أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح يوسف - الشرف الغربي والشرف العربي الإسلامي













المزيد.....

الشرف الغربي والشرف العربي الإسلامي


صلاح يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2705 - 2009 / 7 / 12 - 09:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دائماً ما يروج دعاة الفكر الموروث والمتخلف إشاعة ضخمة تتوارثها الأجيال كابراً عن كابر مفادها أن الغربيين يفتقرون إلى الشرف أو أنه معدوم عندهم بدعوى الحرية الجنسية التي يتمتع بها الغربيون، وأنهم – أي العرب والمسلمين – وحدهم من بين شعوب الأرض لديهم هذه الثروة وهذا الكنز الذي لا يقدر بمال، بينما الآخرون الذين يمتلكون الدنيا بما فيها ليس لديهم أي شرف ! لهذا قررت كتابة هذه المقالة على عجالة للتوضيح أن مسألة القيم والأخلاق موجودة في جميع ثقافات الشعوب، ولكن هذه القيم تختلف. مجرد أنها تختلف ولكن لا يمكن أن نقول أن الشعب الفرنسي ليس لديه أخلاق أو أن الشعب الياباني معدوم الشرف.

نبدأ أولاً بالشرف عند العرب والمسلمين وهو مفهوم بسيط وساذج ويحتوي على الكثير من المتناقضات، حيث يرتبط مفهوم الشرف العربي والإسلامي بغشاء البكارة على اعتبار أن المرأة هي سلعة مسلفنة يجدر بمن يقدم على زواجها أن يجدها بكر لم يطمثها من قبله إنس ولا جان، وحتى لقد نقل محمد مفهوم الشرف العربي إلى حوريات الجنة التي تعود فوراً إلى بنت بكر فور انتهاء العملية الجنسية، لكي يحظى المسلم التالي بحورية طازجة نخب أول !

ولكن هل يعقل أن الشعوب التي وصلت إلى المريخ واكتشفت الخارطة الجينية واخترعت الكمبيوتر ووسائل الاتصال والقنوات الفضائية والعلاج بالليزر ليس لديها أدنى شرف ولا أخلاق ؟ هل هم عديمو الشرف بالمرة كما يشاع في بلاد العرب والمسلمين ؟! كلا بالمطلق، وسنثبت بالدليل أن الشعوب الغربية المتقدمة لديها شرف متطور جداً ولديها قيم وأخلاق متقدمة لهذا فهم سعداء أكثر من العرب والمسلمين الذين يقتلهم الفقر والتخلف والمرض والاستبداد والجهل والخرافة وفقه الشياطين وياجوج وماجوج والثعبان الأقرع في عذاب القبر وهلم جرا من الخزعبلات غير ذات العلاقة بالحياة والتقدم والإنتاج والاكتشافات العلمية والاختراعات التكنولوجية.
مثلما يعتبر العربي والمسلم غشاء البكارة هو قمة الشرف، فإن الحضارة الغربية الحديثة تعتبر أن الفقر عار وعيب لأن الفقر من مآسي الإنسانية الذي تتوجب مكافحته والقضاء عليه. لهذا السبب كان على الإنسان الغربي أن يقدس العمل والإنتاج لأنه الوسيلة الوحيدة لمكافحة الفقر ولتوفير التمويل الكافي للخدمات الصحية والاجتماعية. وقد تتطورت لدى الغربيين القوانين والنظم التي تساعد شعوبهم على مكافحة هذه الآفة التي شكلت معاناة للإنسانية على مدى تواجدها لآلاف السنين. لاحظ أن الفقر لا يعد عيباً في الثقافة العربية الإسلامية، وما قول علي بن أبي طالب ( أحياناً ينسبونه إلى عمر بن الخطاب ) – " لو كان الفقر رجل لقتله " سوى قول يتيم مجرد من أي صلاحيات فكرية ولا تترتب عليه أية قيم نظراً للتناقضات الكثيرة في الثقافة العربية الإسلامية، ذلك أن الفقر والغنى هي أمور مقدرة من الله ( غير العادل ) الذي يقسم الرزق كيفما يحلو له ( الآية: يرزق من يشاء بغير حساب )، بل حتى إن الإنجاب والعقم هي أمور مقدرة من الله ( الآية: يجعل من يشاء عقيما ). إيمان الغربيين بإرادة الإنسان وبضرورة تطوير الحياة بصرف النظر عن مشيئة الله، جعلهم يكافحون العقم ويكتشفون أسبابه، بل إن البرد والحر وظروف الطقس ليست مقدرة لدى الغربيين بل أمكنهم التدخل في مشيئة الله وجعل الحرارة تلائم الإنسان عن طريق المكيفات التي تدفئنا شتاءا وتنعشنا في قيظ الصيف. الغريب أن الدمار العقلي للمسلمين ورعبهم من مواجهة المقدس يضع أمامهم جداراً سميكاً يجعلهم يستخدمون الوسائل التقنية الحديثة من سيارات وطائرات ومكيفات .. إلخ، من دون التفكير ولو للحظة بأن هذه الاختراعات قد قللت كثيراً من دور المشيئة الإلهية. يقول المرحوم نزار قباني ساخراً من الإيمان بالقدر في اللوح المحفوظ الذي يؤدي إلى الاتكالية والاستهتار بالحياة:
بالحر قانعون .. بالبرد قانعون
بالحرب قانعون .. بالسلم قانعون
بالنسل قانعون .. بالعقم قانعون
بكل ما في لوحنا المحفوظ في السماء قانعون
وكل ما نملك أن نقول إنا إلى الله لراجعون

