أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عبدالوهاب حميد رشيد - العراق يعاني من تضاؤل مياه نهر الفرات















المزيد.....

العراق يعاني من تضاؤل مياه نهر الفرات


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 2711 - 2009 / 7 / 18 - 08:20
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


.. ولد صغير يجلس في الوحل على الجانب الجاف في حوض نهر الفرات..
.. قرب الجبايش- العراق- يونيو..
على طول الأهوار، يمكن مشاهدة جامعي نباتات القصب- الضاربة جذورها في أرض النهر بعد أن كانت في يوم ما تطوف على مياهه- وبين آن وآن يرفعون مناجلهم القديمة كلما شاهدوا زواراً في قوراب مارة بهم ويصرخون: ماكو ماي.. ماكو ماي.. "لا يوجد ماء".
الفرات يتجه نحو الجفاف.. تضاءلت مياهه نتيجة السياسات المائية لدول الجوار- تركيا (و) سوريا.. سنتان من الجفاف، وسنوات مديدة من سوء الاستخدام من العراق ومزارعيه.. صار النهر بدرجة عالية أصغر مما كان قبل بضع سنوات فقط.. بعض الرسميين قلقون من احتمال تقلص النهر ليبلغ نصف حجمه الحالي. انكماش مياه الفرات- النهر الذي نشأت أولى الحضارات البشرية على ضفافه، وتنبأ كتاب الوحي بأن جفافه يوشر علامة لنهاية الزمن (الدنيا)- تسبب في تقلص المساحات المزروعة على ضفافه، ترك الصيادين فقراء، واستنزف المدن على ضفافه بهروب الفلاحين إلى مدن أخرى بحثاُ عن فرص عمل.
الفقراء يعانون على نحو أكثر حدة، لكن كل طبقات المجتمع بشعرون بالتأثيرات السلبية لهذا الجفاف. على امتداد ضفتي النهر، تحولت حقول الرز والحنطة إلى أماكن قذرة. القنوات تقزّمت إلى جداول ضحلة. قوراب صيد السمك تقبع على أرض جافة. المضخات المنصوبة لسحب مياه النهر إلى المزارع صارت معلقة خالية من الحياة واقفة على برك موحلة سمراء. يقول كبار السن بأنهم "لم يعرفوا أسوأ مما هو حاصل الآن،" بينما ذكر سعيد دياية (34 عام)- صياد من الهندية كان جالساً في مقهى صغير على ضفة النهر مليء بأمثاله العاطلين: " أنا اعتمد على رحمة الله."
الجفاف شامل في العراق. المنطقة الشمالية المطرية التي كانت غنية بزراعة الحنطة والشعير، انحدرت بقسوة بنحو 95% من وضعها الاعتيادي. بساتين النخيل والحمضيات في المناطق الشرقية أصبحت جافة. على مدى سنتين كان معدل سقوط المطر دون مستواه المعتاد، تاركاً الخزانات خاوية. ويتوقع الرسميون الأمريكان بأن إنتاج القمح والشعير سيكون أكثر قليلاً من نصف حجمه الاعتيادي لما قبل سنتين.
إنها أزمة تهدد جذور هوية العراق roots of Iraq’s identity، ليس فقط باعتباره أرض ما بين النهرين (ميزوبوتاميا)، بل كذلك باعتباره شعباً كان في يوم ما المُصَدّر الأكبر للتمور في العالم، يُجهز مصانع البيرة الألمانية بالشعير، ويشعر بالفخر الوطني بإنتاج رز العنبر الغالي الثمن.
والآن بستورد العراق المزيد والمزيد من الحبوب (والخضروات والفواكه والأسماك..). يقول المزارعون على طول نهر الفرات، مع غضب ويأس، إنهم ربما سيهجرون زراعة العنبر إلى الأنواع الأخرى الأكثر رخصاً.
فترات الجفاف ليست نادرة في العراق، رغم أن الرسميين يقولون بأنها تصاعدت وتكررت في السنوات الأخيرة. لكن الجفاف هو فقط جزء من المعضلة التي تخنق الفرات وتوأمه الأضخم- دجلة. أما الجهات التي يوجه إليها اللوم بصفة متكررة فهي كل من حكومة تركيا (و) سوريا. لدى العراق كميات وفيرة من مصادر المياه، لكنه يقع تالياً في مؤخرة المجرى downstream country. هناك، على الأقل، سبعة سدود/ خزانات على نهر الفرات لـ تركيا (و) سوريا، حسب مسؤولي المياه في العراق. وفي غياب معاهدات أو اتفاقات، صارت الحكومة العراقية تستجدي جيرانها من أجل الماء.
في مؤتمر عقد ببغداد- وكان أمام المشاركين قناني مياه سعودية- البلد الذي يمتلك القليل من المياه العذبة- تكلم الرسميون عن الكارثة.. ذكر علي بابان- وزير التخطيط : "نُعاني من عطش حقيقي في العراق... زراعتنا تتجه نحو الموت. مدننا تتعرض للذبول. وليست هناك دولة يمكنها أن تبقى صامتة في مثل هذه الحالة."
أعلنت وزارة المياه مؤخراً بأن تركيا ضاعفت كميات المياه المتدفقة نحو الفرات بغية إنقاذ موسم الزراعة في بعض المناطق. زادت هذه الحركة تدفق المياه لتصل إلى 60% تقريباً من معدلها.. كمية تكفي فقط لتغطية نصف كميات المياه المطلوية لموسم زراعة الرز الصيفية. ومع أن تركيا وافقت على رفع المنسوب، بل وحتى زيادته، فليس هناك التزام موثق commitment binding يلزم الطرف الآخر (تركيا) لتنفيذ هذ الوعد.
مع ظهور قلّة من المؤشرات لتحسن حالة نهر الفرات، فالمرارة bitterness المتصاعدة بسبب المشكلة تهدد لتصبح مصدراً للتوتر لأشهر أو حتى لسنوات قادمة بين العراق وجيرانه (بخاصة تركيا). العديد من الأمريكان، الأتراك، وحتى من الرسميين العراقيين، يتجاهلون الاتهامات بشأن لعبة الانتخابات القادمة مطلع العام الجديد، ويقولون أن المشكلة تقبع في السياسات البائسة لإدارة المياه في العراق.
"كان من المعتاد وجود المياه في كل مكان،" قالها عبدالرضا جودا وهو جالس في قصبته خارج كربلاء. جودا، وهو يصف ظروفه الرهيبة dire circumstances مع ابتسامة باهتة تعكس حالة الإرهاق التي يعانيها، نشأ قرب البصرة، لكنه هرب إلى بغداد قبل الاحتلال، ثم جاء إلى كربلاء العام 2004 للعمل في مجال صيد السمك وتربية الجاموس في منطة تُذكره بمنزل نشأته.. قال "إن هذه السنة مجرد صحراء."
على طول النهر، لا يتصاعد الاستياء ضد تركيا (و) سوريا، فحسب، بل أيضاً يزداد الاستياء من الأمريكان، الكرد، الإيرانيين، وحكومة بغداد الدميّة. الفاقة والعوز تدفع باتجاه تصاعد الاستياء والعداء.. يقول الرسميون سوف لن يتحسن أي شيء إذا لم يتولى العراقيون، وبجدية عالية، سياسات البلاد المائية وتاريخها لإدارة تدفق مياهها. القنوات تُسرّب المياه Leaky canals.. ممارسات إروائية تبذيرية wasteful irrigation practices تُبدد المياه.. مصارف مياه (شبكة البزل) فقيرة poor drainage، تترك الحقول مالحة جداً نتيجة تبخر المياه بحيث أن النساء والأطفال يرفعون من الأحواض الضحلة في النهر الأملاح لتصبح على شكل روابي ضخمة.
مع إشراقة الصباح في الديوانية، كانت بهية محمد (60) عام تعمل في الأحواض الضحلة للنهر لجمع الأملاح- المصدر الوحيد لدخل العائلة بعد أن لحق الجفاف بحقلهم. لكن الحقل الميت لم يكن أزمتهم الحقيقية.. "لا توجد مياه في النهر لنشرب منها،" قالتها وهي تشير إلى قناة متفرعة من الفرات.. "إنها الآن جافة تماماً، وتحتوي على مياه المجاري.. إنهم يحفرون الآبار، ولكن في بعض الأحيان ينقطع الماء، وعلينا أن نشرب من النهير. كافة أطفالي مرضى بسبب الماء."
في الجنوب الشرقي، حيث يصل الفرات نهاية جريانه المنفرد بمسافة 1730 ميل، ليلتحم مع مياه أقل ملوحة لنهر دجلة قبل الوصول إلى الخليج العربي، يصبح الوضع قاتلاً.. الأهوار حيث أُعيدت إليها المياه العام 2003 بزعم إنقاذ الثقافة القديمة لعرب الأهوار، تتجه نحو الجفاف.. أعشاب المواشي تنبت وسط النهر..
الفلاحون ممن يجمعون القصب ويرعون الجاموس يستمرون في العمل، لكنهم يقولون بعدم استطاعتهم البقاء إذا ما استمر حال النهر على هذا الوضع. "الشتاء القادم سيكون الفرصة الأخيرة،" قالها هاشم هيليد شيحة (73 عام)- فلاح يعيش في قرية- غرب الأهوار- تعاني من الجفاف. "إذا لم نكن قادرين على الزراعة عندئذ فإن كافة العائلات ستترك المنطقة."
مممممممممممممممممممممممممممـ
Iraq Suffers as the Euphrates River Dwindles,CAMPBELL ROBERTSON,Uruknet.info, July 14, 2009.
Amir A. al-Obeidi, Mohammed Hussein and Abeer Mohammed contributed reporting.



