أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جابر احمد - تاريخ الأهواز عربستان - منذ عهد الأفشار حتى المرحلة الراهنة(الفصل السادس الحلقة الثالثة)















المزيد.....


تاريخ الأهواز عربستان - منذ عهد الأفشار حتى المرحلة الراهنة(الفصل السادس الحلقة الثالثة)


جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 2700 - 2009 / 7 / 7 - 07:59
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


العلاقة بين شيوخ المحمرة والدولة المركزية والبختیاریین:
يقول المؤلف الاستاذ موسى سيادة ، كان الشيخ جابرشيخ اتحاد "المحيسن" في الفترة الواقعة ما بين( 1878- 1881 م، 1295-1298 هجرية قمرية) يعاني من مرض عضال لا شفاه له في المثانة وقد اوصله هذا المرض الى حافة الموت الحتمي وكان للشيخ جابر اربعة اولاد وهم : محمد، مزعل، سلمان، وخزعل، وفيما يتعلق بمحمد فيقال عنه انه رجل غير كفوء وبالتالي ليس بمقدوره ان يكون منافسا لاخوته على استلام مقاليد الامور بدلا عن والده اما الشيخ خزعل فقد كان صغير السن فبقت المنافسة تدور بين ولديه الاخرين وهما مزعل وسلمان وقد كان الشيخ مزعل وخاصة بعد وفاة والده كان اوفر حضا من بين اخوته في خلافة والده لانه وفي كثير من الامور كان يشبه والده فقد كان رحمة الله شجاعا صادقا وفيا وكريما.
و لوسنحت الفرصة لهذين الاخوين ان يتنافسا فمما لاشك فيه ان الغلبة ستكون للشيخ مزعل في هذا التنافس ، خاصة وان هناك من يعتقد ان بعد موت جابر سوف يختلف ابنائه فيما بينهم من اجل خلافة والدهم وهنا لابد من الاخذ بعين الاعتبار التدخلات الايرانية ، وفي هذا المجال صرح " عبد الله خان " معاون والي البصرة: ان ابناء الشيخ جابر في حال وفاة الشيخ جابر فان اولاده سيتقاتلون فيما بينهم ، مما يؤدي الى اضعاف العرب، وعندها سوف ينصب فارسيا على راس حكومة المحمرة! الا ان الشيخ مزعل وكما اسلفنا قبل قليل كان يتمتع بالافضلية على اخيه سلمان لعدة اسباب منها انه كان يعيش مع والده في منطقة الفيلية "مركز حكم المحمرة " وكان يشرف على ادارة امور الاتحاد نيابة عن والده .
في عام 1881- (م 1294 هجرية قمرية )تزوج الشيخ مزعل من ارملة اخيه ووفر له هذا الزواج ثروة طائلة وقد استخدم هذه الثروة في استمالة رؤساء القبائل العربية وكسب ودهم، واخير وفي نوافمبر من عام 1881 العاشر من ذوالحجة سنة 1298 توفي الشيخ جابر "نصرة الملك " في يوم عيد الاضحى بعد ان بلغ التسعين من العمر.
وفي هذا المجال ينقل المؤلف الاستاذ موسى سيادة عن مذكرات اعتماد السلطنة وما سجله عن احداث يوم 10 ذوالحجة 1298 قوله " ومن احداث ذلك اليوم هو " ظل السلطان " " مسعود ميرزا " بن ناصر الدين شاه والى اصفهان كتب عن الشيخ جابر قائلا: " الحاج جابر خان العربي " الملقب به " نصرة الملك " صاحب الاعطاءات للدولة المركزية هنيئا له لانه توفي في يوم عيد الاضحى الخ".
لعل من اهم الاحداث السياسية التي رافقت حياة الشيخ جابر قبل وفاته هو رفضه للطلب البريطاني الهادف الى الاستفادة تجاريا من نهر كارون لانه كان يعتقد ان قبول بمثل هكذا امور سوف يفتح الابواب للتدخل المباشر للاجانب في شؤون امارته . الامر الذي من شانه ان يهدد استقلاله بشكل مباشر.
