أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الشاعر الكردي محمد علي حسو: ذاكرة من لهب وحلم















المزيد.....

الشاعر الكردي محمد علي حسو: ذاكرة من لهب وحلم


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2701 - 2009 / 7 / 8 - 10:23
المحور: الادب والفن
    




كثيراً ، ما تردّدت عن الكتابة عن الشاعر محمد علي حسّو ، الذي عرفته منذ مطلع شبابي ، قبل ثلاثة عقود و نيّف ، وتحديداُ في صيف 1976 ،عن قرب ، تماماً ، متعلّماً منه أشياء كثيرة ، بحقّ ..!
و لعلّ أول الكتب التقدمية - كما أصبحت الآن تهمة - كنت استعرتها من مكتبة هذا الرّجل ، الذي سمعت منه لأول مرة أسماء: غوركي بابلو نيرودا - لوركا – ناظم حكمت ، وغيرهم ، و كنت أقبل بنهم كبير،على مقتنيات مكتبته.
و سبب تردّدي عن الكتابة ، عن هذا المعلّم ، تعود إلى أنّني ما زلت أتهيّب من خوض مقاربة لجج أيمّته ، كما يخيّل إليّ ، و هو السياسيّ، و الأديب ، في آن واحد معاً ، و إن كنت أرى فيه ، قد عانى صراعاً كبيراً في نفسه، بين عالمين، كانا يشدّانه : عالم السياسي، و عالم الشاعر، هذان العالمان اللّذان ظلّ ينوس بينهما ، على امتداد عقود ، متتالية ، و لا يزال ..!

خلال صيف 1976،الذي أحسست فيه أنّني أمام منعطف جديد في حياتي ، حيث ثمّة ثقافة ، غير التي كنت وجهاً لوجه، إزاءها، عمالقة أدب مختلفون تماماً عن أسماء كتاب، عرفتهم من خلال مكتبة أبي ، كي أكون بالتالي أمام صراع قوي ، كان من نتائجه أنّني بدأت أتلمّس طريقاً جديداً ، و أتمرّد على خطّ كان مرسوماً لي من قبل، و لم أكن لأتقبّله في داخلي البتّة ، و لم أكن لأنسجم معه ، لأنه - في الأصل - كان متناقضاً مع طبيعتي الشخصية، و من هنا ، فإنّني لأعدّ محمد علي حسو معلماً ثانياً لي ، بعد أبي الذي أعده - بامتياز - معلمي الأوّل ، و إن رحت أنأى بعيداً عن مدارات فلكه الخاص.
و يبدو أن أبا هفال ، بدوره ، حين علم أنّني قادم من بيئة دينية ، صار يولي الاهتمام بي بأكثر ، لا سيّما عندما كنت أطلعه على أول المقالات التي كنت أكتبها ، و أقرأ على مسمعه أولى قصائدي باللغة العربية، وهو ما جعله يضع بين يدي كتباً كردية ، كي أقرأها ، و يصطحبني معه، ذات مرة، لزيارة جكر خوين ،وألتقيه ، وجهاً لوجه للمرّة الثانية في حياتي ، وفي بيته تماماً، حين سألني عن أسرتي ، ليقول لي : جدّك كان شهيراً. ! ،و لأتردّد عليه - في ما بعد - كثيراً مع فتاة كانت تكبرني سناً ، إلى أن أتفاجأ - تالياً – بسفر جكر خوين إلى أن يعود إلينا في العام1984 ، جسداً ، نستقبله ، كي نشيعه إلى مثواه الأخير ، في بيته نفسه، الذي طالما جلسنا إليه ، فيه، وفي أولى جنازة مهيبة ، عرفتها مدينة قامشلي، التي طالما حن ّ إليها ، وتخيّرها، لتكون عنوان جسده الأخير ، كما كانت عنوان قصيدته، ونضاله، الأوّل ....!
أعترف ، أنّني في لجّة انخراطي في العمل السياسي ، اضطررت إلى أن أعيش في عالم آخر ،منبهراً به حتى النخاع ، بيد أن أبا هفال ، ظلّ من هؤلاء الذين حافظوا على ذلك الخيط الذي بيننا ، دون أن يقطعه ، حتى و إن كنت في أحايين كثيرة أضيق ذرعاً بحدته، في مواجهة من حوله ، طالباً منه دائماً محاورة الآخرين بهدوء، إلا أن أبا هفال الذي قرأ - بييرزلاموف - في مطلع شبابه ، و استهواه تمثّل هذا البطل في صموده في السجن ، إزاء موجهة أزلام القيصر،من خلال تثقيب قدمه- بيديه، وبوساطة مثقب ، ليتعلّم بدوره جرأة مواجهة السجّان - كما قال لي ذلك - ظلّ ينظر إلى الأمور من خلال مفهومه ، إذ لا منزلة وسطى لديه بين منزلتي: الخير و الشر ، و هو مازال متمسكاً إلى الآن،بوجهة نظره، كما أزعم ، و إلا ، فأليس هو نفسه، من دفع بابنته نالين، لتستشهد فوق تراب شمالي كردستان، بعد موقف بطولي قامت به ورفاقها، حين رأوا أنهم محاصرين ، ملاحقين ، ولا بدّ من قول كلمتهم ، بصوت مدوّ ، عال، كي يترجم رؤاه، واقعاً، سواء أاختلفنا معه ، أم وافقناه ..!؟ .
وشاعرنا أبو هفال دخل السجن ستّ مرات، خلال حياته ، ووصلت مدّة سجنه ذات مرة إلى السنة، وأخرى إلى ستة الأشهر ، وكان أن تمّ حرق سجن الحسكة المركزي ، في هذه المرة الأخيرة في آذار 1993، فنجا من هذه المحرقة ، بصعوبة ، مع آخرين، وراح ضحية ذلك، كثيرون ، في المقابل، من أبناء شعبنا.
وكان من عداد من معه في سجنه في ستينيات القرن الماضي ، نور الدين ظاظا وجكرخوبن وأوصمان صبري ومجيد حاجو، وآخرون.

