطب النفسي .. وعليه فحلول قاضي الأحداث اجتماعية بقدر ما هي قانونية".
ويضرب مثلا: عندما يرتكب حدث جريمة سرقة لا تكون مهمتي فقط إنزال العقاب به ولكن محاولة وضعه على الطريق القويم والتذكير بالممنوع, وذلك ضمن واجبي في حماية المجتمع ... لهذا أحاول إقناع هذا الحدث الجانح بضرورة احترام أهله, والعودة إلى المدرسة. وأستطيع إرساله إلى معاهد وأماكن التكوين, وتسمية مرب لمتابعته .. فالعقوبة بالمعنى التقليدي للكلمة (الحبس الغرامة ..) لا تأتي إلا أخيرا. فإذا ما برهن الحدث المعني على بذل جهود لتغيير سلوكه وسيره, وإذا ما تكللت هذه الجهود بالنجاح, فان القانون يسمح عندها بالإعفاء من العقوبة. مضيفا: قاضي الأحداث هنا لمساعدة الأهل غير القادرين وحدهم على حماية أبنائهم, أو الذين يعرضونهم للخطر بالمعاملة السيئة, أو الإهمال, أو الترك, وهجرهم, ودفعهم إلى التسول. أو الذين لا يستطيعون بناء عوامل الثقة والحوار معهم. فبمساعدة المصالح (services spécialisés ) المتخصصة من الخبراء, والنفسيين, والأطباء النفسيين .. يستطيع القاضي تحليل المشكلة وتحديد الصعوبات ووضع الحلول الملائمة لها.
يؤسس قاضي الأحداث قراراته على مصلحة الحدث ضمن أولوية التربية. أخذا بعين الاعتبار توافق ذلك مع مصلحة المجتمع. قضاة الأحداث وحدهم من يملك سلطات التحقيق والجلوس للحكم في القضايا التي حققوا بها بأنفسهم, وكذلك اختصاص النظر في دعاوى مراجعة الأحكام révision..
يمكن رفع الدعوى أمامه من قبل الأب أو الأم معا, أو من كل منهما منفردا. أو من قبل الشخص أو المصلحة المكلفة برعاية الطفل. أو من قبل الوصي. أومن الحدث نفسه, أو من قبل النيابة العامة. وبشكل استثنائي من قبل القاضي نفسه. ويمكن أن تستأنف قراراته أمام محكمة الاستئناف.
يعاون قضاة التحقيق مساعدون assesseurs غير مهنيين. وهم مواطنون دون تكوين قانوني أولي, يمارسون مهام متنوعة لا علاقة لها بالقضاء. على أن لا تقل أعمارهم عن 30 عاما, ولهم اهتمامات معروفة بالطفولة وشؤون الأطفال. يعين هؤلاء من قبل وزير العدل بناء على ترشيح من المحكمة الابتدائية الكبرى لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد. ويحلفون اليمين القانونية: "اقسم باني سأقوم بمهامي بأمانة. وأحافظ صادقا على سرية المداولات" .
يستطيع قاض أحداث الاستفادة من مساعدة 4 من هؤلاء المساعدين 2 مرسمين و 2 احتياط. لا يتدخل المساعد في مواد المساعدة التربوية, ولا يشارك في الجلسات التي تنعقد في مكتب قاضي الأحداث. ولا يجلس للقضاء في محكمة الجنايات للأحداث. دوره هو الجلوس في محكمة الأحداث للحكم مع قاضي الأحداث في دعاوى الجرائم المرفوعة أمامها.
ـ محاكم الأحداث tribunaux pour enfants:
أنشئت محاكم متخصصة بقانون عام 1912, وأنشأ أمر عام 1945 انشأ محاكم خاصة تحاكم الأحداث.
محكمة الأحداث قضاء مكلف بمحاكمة الأحداث الملاحقين لمخالفة من الدرجة الخامسة, أو لجنحة. وهذه المحكمة مختصة كذلك بالنظر في الجرائم المنسوبة للأحداث الأقل سنا من 16 عاما عند ارتكاب الفعل.
تتكون محكمة الأحداث من :
ـ قاض أحداث.
ـ مساعدان ( assesseurs ) غير مهنيين.
ـ كاتب ضبط الجلسة.
يمكن رفع الدعوى أمامها من قبل قاضي الأطفال أو قاضي تحقيق في قضايا الأحداث.
دورها واختصاصاتها:
تنظر في الجنح المرتكبة من قبل أحداث اقل من 16 عاما.
يمكنها النطق بإجراءات تربوية. أو عقوبات أشغال للمصلحة العامة .