بعد وفاة الشيخ جابر كان الرجل الوحيد في المنطقة الذي هو على اتصال مباشر بالحكومة المركزية ويحضى بمكانة لديها، هو والي الحويزة، اما البقية من زعماء العشائر يرفضون مثل هذا التقارب وكل واحد من هؤلاء الشيوخ كان يدير عشيرته بنفسه وكان يدفع الضرائب مباشرة الى شيخ المحمرة ولقد جرت العادة ان اي شيخ من الشيوخ يمتنع عن دفع هذه الضرائب كان امير المحمرة يعزله ويعين شيخا اخر مكانه، والدولة المركزية من جهتها لا تفكر باي شي تجاه رعاياها الا بمقدار ما يدفعونه من ضرائب لها عبر الحاكم المحلي، كما ان الشيوخ والقادة المحليين سواء كانوا في الريف او المدينة لايفكرون باعمار مدنهم او مسائل اخرى مثل الدفاع او الامن الاجتماعي وينحصر كل همهم في جمع الضرائب من رعاياهم من اجل بناء قصورا لهم والاستمتاع بملذات الحياة اليومية .
وبعد وفاة الشيخ جابر بن مرداو، استلم من بعده السلطة على الفور ولده الاكبر الشيخ محمد الا زعماء المحيسن لم يروق لهم هذا الاستلام ولم يعترفوا بمشيخيته، الامر الذي دفعه الى اللجوء الى اتحاد كعب في الفلاحية وقد انتهى به الامر في نهاية المطاف الذهاب الى اصفهان ليحل ضيفا على" ظل السلطان" حاكم خوزستان المعين من قبل الدولة المركزية وقد اعطى غياب "الشيخ محمد "عن الساحة السياسية في عربستان الفرصة الى اخيه " الشيخ مزعل" ليحل محله كامير على الاقليم، ولعل من بين الوسائل التي اتخذها في سبيل الوصول الى السلطة هو المصاهرة، وتقسيم الاراضي بين زعماء العرب، تصليح النظام الضريبي لصالح شيوخ القبائل و كذلك لصالح المجموعات التي ايدته ووقفت الى جانبه وذلك من اجل تقوية مركزه في الحكم الخ .
لقد ابدى ناصر الدين شاه احترامه لميول ورغبة قبيلة كعب و اوكل حكم المحمرة الى الشيخ مزعل ومنحه لقب " نصرة الملك " وهو نفس اللقب الذي كان يطلق على والده الشيخ جابر ، ولكن بعد عام 1889 اطلق عليه لقب " معز السلطنة " و اوكله مهمة قيادة فوج المحمرة وقيادة المدفعية ومنحه لقب "امير تومان" ايضا وهو لقب رفيع المستوى في الجيش القاجاري. ولقد بقي الشيخ مزعل مواليا للحكومة المركزية حتى نهاية حياته ، الا انه كانت لدية علاقات سرية مع الحكومة البريطانية بالرغم انه كان يعارض تواجد الجيش البريطاني في اقليم عربستان و خاصة وجود الاسطول البحري البريطاني في نهر كارون .
وكما اسلفنا سابقا حول العلاقة بين كعب البو ناصر ( حكام الفلاحية )، انه بعد احداث عام ( 1878 م ) سعى حشمت الدولة ممثل الدولة المركزية في اقليم عربستان الحصول على الضرائب مباشرة من البو ناصر وفي هذا المجال عقد معاهدة مع الشيخ جابر بن مرداو امير المحمرة و اسد الله خان معاون حشمت الدولة وكذلك احد اعيان شوشتر، تتيح له ان يجمع الضرائب مباشرة من شيوخ البوناصر ومن بينهم شيوخ الجراحي و منطقة رامز .