و محمد علي حسّو، كان يحافظ في داخله على المعادلة الصّعبة في نهجه الحياتي ، فهو إنسان بطبعه، بيد أنه -أوّلاً و أخيراً- لا يمكن له إلا أن يتبنّى قضايا قومه ، ضمن فهمه الثّوري، لتبني قضايا الإنسانية، جمعاء ، و من هنا ، فإنّه وجد نفسه شيوعيّاً ، دون أن يتقدّم بطلب انتسابه لهذا الحزب ، العملاق، في حينه ، مع أنه نفسه سعى لتنظيم كثيرين على يدي جكرخوين الشيوعي - غير المنظّم بدوره - في صفوف هذا الحزب، وهي أسماء كوكبة ستصبح ، لاحقاً من نواة انطلاقة البارتي، كما أنّه لم يتقدّم بطلبه للبارتي، نفسه ، مع أنه سيصبح مسؤولاً عن تنظيمه في حلب، بكاملها ، و يدخل السجن تارةً كشيوعيّ ، و تارة كبارتيّ ، و يعود إلى نشاطه دون أن ييأس ، فهو الذي رئس خفر عفيف البزري، ممن انتقاهم من الكرد حصراً وهو الضابط الأممي - حين كان ضباط الجيش يمارسون نشاطهم بالمئات ، ضمن الجيش السوري، إلى أن يدعو جمال عبد الناصر لحلّ الحزب الشيوعي ، دون جدوى، و يعمل على طرد الضباط الشيوعيين، و الكرد، من صفوف الجيش، و هو ما دعا البزري للكتابة في أحد مؤلفاته، عن ذلك ، مؤكّداً أنّ عبد الناصر كان أوعده بعدم المساس بالشيوعيين ، على اعتبار أنّه- البزري- كان رئيس الأركان ، و كان شكري القوتلي رئيساً صوريّاً ، لسوريا .
وشاعرنا محمد علي حسّو ، اسم يذكر بأسماء كردية باسقة، في ميادين الأدب و الثقافة، و السياسة، فهو الذي كان قريباً إلى أوصمان صبري ونورالدين ظاظا وهجارموكرياني وقدري جان وجمال نبز وعزالدين مصطفى رسول ،وآخرين كثيرين جدّاً ، كما كان جدّ قريب من جكرخوين ، الذي يحلّ ضيفاً ،عليه، في بيته، بدمشق ، كلّما سافر إليها ، بل إنّه أقام عنده ذات مرّة، عدة أشهر متتالية ..!.

