أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حسن الناصر - استقراء في الفضية الكردية















المزيد.....

استقراء في الفضية الكردية


حسن الناصر

الحوار المتمدن-العدد: 2707 - 2009 / 7 / 14 - 09:07
المحور: القضية الكردية
    


تمهيد

تعد القضية الكردية ومعها قضية الكويت جرحان نازفان في جسد العراق المعاصر منذ ظهور الدولة العراقية الحديثة عام 1921 ولحد الآن . وقد انفق العراق ومافتئ ينفق من مقدراته البشرية والمادية الشيئ الكثير طيلة العقود التسعة الماضية , الا ان الخطر الذي يهدد وحدته وأمنه مازال شبحاً يتجسد أمام صاحب القرار السياسي في العهدين الملكي والجمهوري .
ونستعرض في هذه الدراسة القضية الكردية باعتبارها موضوع راهن قد تناولته الكثير من الأقلام بإسهاب , وطرحت على ضوئه مؤلفات , عكست في الغالب رؤيا وتوجهات الكاتب السياسية وفق منظوره الخاص .
ان البحث في الشأن الكردي له من المثالب الشيء الكثير, فهذه القضية حملت من التعقيد والتشابك بعداً واسعاً , جعلت من الرؤيا المنصفة لها عسيرة على الباحث , لكن بالإمكان الاقتراب من مثابات موضوعية تبتعد عن باكورة التجني والنظرة الضيقة اذا اعتمدنا المعيار الوطني والإنساني في الطرح واقتفينا اثر مفهوم الأمة العراقية الذي لم يتبلور في العراق الحديث حتى الساعة مع الأسف .
يصدق وصف الكرد او الكورد حسب ما يرى مثقفيهم الذين يمتعض البعض منهم من توصيفة (الأكراد) كجمع لمفردة (كردي) , لان لها باعتقادهم مدلول مشين كتوصيفة (الأعراب) , وفاتهم ان مفردة الأعراب هي أعرابي وليس عربي , والأعرابي هو جلف الصحراء والبدوي الفظ , كما ان هذا الأسلوب الجمعي لا يجد له صدى من التحسس لدى الترك حينما نقول أتراك او ترك فالمعنى واحد , واياً كانت التسمية فالكرد هم شعب استوطن البعض منهم الأراضي الشمالية والشمالية الشرقية لوادي الرافدين واختلفت أصول المنشأ فقد عدهم البعض من الجنس الآري او من الأقوام الهندو اوربية , والبعض الآخر اعتبرهم من أصول عربية ومن قبيلة ربيعة بالذات او من ذرية كرد بن عمرو القحطاني , واسفف البعض من ذوي الرؤيا العنصرية حتى طعن في نسبهم بأوصاف مشينة , والبعض الآخر اعتقد بأنهم من سلالة الجان , وافترض البعض الآخر هجرة أسلافهم من القفقاس وقرقيسيا أبان العهد العثماني باعتبارهم نواة الفرق الحميدية التي كانت رأس حربة الجيش العثماني ضد الجيش الصفوي لذا تم إسكانهم في هذه الأراضي كمصدات للجيوش الصفوية على تخوم أراضي الدولة العثمانية , وتشير بعض الأبحاث بان هناك مخطوطات يمتلكها رهبان السريان والأشوريين تؤشر أسماء القبائل الكردية المهاجرة والمناطق التي نزحت منها .