وبدء من عام 1883 م انحسرت سلطات الشيخ رحمة الكعبي وتدهورت الى حد بعيد وقد تحدث عنه رابرتسون بقوله " كانت سلطاته محدودة للغاية ولم تعد له اي سطوة على شيوخ القبائل الذين اخذو يعملون بشكل مستقل عنه " ولقد سعى رحمة الى استعادت سلطة البوناصر السابقة و بما انه كان يفتقد للقوة العسكرية فقد بذل قصارى جهد لكي يؤلب "مير عبد الله" حاكم نواحي الجراحي على الحكومة المحلية ( البوكاسب ) وفي عام 1883 التحق به فرع من قبيلة النصار الذي كان قد فك ارتباطه مع قبيلة المحيسن وتمردوا على الشيخ مزعل في المحمرة وقد منح هذا التمرد الشيخ رحمة واعطاه الفرصة لتقوية مركزه وقد دخل في مباحثات مع الشيخ مبارك حاكم الكويت والعدو القديم للشيخ مزعل وذلك من اجل تدبير هجوم مشترك على المحمرة الا ان الكويت لم تفي بعهدها تجاهه وبعد مناوشات محدودة ونتيجة للاختلافات الموجود داخل قبيلة كعب البو ناصر انتهى الهجوم على مدينة المحمرة الى الفشل.
لقد كانت هذه الجهود الفاشلة للاطاحة بامارة كعب البوكاسب من قبل اشقاءهم البوناصر نقطة عطف حاسمة في تاريخ كعب وهو لم يكشف عن ضعفهم الداخلي وحسب و انما مهد الطريق لتزايد التدخلات الخارجية في شؤون امارتهم الداخلية ، و خلاصة القول يمكن تلخيص سياسة شيوخ المحمرة تجاه شيوخ كعب الفلاحية على النحو التالي : اولا اضعافهم لدرجة بحيث لم يعد بامكانهم تهديد المحمرة وثانيا الاحتفاظ بهم ليكونوا سد امام الاعتداءات البختيارية، ان هذا الآمر سهل على حكومة كعب البوكاسب الى استيفاء الضرائب لان دفع الضرائب الى الدولة المركزية له دور حاسم في استقرار الاوضاع في الاقليم .
وفي 1888 عين نظام السلطنة ممثلا عن الدولة المركزية في الاقليم وقد اسمتر في منصبه حتى عام 1891 وشهد الاقليم انذاك نوعا من الاستقرار النسبي و ادى الى استقواء شوكة كعب البو كاسب ومكنهم من القضاء على الخلافاتوالحزازات التي كانت قائمة بيهم وبين البوناصر والتي استمرت 13 عاما وبعد عام 1891 ضعفت قبيلة البوناصر ولم يعد لها اي دور يذكر وآلت شؤون الاقليم كلها الى حكومة المحمرة اي الى شيوخ البوكاسب .
لقد واجه الشيخ مزعل اثناء فترة حكمه الكثير من التحديات منها تزايد تدخل الدولة المركزية في شؤؤنه الداخلية من جهة و تزايد التدخلات الخارجية من جهة اخرى و لقد كان بدء الملاحة في نهر كارون في اكتوبر من عام 1888من اهم التحديات التي واجهها مزعل اثناء فترة حكمه .