#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب الفتوحات الكولونيالية في أفغانستان
- العراق والاكراد.. معضلة على طول خط المواجهة الملتهب
- الجفاف، الزراعة، والمشاكل الاجتماعية في العراق
- الحقيقة وراء دعاية تحقق -السيادة- العراقية
- هذا العار.. هو عارك!
- لماذا صار العراق البلد الأكثر فساداً في العالم!؟
- ما وراء السياسة (الإمبريالية).. بشر للبيع في عالم جائع..
- حرب أهلية.. هدية اوباما ل.. باكستان..
- ثمار من غابة!
- لغز تصاعد التوجه العسكري لدى اوباما
- لعبة كرة جديدة في العراق
- اوباما يرفع مستوى ضبابية -الحقيقة- في خطابه
- اوباما.. أتركْ وأنسَ المفاوضات
- حان الوقت لمقارنة كلمات اوباما السابقة مع أفعاله الحالية
- عنصريون ديمقراطيون!
- مشروع نهر البارد.. يجب أن لا يفشل..
- البنك الدولي: إسرائيل تستحوذ على أربعة أخماس مياه الضفة الغر ...
- توقعات كئيبة بشأن عودة اللاجئين العراقيين
- العراق: الفساد يُقوض برنامج المساعدة الغذائية الشهرية الحكوم ...
- حرب اوباما في أفغانستان وباكستان


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عبدالوهاب حميد رشيد - العراق يعاني من تضاؤل مياه نهر الفرات