أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - سامح سعيد عبود - رحلة الكون عبر الزمان(31) الانعكاس النفسى عند الكائنات الحيه















المزيد.....

رحلة الكون عبر الزمان(31) الانعكاس النفسى عند الكائنات الحيه


سامح سعيد عبود

الحوار المتمدن-العدد: 2712 - 2009 / 7 / 19 - 11:24
المحور: الطب , والعلوم
    



مع تطور الجهاز العصبى المركزى لدى الكائنات الفقارية الراقية، وصلنا إلى أرقى أشكال الانعكاس للمادة الحية، و هو الانعكاس النفسى، فإذا كانت الكائنات الحية فى المراحل الأدنى من التطور تستجيب فقط للمؤثرات الخارجية المرتبطة بنشاطها وحاجيتها الحيوية فقط، الا أن الانعكاس النفسى هو الاستجابة للمؤثرات الخارجية التى ليس لها أهمية فى حد ذاتها للكائن الحى .
وهذا الشكل الراقى من الانعكاس نشأ نتيجة تعقد الجهاز العصبى المركزى واكتسابه وفق هذا التعقد قدرات نوعية أكثر رقيا ، فاصبحت الكائنات الحية ترى ما لا تحتاج لرؤيته حيث اصبح لأعينها القدرة على تلقى المنبهات الضوئية على الشبكية، و نقلها عبر العصب البصرى للمخ.... و يتوقف مدى الرؤية و درجة وضوحها على مدى ما تستطيع العين رؤيته من موجات ضوئية، و أصبحت حلمات اللسان قادرة على الاحساس بكافة صنوف الطعام حتى و لو لم تكن فى حاجة إلى الطعام، و خلايا الشم الموجودة على السطح الداخلى للأنف لديها القدرة على التمييز بين شتى الروائح التى هى جزيئات مادية طيارة تلتقى بخلايا الشم فيحدث الانعكاس الذى يتم نقله للمخ، و تستطيع طبلة الأذن نقل تضاغطات وتخلخلات الهواء الناتج عن حركة مصدر الصوت المتذبذبة إلى العصب السمعى و منه للمخ، وتستجيب خلايا جلد الكائن الحى لمؤثرات البيئة الخارجية من حرارة و برودة و خلافه، و هذا يؤكد على ان عمليات الاحساس فى الكائن الحى، والتى تميزه عن الكائنات غير الحية، ما هى الا عمليات بيولوجية بسبب تفاعلات كهروكيميائية، و أن الربط بينها هو الذى يولد الانعكاس النفسى الأرقى الناتج عن تفاعلات كهروكيميائية معقدة، أصبحت مسئولية جهاز متخصص من الخلايا والأنسجة و الأعضاء العصبية.
الكائنات الحية تترجم مؤثرات البيئة الخارجية الطبيعة المحيطة بها، إلى تفاعلات كهروكيميائية بأجسادها، تحدث تغيرات كيميائية بالكائن الحى، فجلد الكائن الحى يحس بالحرارة الخارجية ليس بوصفها حرارة، و إنما بوصفها تغيراً فى تركيز السكر فى الدم، وعندما يبصر الكائن الحى أو يسمع صوتا فإن الفوتون وهو وحدة الكم الضوئية التي تثير عين المرء، و الأصوات التى تثير أذنه تحس بها الأعضاء الداخلية للمرء فى شكل تغير فى تركيز الأدرنالين فى الدم ، وبرغم ذلك فأن تأثير صورة الكلب نفسه لدى كلب آخر يختلف تماما عن تأثيرها فى الأنسان، كما تختلف صورة الإنسان فى تأثيرها فى إنسان آخر عن تأثيرها لدى الكلب.برغم أن الأساس المادى واحد، وهو تغيير تركيز الأدرنالين فى الدم لدى كل من الإنسان والكلب. وهذا هو الانعكاس النفسى المتجذر فى التفاعلات الكهروكيميائية، إلا أنه مستقل عنها فى نفس الوقت.
