أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد هجرس - جــريمـــــة الـقــــرن الحــــادي والعشـــــــرين















المزيد.....

جــريمـــــة الـقــــرن الحــــادي والعشـــــــرين


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 824 - 2004 / 5 / 4 - 08:43
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


أولئك الذين صدقوا دعاية إدارة بوش وبلير، ورددوا ـ بحسن نية أو بغباء ـ تباكي هذه الإدارة علي حقوق الإنسان في العراق لتبرير العدوان علي بلاد الرافدين.. ماذا عساهم يقولون اليوم بعد الفضيحة المروعة التي فجرتها شبكة CBS الأمريكية بنشرها صوراً مقززة لممارسات بالغة البشاعة تقترفها القوات الأمريكية ضد المعتقلين العراقيين في سجن أبوغريب، فضلاً عن الصور البشعة التي نشرتها صحيفة »ديلي ميرور« البريطانية لبربرية قوات »صاحبة الجلالة«؟!
لقد أصابت هذه الصور المشينة الرأي العام العالمي »بالصدمة والذهول« ليس فقط لتناقضها الصارخ مع دموع التماسيح التي ذرفتها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش وحكومة توني بلير علي حقوق الإنسان العراقي المفتري عليه، وإنما أيضاً لأنها انطوت علي انتهاكات إجرامية للكرامة الإنسانية ولكل المفردات الأخلاقية، وتضمنت قدراً هائلاً من الشذوذ والسادية والهمجية تمت ممارستها تحت سمع وبصر قيادات دأبت علي تلقيننا محاضرات طويلة ومملة عن الحضارة والمدنية وثقافة التسامح، مثلما دأبت علي »معايرتنا« بـ »هجميتنا« وتورطنا في »الإرهاب« من قمة الرأس إلي أخمص القدم.
ومازلنا نذكر أن هذه القيادات »المتحضرة« نفسها قد أقامت الدنيا ولم تقعدها بسبب قتل أربعة من رجال الأمن الأمريكيين علي مشارف مدينة الفلوجة، ثم التمثيل بجثثهم. ورأينا بعد ذلك العقاب الجماعي الذي حل بالمدينة العراقية البطلة من جراء ذلك الحادث رغم أن جميع سكانها، وجميع فصائل المقاومة العراقية، قد استنكرت التمثيل بالجثث حتي لو كانت لأعداء غزاة.
بيد أن هذا الاستنكار لم يشفع للعراقيين جميعاً وأصرت قوات الاحتلال الأمريكية علي »تأديب« الجميع بوحشية وصلت إلي ضرب الأحياء السكنية في الفلوجة بالطائرات الحربية وجميع الأسلحة الثقيلة، وتدمير أماكن العبادة وهدمها علي رؤوس المصلين، والقتل الجماعي والعشوائي الذي كان أغلب ضحاياه من الأطفال والنساء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذا الوضع المأساوي برمته.
إذن التمثيل بجثث أربعة أمريكيين كان مبرراً كافياً لهذا الانتقام الرهيب والإبادة الجماعية للعراقيين.. فماذا عساه ان يكون ثمن هذه البشاعة التي يشهدها سجن أبوغريب والتي نقلتها الشبكة الأمريكية.. أم أن جثث أربعة أمريكيين غزاة أغلي من حياة مئات وآلاف العراقيين الذين يسامون العذاب وتداس كرامتهم واَدميتهم بالنعال وتمارس ضدهم أبشع أشكال التعذيب والإهانة بما في ذلك أساليب بربرية ومنحطة وصلت إلي حد الاعتداء الجنسي للرجال الذي كانت تستمتع بمشاهدته ضابطة أمريكية تحمل رتبة عالية جداً!! بل ووصلت ـ علي الجانب البريطاني ـ إلي ممارسات مرضية، منها التبول علي الأسري بعد إشباعهم ضرباً وتنكيلاً.
واعتذر للقارئ عما تسببه هذه الكلمات من أذي لمشاعره، لكن أبسط حقوق هؤلاء الضحايا العراقيين أن يعرف العالم بأسره ما يتعرضون له علي أيدي القوات التي جاءت لاحتلال وطنهم رافعة شعارات الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