فكيف يفكر الإنسان العربي في الإنتاج بينما الفقر والغنى مقدرات من الله ؟ كيف يفكر في بناء المشافي الحديثة ( نستوردها جاهزة ) بينما ( الله هو الشافي ) ؟ الفلاح الأمريكي يزرع لوحده 1000 دونم باستخدام المحراث وآلات التسميد ورش المبيدات بالطائرات، وتحوز أمريكا على 21 جامعة في مقدمة أفضل خمسين جامعة عالمياً، كما حدصت أمريكا ( وحدها ) لحتى الآن 38% من جوائز نوبل العالمية في الطب والفيزياء والكيمياء، ثم يتساءل بعض السذج لماذا أمريكا تتسيد العالم ؟ بالطبع التطور ليس حكراً على الأمريكان وحدهم، بل إن الفضل الحقيقي يعود إلى العلمانية التي فصلت الدين عن الدولة وعن الحياة حتى أصبح الإنسان وقضايا الرفاه الاجتماعي هي أهم مقدسات الإنسان. لهذا فإننا نجد المخترعين الإنجليز والألمان واليابانيين والاسكندافيين ومن الغرييين كافة، وهم يتسابقون لتطوير الإنتاج والاقتصاد والتعليم والصحة والفضاء وكافة مجالات الحياة.

في أخلاق وقيم الحضارة الغربية الحديثة: الفقراء عار على الدولة، ارتفاع نسبة البطالة عار على الدولة، مريض لا يجد ثمن الدواء عار، ضعف الإنتاج عار، التخلف وعدم المساهمة في التقدم الإنساني عار كبير، بينما نجد أصحاب غشاء البكارة يتسابقون بالملايين لعبادة الأحجار والأوثان في مكة، فيما أراضيهم لا تجد من يزرعها ( السودان نموذجاً )، ونجدهم لا يحترمون خصوصية المبدعين الذين يحلو لهم مناقشة المقدسات المحظورة، فلا يتورعون عن قتل واغتيال هؤلاء. في الغرب حرية الإنسان مقدسة، والإنسان الحر غير المقموع هو الإنسان الذي تمكن من فك رموز الشفرة الجينية ومن زراعة الأرض وتربية حيوانات اللحوم بملايين الرؤوس ومن اقتحام الفضاء وعلاج الليزر، وليس الإنسان المقموع المقهور المؤمن بالقضاء والقدر والمشيئة الإلهية.

النقطة الأخيرة الجديرة بالتوضيح، هي تلك التعليقات – التي نحترم كاتبيها - التي سوف تصر على الحديث عن العلم ( العربي ) والتي سبق لي التعليق عليها في عدد من المقالات، ولا بأس من تكرار الملاحظات طالما أنها ضرورية.