أو بغرامة ضمن حدود 7500 يورو . وبعقوبة السجن لحدث أكثر من 13 عاما.
المرافعات أمامها غير علنية. لا تسمح بنشر أحكامها في وسائل الإعلام. وإذا ما تم النشر لا يذكر اسم الحدث المعني. حضور المحامي إلى جانب الحدث إجباري. ويمكنها الاستماع للمربين المكلفين بمتابعة الحدث.
(الوثائق الفرنسية 25 مارس/آذار 2009).
محكمة جنايات الأحداث cour d’assises des mineurs:
تحاكم محكمة جنايات الأحداث الأحداث المتهمين بارتكاب جنايات, البالغين من العمر أكثر من 16 عاما عند ارتكاب الفعل.
تتكون هذه المحاكم من:
رئيس. وقاضيان مساعدان. وهيئة محلفين. ومن ممثل للنيابة العامة متخصص في منازعات الأحداث.
تخضع الإجراءات أمام محكمة الجنايات للأحداث إلى بعض الالتزامات: في المداولات على رئيس المحكمة أن يطرح السؤالين التاليين:
ـ هل يستوجب النطق بإدانة جزائية؟
ـ هل يستوجب استثناء المتهم من تخفيف العقوبة؟
المرافعات أمام محكمة الجنايات للأحداث مغلقة ولا يسمح بدخول القاعة إلا الأشخاص المعنيين مباشرة بالقضية. كما يستطيع الرئيس الطلب من الحدث المتهم الخروج من الجلسة عند قراءة التقرير المتعلق بسيرته الشخصية أو سيرة عائلته, لتجنبيه ما يمكن أن يسبب له ذلك من صدمات نفسية.
قرارات المحكمة تصدر علنيا ويمنع نشرها في وسائل الإعلام, كما لا تنشر هوية المعنيين فيها من الأحداث.
إذا ما ثبتت إجرامية الحدث, على المحكمة, إجباريا, أن تختار بين التدابير التربوية, أو العقوبة الجزائية إذا ما كانت الظروف وشخصية الحدث تتطلب ذلك.
تحديد مدة العقوبة يخضع لمبدأ التخفيف. فعمر الحدث المتهم يؤخذ في الحساب عند النطق بالحكم. وعذر السن يبرر مبدأ أن الأحداث لا يمكن أدانتهم بأكثر من نصف العقوبة المقررة لنفس الجناية المرتكبة من بالغين. ومع ذلك يمكن للمحكمة أن ترفض العذر المخفف المؤسس على عدم البلوغ, وفي هذه الحالة عليها أن تبرر رفضها هذا بقرار خاص و معلل.
قرارات محكمة جنايات الأحداث قابلة للاستئناف, بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى من نفس النوع والدرجة لإعادة كاملة للمحاكمة. ( أمر رقم 45ـ174 بتاريخ 02/02/1945 المواد: 2. 3. 20)
ـ حماية قاضي الأحداث للأحداث الأجانب المحتجزين في مناطق الانتظار الحدودية:
هل يوجد دور أو مكان لقاضي الأحداث في مناطق الانتظار المخصصة لإقامة الأجانب, ومنهم بشكل خاص الأحداث القادمين إلى فرنسا دون وثائق سفر أو وثائق شخصية ؟ وهل يكفي أن يُترك هؤلاء فقط لمساعدة جمعية ANAFE التي تتكون من أكثر من 20 جمعية مرخص لها بالحضور إلى مناطق الانتظار المذكورة و تقدم الدعم, القانوني بشكل خاص, للإحداث المحتجزين ؟.
يذكر السيد جان بيير روزنكزفوك في كتابه المشار إليه أعلاه, انه يصل إلى مطار شارل ديغول كل عام حوالي 1200 حدث قادمين من الخارج دون أوراق, مصحوبين ببالغين يمارسون عليهم السلطة القانونية. ويقدر أن بينهم 800 حدث, بعضهم هرب من بلده بسبب الاضطهاد وبنية طلب اللجوء. وآخرون قدموا بتشجيع من أهلهم للعمل أو الدراسة. وتعمل السلطات الفرنسية على إعادتهم فورا من حيث أتوا . ولكن عودتهم الفورية غير ممكنة دائما, إما لعدم وجود طائرة جاهزة فورا, وإما لان وضعهم الصحي يتطلب فحصا طبيا دقيقا. وعليه يتم وضعهم في منطقة الانتظار تحت رقابة شرطة الحدود. تخشى غالبة هؤلاء الأحداث العودة إلى البلدان القادمين منها إما لانهم مهددين فيها. وإما لعدم رغبتهم بالعودة إلى ذويهم لأسبابهم الخاصة. وفي نفس الوقت لم يتمكنوا من إقناع شرطة الحدود ولا المكتب الوطني الفرنسي لحماية اللاجئين OFPRA بعدم تسفيرهم وبإيجاد تسوية قانونية لوضعهم.