من حق هؤلاء الضحايا، ومن حق الشعب العراقي بأسره، أن يتم ـ اليوم وليس غدا ـ تنظيم حملة عالمية من أجل وقف هذه البربرية، ومن أجل محاسبة المجرمين الأمريكيين والبريطانيين الذين شاركوا فيها وتقديمهم إلي محكمة مجرمي حرب، لأن الجريمة التي ارتكبوها إنما هي جريمة في حق الإنسانية بأسرها، وليست في حق المئات والآلاف من العراقيين الذين اكتووا بنارهم فقط.
وهؤلاء المجرمون ليسوا هم فقط الجنود والضباط الذين تجردوا من أي وازع أو ضمير أو اَدمية وارتكبوا هذه الجرائم المروعة، وإنما يقف معهم في قفص الاتهام قادتهم الذين تستروا عليهم طويلا وتواطأوا معهم وربما أصدروا لهم الأوامر أيضا.
حتي الرئيس جورج بوش الذي وقف أمام كاميرات التليفزيون في حديقة البيت الأبيض ليقول إن صور تعذيب المعتقلين العراقيين علي أيدي قواته قد أصابته بـ »الامتعاض«، مدعيا أن هذه الممارسات الهمجية مناقضة للقيم الأمريكية، تجب مساءلته سياسيا ـ هو وذيله الإنجليزي توني بلير ـ وممارسة أقصي الضغوط العالمية عليه من أجل تقديم الضباط والجنود الذين شاركوا في هذه الجريمة إلي محكمة علنية دون مماحكات.
ولعل هذه المناسبة المؤلمة أن تكون محك اختبار جديد لمنظمات حقوق الإنسان في سائر أنحاء العالم، وبالذات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.. ولا نبالغ إذا قلنا أن مصداقية هذه المنظمات أصبحت في الميزان، فليس معقولا أن تقوم قيامة تلك الهيئات وتغلي الدماء في عروقها لانتهاك حقوق الإنسان في كوستاريكا أو بوروندي ثم تصمت أو تراوغ عندما يكون الجناة هم »أهل القمة« في واشنطن ولندن.
وواجب هذه المنظمات ليس فقط العمل علي الوقف الفوري لهذه الجرائم التي ترتكب في حق المعتقلين العراقيين، وليس فقط العمل علي تنظيم حملة عالمية لمحاكمة الضباط والجنود الأمريكيين والانجليز المتورطين في هذه الجريمة، وإنما يجب عليها أيضا شن حملة عالمية لوقف جميع الأشكال الأخري لانتهاك حقوق الإنسان العراقي، بدءا من المداهمات الفظة للأحياء السكنية والمنازل، والاعتقالات العشوائية والجماعية، وإساءة معاملة المعتقلين وإهدار اَدميتهم، وحرمانهم من الحقوق التي تكفلها القوانين والمواثيق الدولية وعهود حقوق الإنسان، وانتهاء بالاحتلال نفسه الذي يمثل أسوأ صور القهر والاستعباد.
وليس معقولا أن نطالب منظمات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالتحرك بينما منظمات حقوق الإنسان في العالم العربي نائمة في العسل، أو غارقة حتي أذنيها في حدوتة حضانة أطفال المعادي!
ولذلك فإننا نناشدها بأن تمسك بزمام المبادرة وأن تقوم بمخاطبة كل المنظمات المعنية في العالم وحثها علي التحرك الفعلي اليوم قبل الغد، وأن تكون ذروة هذه الحملة العالمية في يونيو المقبل مع انعقاد قمة مجموعة الثمانية، التي ستعقد في الولايات المتحدة، والتي ستطرح عليها إدارة بوش خطة الشرق الأوسط الكبير، وهي الخطة التي تتباكي علي حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وتطالب بالإصلاح!
وأحد واجبات هذه الحملة العالمية المرتقبة هو فضح هذا النفاق الأمريكي الذي يسيء استخدام قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويحاول أن يخفي وراءها سياسات استعمارية باطشة معادية في الصميم لحقوق الإنسان.. الفردية والجماعية علي حد سواء.
