أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - علي ديوب - مقابلة مع المثقف اليساري المصري الراحل عبد العظيم أنيس















المزيد.....

مقابلة مع المثقف اليساري المصري الراحل عبد العظيم أنيس


علي ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 2709 - 2009 / 7 / 16 - 09:10
المحور: مقابلات و حوارات
    


مقابلة مع الراحل د. عبد العظيم أنيس
حاوره علي ديوب(*)
اللقاء مع المثقف الكبير عبد العظيم أنيس كان فرصة ثمينة، بالنسبة لي. و قد باتت في أواخر سني عمره الحافل احتمالا ضئيلا، نظرا للمرض الذي ألمّ بجسده، فأعاقه عن مجاراة روح فوارة و عزيمة قوية، تغير العالم و لم تتغيرا.. انطفأة ثورات، و ما انطفأتا. بدلت ثورات أخرى جلدها ولم تتبدلا. انعطفت حتى أنساق فكرية كبرى في معارج حادة، كادت معها أن تنكفئ على نفسها، فتغور و تختفي، و لم تنكفئ مسيرة عبد العظيم أنيس إلا لكي تزداد رسوخا و حفرا في ذات المجرى. كأنها تشق لنفسها تاريخا، في خط مواز للتاريخ. الحقيقة المؤلمة للجسد المتألم، وضعت حدودا لثرثرة لم أتنبه لضرورة ضبطها إلا بعد أن صارت أقرب إلى الهذر. فعمدت إلى شحن مادتي بأوفر الفائدة، في أقصر مدة ممكنة. و كان طريقي المباشر إلى غايتي يمس مسا بعض النقاط، و يحازي أخرى، عدا عن أنه لا يعرج على نقاط قد يعتبرها البعض من العلامات الأكثر أهمية مما اخترت في عجالتي هذه. و لا أنكر أن التوقف مليا عند مفترق العلاقة بين المثقف و التربوي، و ما تبرعمه من علاقة بين العلماني و العلمي، في شخص ضيفنا، ربما كان له أثر بليغ أكثر مما وقفت عنده بخصوص العلاقة بين المثقف و السياسي. لكن، و كما أن هناك سقف للمفكر فيه، أيضا هناك اتجاه غالب من الموضوعات لا يختلف كبير اختلاف عن الموضة التي يدرج عليها الناس في الأزياء و اللغة اليومية.
إلى روح عالمنا الكبير أتقدم بهذه التحية، مرفقة بشعور بالخجل و الاستسماح على تقصيري، الذي فوت على الراحل فرصة تفحّص درجة أمانتي في نقل أفكاره.
هنا لقاء أجريته معه في بيته قبل رحيله ببضعة أشهر:
- هلا حدثتني سيدي عن رؤيتك لدور المثقف في المجتمع- القضية التي طالما شغلت جيلكم، و لا تزال تجد اهتماما و إن لم يواز مثيله في ما سبق، و خاصة في ستينات القرن الماضي؟

= أعتقد أن الوظيفة الأساسية للمثقف هي الدفاع عن الشعب و الجماهير، في مواجهة أي سلطة تعتدي على هذا الشعب و هذه الجماهير. و أن قضية المثقف لا تتحدد في كونه يعرف الكثير، أو يعني بما يملكه من معلومات، فهناك ناس يمتلكون المعلومات و لكنهم ماشيين بجنب الحيط؛ لابد للمثقف أن يكون في طبيعته شخصا مناضلا. مطلع، قاري، فاهم، و مناضل في نفس الوقت. و مستعد أن يناضل في سبيل الجماهير الشعبية، و خصوصا الفقراء. الذين يمثلون، في مجتمع مثل المجتمع المصري، الغالبية الساحقة من الناس. و بالتالي من المصلحة، في مثل هذه الظروف، أن يكون المثقف مستقلا عن السلطة. أعطيك مثلا: الحكومة المصرية دعت إلى مؤتمر للمثقفين العرب، و هذه الدعوة لم يكن فيها ذكر على الإطلاق لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مذابح، و لا لاحتلال العراق. و هذه تعد نقيصة شديدة جدا، فتنادينا- و كنا مجموعة مؤلفة من ستة من المثقفين- و أصدرنا بيانا يضرب مثالا في استقلالية الموقف. و حمل البيان توقيعي إضافة إلى كل من طارق البشري مستشار قاضي، محال على المعاش، و الدكتورة رضوى عاشور أستاذة الأدب الانكليزي في جامعة عين شمس، و جمال الغيطاني ريس تحرير أخبار الأدب، و القاص المشهور محمد البساطي، و صنع الله ابراهيم. نحن الستة أصدرنا بيانا ينتقد دعوة وزارة الثقافة( في ظل رئاسة الدكتور جابر عصفور لمجلس الثقافة)، و يقول البيان بوجوب أن تصدر مثل هذه الدعوة عن هيئة من المثقفين تكون مستقلة عن الدولة. لأن المجلس الأعلى للثقافة هو جهاز حكومي، وليس لديه القدرة أن ينتقد الحكومة في تصرفاتها. خصوصا في قضايا مثل قضية فلسطين.. الخ.
