أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - مفارقات القبض علي عبدالمنعم أبو الفتوح!















المزيد.....

مفارقات القبض علي عبدالمنعم أبو الفتوح!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2709 - 2009 / 7 / 16 - 09:10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


لست من أنصار تسييس الدين أو تديين السياسة، ولست ــ بالتالي ــ من المتعاطفين مع جماعة »الإخوان المسلمين«، بل توجد خلافات عميقة بين المدرسة الفكرية التي انتمي إليها وبين أفكار وسياسات وممارسات هذه الجماعة التي تجمع بين الدعوة الدينية والعمل السياسي وتخلط الدين والسياسة.
ومع هذا.. فإنني أتعاطف كثيراً مع الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب وأحد أبرز القيادات »الحديثة« لجماعة الاخوان المسلمين، والمحبوس حالياً علي ذمة قضايا غسيل أموال والانضمام إلي جماعة »محظورة«.
وأسباب هذا التعاطف متعددة، منها ما هو »مبدئي«، ومنها ما هو »سياسي«.
أما الاعتبار المبدئي فهو أن قضايا الحريات تتجاوز بطبيعتها التحيزات والانحيازات الأيديولوجية والاستقطاب بين »اليمين« و»اليسار«.. فالمبدأ لا يتجزأ، ولا يمكن لشخص يتميز بالحد الأدني من النزاهة أن يكون مع الحرية إذا كانت في صالح تياره الفكري والسياسي، ثم يدير لها ظهره إذا كانت تتعلق بخصومه السياسيين.
ويجب أن نعترف بأن هذه آفة سياسية عانت منها النخبة المصرية طويلاً، حيث أبدت قدراً كبيراً من الانتهازية بهذا الصدد وتواطأت أقسام عديدة منها مع سياسات وممارسات مناهضة للحرية لأن هذه السياسات وتلك الممارسات كانت بعيدة عنها بصورة مباشرة، ناسية أو متناسية أن دائرة العدوان علي الحريات لا تتوقف وأن التسامح مع العدوان علي حرية خصومنا اليوم هو مقدمة العدوان علي حريتنا نحن غداً أو بعد غد.
ومن هنا.. تأتي ضرورة أن تقف القوي الديمقراطية ــ بحق ــ ضد العصف بحرية من ينتمون إلي جماعة الاخوان المسلمين، بدون حق وبدون مسوغ قانوني، رغم الاختلاف الجذري مع أفكار وممارسات هذه الجماعة.
هذه مسألة »مبدئية لا ينبغي التلكؤ أمامها.
أما الاعتبارات السياسية فإنها كثيرة..
منها أن الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح ليس عضواً قيادياً في جماعة الاخوان المسلمين فقط، وإنما هو الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب أيضاً.. وهذه الصفة الأخيرة تسبغ عليه »حصانة« وفقاً للمادة 14 من ميثاق جامعة الدول العربية التي تنص علي أن »يتمتع أعضاء مجلس الجامعة وأعضاء لجانها وموظفوها الذين ينص عليهم في النظام الداخلي بالامتيازات والحصانة الدبلوماسية«.. وطبقاً لهذا النص فإن إلقاء القبض علي الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب يصبح مخالفاً للقانون.
الأمر الثاني ــ وبصرف النظر عن هذه النقطة الشكلية ــ هو أن الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح هو أحد رموز »الاعتدال« في جماعة الاخوان المسلمين.. وبالتالي فإنه إذا كان الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح متهماً بالانضمام إلي جماعة »محظورة« فإننا نكون إزاء عمي سياسي بالمعني الحرفي للكلمة.. لأن ألف باء السياسة في التعامل مع جماعة كبيرة مثل الإخوان المسلمين يقتضي التمييز والأكثر تطرفا بين المتزمتين والمعتدلين، ومحاولة تعزيز مواقع المعتدلين وعزل المتطرفين.
لكن الحكومة تفاجئنا بين الحين والآخر بممارسات مذهلة ولا معقولة تكافئ بها المتطرفين وتعاقب المعتدلين!
وإلا.. فما هو المعني السياسي لملاحقة شخص مثل الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح أو الدكتور عصام العريان من قبله، وترك ساحة القيادة الاخوانية خالية أمام »الصقور«؟!
وهو ما حدث من قبل مع قيادات حزب الوسط.