اخذ قضاة الأحداث في بوبيكني القريبة من المطار المذكور يعملون على توصيل الفكرة بأنه من الطبيعي أنه يدخل ضمن اختصاصهم القضائي الأحداث الأجانب المتواجدين في منطقة الانتظار في مطار رواسي, فهي منطقة قانونية يجب أن يطبق فيها القانون الفرنسي. وبان قضاة الإحداث في بوبيكني مختصون بالنظر في قضايا الأحداث المقيمين فيها, دون أن يأخذوا دور المحافظ Le préfet, فتدخل القاضي يكون بذريعة أن " فرنسا لا تستطيع إعادة هؤلاء الأحداث إلى بلدانهم لأنها في هذه الحالة تعرضهم للخطر".
ويضيف القاضي المذكور انه كثيرا ما تدخل شخصيا بناء على بلاغ بوجود هؤلاء في المنطقة المذكورة من قبل أهلهم أو احد أقاربهم المقيمين في فرنسا, أو من قبل إحدى الجمعيات المدنية. "حتى أن شرطة الحدود نفسها أصبحت تبلغني للتدخل, في حالة وجود حدث صغير جدا مقيم فيها , أو عند معاناة احدهم من مشاكل صحية ".
في 25 مارس / آذار 2009 أصدرت محكمة النقض الفرنسية حكما في حماية الأحداث الأجانب الذين يقدمون وحدهم إلى الأراضي الفرنسية لطلب استقبالهم وحمايتهم. وقد اعترف الحكم بان هؤلاء الأحداث يتبعون أحكام المادة 375 وما يليها من القانون المدني المتعلقة بإجراءات المساعدة التربوية.
وأخيرا, لعل فيما أورده ايف شاربنال Yves Charpenel المحامي العام لدى الغرفة الجزائية في محكمة النقض الفرنسية, في كتابه قضاؤنا الجزائي, من إشارة لوسائل القضاء الجزائي للأحداث, يبين اهتمام القضاء الجزائي بقضاء الأحداث, والى إن تراكم خبرات 60 عاما و استعمال الطرق الخاصة المكرسة للأحداث الجانحين أو الضحايا, مصحوب بقناعة راسخة بضرورة العمل الدائب على بناء مستقبل أفضل للإحداث, لابد له من أن يوفر حماية قضائية أفضل للأحداث.
يحتفظ القضاء الفرنسي للأحداث اليوم بهوية متميزة في موازنته بين الحلول التربوية والحلول الزجرية. وفي لجوئه للمصالح العامة المتخصصة services publics spécialisés, والجمعيات المدنية المعنية, بهدف توفير وسائل أفضل لحماية قضائية أكثر فاعلية. كما أن التوسع في بناء مؤسسات الاستقبال, ومراكز التربية المفتوحة للأحداث المعرضين للخطر. والمراكز التربوية المغلقة المخصصة للجناحين اصطحاب السوابق المتكررة, يذهب في هذا الاتجاه.
"أبناؤنا أكبادنا تمشي على الأرض". هل حان الوقت عندنا, نحن العرب, للانتقال من الشعر إلى الفعل.



#هايل_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحماية القضائية للطفولة. 1/2
- البرلمان الأوروبي
- قراءة في كتاب غير عربي 2/2
- في حق جمع الشمل (فرنسا) Regroupement familial
- من وحي قراءة في كتاب غير عربي
- ثقافة قانونية وقضائية خارج الثقافة !!!
- ما ضاع حق وراءه مطالب
- ما للدولة ليس للدولة
- ثقافة عربية دورية ومتنقلة .
- القضاء الجزائي الفرنسي في عيون رجاله 2/2
- في الأفق نصر عربي جديد !!!.
- قاضي التحقيق القاضي الأكثر إثارة للجدل2/2
- عن أية ديمقراطية يدافع هذا الغرب؟.
- صقور وحمائم ووقف حذر لإطلاق الشتائم
- مظاهراتهم ومسيراتنا
- مجلس الأمن أي امن !!!
- عام جديد في عالم متحضر
- غزة تُقصف. وقصف عربي عربي مضاد.
- القضاء الجزائي الفرنسي في عيون رجاله
- لجنة عربية لمراقبة حقوق الإنسان في الوطن العربي. عهر سياسي


المزيد.....




- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - هايل نصر - في الحماية القضائية للطفولة 2/2