- هل اقتصر البيان على هذه النقطة
= لا نحن انتقدنا طريقة توجيه الدعوات للمثقفين العرب.. و في الواقع كثير منهم اعتذروا، مثلا الطاهر وطار في الجزائر اعتذر عن الحضور. و بعث جوابا عنيفا لوزير الثقافة/ و نشر في أخبار الأدب. أيضا الياس خوري اعتذر، و كتب مقالا في النهار. مقال جيد جدا. مجموعة من المثقفين اعتذروا.. و آخرون جاؤوا، ممن تعودوا على أن يجيئوا. لاقوا تذاكر سفر مجانية، لوكندات درجة أولى.. الخ؛ و هم لا يقولوا لأ.. لكن و لأن النقد الذي أطلقناه كان عمل صدى في العالم العربي، فقد حملوا البيان الختامي للمؤتمر انتقادا للسياسة الأمريكية في العراق. و للسياسة الإسرائيلية في فلسطين.
إذن البيان الذي أصدرناه نحن الستة( و سموه بيان الستة الكبار)، كان مثالا لدور المثقف.. و أيضا هناك بيان آخر كنا أصدرناه، بعد خطاب للرئيس مبارك لم يعجبنا، و شارك في التوقيع على البيان ثلاثون من كبار المثقفين المصريين، ينتقدون خطاب الرئيس مبارك. هناك أمثلة عديدة ضربها المثق المصري، خذ مثلا أيضا موضوع صنع الله و الذي حصل له؛ المثقفون المصرين يظهرون ولاءهم للمبدأ. للفكرة. مهما تكن النتائج التي تترتب على الموضوع. و أنا فرحت في الاحتفال الذي أقيم لتكريمي، لما قال جلال أمين: هذا هو المثقف المصري بامتياز.
- إلى أي درجة أنت مؤمن بقدرة الثقافة، أو بدور المثقف المناضل كما تسميه، على الفعل في الواقع؟
= أنا الم اقل يسطيعوا طبعا أن يفعلوا. ليس بالضرورة أن يكون بمقدور المثقفين تغيير الموقف في داخل السلطة بالكامل. لكن يعني يستطيعون أن يحركوا أشياء كثيرة، أن يؤثروا على مناحي مختلفة.. لكن طبعا الأحزاب السياسية هي القادرة على تتصدى لمسؤوليات التغيرر، ما دامت لها جماهيرها و التأييد الجماهيري.