كانت مهمة الحكومة المحلية في العهد القاجارية بالضرورة تتحدد في جمع الضرائب وكذلك حفظ الامن العام، وخلال العقد الاول من القرن التاسع عشر ( 1888) كان موضع جمع الضرائب يجري على اساس التاجير ( المزايدة الضرائبية ) الا ان موضوع حفظ الامن لا تخصص له الا ما نسبته 10%ى من هذه الضرائب ، وهذه النسبة لا تتيح للحاكم المحلي تجنيد اكبر عدد من المواطمين لتولى مسؤلية تحقيق الامن بشكل افضل ، وقد كانت الحكومة المركزية مدركة لذلك وهي تخشى اذا تمركز القوى العسكرية والموالية بيد شخص واحد سواء من ابناء القبائل او احد الاشخاص المعروفين سوف يؤدي الى استقواءه الى اكثر من المسموح به مما يعقد الاوضاع مستقبلا في المنطقة من هنا كانت خطة الحكومة المركزية تكليف مهمة حفظ الامن لداخلي العام الى عدد من رؤساء العشائر وليس الى شخص او شيخ بمفرده لانها كانت تخشى ان تمركز المهام العسكرية و المالية سوف يؤدي الى ازدياد قوة ذلك الشيخ او القبيلة الامر الذي من شأنه ان يعقد الاوضاع ويضعف دور الدولة المركزية. اما فيما يتعلق بمسألة الحدود و الدفاع الخارجي فكانت هذه المهمة منوطة بافراد يسمون "سر حدار " او ما يمكن ترجمته بحرس الحدود، وفي اقليم عربستان كانت مهمة حرس الحدود تقع على عاتق امراء المحمرة الذين استلموا هذه المهمة من بعضهم البعض بالواراثة وكانت مسؤليتهم الاولى تنحسر في حراسة الحدود من ناحية شط العرب، اما الحدود مع الدولة العثمانية الواقعة في مناطقة الكرخة ودزفول فقد اوكلت الدفاع عنها الى السيد على الطالقاني وكريم خان من قبيلة يار احمدي وكان بامكان حراس الحدود هؤلاء وفي سبيل تسهيل امورهم من الناحية المالية اقتطاع جزء من اموال الضرائب السنوية التي تجمع وذلك قبل تسليمها الى الدولة المركزية .
وقد كانت هذه الاجراءات ترضي طرفي المعادلة( الايالات و الولايات ) اي الدولة المركزية وحراس الحدود المحليين ، الدولة المركزية من جهتها ليس لديها جيش منظم في الاقاليم، كما ان حراس الحدود كان راضون ومسرورين لعدم وجود جيش تابع للدولة المركزية موجود فوق الاراضي الواقعة تحت سيطرتهم ، وعلى سبيل المثال كان يجب على امير المحمرة في سبيل الدفاع عن مدينته ان يجند 500 عنصر من العرب و البلوش ، وفي الواقع كان عدد قوات حرس الحدود محدودة للغاية وكان افرادها يتشكلون اساسا من افراد مسنين من البهبهانية او البلوج المقيمين في مدينة كجنود يتقاضون راتب والذين يرغبون في الذهاب الى زيارة العتبات المقدسة في العراق حيث يتوجب عليهم وقبل سفرهم الى تلك المناطق الانخراط في الخدمة العسكرية لمدة عام وعندما تسافر دفعة من هؤلاء الافراد تحل دفعة اخرى من المجندين مكانهم .
الاستعانة بالبختياريين و اللر
وفي سبيل تامين الامن الداخلي وللحد من نشاطات السراق وقطاع الطرق وايضا من اجل ايجاد نوع من التوازن في مواجهة حرس الحدود العرب فقد استعانت الحكومة المركزية ( الفيدرالية)
