أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - خالد ديمال - الإعلام وسؤال التنوير..بين التحرر الدينامي ووصاية السلطة.















المزيد.....

الإعلام وسؤال التنوير..بين التحرر الدينامي ووصاية السلطة.


خالد ديمال

الحوار المتمدن-العدد: 2697 - 2009 / 7 / 4 - 09:34
المحور: الصحافة والاعلام
    


إذا كان التنوير جوهر الديمقراطية، فإنه لا تغيير إن لم نندمج بروح العصر، والذي قوامه الإنفتاح بأسس حداثية، فمن دون تنوير يترسخ النكوص، وتنتفي معالم التجديد، ويغيب الإجتهاد، وتندثر نسبية الحقيقة، بما يفيد التزمت والإنغلاق.
لكن، ما السبيل إلى التغيير كنسق تتشكل فيه معالم الديمقراطية؟!، وأين موقع الإعلام (والصحافة المكتوبة خاصة) من كل هذا؟!..
تحرر الإعلام من قيود السلطة يبدأ بكسر التبعية وتنوير العقل.

إن التساؤل حول الخطاب الصحفي، وبأسس منهجية، يقتضي البحث في أساليب هذا الخطاب، في الإنتاج أولا، ثم التلقي ثانيا.
فإذا كانت الصحافة المكتوبة تعتمد بدرجات كبيرة على القصاصة الخبرية، وفي طريقة الكتابة ضمن المحددات التركيبية حصرا، فإن هذا المعطى بحد ذاته يطرح إشكال جنس الكتابة المعتمد في صياغة المقالة الصحفية بدءا، وما يوازيها بالتتابع، كصياغة الإفتتاحية، والتحقيق الصحفي، والمقال السياسي، وغيره....إلخ.
إن هذا الجدل يطرح مضمون العلاقة بين الكتابة الأدبية، وتلك الأخرى الصحفية، في سياق تحرير الخطاب الصحفي بحد ذاته. فتساؤل من هذا النوع كفيل بوضع اليد على فكرة الصحافة باعتبارها ذات منشأ ثقافي/ وتاريخي، وبتوجيهات تطورية محضة.. لكن، هل كفاية الخطاب الصحفي تنحصر في هذا الجدل المتعلق بنوع الكتابة المعتمد، أم أن الأمر يتجاوز هذا المحدد الضيق، ليطرح بموازاة ذلك مسألة العلاقة، ونوعيتها، الموجودة بين الصحافة والسلطة، وهي مسألة تتوضح بتركيز أكبر في الجدل القائم بين التجسيد المستقل(كخط تحريري)، ونقيضه المنساق في حقل الإجترار(كنفي تبعي).
فإذا كانت الدولة كجهاز إداري (بيروقراطي)، في المنهج والأسلوب، كمتعالق مادي صرف، في جوهرها السائد، وفي سلوكها الإكراهي تحديدا، فإن التعارض(بين الصحافة وسلطة الدولة) هو تعارض قائم على اختلال ميزان القوة(وهي علاقة ترافضية في تأكيد الوجود، يتفارق فيها التبادل الإيجابي ويختفي، لاختلاف تموقع الكينونة(كذاتية) في كلا الجانبين، يعطي للأقوى-ضمن التحليل المادي-، كسلطة قهرية- الدولة غالبا-، فرصة تحييد طاقة الإمتناع/ أوعدم التدخل(الحمائية)، أو إزالتها نهائيا، وتعويضها بالمضايقة الوظيفية، لانتفاء الإمتزاج بينهما- بمعنى تعارض الخطاب-، هذا دون الحديث عن الصحافة المرتبطة بالدولة أساسا، خاصة تلك المعتبرة بمثابة قناة إعلامية/ وإيديولوجية تابعة داخلة في التحديد الرسمي السائد(كخط مندمج). أما ذلك المتعلق بالسلطة الرمزية، ونقصد بها سلطة القيم الإجتماعية، كمنظومة سائدة، فإن الصراع يأخذ شكل معرفة تبحث عن التواجد في سياق الإنتشار المشروط بالتواجه الرمزي/ الحقلي أساسا، بين الإثنين.

تجديد الخطاب الصحفي ينطلق من توضيح ماهية الوظيفة الصحفية، وتحديد معالم الخطاب المفارق.