- من هنا تتجلى أهمية التكوينات اللاجتماعية( أنت تسميها الجماهيرية)، على اختلافها؛ ففي العالم المتقدم نلمس بوضوح دور الهيئات و الفعاليات الاجتماعية في تمرير قرار، أو تجميد مشروع، أو تعطيل خطة، أو تبديل موقف حكومي، عبر الآلية الديمقراطية التي تسم نظام العقد الاجتماعي. بعد عقود من الممارسة السياسية، هل من المأمول أن ينجح العالم العربي في إنتاج تكويناته المعبره عن المجتمع، بعد تكلس تكويناته السلطوية المستبدة و المحاربة في سبيل تأبيد استبدادها السلطوي؟
= لا يلوح لي، في الظروف الحالية، و في ظل الأنظمة الحالية الحاكمة، أي أمل على الإطلاق في أن يحدث هذا. و لذلك لا بد للضغط الأساسي أن يكون مركزا قبل أي شيء على تغيير راديكالي في الأنظمة تلك. لاحظ، يعني مثلا: الأحزاب، هنا في مصر، لا تخفي على الإطلاق أنها تدعو في الانتخابات القادمة للرئاسة أن يكون هناك أكثر من مرشح. و هذا طبعا على التضاد مع الدستور الحالي. و بالتالي لا بد من تعديل الدستور، في هذا الجانب، من أجل أن يوجد أكثر من مرشح في انتخابات الرئاسة.
- و هذا، لا بد أن يكون دونه خرط القتاد؛ و سينظر إليه على أنه انقلاب على النظام؟
= نعم، صحيح. و لكن هذا من وجهة نظر الحكومة. لكن حين يكون هناك ضغط جماهيري واسع، فمن الممكن أن يحدث هذا. يعني، أنت عارف مثلا في جورجيا، من كان يتصور أن شيفردنادزة هذا يمكن أن يستقيل!؟ لكن تحت ضغوط جماهيرية واسعة حدث هذا: فرضت عليه الاستقالة، و استقال. فإذن أول مطالبنا يتحدد في تغيير الدستور، و يلي ذلك إلغاء قانون الطوارئ و الأحكام العرفية. و العودة الكاملة لحرية الصحافة، و نشاط الأحزاب.. بالتخلص من كل القيود المفروضة و الحصار المضروب على هذه النشاطات و الأحزاب السياسية، من جميع النواحي ، كما هو حالها اليوم. الأمر الآخر المتعلق بإجراء انتخابات رئاسية متعددة.. و بالتالي نحن نعارض، بشكل واضح موضوع توريث الحكم، الذي تدور حوله الأحاديث داخل و خارج مصر. و أنا كتبت مقالا بهذا الخصوص، في جريدة الأهالي، تحت عنوان نبيذ قديم في قوارير جديدة. و قد جاء في أعقاب الخطبة التي ألقاها جمال مبارك في الجامعة الأمريكية؛ و تحدث عن الفكر الجديد الذي يعد به.. و ما إلى ذلك. و لكن بالنسبة لي لا جديد فيه: إنه فكر البنك الدولي و صندوق النقد الدولي تماما.
- يستطيع أي نظام عربي حاكم أن يوجه التهم لأي مواطن، تحت عناوين ضبابية و مطاطة، اخترعها النظام لتكون قابلة للتفسير الذي يريده. و منها مثلا: إضعاف الروح القومية، التأثير على الوحدة الوطنية، نقل أخبار توهن عزم الأمة.. الخ؛ هل تسمح لي بالتوقف عند تهمة تلقى المساعدات التي تعقّد، بل تبطل عمل بعض الجمعيات أو مراكز البحث تماما، و السؤال: كيف يستقيم للنظام اتهامها بتلقي مساعدات من الخارج، حتى لو كانت غير مشروطة، إذا كان هو قبلاً يتلقى مثل هذه المساعدات، من نفس المصدر(و هو الغرب عموما و أمريكا خصوصا)؟ بل أكثر من هذا، و على مبدأ "ألقاه في اليم مكتوفا.." النظام يمنع تلك المراكز من تلقي المساعدات الأهلية( بتهمة جمع الأموال)، من جهة، و من جهة ثانية لا يقوم هو بواجبه في تخصيصها بحصتها من الدخل القومي، مع مراقبتها للتأكد من طريقة صرفها لمخصصاتها المالية، و متابعة آليات تنفيذها لوظيفتها الوطنية المنوطة بها، من إنجاز البحوث الاجتماعية أو العلمية، و إجراء الاستبيانات و القيام بإحصاءات، و مراقبة الانتخابات.. و ما إلى ذلك من مهام باتت من الضرورات الأمنية لأي بلد يسخر السياسة للمجتمع، و ليس العكس؟
= للحقيقة و التاريخ، إن الشخص الذي اتهم بهذه التهمة هو سعد الدين ابراهيم. و هو في الحقيقة رجل أمريكا مئة بالمئة. و هو يعترف بأنه تقاضى أموالاً منهم. و قد كانت أمريكا صممت على تخصيص مبلغ مليوني دولار لمركز ابن خلدون الذي يرأسه ابراهيم، من حصة المساعدات المالية الأمريكية لمصر.