اياً كانت الافتراضات فان الحقيقة الواضحة ان الكرد شعب انحدر من عدة أعراق , وامتزج مع بعض مشكلاً هوية خاصة به , وان البعض كان يقطن جبال زاكروس وطوروس منذ القدم كشعب من شعوب وادي الرافدين , في حين هاجرت اليه أجناس وأعراق أخرى وخاصة في الحقبة العثمانية لتمتزج مع السكان الأصليين وتتطبع بطباعهم , والاستدلال على ذلك اختلاف اللغات التي يتحدثها الكرد بالرغم من ادعاء البعض من المنظرين القوميين الكرد بان هذه اللغات هي لهجات مختلفة للغة واحدة لكن أي متتبع من ذوي الاختصاص في علم اللغات يستنتج بانها لغات متعددة , واذا أخذنا بالافتراض الذي يطرحه القوميين الكرد يتضح لدينا بان هذا الاختلاف هو للهجات متباينة بوناً كبيراً شأنها شأن اللهجة الجزائرية المتاثرة باللغة الفرنسية والتي تعد من اللهجات العربية لكن لا يستطيع ابن المشرق العربي التواصل معها , وهذا ما نجده في تعدد اللغات او اللهجات الكردية كالسورانية والبهدنانية والزازائية والفيلية وغيرها , والثابت في الموضوع ان أي بيئة منيعة التضاريس كالجبال والصحاري تكون منيعة ايضاً عن ولوج اية لغة غريبة , لذا تنصهر اللغات الوافدة او تتغير بأتجاه اللغة المحلية فأي لغة تدخل الجبال تتكرد واذا دخلت الصحراء والبادية تتعرب .
تختلف الملامح العامة للكرد وتندرج من السمار الى الشقار في لون البشرة والشعر والعينين وتتباين طول القامة نتيجة تباين الأصول والسلالات , وطبيعي ان نجد كرد السليمانية يتقاربون في الشكل والعادات واللغة مع كرد ايران كونهم امتداد طبيعي لهم حيث أضيفت أراضيهم الى العراق العثماني كبديل عن الاحواز في اتفاقية ارضروم عام 1847 , كذلك نجد تشابه بين الكرد القاطنين في جزيرة بن عمر في المثلث العراقي التركي السوري واختلافهم عن كرد السليمانية في الشكل وفي اللسان .
الملفت للنظر ان الكرد والعرب يتصفان بطباع مشتركة مثل إكرام الضيف واحترام رئيس القبيلة واحتكار بنت العم للزواج والثأر والأنفة والشجاعة وعزة النفس والعصبية المفرطة إضافة الى التدين , وهي صفات مشتركة لشعوب وادي الرافدين بمختلف اثنياتهم وأعراقهم , الا إنها فعالة لدى العرب والكرد بصورة خاصة وتتجلى بوضوح في الوسط الريفي .
ان تمدد الكرد الجغرافي في القرون الأربعة المتأخرة تأشر كنتيجة حتمية للاضطهاد الديني الذي انتهجته الدولة العثمانية تجاه الشعوب الغير إسلامية المتواجدة في المنطقة , التي تعد من أقدم الشعوب فيها اما اغلب الأعراق الأخرى فهي وافدة نتيجة الهجرات والغزوات , وقد ساهم هذا الاضطهاد في استئصال هذه الشعوب وفناء الثقل الأكبر لها وبالتالي تكريد أراضيها , ونعني بهذه الشعوب السريان والآشوريين واليزيدية وغيرهم من سكان شمال وادي الرافدين ومثلث جزيرة بن عمر , ومثلما كان التكريد نصيب الجغرافية بسبب السياسات الخرقاء التي امتاز بها سلاطين العثمانيين توسعت هذه الظاهرة الى الذروة في العهد الجمهوري لتركيا المعاصرة ليتم محق وإبادة شعوب بأسرها , كما ساهمت كنتيجة مؤجلة في ظهور النزعة القومية لدى شعوب أخرى في المنطقة وخاصة العرب والكرد والتي لم تكن لتبرز الى السطح لولا ظهور حركة تركيا الفتاة التي أظهرت العرق التركي كعرق متسيد على باقي الأعراق التي كانت متوحدة دينياً كمسلمين وثقافياً مع الأديان الأخرى .


