أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسب الله يحيى - الدرس الخامس عشر في التربية الشيوعية















المزيد.....

الدرس الخامس عشر في التربية الشيوعية


حسب الله يحيى

الحوار المتمدن-العدد: 2701 - 2009 / 7 / 8 - 08:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل مرة أفكر فيها بمواجهة أخي وعد الله النجار وسؤاله عن (الله) وما إذا كان له ولحزبه موقف من الدين ومن الاسلام .. ؛ أجد نفسي محرجاً وسائلا : ماهي مسوغات هذا السؤال ؟
- هل كان وعد الله يحول دون صلاة أمي وأبي .. هل تحدث مرة بطريقة سلبية ضد الدين ، وهل سمعت منه مرة كلمة كفر .. فلماذا أسأله إذن ؟
كنت أبحث عن مناسبة ، وعن وقت معين أثير فيه السؤال الذي كان يلح عليّ .. رحت أصلي أمامه ، وقرأت كتب سيد قطب وكراسات أخوان المسلمين .. ولم يبد سوى ملاحظة عابرة :
- حسيب .. حاول أن تنوع في قراءاتك ، ستجد نفسك وتحدد موقفك ، لاتجعل كتاباً ولا كاتباً يفرض عليك رأيه .. شكّل رأيك بنفسك ، وحاول ان تصل الى الرأي الأكثر صواباً .. وبعقلك وقناعتك ووعيك ودرايتك .. لاتدع العواطف والامور الغيبية غير المقنعة تلعب بمشاعرك وتعطل حواسك ، وتغيّب عقلك .. إحسم كل الامور بعقلك .. فالعقل وحده سيد المواقف كلها .
رحت أصغي اليه بهدوء ، وأتأمل نصائحه .. وسألته :
- هل كل هذه التوجيهات بسبب الكراسات التي أقرأها ؟
نفى جازماً :
- لا .. لا .. حسيب إقرأها جيداً ، وإقرأ ماهو نقيضها ، اقرأ كتباً تناقش ماقرأت حتى تجد نفسك،مع من وضد من ؟
- ولكن هذا سيحعل أفكاري في حالة إرتباك وقلق وحيرة ..
- حسيب .. الحيرة هي التي تقود الانسان الى الطريق الصحيح .. الحيرة تجعلك تلجأ لأستخدام عقلك لمعرفة أي الطرق أسلم وأي الآراء أكثر صواباً .
وتنبهت الى أن وعد الله لم يكن يناقش صلاتي ولا مسألة الدين التي تشغلني ..
ترى هل كان يهرب من مناقشة هذه المسألة لعجز في معلوماته ، او نفيا ً لمسألة الدين برمتها،أم هروباً من موقف قد يكون سبباً في التدخل في شؤون وخلق أسباب ماكان يريدها لأزعاجي .. بوصفي أقرأ كتباً قد لا تتلاءم مع أفكاره ولا يريد حجبها عني لأن الأمر بالمنع يعني التدخل الشخصي في خياراتي ..
هذا ما يرفضه تماماً .. ولا يعقل أن يناقض نفسه .
تجرأت وسألته :
- وعد الله .. لماذا لاتقرأ هذه الكراسات وتلجأ للصلاة والعبادة ؟
قال بثقة :
- قرأتها .. ولم أصل من خلالها الى قناعة .
- بماذا تريد أن تقتنع ؟
- بما تقوله هذه الكراسات .
- والصلاة والعبادة ؟
- حسيب .. كل القيم النبيلة ، وكل إخلاص في العمل ، وكل نصيحة مثمرة ، وكل مايبعد الأذى عن الناس ، وكل ماهو نظيف ونقي ، وكل ماهو نزيه وصادق وعادل .. كل هذه عبادة .. والصلاة وقفة احترام لهذه القيم كلها ..
- وعد الله .. يبدو أن صلاتك وعبادتك تختلف عنا !
- لا .. أنت وأمي وأبي والكثير من الناس يصلون بطريقة مظهرية .. وبطقس محدد ، وبآلية معينة وحدود ثابتة .. وأنا أصلي بطريقة جوهرية ، جذرية معمقة ..
- يعني أننا على خطأ وأنت على صح ؟
- لا .. وإنما أعني أن لكل أمرء تصوره عن العبادة ، وكل يرى أنه في الطريق الصحيح وسواه يسير في الطريق الخطأ ..
- وما هو الصحيح ؟
- إنني صحيح ما لم يقنعني أحد بأخطائي ، وأنا مخطيء ما دام لايوجد من يهديني الى الصواب والى الطريق السليم .
قلت مبتسماً :
- وعد الله .. إنتظر إذن .. إحتفظ باخطائك الى ان يجيء من يصوبها لك !
- ولماذا لا انتظر من يؤكد صحتها ؟
تأملت كلماته جيداً .. قلت ان هذا الرجل الذي هو اخي ، يستطيع أن يحاورني بطريقة تجعلني أشك في كل قناعاتي .. لكن هذا لم يكن يؤذيني ولا يزعجني ، بل كان على العكس من ذلك يدفعني للتفكير والتأمل والمراجعة ..
كنت أناكده وأسعى لتفنيد آرائه ، لكنني لا أملك الحجة ولا البرهان وكان هذا مايريده ويلح على وجوده في أي حوار موضوعي .
- وعد الله .. صارحني ، هل لدى الشيوعيين موقف من الدين ؟