القابلية للاثارة أو الاهتياجية هى إنعكاسات غير شرطية يقوم بها الكائن الحى ، أى أنها ردود فعل استجابية يقوم بها الكائن الحى تحت تأثير العوامل البيولوجية المباشرة، و التى تنشأ خلال عمليات التطور فى نوع معين من الكائنات الحية ،تبدأ كطفرة وراثية فى أحد الأجيال تجعله أكثر قدرة على البقاء، وبعد ذلك يتم تثبيتها كسلوك وراثى للكائن الحى يورثها للأجيال التى تليه، و السلوك الوراثى هو كل سلوك يمارسه الكائن الحى دون أن يكتسبه بالتعلم من الآخرين، من خلال الوراثة، من جيل سابق، باعتباره جزء من الشفرة الوراثية لهذا الكائن(الدنا )، و قد ينفرد بأحد تلك السلوكيات نوع محدد من الكائنات الحية، كافتراس الأرملة السوداء وهى أنثى نوع من العناكب للذكر، وهو يمارس معها الجماع،و مثل وهجرة الطيور والأسماك، أو تشترك فيه كل الكائنات الحية كالإحساس بالجوع، والبحث عن الطعام، افراز اللعاب عند الحيوانات عند تناول الغذاء.
السلوكيات الوراثية، تعرف عند علماء الأحياء والنفس بالغرائز والأهواء والانفعالات، و هى ضرورية للمحافظة على حياة الكائنات الحية الخاصة، و على النوع كله، و هى ليست كما قد يخيل لنا من أول وهلة ظاهرة غير مفهومة أو لغز ليس له حل، فتلك السلوكيات جميعها من أبسطها حتى أكثرها تعقداً تطورت عن الأفعال الانعكاسية غير المشروطة، التى تثبت بالوراثة لدى الكائن الحى أثناء عمليه التطور . إلا أن كل هذه الانعكاسات غير الشرطية سالفة الذكر هى مجرد انعكاسات بيولوجية ناتجة عن العلاقة بين الكائن الحى والبيئة، و هى عبارة عن تفاعلات طبيعية وكيميائية وميكانيكية.
الانعكاس الشرطى
الأفعال الانعكاسية المشروطة هى شكل أكثر تعقيداً لوظائف الجهاز العصبى المركزى، فهى انعكاسات ذاتية فردية يكتسبها و يتعلمها الكائن الحى أثناء تأديته لوظائفه اليومية على أساس من الأفعال الانعكاسية غير المشروطة، وتعتبر الأفعال الانعكاسية المشروطة من أهم و أرقى الوسائل التى يستطيع بها الكائن الحى التكيف مع الوسط الذى يعيش فيه ، فالسلوك المعقد للحيوانات الراقية أساسه عبارة عن مجموعة من الأفعال الانعكاسية المشروطة التى تتكون فى أثناء حياتها.
الانعكاس الشرطى هو أساس الانعكاس النفسى، وهو أرقى أشكال الانعكاس لدى الكائنات الحية، وهو الذى يعطى الحيوان المتطور، الذى يملك جهاز عصبى مركزى القدرة على التكيف مع البيئة من خلال الحساسية العالية لكل المظاهر الحيوية بالنسبة له أو غير الحيوية.
إن الانعكاس الشرطى أساسه أن الوسط المحيط بالكائن الحى ليس مقصوراً فحسب على المؤثرات ذات الأهمية الحيوية له، وانما على الكثير من المؤثرات التى ليس لها أهمية فى حد ذاتها لبقاءه، ولما كانت حواس الكائن الحى وجهازه العصبى قد تطور لحد كاف، فقد سمح له بإقامة صلات بين المؤثرات ذات الأهمية الحيوية، والمؤثرات غير ذات الأهمية الحيوية، وتزداد القدرة على إقامة تلك الصلات بزيادة درجة تطور الكائن الحى وتطور جهازه العصبى، ويحدث الانعكاس الشرطى عند توافق مؤثر له أهمية حيوية للكائن الحى، و مؤثر آخر ليس له أهمية حيوية له، و إذا تكرر هذا التوافق لعدة مرات كافية، فأنه يصبح كافيا أن يوجد العامل الثانى وحده دون وجود العامل الأول، لكى يظهر لدى الحيوان رد الفعل الذى يثيره لديه العامل الاول، المتمتع بأهميه حيوية مباشرة بالنسبة إليه . والانعكاس الشرطى هو أساس قدرة الكائن الحى على التعلم ، من الآخرين ومن البيئة المحيطة، وتعديل سلوكه ، واكتساب القدرة على التحكم فى سلوكه الوراثى، وهو ما تتميز به الطيور والثدييات بدرجات متفاوتة.