بالبختيارين واللر على سبيل المثال تم تجنيد 160 خيّال لتولي مسؤولية حفظ الامن في ناحية دزفول وكان الحراس البختيارين وازاء هذا التعاون في سيبل حفظ الامن في عربستان (خوزستان) يتقاضون رواتب من الدولة المركزية. وفي معمان هذه التجاذبات والتي تغلب طرف على آخر قامت عشيرة (الهفت لنك) والتي هي فرع من الاتحاد البختياري والتي تتخذ من المناطق الجبلية الواقعة في شمال وشمال شرقي عربستان كمقر شتويا لها بالاعتداء على الاراضي العائدة تاريخيا للعرب الامر الذي ادى ومع الاسف الى ازدياد حدة المواجهات بين القوميتين العربية والبختيارية و تحت ستار حفظ الامن قام البختيارين بتدمير اقتصاد مناوئيهم العرب. ولم تقتصر هجمات هذه الفرع من قومية البختياريين على اراضي العرب وحسب وانما شملت العشائر الاقل قوة من نفس قومهم ، هذا من جهة ومن جهة اخر كان تجاذب المصالح بين الدولة المركزية و البختياريين والاختلافات الناتجة عن كيفية اقتسام الغنائم ادى احيانا الى مواجهات دامية بين البختياريين انفسهم والدولة المركزية ولعل اهم هذه المواجهات تلك التي حدثت في عهد " حسين قلي خان البختياري" وذلك في العاشر من مايو - ايار عام 1882 حيث قتل هذا الزعيم عندما كان ضيفا لدى " ظل السلطان " في اصفهان وفي نفس الوقت القي القبض على ابنه الاكبر " اسفنديار خان " وقائد الجيش الرسمي في اقليم عربستان و القي به في السجن وعلي الرغم من هذه الاحداث الا ان عدد بارزمن زعماء قبيلة " البيكي التابعة لتحالف الهفت لنك " تعاونت مع الدولة المركزية ولكن بعد مقتل الزعيم حسين قلي خان انهارت الوحدة القائمة بين قبيلة الهفت لنك وقد ادت الاحداث الناتجة عن تداعيات هذه الاحداث فيما بعد وخاصة الاختلافات حول الزعامة وتقسيم المصالح القبلية بين البختاريين منعت البخياريين من المساهمة في اقامة الامن والاستقرار في اقليم عربستان .
ومع انسحاب البختياريين من الساحة العسكرية في اقليم عربستان ، اصبحت مسوؤلية حفظ العام اكثر صعوبة ، كما ان الاثار التي حدثت في مجال صنع الاسلحة في العقد الاول من القرن التاسع عشر ( 1880 ) وخاصة صناعة البنادق و الاسلحة الاخرى قد رجحت تفوق الدولة المركزية " الايالات " وعلى الحكومات المحلية ممثلة باتحاد العشائر " الولايات " ، ورغم القرار الصادر بعدم تصريح السلاح الى ايران الا الشيخ خزعل الشيخ المحمرة استطاع وعبر التهريب من الحصول على 240 قطعة سلاح وما ان حل القرن العشرين حتى تسلحت القبائل العربية بافضل انواع الاسلحة الخفيفة، وكنموذج ممكن ان نذكر قبيلة الباوية التي تقطن على امتداد الضفة الشرقية لنهر كارون فقد ذكر تصاريح الخبراء العسكريين الاجانب ان هذه القبيلة كانت تمتلك 6000 بندقية من نوع " مارتيني " و مينكيتون " .
وخلال الثمانينيات من القرن التاسع عشر ( 1888) اصبح الهاجس الامني يرهق كاهل الحكومة المحلية ، وقد ازدادت هذه الهواجس بعد فتح الملاحة الدولية بوجه البواخر التجارية في نهر كارون ،سنة 1888 , وبفتح هذا الطريق التجاري الجديد ازداد عدد التجار الاروبيين الذين قدموا الى اقليم عربستان ، وبما ان بضائعهم كانت تتعرض للهجوم ، فكانوا يشكون امرهم الى قنصليات بلدانهم التي تتابع بدورها شكاويهم ، الامر الذي حمل الحكومة المحلية في التسعينات من القرن التاسع عشر ( 1890 ) على اتخاذ اجراءات اكثر شدة وذلك من اجل حفظ الامن .