و لكم أحسّ بالمرارة، لأنّني فشلت في إقناع أبي هفال ، بكتابة مذكّراته عن حقبة تاريخيّة مهمّة ، بينما كان في أوج عطائه ، و هو ما دفعني لأن أطلب منه أن يكتب لي في كلّ يوم، مجرّد صفحتين ، و يقدّمها لي، لأصوغها لغوياّ ، و لقد فعل الرّجل ذلك لأيام ، فحسب، إلا أنّه لم يكمل ما بدأه، وهو ما أشعرني بالألم، لأنه ممن لا يتورعون عن قول الحقيقة ، حتى عن أنفسهم ، بعكس من يكتبون مذكراتهم كما يريدون، لا كما كانت حيواتهم .

و محمد علي الذي أخذ النضال السياسي جزءاً كبيراً من حياته ، كان يرى في طباعة مؤلفاته أمراً غير ذي أهمية كبرى ، رغم أنّني كنت ممن استحثّوه على ذلك ، خاصة، حين علمت أنّ أكثر مجموعة شعرية له ، ضاعت، في ظروف النضال السرّي ، حيث إحداها ضاعت حين كانت في عهدة الشخص الأول، في أحد الأحزاب الكردية - آنذاك - و الثانية ضاعت، عند أديب كردي، معروف ، راحل ، و كان ضياع تلك الآثار خسارة كبرى للمكتبة الكردية ، إلا أنه لم يطبع إلا في التسعينيات ديوانه الأول ، تحت إلحاحنا ، من حوله، و هو الذي نشرت قصائده في الخمسينيات باللغة العربية، في جريدة النّور ، إلى جانب ما كان يكتبه منذئذ بلغته الكردية، الأم ..!
أجل ، حين أكتب –الآن- عن صديقي- أبي هفال - الذي اختلفت معه ، و ما أزال ، في بعض المواقف، ، فإنّما إنّني أحاول أن أسدّد جزءاً من دين روحي له، بذمّتي ، ناهيك عن أنه ممن سميّتهم في بحث لي قدّمته لإحدى الجامعات الأوربية- مؤخراً- عن الأدب الكردي في مرحلة ما بين 1948 - 200 أحد الأسماء المهمّة التي دارت في الفلك الجكرخويني،و كان لها تأثيرها الخاص، و علاماتها الفارقة، لدى كل منها على حد سواء.
من هنا ، فإنّني لأدعو كافة المعنيين بقضايا الأدب، و الثقافة، و التّاريخ، استفزاز ذاكرات من تبقّى من الرّعيل الأوّل، من رادة السياسة، و الثقافة، الكرديتين ، من أجل تناول مرحلة مهمّة ، كانوا شهوداً عيّان عليها ، بل فاعلين فيها ، و محمد علي حسّو ، أحد هؤلاء ، بامتياز ، كما سيبدو لكل من سيتتبع أثره، ليجده من بين الأسماء الأكثر حضوراً في ذين الميدانين ، حتى و إن اختلفنا معه ، هنا أو هناك ..!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نبيه رشيدات سلامتك ...!
- أخيلة من -وحي الكأس- للشاعر الكردي غمكين رمو
- مشعل التمو واقفا في قفص الاتهام
- سماء- الآمدي- الصغير
- هكذا نصفق للاعتقال السياسي.....!
- مشعل التمو وسطوات الخطّ الأحمر
- أعلن الحداد الرسمي
- واحد ثمانية ........!
- محمد موسى كما عرفته....!..
- مزامير -سبع العجاف -:
- نحومؤتمر لأحزابنا الكرديّة في الدّوحة:
- وتستمرّ المجزرة....!
- حوار مع الباحث المناضل جبران الجابر:
- بدل -بول-
- بيان شخصي ضد ّالهجرة:-هنا الحسكة- في ....دمشق...!
- مهرجان قامشلي الشعري دون شعراء قامشلي
- المازوت أوّلاً.....!
- بيان شخصي ضد ّالهجرة:-هنا الحسكة- في .... دمشق...!
- المازوت أولاً
- مرثاة الدم الأخضر


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الشاعر الكردي محمد علي حسو: ذاكرة من لهب وحلم