- نعم هو لا يخفي كل هذا، و أساسا هو يدعو للعمل العلني على هذه الأرضية..
= لا، بل هو قال أنه من واجب أمريكا أن تضغط على مصر، لتطبيق الديمقراطية.. و الخ؛ و لذلك فهو ليس له أية شعبية في وسط المثقفين المصريين.
- لكن هذا لا يقلل من أهمية مركز بحوث مثل مركز ابن خلدون، يقوم بدور تقصر عنه مؤسسات كبرى، أو أحزاب راسخة، في دولة عريقة كمصر: أقصد مراقبة الانتخابات. ما قولك؟ و هل تعتقد أن ضآلة دور تلك الجهات يعود إلى عوامل ذاتية؟ أم إلى شدة قبضة النظام الحاكم؟ أم إلى افتقارها لسند قوي: سواء تمثل هذا بالعمق الشعبي أم بالدور الخارجي الفعال؟
= أنت تعرف عن قوة ارتباطه بأمريكا، و لأن زوجته أمريكية فقد تكون رتبت له علاقة نوعية، مثل دعوة إحدى الجامعات هناك.. بحيث يبعد عن الساحة بعد أن أخذ موضوعه بعدا خطيرا بعد الادعاءات المرفوعة ضده من قبل البعض هنا. ( الجدير ذكره أن الدكتور ابراهيم قد حكم غيابياً بالسجن لمدة عامين بتهمة الاساءة لسمعة مصر في الخارج، في قضية حسبة رفعها ضد المحاميان ابوالنجا المحرزي وحسام سليم). ثم يجب أن نفرق بين أمر مثل الدعوة لمراقبة الانتخابات، و آخر مثل تلقي أموال من الخارج. و أنا في الحقيقة لا أرى مانعا من قيام الدولة نفسها بتقديم الدعم المالي لمراكز وطنية تتحكمل القيام بوظائف و أدوار مثل هذه. بل أنا أوافقك على أن هذا يعتبر من مسؤوليات الدولة الوطنية، و إلا كانت الدولة- كما تقول حضرتك- تدفع بهؤلاء لمد اليد إلى الخارج، و ارتكاب المخالفات القانونية التي تضر بالوطن و المجتمع.
و في رأيي أنا أن موضوع إشراف الأمم المتحدة على الانتخابات هو شيء جيد حقيقة. و لا يدخل في باب التدخل في الشؤون الداخلية. و الدولة التي ليس لديها ما تخافه، لا تعترض على قيام الأمم المتحدة بإرسال مندوبيها للإشراف على الانتخابات.
- أرجو منكم د. أنيس أن تصارحوني بمدى قلقكم من تطبيق الديمقراطية في عالمنا العربي، الذي تنامت فيه ميول التطرف إلى درجة يرى البعض أنها تزاحم الدين في جماهيريتها. هل أنت مع وجهة نظر حقن الديمقراطية على جرعات؟
= لا، على الإطلاق. أنا لست قلقا من تطبيق الديمقراطية. و دائما هناك متطرفون.. و لكن هناك موازنة بالمقابل من غالبية الناس. أترى كيف.. يعني غالبية الناس هي التي ترى أن الموقف الوسط هو الموقف السليم، فتؤيده. و بالتلي مهما كانت مخاطر التطرف يمكن التحكم بها و ضبطها. و بالأساس نحن نقول: إذا كان في هذا التطرف مخالفة للقانون فواجب الدولة أن تتخذ الإجراءات القانونية الرادعة، مئة بالمئة.