وكان الموضوع المسيطر على الساحة السياسية في الثمانينات من القرن التاسع عشر 1880 على اقليم عربستان هو " مستوى الاستقلال الداخلي " ، فالحكومة المركزية وادراكا منها لتراخي سلطتها هناك قررت ان تشرف بشكل مباشر على ادارة الاقليم ، وكانت رغبة الولة المركزية في تغيير ميزان القوى لصالحها وفرض سلطتها في عربستان تتحدد الى حد كبير عن طريق الوقائع العلمية والمصادر المالية ، و لعلل اول خطوة اتخذتها من اجل فرض سيطرتها المباشرة ، هي استدعاء حاكمها المعين في الاقليم و يدعى حشمت الدولة الذي اتهمته بالعجز في فرض سيطرته على القبائل العربية ، وفي مرحلة ثانية عين ولده الاكبر " ظل السلطان " وذلك بسبب حزمه وما يتمتع به من شهرة كحاكم على اقليم عربستان ، وبما ان الحكومة المركزية تنفذ ماتريده عبر التدخل العسكري المباشر ، لذلك الة الى استخدام اساليب قديمة جديدة وهي بث الفرقة بين القبائل العربية، كل ذلك من اجل اضعاف وزعزعة سطلة زعمائها مثل سلطة الشيخ مزعل ، الامر الذي اضطر الشيخ مزعل الى اتخاذا تدابير شديدة ازاء وقف مطالب الحاكم الجديد الذي عين قبل الدولة المركزية وكذلك من اجل احكام قبضته على الاقليم . فقد ادرك ان ازدياد شدة تدخلات الدولة المركزية في شؤون امارته من شأنه ان يقوض السلطة العربية عليها، كما انه يرى نفسه ملزما بالدفاع عن استمرار استقلاليه الموروث، لان اقل علامة تدل على المساومة من جانبه او الر ضوخ الى بعض الضغوط سوف يعتبر من وجه نظر القبائل العربية خيانة للثقة العامة، وان جزاء مثل هذه الخيانة هو الموت او العزل من منصبه ، وفي مثل هذه الحالة ستتركه القبائل العربية وتتوجه الى اخيه محمد او اخيه الشيخ خزعل، من هنا كان الشيخ مزعل مضطر الى مراقبة اخوته الطامعين بالسلطة . واذا كان الشيخ محمد قد تلوثت سمعته كونه يتعاون مع الدولة المركزية، لكن يبقى الشيخ خزعل الاوفر حظا لتسلم زمام الامور في الاقليم .
"كانت ثروة الشيخ مزعل اكثر من ثروة والده لان عدد اسر القبائل العربية التي تسكن مدينة الاهواز والمحمرة وما جاورهنا والتي تدفع له الضرائب يصل الى حوالي 6000 اسرة اضافة الى ذلك كان يمتلك بعض البواخر وكانت تعمل لحسابه في مجال نقل البضائع في الخليج و نهر كارون. وكانت تدر عليه اموالا طائلة " من هنا كان ومن خلال دفع الاموال قد جلب ود الدولة المركزية وحاكمها المعين.
كان الشيخ مزعل يقيم في قصره الموجود الى جانب الساحل الشرقي لشط العرب ، والذي يسمى بقصر الفيلية، و يقع على مسافة ميل واحد من مدينة المحمرة وفي الوقت الذي كان يتمتع بصفة حاكم الاقليم الا انه وارضاء للدولة المركزية كان يرفع علمها فوقه، كما كان يشاهد مدفعا منصوب الى جانب قصره كما ان موظفه على اهبة الاستعداد لرد اي تحية ، حيث كانوا يطلقون النار بالهواء ترحيبا بمثلي البواخر التجارية لشركة الهند الشرقية والبريطانية..
لعل من اهم الاحداث المؤسفة التي وقعت في عهد الشيخ مزعل الاختلاف و انشقاق الكبير الذي حدث بين شيوخ بنوكعب في الفلاحية فقد عارضه هؤلاء الشيوخ بقيادة الشيخ رحمة بين عيسى وقد استطاع الشيخ مزعل والذي سبق وان كسب ود بعض رؤساء قبائل كعب الفلاحية الى النجاح في قمع معارضيه وسيطرة كاملة على مدينة الفلاحية .