والتجربة الشهيرة التى أدت لهذا الاكتشاف هى تعمد العالم بافلوف اطعام كلب معين فى نفس اللحظة التى يرن فيها جرس معين بنغمة محددة و مكررة، و بعد فترة من اعتياد الكلب على تناول الطعام عند سماعه لصوت الجرس يسيل لعاب الكلب لمجرد سماع رنين الجرس بدون حتى إحضار الطعام، وحتى و لو لم يكن الكلب جائعا برغم ان صوت الجرس ليس له أهمية حيوية بالنسبة للكلب، إلا إنه ارتبط بحاجة حيوية هى الطعام ، فقد تكون ارتباط بين مناطق الاثارة للسمع فى مخ للكلب ، و مناطق الاثارة للجوع فى مخ الكلب، أدت لظهور ربط عصبى، نتيجة هذا الارتباط بين المنطقتين، فما يثير منطقة يثير الأخرى، فيصبح الجوع عند الكلب مؤثر فى حد ذاته فى منطقة السمع عنده، فيتذكر صوت الجرس حتى و لو لم يرن، و هذا هو الأساس المادى للانعكاس النفسى، حيث أن هذا الربط يترجم فى الجهاز العصبى بتفاعل كهروكيميائى،يؤدى لتعديل البرنامج الذى يتحكم فى سلوك الكلب بالحذف أو بالإضافة.
الجرس والطعام ليسا هما المؤثران الوحيدان فى البيئة المحيطة بالكلب أو أى كائن حى ، ولكنها تحفل بما لا حصر له من مؤثرات حيوية وغير حيوية للكائن الحى، وبناء على ذلك يربط الكائن الحى بين كل تلك المؤثرات بشتى الارتباطات، مشكلا ما لاحصر له من ارتباطات شرطية بين مؤثرين أو أكثر من مؤثر، وهو ما يشكل فى النهاية الانعكاس النفسى للكائن الحى(ذكرياته ومشاعره وعواطفه وسلوكه ومعارفه). وهو انعكاس يتفاوت كما و نوعا من كائن حى لكائن آخر، وفق درجة تطور جهازه العصبى، فكلما زادت الروابط بين المؤثرات فى المخ، وزادت إمكانية خلق مثل تلك الروابط فى المخ، زاد ذكاء الحيوان، وتطور جهازه النفسى.
كان نمو جهاز الاشارات الأول او الانعكاس النفسى ، و هى كلها متردافات لمعنى واحد هو ما أدى إلى ظهور الظواهر النفسية لدى الكائنات الحية، و التى يسببها التغير النوعى للجهاز العصبى نتيجة تعقد تركيبه.
فالمنعكس الشرطى مرتبط بالطريقة التى يؤدى بها المخ وظيفته، بأعتباره جهاز معقد لاستقبال الاشارات الكهروكيميائية، وإرسال الاشارات الكهروكيميائية، و التى تتحكم فى ردود فعل الكائن الحى من حركية و غير حركية، و هو يشبه فى عمله جهاز كومبيوتر ضخم لاستقبال إشارات معينة بالمعلومات، التى يختزنها فى الذاكرة، و تحليل هذه الاشارات، و ربطها ببعضها، وارسال اشارات معينة للتحكم، و هو كل ما يفعله الكومبيوتر بالفعل مثله فى ذلك مثل المخ أو الجهاز العصبى المركزى، و قد أعطى هذا له القدرة على الربط بين الظواهر المختلفة المحيطة به، و التى من خلالها يستجيب، و يطور جهاز الاشارة الأول الذى هو نتيجة للانعكاس النفسى.
أخذ الانعكاس النفسى يتطور فى الكائنات الحية الراقية ذات الجهاز العصبى المركزى، والتى أصبحت تمتلك جهاز للاشارات لنقل المعلومات فيما بينها، و الذى أخذ يزداد تعقداً كلما صعدنا فى سلم التطور، حتى أصبحت الرئيسيات تمتلك قدرات أعلى للانعكاس النفسى، ومفردات أكبر من الاشارات التى تتيح لها فرصة أعلى للتكيف مع البيئة. إلا أن الانعكاس النفسى نفسه صاحب تاريخ تطورى طويل، بتطور الجهاز العصبى المركزى لدى الفقاريات الراقية(الطيور والثدييات)، إلا أنه ارتقى عند الرئيسيات إلى حد كبير، وهو أرقى لدى البشر.