- فإن وصل المتشددون إلى دفة الحكم بالانتخابات؛ ما هو موقفكم؟
= شوف، أنا برأيي حين تكون هناك انتخابات نزيهة و جاء الأخوان، سنقول: لم لا. و نحن سنسلم بهذا، تماما كما حصل في الجزائر. يعني أنا رأيي أن هذا الذي حصل في الجزائر، من تدخل الجيش، كان غلطا. أترك الأخوان، أو الهيئات الدينية تأتي، و تحكم، و اترك للشعب أن يرى و يحكم بنفسه، إلى أي درجة هم مخطئون؟ و حينها يقوم باستبدالهم، و الإتيان بغيرهم كما أتى بهم من قبل.
- لكنه قد لا يستطيع أن يغيرهم ثانية. فقد ينزعون عنه حقه هذا، و يجردوه من قوة التغيير التي تتحدث عنها؟
= هذا تخوف يصادر على الأمور. فالأحرى أن نقول أن الشعب الآن لا يستطيع أن يغير من هم في سدة الحكم. و بدلا من أن نخاف من أمر لا يزال في باب الاحتمال، علينا أن ننظر إلى ما هو قائم. و في هذه الحالة ليس أمام الشعب إلا أن يتحرك.
- يستطيع المجادلون في هذا أن يواجهوك بالبرهان أن السيء أقل ضررا من الأسوأ. هل تستهين بأن تأتي الانتخابات بمن يمكن أن يعيد المسيرة إلى الخلف أكثر؟
= صحيح، و لكن أنا لي رأي تاني. أنا كنت أقول حول الانتخابات الجزائرية، التي حصد فيها الإسلاميون أغلبية الأصولت: ما كان للجيش أن يتدخل البتة. بل كان عليه أن يتركهم. أن يترك التجربة تأخذ مداها. على أن يكون هناك اتفاق مسبق و أساسي يضمن عدم ضرب مكتسبات الديمقراطية الوليدة، مثل الاتفاق على أن تجري الانتخابات مثلا كل أربع سنين. يعني لا بد أن تكون هناك قواعد للديمقراطية في البلد، منها الانتخابات الدورية كل أربع أو خمس سنين، و أن تحدد مدة حكم رئيس الجمهورية على ألا تزيد عن فترتين انتخابيتين.. الخ.
- مع الاعتراف بأن هذا موجود الآن في العديد من الدول الإسلامية حتى، مثل تركيا و إيران و ماليزيا و أندونيسيا.. لكن هل تعتقد أن الإسلام يمكن أن يصلح كنظام حكم يستوعب التقدم المتسارع للعصر، و ينفتح على الجديد و المتعدد و المختلف؟
= هذا الموضوع يتوقف على تفسير أهل الحكم للإسلام. يعني قد يكون ذاك الشخص ممن يعتبرون الحجاب من الشعائر الإسلامية، و أكون أنا غير ذلك. هناك من يعتبر أن قطع يد السارق من الإسلام، و ضرورة من ضرورات تطبيق الشريعة.. و لكن غيرهم يقولون أن هذا لم يعد مقبولا اليوم. و إذن المسألة هي مسألة تفسير الإسلام.
- إسمح لي أن أنطلق بالحوار من الدور الذاتي الذي تفضلتم بالبناء عليه، فيما يخص آلية الحكم، إلى رحاب دور العولمة، التي تطرح نفسها على أنها ساحة فعل و تنافس حر بين الذوات على تنوعها و اختلافها و تعددها، و أيضا تباين قدراتها..
= ( مقاطعا)؛ هذا نظريا. و لكن عمليا، العولمة الآن تعني الأمركة. أنا في رأيي. و الإمكانيات المفتوحة التي تعد بها العولمة، هذه، تظل في القادم الذي لم يصبح حاضرا بعد. و أنا اليوم مهمتي اليوم هي أن أناهض العولمة، ببساطة لأنها اليوم لا تزال تعني زيادة الغنى للأغنياء و زيادة الفقر للفقراء. على مستوى البلدان و الأفراد. و بالتالي ليس بالصدفة أن شعوب البلدان الأوربية قامت ضد العولمة. و هم لا ينكرون أن العولمة الآن تصبح هي الأمركة. لكن لا نستبعد أن يأتي يوم من الأيام، قد لا نكون فيه على قيد الحياة، تصبح فيه العولمة شيئا جيدا. أنت معي؟ لكن الآن، و في الظروف الحالية لا أرى في العولمة نظاما صالحا لأن أناصره.