الكرد في العراق الملكي


لم تظهرأي نزعة قومية انفصالية لدى الكرد حينما نودي بفيصل الاول ملكاً على العراق عام 1921بأستثناء محاولة يتيمة للشيخ محمود الحفيد في السليمانية , حيث وافق الجل الأكبر من الكرد القاطنين ضمن الرقعة الجغرافية للعراق عدا السليمانية على تولي الشريف فيصل بن الحسين ملكاً على العراق .
حاول الشيخ محمود الحفيد الذي يدعى ب (محمود حفيد زادة البرزنجي) وهو شيخ قبيلة ورجل دين ويمتد نسبه حسب المشجرة النسبية لعشيرة البرزنجية الى آل النبي محمد (ص) إعلان نفسه ملكاً على كردستان بعد ان تحالف مع الأتراك الذين أرادوا استخدامه كورقة ضغط ضد الانكليز حيث سلموه قيادة فرقة عسكرية تركية , وبعد هزيمة الأتراك أمام الجيش البريطاني أعلن الحفيد ولائه للانكليز وسلمهم الفرقة التركية ضباطاً ومراتب كأسرى حرب ليكافئه الانكليز على هذا الصنيع بتعيينه حكمدار (حاكم)على السليمانية .
لم يقتنع الحفيد بولايته على السليمانية وإنما كان طموحه يمتد لأوسع من ذلك ، فبدء يشن هجماته على الجيش البريطاني واتصل بالجهات المعارضة لبريطانيا خاصة في المنطقة الواقعة في جنوب شرقي الأناضول ، مما حث الإنكليز على التخلص من نفوذه ، وصدرت الأوامر بتعيين الرائد سون حاكماً سياسياً للسليمانية في شهر آذار عام 1919 ، فاختار الحفيد المواجهة المسلحة ضد الجيش البريطاني وساندته في ذلك بعض القبائل الكردية في إيران .
بعد ذلك شن الجيش البريطاني حملة عسكرية كبيرة في شهر تموز من نفس العام واستطاع دحر قوات الحفيد وأسره بعد ان أصيب الأخير بجروح في إحدى المواجهات حيث أرسل الى بغداد للمحاكمة وصدر الحكم بإعدامه الا ان هذا الحكم خفف الى السجن لمدة عشر سنوات مع النفي الى الهند .
ويبدو ان نية الحاكم البريطاني العام في العراق كانت متجهة لمنح الكرد حكماً ذاتياً تجنباً لعودة الاضطرابات من جديد مستشهداً بنص المادة السادسة عشر من لائحة الانتداب البريطاني على العراق التي جاء فيها (إنه لا يوجد في هذا الانتداب ما يمنع من تأسيس حكومة مستقلة إدارياً في المقاطعات الكردية ) الا ان هذه النية أصابها الفتور بسبب رفض لندن لهكذا توجه تزامن مع انفجار الوضع في الجنوب وفي الفرات الأوسط حينها بادرت بريطانيا في تأسيس حكومة عراقية يديرها الملك فيصل الأول وهو شخصية معروفة في الوسط البريطاني حينما كان يفاوض الحلفاء مندوباً عن أبيه الشريف الحسين بن علي شريف مكة كما اعتلى العرش في سوريا لفترة بسيطة قبل تنحيته من قبل الفرنسيين التي وقعت سوريا ضمن حصتهم باتفاقية سايكس بيكو .
وحين أزف موعد الاستفتاء على فيصل كملك للعراق ظهرت بوادر الرفض من قبل الشيخ قادر البرزنجي شقيق الشيخ محمود . في هذه الأثناء دخلت تركيا في بودقة الأحداث للاستفادة من الوضع الأمني المتخلخل في المنطقة للاستيلاء على ولاية الموصل واحتلت بعض المدن العراقية مما حدا بالبريطانيين بالاستعانة بالشيخ محمود وتم إعادته من منفاه ومنحه سلطات واسعة في السليمانية لإيقاف المد التركي من جهة وللضغط على حكومة العراقية الفتية لإجبارها على توقيع المعاهدة البريطانية العراقية التي تضمن بقاء الانكليز بشروط مجحفة للعراق والتي وقعت فعلاً عام 1922 , وفي نفس العام أعلن الحفيد تمرده من جديد بعد ان استشعر الأفلاس في هذه الصفقة لتشن عليه بريطانيا حملة عسكرية جديدة .
واستمر تمرد الحفيد حتى شهر تموز عام 1924 حينها شن الجيش العراقي عدة حملات عسكرية قضت على نفوذه في المنطقة وتم تعيين إحدى الشخصيات الكردية بمنصب متصرف السليمانية الذي ساهم بدوره في بسط الأمن والنظام في المدينة , وفي عام 1926 وافق الحفيد على ترك السلاح ومغادرة العراق الى إيران مقابل استعادة أملاكه وبقي حتى عام 1930 حيث اندلعت مصادمات مسلحة بين أتباعه وممثلي الحكومة العراقية جراء الانتخابات التي جرت في المنطقة حينها عاد الى السليمانية من جديد ليعلن عن عدة مطالب توضح نية الانفصال في الطرح مما حدا بالحكومة العراقية الى رفضها والى شن هجوم كاسح عليه عام 1931 لتنهي جميع ركائزه في المنطقة ومن ثم تنفيه الى جنوب العراق , وبقي المذكور متنقلاً مابين الوسط والجنوب حتى عام 1941 , وعلى اثر حركة رشيد عالي الكيلاني سمح للحفيد بالعودة الى مسقط رأسه في السليمانية وبقي فيها حتى وفاته عام 1956 .

يتبع ...



#حسن_الناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقوى ... ورع ... لصوصية
- محنة المثقف المعترب
- مملكة الشر وجارة السوء 3
- مملكة الشر وجارة السوء 2
- مملكة الشر وجارة السوء1
- مملكة الشر وجارة السوء
- رسالة عزة الدوري
- وقفة مع وطبان ابراهيم الحسن
- التكريتي والموسوي
- خارطة الطريق للأمن في العراق
- الرق يعيش بين ظهرانينا
- من هو الافضل السيستاني والقرضاوي و بابا الفاتيكان ام بيل غيت ...
- اسلمة السرقة
- رد على مقالة الامن الوطني بين الوزارة والمستشارية
- يهود العراق والحقوق المهضومة


المزيد.....




- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حسن الناصر - استقراء في الفضية الكردية