لم يكن لدى المسلمين والعرب قبل غزو البلاد الأخرى أي معالم حضارية تذكر سوى الشعر وآيات القرآن ومنطق العيش والاغتناء من السطو والنهب " الغنائم "، وبينما جاء قرآن المسلمين ليشرع عمليات نهب المهزومين واغتصاب نسائهم فإن أحداً من المسلمين حتى يومنا هذا يرفض اعتبار أن تلك مظاهر بدائية وهمجية ولا يعقل أن تظل صالحة لكل زمان ولكل مكان، ولو قارنا كل ذلك بما كان لدى الحضارات القديمة مثل اليونان والفرس والرومان لاعتبرنا العرب متطفلين على العلم والحضارة، وإذا ما سجلنا للعرب أي مشاركة إنسانية في العلم، فإن الفضل يرجع للمسلمين من غير الأصول العربية في ترجمة ونقل موروث الحضارات القديمة. الفرس الذين دخلوا الإسلام ( بالقوة وهرباً من سبي النساء والجزية ) كان لديهم تطوراً كبيراً في العلوم، ومن أصل 123 عالماً مسلماً في الفترة العباسية الأولى، فأن 13 عالماً منهم من أصول عربية فقط والباقي أعاجم وليسوا عرباً ولم يكن أي فضل للإسلام في تطور هذه العلوم التي كانت ناجزة قبل الدمار الذي حاق ببلاد فارس على يد العربان. حتى بعد حركة النهضة والترجمة في العصر العباسي، لم يكن للعلم أي عمق شعبي مثل الدين ولهذا كان سهلاً على الظلاميين وأتباع بن حنبل وابن تيمية تكفير العلماء والفلاسفة والمعتزلة لتكون خاتمة العلم مؤسفة ومخجلة حيث تم تكفيرهم وإحراق معظم مؤلفاتهم دون وجود قاعدة شعبية تحميهم أو تدافع عنهم. الإسلام إذن لعب دوراً رجعياً فاشياً معرقلاً لمسيرة العلم الإنسانية ولم يكن داعماً لها، والعلم الذي يقصده الإسلام هو العلم بالدين مثل التوحيد والفقه والتفسير والجرح والتعديل والإسناد، وكل ذلك لا علاقه له بالعلم حسب التعريف الحديث الذي يكرس العلم لدراسة الظواهر الطبيعية والاجتماعية والإنسانية.

الشرف الياباني مثلاً يعتبر الكذب وصمة عار على من يمارسه لدرجة إقدام من يتم تلبسه برجم الكذب على الانتحار، بعكس المسلمين الذين يهتمون بالدين وشكلياته الطقوسية أكثر من أي شيء آخر. اكذب وصلي، اسرق وصلي، ازني وصلي، غش الحليب بالماء وصلي. اخترع سبباً للتهرب من العمل فقط صلي. الغش والكذب والانهيار القيمي والأخلاقي لدى غالبية المسلمين يمكن الاستعاضة عنه بالدعاء والاستغفار عن الذنوب حيث الله غفور رحيم. لا قانون، لا مساءلة، لا واجبات، لا احترام لإنسانية الإنسان.

لقد احترمت كثيراً مقالات الأستاذ مختار ملساوي حول ضرورة حماية عقول أطفالنا من الدمار العقلي الذي تتسبب به مناهج التربية الدينية. لابد من التفكير في تنشئة الإنسان الحر، وطالما يعتبر الدين والاضطهاد الديني من أكثر الأدوات وحشية في قمع إرادة ورغبات الإنسان، فلماذا نبحث إذن عن أسباب التخلف الحقيقية ؟ نطمح إلى تربية تعتبر الكذب من أهم المخاطر على البناء الاجتماعي، وإلى تربية تزود الطلبة بالمعارف الإنسانية والوجدانية، وبدلاً من فوضى " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده " يتم تقرير مواد حول القانون والدستور والديمقراطية ومواد أخرى كالموسيقى والرسم والنحت والمسرح لكي نبعد عن أجيال المستقبل شبح خروج وحوش ضالة تقتل الأطفال وتغتصب النساء.

إن المجتمعات التي تعطي للإنسان حرية التفكير والاعتقاد هي مجتمعات شريفة، والمجتمعات التي تعتبر وجود الفقير فيها عاراً هي مجتمعات أكثر شرفاً من دويلات عصابة حاكمة تقتل التخمة أفرادها بينما تعاني الأغلبية من فقر مدقع. قمع المتظاهرين بالذخيرة الحية عيب وعار في الأخلاق الغربية. ليس الشرف في غشاء يمكن استعادته بعملية جراحية تافهة، بل الشرف الحقيقي هو الصدق والأمانة وقيم الحرية والأمن والسلام والمساواة الكاملة بين المرأة والرجل. الشرف في عصرنا هذا هو منظومة حقوق الإنسان التي يجب أن تصبح هي الأخرى جزءاً من مناهج الطلاب. ينبغي إلغاء مادة التربية الدينية التي تؤسس للوحشية والاستبداد، أو تقنينها من قبل خبراء وتطويعها لتخدم الإنسان وحرياته لا العكس. أيهما أفضل إذن، المفاهيم الغربية للشرف أم المفهوم العربي الإسلامي ؟ أيهما أكثر تقدماً ورخاءاً وسعادة ؟ إلى متى سيظل العرب في هذا التعفن ؟!





#صلاح_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماية الحوار المتمدن من المتطفلين ومرضى الوهابية: الحائرة نم ...
- الإسلاميون في الحوار المتمدن


المزيد.....




- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح يوسف - الشرف الغربي والشرف العربي الإسلامي