إذا كان الخطاب الصحفي هو المنتج المأثر في الهيكل الإجتماعي، لأنه المعبر عن أفكار فئة من المجتمع، وسيلته في ذلك الإقناع عبر آليات التداخل، ومقومات التلاقح، ولو بذاتية ثاوية(غير معروفة إلا بالإسم، ونوع الكتابة)، في مواجهة جمهور متلقي موجود(وغير معروف هو الآخر إلا في نسبة المقروئية)، فإن درجات التحمل تتطابق في هذين المحددين(أو المعيارين)، الوجود والعدم(المادي والرمزي)، إلا بسلطة الكلمة، وشكل الكتابة التي ينتجها(بمنهاج معين)، نوعها(بميزات معينة)، كالتبسيط والتعميم نموذجان، لضمان الإنتشار الواسع، تحت حتمية الضرورة، وهذه الأخيرة لا تتحقق إلا بوضوح اللغة والأفكار.
ولو أننا حصرنا الصحافة المكتوبة في جدل النوع، ووضعناه ضمن مرتكز مؤسسي واحد(الكتابة الأدبية-من حيث درجات الإرتباط-)، فإن هذا يعني المزج التركيبي المنصهر، فمهما كان من دمج بين الإثنين، فالتباعد يبقى حاضرا بكثافة يوجه العزل(أو التفارق) بهاجس أكبر، لتفارق ذاتية التمركز في شخص الكاتب، لأن ذاتية الأديب ظاهرة(معروفة)- والظهور هنا ظهور على سبيل الإمتداد الشامل، في سلسلة سيرورية مناوءة للقبول بالأمر الواقع، تقرأ الأشياء في عمقها وليس فقط في مظاهرها، كتحليل البنية، أو الإنصراف إلى وقائع أو ظواهر اجتماعية بتناولها في أسبابها لا نتائجها، من خلال وحدة الموضوع، ولو بتقطعات أحيانا(كالرواية عند الروائي من خلال تعدد الشخصيات، وتداخل الأحداث عبر تناولها بأسلوب فني- السرد الحكائي-، يتجاوز مجرد الوصف، إلى التعامل النفساني الملم بمعطيات علم الإجتماع، والإقتصاد وغيره..)، بينما كمون الصحفي كذاتية مظهرها بارز في جميع الحالات، والكمون هنا لا يعني الإختفاء، بقدر ما يعني التعاطي اليومي مع أحداث ووقائع يومية، سياسية كانت، أو اقتصادية، أو اجتماعية، أو تلك الثقافية، بمعنى الإشتغال على اليومي دون غيره، كما أن الكامن هنا يفيد معنى التتبع في سياق الحدث، وبالضبط تعلقه بالمادة الخبرية حصرا، وهو الطابع المضاد لحركة الإنزياح كمفهوم داخل في البداهة الإستراتيجية الباحثة عن الحلول بعد تمحيص الأحداث والوقائع بحد ذاتها. إضافة إلى أن الكمون هنا يعني التوصيف فقط، دون نقد الأشياء في جوهرها بأدوات تحليلية تدقق النظر، وتقف على مخارج الإشكالات برؤى فاحصة معالجة، وهو متحدد يفرضه واقع التخصص، قد يتعلق بالإستعمال التقني، أو متعلق بمصادر المعلومة، وبالضبط عندما نتحدث عن ارتباطات أخرى قد تمس مناحي مختلفة، كترجمة المباحث والموضوعات من مصادرها الأصلية...إلخ.
فالإستعانة بالتقنيين (الرقن، والإخراج، والتَّصفيف)، والمترجمين، تكون حاضرة بكثافة في هذه الحالة، وقد تصل إلى حدّ الاستعانة بكتاب في مجالات متعددة، كالباحثين في علم السياسة، والفكر، والفلسفة، وغير هذا كثير.. إذن، ليس التغيير هو الإكتفاء بحالات التَّوصيف، أو تفيك النًّسق القيمي السَّائد في مستواه النَّقدي، كما عَوَّدتنا على ذلك أبواق الدّعاية الرَّسمية، أو قنواتها الإعلامية بكافة تنويعاتها (المرئية، المسموعة، وتلك المكتوبة)، المتجاهلة لأُسس الإنطلاق، (ولو رفعته كشعار)، بما يُواكب المستجدّ في المستويين الخصوصي، ومقابلة الكوني، فاليوم، مع ظهور الأقمار الإصطناعية، وجهاز الحاسوب، والأنترنيت، أصبحت الحدود المعرفية، والثقافية، مجرّد وهم، ولا معنى لها. فالتَّحديث، على هذا الأساس، يفرضُ إِعمال أساليب مُتطوِّرة، في الجانب المتعلق بالتقنية، ولكن كما هو معروف، عندما يتداخل الإيديولوجي.. بالعلمي يلتبس الواقع، وتتناقض الأفكار، وتغيب الأجوبة. لكن، ما هي الأسباب الكامنة وراء انحسار التّطوّر، وموازيه الذي يعني تقلص مساحات الإنتشار؟ !، ثم تراجع مداها كحدّ منكمش (في ذاته)؟ !...

الإعلام المخصوص بشروط العقل تيسير لهدف التنوير:

إذا اعتمدنا المعايير السُّوسيولوجية في تحديد ملامح الأزمة، يمكن أن نقف عند ثلاثة عناصر أساسية.
فهناك أولا، العناصر المادية التي ساهمت فيها، أي الشُّروط المنتجة في ترسُّباتها البنيوية في المدى الزّمني بدءاً بنقطة انطلاق معينة، وانتهاءًا بأخرى لا متوقفة.
ثم ثانيا، صورة الإنتاج النَّظري المتعالق مع هذه الشّروط، والمتماس مع قضاياها، أي مجمل الكتابات بأنواعها (بدءا بالإفتتاحية، وانتهاءاً بالمقالات التَّحليلية. الخ...).
وثالثا، التجربة الحياتية التي ساهمت في بلورة الخطاب أي تلك الإرهاصات المرتبطة بالتنضيد معضَّدا بالأسئلة المنهجية، والتوطئات، (كآليات لتحليل الخطاب الصحفي).
من هنا، يمكن القول، أنه إذا كان الإعلام المكتوب أداة للتواصل الخلاق، بل مؤشر حافز على التطور، فإنه مرآة ينعكس فيها مستوى الوعي، وهي كلها مرتكزات أساسية لكل نقلة (نوعية) تمس البيانات المجتمعة في شمولها، أولا لأن الإعلام ناقل للخبر، وموجه ثقافي/تنموي يقيس مدراك الناس الذهنية كأفكار قابلة للتطور (في عملية التفاعل بحد ذاتها)، وهو جزء يسير فقط من عملية شاملة تدور رحاها في معطى التنمية.
فإذا كان هناك خلل، فكيف السّبيل للوقوف عند هذا الخلل؟ !، وكيف يكون الإعلام قاطرة حقيقة للتنمية؟ !..

إن الإعلام (المكتوب خاصة)، مازال مضغوطا بإمرة السُّلطة، وإن لم يكن كذلك، فهو مُراقب، ويستحيل أن يتحول إلى أداة للتنمية إذا لم يتم تخليصه من تحكمات الرّقابة الدُّولتية (نسبة إلى الدّولة).

إن الرقابة تحول دون التنوير، بدليل المحاكمات التي تطال في كل مرة الصحافة المستقلة ورموزها، أو منع الصحف، بدعوى التحيز، أو انعدام مصادر الخبر، وانعدام الوثوقية، أو المس بالمقدسات، بل أنّ الترسانة القانونية المنظمة لمهنة الصحافة هي الأخرى تعتبر بمثابة حاجز تحول دون تطوير هذا القطاع، رغم أن القانون لا معنى له بتاتا إلا في إطار الإجتهاد القضائي في صيغته الأكثر تطورا، مع العلم أن الصحافة من دون حرية التعبير تبقى صحافة قاصرة. وهذه الحرية لا تضمنها إلا الدّيمقراطية، لذلك، فالجرائد مطالبة، وبجدية أكبر، باعتماد مقاييس جديدة تستجيب لروح العصر، وتساهم هي الأخرى في البناء الدّيمقراطي/الحداثي.

فالإعلام لن يتطور إلاَّ برفع القيود عن الصحافة والصحفيين عبر المرونة، القانونية، كما أنَّه لا تطور إعلامي دون ربط القطاع بالدينامية التَّنموية في شمولها، الإقتصادية (من خلال دعم المقاولة الصحفية كحافز استثماري ينهض بالقطاع الصحفي)، واجتماعية (بما يفيد الإدماج الإجتماعي، من خلال ضمانات قانونية تحمي الصحفي كمهني محترف)، وثقافية (عبر تيسير الحصول على الخبر، ورفع قانونية تجريمه وتكريس مفهوم المواطنة)، وأن التطور لن يتحقق دون مميزات سياسية تُجسدها الآلية الديمقراطية عبر حرية التعبير، وأنه لا ديمقراطية دون تنوير، ولا تنوير دون مواكبة سيرورة تجديد القيم...




#خالد_ديمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القراءة فعل نفسي مرهون بمخاضات الشفهي والمكتوب في المتواصل ا ...
- الحداثة بين التحول الدينامي وغموض المفهوم.
- الممكن والمستحيل في المسألة الديمقراطية.
- سمات الوضع الراهن بالمغرب
- العمل الجمعوي بالمغرب: من سلطة الرمزي إلى التنموي.
- هزيمة 1967، الأسباب والنتائج..(1)
- هل حقق الإحتجاج مكاسب لنساء المغرب؟
- الحركة الإحتجاجية النسائية: من سؤال المساواة، إلى تأثيت المش ...
- ستون أسرة تعيش بين مجاري الوادي الحار في حي صفيحي بطنجة
- الدولة المغربية تفتح باب الحوار مع رموز السلفية الجهادية.
- مدن من دون صفيح شعار لم يتحقق بعد بالعرائش بسبب اختلالات الت ...
- الكل يجمع على تسفيه الديمقراطية بالمغرب
- هل هناك تناقض في فهم الدين لكل جماعة إسلامية؟ !
- هل تغيرت النظرة للقاعدة بعد تفجيرات المغرب والجزائر؟.
- صور الدمار التي لحقت غزة قد تحمل الشباب المتطرف على القيام ب ...
- مدى مصالحة الأحزاب السياسية مع نفسها ومع المواطن..
- سلفية الجهادية بالمغرب: أحداث غزة، هل تحمل التنظيم على نهج خ ...
- -القاعدة- أشبه ببالون تفرقع بأفغانستان، ووجد مرتعه في فقاقيع ...
- التحالفات السريالية عند الأحزاب المغربية.
- الحزب السياسي المغربي وسؤال التأطير.


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - خالد ديمال - الإعلام وسؤال التنوير..بين التحرر الدينامي ووصاية السلطة.