قال بثقة عالية :
- لا .. هل وجدتني يوماً أحول دون ممارسة العبادات والطقوس الدينية ، سواء معك أو مع والدينا .. هل وجدتني – لا سامح الله – أكفر ، فيما تجد أمامك كثرة ممن يزعمون أنهم منشغلون بالاسلام الحنيف يعمدون الى الكفر والكذب والفساد المالي والاخلاقي والاداري ..؟ والاسلام وكل الديانات السماوية بعيدة عن هذه الاساليب .. أليس كذلك ؟
- بالتأكيد .. ولكن لماذا لايدعو الشيوعيون لنشر الاسلام ؟
- وهل يحتاج الاسلام الى من ينشره ، إنه منشور بشكل واسع في الجوامع والفضائيات و والكتب والصحف .. ولكن قسم من الذين يزعمون انهم رجال دين .. لايحترمون رجولتهم ولا دينهم .. وهذا الامر يلحق الضرر بالاسلام وكل الاديان وكل المذاهب ..
نحن لانسمي الانتحار جهاداً ، ولا تملق السلطة إطاعة اٌلي الامر ، ولا نكسر عصا موسى ، ولا نصلب الناس على أفكارهم ، ولا نكفر ونصفي حساباتنا مع من نختلف معهم ، ولا ننهب أموال المسلمين ونتقاسمه سراً وعلناً على أنه ملك عام مشاع للجميع ..
نحن لانفعل هذا ولا سواه ممن يسيء للانسان .. لذلك يحاربوننا بإسم الدين الحنيف .. لأن الدين يمثل للناس اعلى مراتب العدل والحق والنقاء ..
- وكيف تقنعون الناس بأفكاركم .. ؟
إبتسم وقال :
- المشكلة أننا نجد أنفسنا نعمل وسط أناس يملكون عقولاً مفتوحة لأستقبال الرأي الآخر .. ولكننا نعجز عن الحوار مع أنماط أخرى من البشر الذين يرفضون أصلاً الاصغاء الينا .. وقد سمعت بعضهم يقول :
- لا اريد أن اغير قناعاتي حتى وإن كانت خاطئة .. ولا اريد أن يؤثر عليّ الآخرون ..
- ولكن هذا جماد وتعطيل للعقل .. وهذا اصرار على النقل لا العقل .
- نعم هذا مايعتمده كثرة ممن يمارسون الجمود العقائدي .
وتنبهت وسألت وعد الله :
- وعد الله .. الا ترى إنك تقودني الى منطقة تريد من خلالها السيطرة على أفكاري وتغيير قناعاتي ؟
إبتسم وقال :
- هذا الامر يعود لك ، أنا لا ألزمك ولا اكرهك على اداء ما لا قناعة لك به ..
كل ما لايتلاءم مع قناعاتك أرفضه .. شرط ان تعرف جيداً ، لماذا رفضته ، ولماذا قبلت به كذلك.. كلا الامرين يحتاج الى برهان .. والبرهان سيد المواقف كلها .
كنت أصغي الى وعد الله ، كما لو أنني أصغي الى معلم أو زاهد أو مرب يحمل معه حزماً من المعرفة التي كنت بحاجة اليها حتى اعرف موقعي او اقيس على وفق ذلك قناعاتي التي بدأت تكبر معي وانا أناقش وعد الله بشكل واضح .. يتيح لي من خلاله معرفة ما أجهل ومعرفة ما أريد أن اعرف .. وهو سبيلي الى تغيير حياتي وتغيير الخطاب الذي أتوجه به الى نفسي والى من حولي ..
كان وعد الله .. أستاذي وصديقي وخلي الذي راحت أفكاره ترفدني بما أعرف فأزداد رسوخاً ، مثلما ترفدني بما لا أعرف فأضيف واختزن وأصبر بشكل أعمق مما يراه الآخرون ..
هذا ثراء ذاكرة حية أكتسبها من ذاك المعلم الأثير ..








#حسب_الله_يحيى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدرس الرابع عشر في التربية الشيوعية
- الدرس السادس عشر في التربية الشيوعية
- الدرس الحادي عشر في التربية الشيوعية
- الدرس الثاني عشر في التربية الشيوعية
- الدرس العاشر في التربية الشيوعية
- الدرس الخامس في التربية الشيوعية
- الدرس السادس في التربية الشيوعية
- الدرس السابع في التربية الشيوعية
- الدرس الثامن في التربية الشيوعية
- الشهيد وعد الله النجار .. علمني كيف يحب بعقله!
- الدرس الرابع في التربية الشيوعية
- الدرس الثالث في التربية الشيوعية
- الدرس الثاني في التربية الشيوعية
- النقد في منظورين : الجفاء والوفاء
- الدرس الاول في التربية الشيوعية
- للكوارث في العراق الراهن..تسلسل خاص.
- الاعلام العراقي في شبكة
- نهار المدى .. شارع وحياة
- في ثقافة المصالحة والتسامح
- إعدام حلم


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسب الله يحيى - الدرس الخامس عشر في التربية الشيوعية