كما ان بينت الاحداث الاخرى المعارضة الشديدة التي ابدها مولا مطلب بن مولا نصرالله اخر امراء الحويزية، وقد ارسل اليه قوات ترأسها اخيه الشيخ خزعل ودارت في عام 1882 معركة شديدة بين الجانبين في منطقى تسمى العتابي ادت الى هزيمة المولا مطلب وانهزامهه ورجاله من ارض المعركة.
ولعل من اهم الاحداث التي شهدها اقليم عربستان في عهد الشيخ مزعل هو المواجهات الحادة التي حدثت في مدينة المحمرة بين الفرقتين الدينيتين الشيعيتين الاصولية والاخبارية وكان اتباع كل الفرقتين هم من العرب والايرانيين، فالاصولين في مدينة المحمرة يعتقدون ان تأكيد الفرس"العجم" على شهادة الامام الحسين (ع) امر لا ضرورة له وان اقامة مراسم العزاء وظهور المشاعر الدينية في يوم عاشوراء على انه بدعة، وكان مشايخ الاصوليين يبذلون قصارى جهدهم لمنع الاخباريين من اقامة مثل هذه المراسم و قد وصل بهم الامر الى درجة اتهم كل منهم الآخر بالكفر والالحاد. وغالبا ما تحدث مصادمات شديدة بين الجانبين وذلك في الايام العشرة من شهر محرم الحرام وقد استمرت هذه المصادمات حتى توقفت اواخر عام 1920 وهنا لابد من الاشارة الى موضوع على غاية من الاهمية وهي حكام المحمرة و من بينهم الشيخ جابر، والشيخ مزعل والشيخ خزعل هم من اتباع المذهب الشيعي الاخباري .
انتهت الحلقة الثالثة من الفصل السادس من كتاب تاريخ عربستان - الاهواز منذ عصر الافشار حتى الوقت الراهن من تأليف المؤرخ الاهوازي موسى سيادة ، وتليها الحلقة الرابعة وعنوانها " النموذج الاجتماعي - الاقتصادي للتنظيم القبلي في اقليم عربستان .



#جابر_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب العربي الاهوازي وقرار المشاركة في المظاهرات العامة في ...
- الشعب العربي الاهوازي والانتخابات الرئاسية في ايران
- تاريخ الأهواز – عربستان - منذ عهد الأفشار حتى المرحلة الراهن ...
- تاريخ الأهواز – عربستان - منذ عهد الأفشار حتى المرحلة الراهن ...
- المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية (ديربان 2) ، لماذا الغياب ا ...
- تزايد القلق على حياة الصحفي الأهوازي محمد حسن فلاحية -زادة-
- منع الاحتفال بعيد العمال في ايران
- ظاهرة التجاوز على كتابات الغير وطبيعة البحوث الاجتماعية
- اهداف النشاط التجاري لمخابرات الجمهورية الاسلامية الايرانية ...
- شيخ خزعل امير عربستان - الاهواز- القصة الكاملة من الصعود الى ...
- الشيخ خزعل امير عربستان - الاهواز- القصة الكاملة من الصعود ا ...
- في ظل تصاعد سياسة العنف الاهوازيون يحيون الذكرى الخامسة عشرة ...
- ايران الاقتصاد ،السياسة ومعاناة الشعب العربي الاهوازي
- تغيير التركيب السكاني للشعب العربي الاهوازي بين وقائع الارقا ...
- اللغة العربية بين اوساط الشعب العربي الاهوازي وتأثرها بالفار ...
- الانتخابات الرئاسية الايرانية المقبلة و الشعوب غير الفارسية ...
- تاريخ الأهواز – عربستان - منذ عهد الأفشار حتى المرحلة الراهن ...
- تاريخ الأهواز – عربستان - منذ عهد الأفشار حتى المرحلة الراهن ...
- تاريخ الأهواز – عربستان - منذ عهد الأفشار حتى المرحلة الراهن ...
- غزة : حكام ايران و تناقض التصريحات


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جابر احمد - تاريخ الأهواز عربستان - منذ عهد الأفشار حتى المرحلة الراهنة(الفصل السادس الحلقة الثالثة)