#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة الكون عبر الزمان(30) الاحساس فى الكائنات الحية
- رحلة الكون عبر الزمان(29) الأدلة العلمية على تطور الكائنات ا ...
- رحلة الكون عبر الزمان(28) تطور الكائنات الحية
- رحلة الكون عبر الزمان(27) الوراثة والهندسة الوراثية
- رحلة الكون عبر الزمان(26) التكاثر فى الكائنات الحية
- رحلة الكون عبر الزمان(25) الانقسام الخلوي
- رحلة الكون عبر الزمان(24) الخلية الحية
- رحلة الكون عبر الزمان(23) أصل الحياة
- رحلة الكون عبر الزمان(22) الحياة والموت والاستنساخ
- رحلة الكون عبر الزمان(21) دورات عناصر الحياة فى الطبيعة
- رحلة الكون عبر الزمان(20) ظهور الحياة على الأرض
- رحلة الكون عبر الزمان(19) بدايات الحياة من جزيئات الحياة
- رحلة الكون عبر الزمان(18) الانعكاس أو تأثر الأشياء ببعضها
- رحلة الكون عبر الزمان(17) طرق تكون وتحلل الجزيئات
- رحلة الكون عبر الزمان(16) ]داخل نواة الذرة
- رحلة الكون عبر الزمان(15) قانون البنائية
- رحلة الكون عبر الزمان(14) خواص العنصر تعتمد على بنية الأجزاء ...
- رحلة الكون عبر الزمان(13) كيف نقسم الأشياء إلى أنواع
- رحلة الكون عبر الزمان(12) الجزئيات ليست أكواما من الطوب، بل ...
- رحلة الكون عبر الزمن(11) قوانين الحفظ والبقاء


المزيد.....




- ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟
- أجمل أغاني لولو والنونو.. استقبل الان تردد قناة وناسة أطفال ...
- نزلها الأن ..تردد قناة بداية 2024 عبر القمر الصناعي نايل سات ...
- الإمارات.. منازل وطرقات مغمورة بالمياه جراء أسبوع قياسي من ا ...
- سواء كان رملًا أو ثلجًا أو صخورًا.. ناسا تدرب كلبًا آليًا لا ...
- معضلة تناول الإعلام الألماني لليمين الشعبوي: التجاهل أم التع ...
- ناسا تحقق اكتشافا على المريخ قد يكون علامة على وجود -كائنات ...
- -ستوكس 600- عند أعلى مستوى في أسبوع بدعم من أسهم التكنولوجيا ...
- أب عراقي يشتكي شركة نفط بريطانية بعد وفاة ابنه بسرطان الدم
- حبوب منع حمل ذكورية.. هل يُقبل الرجال عليها؟


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - سامح سعيد عبود - رحلة الكون عبر الزمان(31) الانعكاس النفسى عند الكائنات الحيه