في حين أن »أبو الفتوح« يعد من أكثر قيادات الاخوان المسلمين استنارة.. فهو يناصر برنامجاً ديمقراطياً يطالب الجماعة الاخوانية بأن تتبناه بصورة منسجمة دون لف أو دوران.. ويعلن علي الملأ أن هذا التوجه الديمقراطي لا يكتمل دون تغيير المواقف التقليدية لجماعة الاخوان المسلمين فيما يتعلق بملفين أساسيين هما ملف المرأة وملف الأقباط.. ويكاد يكون من القيادات النادرة في هذه الجماعة الذي لا يجد مانعاً سياسياً أو »شرعياً« من تولي قبطي رئاسة مصر، ولا يجد مانعاً سياسياً أو »شرعياً« في تمكين المرأة.
فضلاً عن أنه كان ولايزال من أكثر القيادات النادرة في هذه الجماعة احتراماً لحرية الابداع الأدبي والفني.. وتلك قضية ثالثة اتخذت منها الجماعة موقفاً سلبياً لسنوات عديدة، حتي جاء عبدالمنعم أبو الفتوح وكان لديه الشجاعة ليعلن مثلاً اعتراضه علي منع رواية »أولاد حارتنا« للأديب الكبير نجيب محفوظ، ويعلن في مناسبات كثيرة رفضه لمنهج المصادرة أو الوصاية علي الابداع والمبدعين.
وانسجاماً مع هذا الموقف فإن الرجل كان ــ ولايزال ــ من الأقلية النادرة في تيارات الإسلام السياسي التي لا تنزلق إلي تكفير خلق الله، ولا تستنكف الاعتراف بالفرقاء السياسيين والفكريين، بما في ذلك فصائل اليسار وجماعات الليبراليين التي كانت ولاتزال رجساً من عمل الشيطان في نظر الكثير من الأصوليين!
فإذا ضربت الحكومة بكل هذه الاعتبارات السياسية عرض الحائط، وتمسكت بموقفها العدمي الذي لا يري فارقاً بين أحمد والحاج أحمد، أو بين معتدلين ومتطرفين، وإصلاحيين ومحافظين، داخل جماعة الاخوان المسلمين، فإنها يجب علي الأقل أن تلتزم بتوفير محاكمة علنية عادلة، أمام القاضي الطبيعي، وليس أمام محكمة عسكرية، للدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح.. كما أن الحكمة تقتضي مراعاة ظروفه الصحية التي استوجبت نقله إلي المستشفي يوم الاثنين الماضي، فما المانع من إطلاق سراحه نظراً لكل هذه الاعتبارات؟!
لقد جربت الحكومات المتعاقبة منذ الجمهورية الأولي ــ جمهورية جمال عبدالناصر ــ مروراً بالجمهورية الثانية ــ جمهورية أنور السادات ــ ووصولاً إلي الجمهورية الثالثة ــ جمهورية حسني مبارك ــ التعامل مع الجماعة المحظورة بالحل الأمني.. وظلت أفواج وأجيال من هذه الجماعة تدخل إلي السجون والمعتقلات وتخرج منها في إطار الكر والفر في سياق هذه المعالجة الأمنية.. ولم يسفر ذلك كله عن حل لهذه المعضلة.. كما ظلت الحكومة تردد صفة »المحظورة« في معرض حديثها عن الجماعة الأصولية ولم يسفر ذلك سوي عن وصول ثمانية وثمانين من أبنائها إلي عضوية مجلس الشعب والحصول علي شرعية الحديث تحت قبة البرلمان.
فمتي ندرك أن الحلول الأمنية لا تكفي للتعامل مع قضية معقدة مثل قضية الاخوان المسلمين تتقاطع فيها الأبعاد الفكرية مع الأبعاد السياسية والتنظيمية.
وهو ما يعيدنا إلي المربع رقم واحد.. ألا وهو ضرورة التمييز بين الإصلاحيين والمحافظين في هذه الجماعة وجماعات الإسلام السياسي عموماً، التي لا يمكن الحديث عن تقدم حقيقي في التحول الديمقراطي المراوغ في بلادنا دون النجاح في دمجها في عملية الإصلاح السياسي.
وإذا كان لهذا كله من معني.. فهو أن التعاطف مع الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح ليس موقفاً عاطفياً وإنما هو موقف سياسي.. ومبدئي.




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد رواج مزايدات المتاجرة بدماء مروة الشربيني متي نعلن الحرب ...
- لماذا رفض -غالى- مناقشة قضية -مروه-؟!
- مال.. وصاحبه غائب!
- ازدواج المعايير .. وازدواج الشخصية
- الإصلاح الزراعي... الثاني 1 2
- التطبيع .. وسنينه
- خطاب ليس ككل الخطابات »2«
- خطاب ليس ككل الخطابات (1)
- الحرب الأهلية الصحفية .. الجديدة!
- اقتصاد المعرفة: سلاح الأغنياء وأمل الفقراء (1)
- اقتصاد المعرفة: سلاح الأغنياء وأمل الفقراء (2)
- »الخصخصة« و»الفلفصة« »1«
- -استثمار- الموت
- دورة الزمان: من ترومان إلى أوباما!
- مصريون -مع- التمييز!
- مصريون ضد التمييز
- نبيل العزبى وجمال أسعد.. ثنائية النجاح فى عيد أسيوط القومى
- الطوفان.. قادم
- وهابيون.. حتي في الكنيسة القبطية
- -الست هدى- .. مرأة حديدية أقوى من فاروق حسنى!


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - مفارقات القبض علي عبدالمنعم أبو الفتوح!