أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صالح سليمان عبدالعظيم - الشخصية الفهلوية المثقفة














المزيد.....

الشخصية الفهلوية المثقفة


صالح سليمان عبدالعظيم

الحوار المتمدن-العدد: 2699 - 2009 / 7 / 6 - 03:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الشخصية الفهلوية لا تمتلك الإمكانيات اللازمة من أجل القيام بمهام وظيفية معينة أو أدوار محددة، وبديلا عن ذلك فهي تقوم بأدوار أخرى تحاول من خلالها إقناع الآخرين بما تقوم به. فالشخصية الفهلوية تقوم بالجانب الاجتماعي من العمل دون الجانب الوظيفي الذي يتحقق من خلال الإنتاجية والعمل. يصبح البديل في ظل غيبة الكفاءة المطلوبة هو التركيز على شبكة العلاقات والتربيطات الاجتماعية التي تكفل للفهلوة عملها وتؤسس المناخ المناسب لازدهارها.
ويحيط بنا العديد من الشخصيات الفهلوية على كافة الأصعدة والمستويات. فهناك المثقف الفهلوي الذي يخطف كلمة من هنا ويسرق مقالا من هناك ويحاول أن يفرض نفسه على السياق الثقافي كمثقف واعد وحقيقي. والتاجر الذي يؤسس تجارته على بيع أي شيء وتحقيق أي مكسب دون فهم حقيقي لمفهوم التجارة وأهميتها المجتمعية. ورجل الأعمال الذي يسابق التاجر في فهلوته مؤسسا لصناعة وهمية من خلال التركيز على استيراد أي شيء وترويج أي بضاعة. والحرفي الذي يوهمك بإمكانياته التي يثبت فشلها بعد قيامه بالمطلوب منه. كما تذهب الفهلوة لما هو أبعد من ذلك وأخطر في مجالات مثل الصحة حيث يوهمنا بعض الأطباء بخبراتهم الواسعة، معتمدين على ضعفنا الإنساني أمامهم إلى أن ينتهي بنا الحال بين أيدي رب العباد، نشتكي له ما حدث بعد فوات الأوان. والغريب في الأمر أن الشخصيات الفهلوية غالبا ما تتواءم مع بعضها البعض وتتفق بغض النظر عن مجال تخصصها وطبيعة عملها؛ حيث يجمعها في النهاية خطاب الفهلوة بتفسيراته وتأويلاته الفضفاضة والعبثية في الوقت نفسه.
هناك مجموعة من العوامل تساعد على استشراء الشخصية الفهلوية يأتي في مقدمتها التساهل في تقدير الكفاءات وتقييم أوضاعها. ففي ظل نقص الكفاءات في عالمنا العربي يسهل وجود أشخاص غير أكفاء يعتمدون على بنية مجتمعية تقبل بذلك وتستفيد من وراءه؛ بحيث تصبح الكثير من المؤسسات في النهاية مرتعا للعديد من الشخصيات الفهلوية التي تحاول أن تثبت كفاءاتها بالعلاقات الاجتماعية أكثر من أي شيء آخر.
لا تقف الشخصية الفهلوية عند حدود ما هو اجتماعي فقط بقدر ما تتعدي ذلك لحرفية عالية في استدماج مجموعة من الألفاظ والكلمات المكرورة التي يجرى تداولها هنا وهناك. وتظهر الشخصية الفهلوية بين المثقفين على وجه الخصوص الذين يلوكون القصص والحكايات نفسها في كل مكان وكل حديث. أعرف مثقفا على سبيل المثال، إذا جازت التسمية، فهلويا بدرجة مخيفة ومقنعة في بعض الأوقات ولبعض الناس. تنبع فهلوته من محاولة الإقناع بثقافته وقدرته على صناعة الفكر التي يكتسبها من خلال الجلوس مع غيره من المثقفين والتقاط كلمة من هنا وكلمة من هناك بما يمكن أن نُطلق عليه المثقف بالسماع. بل إن بعض المثقفين يكمن رأسمالهم في اجترار عناوين بعض الكتب أو الحديث بشكل عام عن بعض أفكارها. وبسبب من تدهور الأوضاع الثقافية العربية بعامة تصبح حالة الفهلوة هي جوهر التفاعل الثقافي وواحدة من دعائمه الأساسية في ظل غيبة من يدقق أو يتابع أو يساءل.
لا يمكن للشخصية الفهلوية أن تستمر في الساحة بدون أن يكون لها إنتاج فعلي تمارس به وجودها وتحوز به على مساحة من الفضاء الثقافي بغض النظر عن مستواه أو جودته. كما أن الواقع الثقافي في مجتمعاتنا العربية يحتاج لمثل هذه الشخصيات التي يمكن استخدامها في الكثير من معارك النظم السياسية المختلفة أو تشكيلا لجبهة ضد أخرى. تنفع الشخصية الفهلوية في مثل هذا النوع من المعارك التي تتحول فيها الثقافة كأداة لممارسة السياسة. ومن اللافت للنظر أن الشخصية الفهلوية تقوم بأدوارها بشكل كبير وفاعل في حضن الايديولوجيا حيث لا توجد معايير حقيقية للتقييم سوى ثقافة الانتماء بأطرها الضيقة المخالفة لمتطلبات الموضوعية والفكر الرصين.
وتنتشر فهلوة الثقافة بشكل كبير في ضوء الإمكانات الهائلة التي وفرتها الإنترنت الآن، وسمحت من خلالها بالانفتاح على عوالم عديدة ومتسعة، سواء من خلال مواصلة ادعاء الاطلاع والمعرفة أو من خلال السطو السهل والمريح على آراء وأفكار ومنتجات الآخرين. يمكن للمثقف الفهلوي أن يخدع بعض الناس كل الوقت أو يخدع كل الناس بعض الوقت، لكن الواقع يثبت دائما وأبدا أنه لا يستطيع أن يخدع كل الناس كل الوقت.



#صالح_سليمان_عبدالعظيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام العربي بين التنوير والتغريب
- الحرية على الإنترنت
- عناصر القوة الأميركية
- عناصر الضعف الأميركي
- مسألة التعويضات وتسعير الضحايا
- المتحدث الرسمي باسم الحكومة
- واقع التنظير في العلوم الاجتماعية والإنسانية
- صورة أميركا في العالم العربي
- محمود أمين العالم: مناضل من الزمن الجميل
- البلطجي والضحية والمتآمرون!
- استهجان المقاومة في غزة!!
- لماذا لن يحدث سلام مع إسرائيل؟
- تجسير الفجوة بين المثقفين!!
- هل لدينا أجيال جديدة؟!
- ثقافة -الإيمو-
- -عايزة أتجوز-
- عبء التاريخ
- صورة الذات
- المعنى العميق للثقافة
- المعارك الصحفية في عالمنا العربي


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صالح سليمان عبدالعظيم - الشخصية الفهلوية المثقفة