أما القمة العربية التي يفترض أن تنعقد في أواخر هذا الشهر.. فلا أعرف إذا كان من المجدي مطالبتها بأي شيء بهذا الخصوص.
فقد بلغت حدا من التهافت جعلها تفشل حتي في الاتفاق علي زمان ومكان الاجتماع، مثلما فشلت في الاتفاق علي جدول أعمال يرقي إلي مستوي التحديات التي تواجهها المنطقة والشعوب العربية، فضلا عن أنها لم تستطع أن تصمد أمام الضغوط الأمريكية ففتحت أبوابها أمام مجلس الحكم العراقي كممثل للعراق في حين أن الشعب العراقي لم يشارك في اختياره، وأن المندوب السامي الأمريكي بول بريمر هو الذي أشرف علي تشكيله وانتقاء أعضائه فردا فردا.. ولم يكن غريبا ـ والأمر كذلك ـ أن يذهب أحد هؤلاء الأعضاء الموقرين »وهو الزعيم الكردي جلال الطالباني« إلي حد أن يكون أمريكيا أكثر من الأمريكيين.
فبينما أعرب بوش نفسه عن استيائه من فضيحة سجن أبو غريب وقف الطالباني أمام عدسات التليفزيون ليقول بعد ابتسامة عريضة: »إنه لا يري أهمية لهذا الموضوع«!
وعلي عكس العجز الفاضح لمؤسسة القمة العربية وما يفرزه هذا العجز الرسمي من إحباط، أثبتت مقاومة وطنية عراقية ـ لا تزال في أطوارها الأولي ـ أن هناك طريقا اَخر لعرقلة المخططات الإمبراطورية والإمبريالية الأمريكية، وأن هذه العرقلة ممكنة، بدليل ما نراه رأي العين في الفلوجة والنجف والرمادي وكربلاء والقائم والبصرة والمحمودية وغيرها من مدن عراقية أصبحت تسكن قلوب كل العرب، وأن هذه المقاومة الوطنية ليست انتحارا سياسيا أو إلقاء بالنفس للتهلكة المجانية بل إن مردودها السياسي بدأ مسيرة التراكم الكمي والتأثير علي الصعيدين الإقليمي والعالمي، بل حتي علي الصعيد الأمريكي الداخلي ذاته.
أليس دعم هذه المقاومة الوطنية الباسلة بكل السبل المادية والمعنوية وبما في ذلك التضامن مع المعتقلين العراقيين، بديلا عن سياسة العجز والتوسل الرسمية التي لا تؤدي إلا لمزيد من الإذلال والهوان؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الــــــورطــــــــــة !
- - وعد بوش - .. لاقامة إسرائيل الكبرى
- حكاية سيدة محترمة اسمها - ميريام - اطلبوا الإصلاح .. ولو من ...
- بعد أن تحول العراق من »وطن« إلي »كعكة« سباق دولي وعربي محموم ...
- رسالة مفتوحة الى أصحاب الجلالة والفخامة والسموالبقية فى حيات ...
- بين -الدير- و-الشيخ- .. -ياسين- يدفع فاتورة الاستشهاد جرائم ...
- رئيس الحكومة صاحب المزاج العكر .. أول ضحايا لعنة العراق
- من لا يقـــدر على - بــوش- وزعــانفــــه فليقــــذف نــادر ف ...
- من لا يقـــدر على - بــوش- وزعــانفــــه فليقــــذف نــادر ف ...
- العربى مريض .. فمن يكون - بوش - : الطبيب أم الحانوتى ؟
- صاحبـــة الجــلالة تنهـض من تحـت الأنقــاض
- بمناسبة انعقاد المؤتمر العام الرابع للصحفيين مـصــــر تستـحـ ...
- حــرب - الكــاتشــب - و - النفــط - للفــوز بالبيت الأبيــض
- انتبهوا أيها السادة : تهويد التاريخ بالاحتيال بعد تهويد الجغ ...
- أمريكا فى مواجهة العالم
- صـحفـــى مصــــرى .. بــدرجــة شيـــخ قبيــلة فى العــــراق!
- ســـــنـة ســــوداء للصـحـــافـــة
- مضــاعفــات انتقــال المبـــادرة مـن - المـركـز - إلى -الهام ...
- الحجاب- الفرنسى .. و-النقاب- الأمريكى!
- رحلة طــائــر جميــل.. في غـابــة لا تعـتــرف إلا بالغــربان


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد هجرس - جــريمـــــة الـقــــرن الحــــادي والعشـــــــرين