- للعولمة رأسان: رأس أيديولوجي، و آخر مادي. هل تقف ضد الاثنين؟
= نحن لسنا معترضين على الجانب الحضاري المتقدم الذي أنجزته العولمة، من مثل تقريب المسافات بين البلدان، من خلال ثورة التقانة و الاتصالات الحديثة.. بل نحن نستفيد من كل هذا.. لكن ما نعترض عليه هو الوجه القبيح للعولمة، كأن تؤدي إلى ما حدث مثلا في العراق.. و ما إليه من تجليات الصراع غير العادل، و القائم على التفاوت الشديد في امتلاك أدوات العولمة الأكثر تقدما و تأثيرا، بالمعنيين المفيد و الضار. أعود فأذكّر بدورها في زيادة غنى الغني و فقر الفقير، أي زيادة قوة القوي و ضعف الضعيف.
- بعد عمر مديد، أرجو لك العافية، هل أنتم متفائلون بالوضع العربي؟ أم لا؟ و لم؟
= لا، أنا يعني الحقيقة لست متفائلا بالوضع العربي. و أرجو أن أكون مخطئا في هذا. لكني لا ألمس، و لا أرى الحقيقة العوامل التي تدعوني لكي أكون متفائلا. على الأقل في المدى القريب. ربما يحدث هذا في المدى المتوسط أو البعيد؛ لكني لا أظن أني سأعيش حتى أشهد مثل هذا التحسن المأمول، في العالم العربي.
- هل توافق دعاة تقويض البناء، لإعادة إشادته من جديد على أسس متينة؟
= لا.
- أوترى أنه يمكن البناء على جسم متهالك؟
= لا، ليس كذلك أيضا. طبعها لا بد من إجراء إصلاحات أساسية على هذا الجسم، تمكن من البناء عليها.
- هل ثمة أولويات فيما تذهب إليه من إصلاحات؟
= نعم، الإصلاحات السياسية، أولاً.
- لم؟
= لأنها يمكن لها أن تجر خلفها بقية الإصلاحات، على اختلافها، من اقتصادية و إدارية و .. الخ. لكن أيا من تلك الإصلاحات لا يستطيع بمفرده أن يكون قاطرة مضمونة للبقية.
(*) صحفي سوري يقيم في بريطانيا



#علي_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيل النعوت أسهل من فهم و تنظيف العلاقات
- حجية السنة النبوية و سيوف حجاجها
- مسبحة بمليون حبة و حبة
- نفنى و لكن لا نتغير!!
- علم على رأس النار!
- حسين عجيب يشهر عضوه في العتمة!
- الإعجاب كواجب وطني
- ما بعد الحداثة ما بعد الكلام عمل في الحيز العام
- هل تستعصي منطقتنا على الاندراج في الحضارة
- احتلال صغير.. احتلال كبير
- سنتان و 500 متر
- حكاية ابن العشيرة الواهم الذي يتقبّل التهاني عن الرئيس
- مسودة تضامن مع الشاعر المتهم سلفا
- شعراء مصر العصاة ينافحون رقابة مثلثة الرؤوس
- بين استئساد الأخوة الحمساويين على الفئران و النصر الإلهي الأ ...
- المثلية الجهادية لثام الحيرة و حواجب الهداية في سؤال الثائر ...
- سوري يتلصص على الحرية
- جائزة عربية للرواية ذات سوية عالمية
- إلى سعد الله ونوس في عقد رحيله الأول.. محكومون بإعدام الأمل. ...
- كتّاب جاؤوا من رعب الديكتاتوريات.. رحل مهرجان أدنبرة وبقوا


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - علي ديوب - مقابلة مع المثقف اليساري المصري الراحل عبد العظيم أنيس