أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - دستور يا دكتور!














المزيد.....

دستور يا دكتور!


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2703 - 2009 / 7 / 10 - 10:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في برنامج "بلا حدود" على قناة الجزيرة، استضاف الإعلامي أحمد منصور الدكتور يحي الجمل في حلقة حول الدساتير في دولنا العربية، أهميتها ومدى احترام السلطة لها. وحرص الدكتور الجمل خلال اللقاء الذي بثته القناة خلال الأسبوع الماضي على تأكيد غياب الحياة الدستورية في بلادنا، وخاصة في مصر حيث يوجد دستور شكلي ومعيب إلى جانب شخصنة الدولة وضعف مؤسساتها.

الدكتور الجمل قال أيضا أن الحياة الدستورية السليمة تعتمد على وجود رأي عام يحمي الدستور ومؤسسات مؤمنة بأدوارها فلا تسمح للمصالح والرغبات الشخصية للنافذين في السلطة التنفيذية بالتجاوز على مبادئ الدستور وأحكامه، مشيرا إلى أن الدستور أنشيء بالأساس للموازنة بين "ضرورة" السلطة من ناحية و"حرية" الشعب من ناحية أخرى.

اقتراحات الدكتور الجمل لمعالجة الأزمة السياسية في مصر حاليا تتماشى مع ميول وأفكار رجل القانون الذي ساهم في وضع دساتير العديد من الدول، فوجهة نظر الرجل أننا بحاجة إلى وضع دستور جديد وإجراء انتخابات سليمة وإجراء عديد من الإصلاحات في هياكل السلطة تجنب البلاد مخاطر "الفوضى".

عندما أستمع لهؤلاء السادة الذين يتميزون بدرجة عالية جدا من الأناقة في المظهر والأداء، أعرف مسبقا أنني لن أخرج بنتيجة تستحق عناء الاستماع إليهم، لكنها العادة السيئة لمن يفتش عن لباب في كومة هائلة من زبد، رغم بريقه الأخاذ، لا يسمن ولا يغني من جوع. كلام الدكتور وجميع الدكاترة من هذا الطراز الأنيق زبد من هذا النوع. فالرجل لم يبين لنا لماذا لا يقوم "الرأي العام" حاليا في مصر بـ"واجبه" نحو حماية الدستور، ولماذا لا تؤمن المؤسسات بأدوراها، ولماذا تمكنت السلطة التنفيذية، وتحديدا جهاز الأمن، من الرأي العام ومن الدستور ومن المؤسسات الدستورية، ومن هو هذا "الرأي العام"، ولماذا يقوم بحماية أي دستور!

الاقتراح الذي يقدمه الدكتور الجمل أيضا، أي وضع دستور جديد، لا يقدم أي إجابة على هذه الأسئلة ولا يقدم حلا للمشكلة. لقد تم تعديل المادة 76 من الدستور في عام 2005، وجاء التعديل كارثيا بقدر ما هو هزلي، ويتفق الدكتور الجمل مع هذا الرأي، فلماذا يتوقع أن يوفر وضع دستور جديد مخرجا من أزمتنا السياسية؟ لماذا لا يتوقع دستورا هزليا وأكثر سخفا من دستورنا الحالي؟ فالرأي العام مازال غائبا عن حماية الدستور، كما أن المؤسسات القائمة لم يطرأ عليها طارئ يجعلها أكثر استعدادا للإيمان بأدوارها. لكن البديل لذلك من وجهة نظر الدكتور الجمل هو "الفوضى" التي يرفضها لما فيها من خطر "علينا جميعا"!
آراء الدكتور الجمل تذهب بنا إلى نفق مظلم لأنها تضع شروطا غير متوفرة لحل أزمة قائمة، ولا يرى بديلا للحل الذي يطرحه سوى الفوضى المدمرة. شكرا يا دكتور. لكننا لا نرى أن حركة جماهيرية قوية ترادف بالضرورة مفهوم الفوضى المدمرة. والشعوب في حركتها العفوية غالبا تكون أكثر نضجا من السادة المتأنقين الذين يغبطون أنفسهم بقدرتهم على سك المصطلحات المركبة وصياغة الأفكار المنمقة التي لا جدوى ترجى من ورائها رغم ذلك.

كيف يمكن للدكتور الجمل أن يعرف اتجاه الرأي العام في مصر دون أن يعبر هذا الرأي العام عن نفسه في حركة جماهيرية؟ الصحف والقنوات الإعلامية المختلفة إما مملوكة للدولة وتسيطر عليها سيطرة مباشرة أو مملوكة لرجال أعمال يوجهونها بدرجة أو بأخرى نحو ترويج مصالحهم أو تصوراتهم، والتي لا تكون بالضرورة تعبيرا عن اتجاهات الرأي العام كما أنها تخضع بدرجة أو بأخرى أيضا لسيطرة أجهزة الدولة مع بعض التسامح. جميع الأحزاب التي تتمتع بوضع قانوني تم إخصاؤها أو منحت شرعية قانونية بعد التأكد من عدم جدواها أو فاعليتها بحيث لا تشكل أدنى خطر على القائمين على السلطة. ولا نحتاج إلى تكرار ما هو معروف للجميع أنه لا توجد أي قناة مشروعة قانونا يمكن من خلالها قراءة رأي الجمهور في أداء السلطة. فكيف يستطيع الرأي العام الذي لا يجد وسيلة مشروعة يعبر عن نفسه من خلالها أن يقوم بحماية الدستور أو الشرعية؟

وواقع الأمر أن الحركة التي يخشاها الدكتور ومعظم الليبراليين المصريين، إن لم يكن كلهم، هي الوسيلة الوحيدة للتعبير عن رأي الجماهير، وهي الوسيلة الوحيدة أيضا التي تجعل من هذه الجماهير قوة لها تأثيرها وفاعليتها، وإن لم تتجه هذه الحركة العفوية بالضرورة إلى محاولة حماية الدستور القائم أو صياغة دستور جديد. وما ستطرحه هذه الجماهير بقوتها وحركتها إذا استطاعت أن تفرضه سيكون أهم وأقوى وأعلى قيمة من أي دستور.



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البشر قبل الأرباح
- من أجل العدالة والحرية في إيران
- زيارة أوباما ولي النعم
- عندما ترقص الأفيال
- نكبة 1948 ونكبة أوسلو
- صفقة القمح والجريمة الكاملة
- حكومة رجال الأعمال تكشف أنيابها في زمن الأزمة
- إنها دعوة وأمل أو أمنية
- دفاعا عن -إبداع-
- المشروع والممنوع في دعم المقاومة
- هكذا يفكر دون كيشوت
- الوجه الحقيقي لديمقراطية رأس المال
- سيكولوجية القطيع
- عفة زائفة ودعارة مقدسة
- تحضير أرواح الموتي … هل يصلح ما أفسده الجشع؟
- أمامنا مستقبل لنكسبه
- الخروج من الأسر
- واقعية سياسية أم استسلام للأمر الواقع
- آلام المخاض لأجمل أطفال العالم
- انتهاز فرصة الأزمة للانقضاض على الدعم


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - دستور يا دكتور!