|
هل تستغل امريكا الثغرات في اقليم كوردستان ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2697 - 2009 / 7 / 4 - 09:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السياسة الامريكية المتبعة في العراق بعد سقوط الدكتاتورية ، شهدت تغييرا واضحا عبر المراحل المتعاقبة ، بل انقلبت على نفسها في العديد من المواقع و الحالات التي مرت عليها و شهدت نكسات عديدة، و الثابت لحد اليوم هو بقائها مسيطرة على السياسة العامة للبلاد و تصفية حساباتها مع من يغرد خارج السرب باي شكل كان ،و نتابع ما تهدف اليه في جميع انحاء العالم و العراق بالاخص و تعاملها مع اقليم كوردستان و ضغوطاتها المتكررة على السلطات المتنفذة حسبما تتطلبه مصالحها الاقليمية و الداخلية ، و عليه تفرز تناقضات في مسيرة احتكاكها و تعاملها مع الاطراف العديدة في العراق و ما موجود منها في كوردستان . اما ما يخص الاقليم بالذات ، و منذ انتفاضة اذار عام1991 و الوضع العام شهد تذبذبات مختلفة و كان غير مستقرا في مراحل متعددة الى حد كبير ، و التجربة الجديدة على الشعب الذي عانى الكثير و هو تحت نير الدكتاتورية و فكر البعث الشوفيني ، و ما ورثه ليس الا دمار و خراب، ليس في البنية التحتية فقط و انما في شخصية الفرد الكوردستاني و واقعه و وضعه المعنوي و مستوى معيشته و نتاجاته . بعد ان دام الحكم في اقليم كوردستان بيد الحزبين الكبيرين المتنفذين ، شاب الوضع العديد من الممارسات غير التقدمية لاسبابها الموضوعية و الذاتية، و ازدادت الثغرات المختلفة في كيان الاقليم لكونه حديث الانبثاق و في بدايته مقارنة مع ما تحتاجه السلطة الديموقراطية من التجارب و الممارسة و كيفية تصقيل التجربة و الوضع القائم نتيجة تكرار التجارب و ترسيخ المباديء الاساسية للديموقراطية الحقيقية . و في خضم هذه التشابكات في هذا الواقع ، هناك خلافات بين الاقليم و مركز العراق حول القضايا العديدة و منها المصيرية بالنسبة للشعب الكوردستاني لاسبابها السياسية و التاريخية و الظروف التي وقعت و ما رافقت العراق بعد السقوط و ما وقع فيه من التعقيدات و وصلت في كثير من الاحيان الى حافة الهاوية . اليوم تعيش كوردستان في ظروف و واقع اجتماعي ثقافي اقتصادي سياسي خاص بها تختلف عن المناطق الاخرى في العراق في العديد من الاوجه ، و منها كيفية تعامل القوى معها اعتمادا على مصالحها ، و ما السياسة التي تتبعها الاطراف التي لها المصالح المشتركة معها . و ما تهم امريكا هي نظرتها الخاصة الى المجتمعات بشكل عام ، و اهدافها و اجندتها اهم ما تهتم بها من حيث مفاهيم الشرق الاوسط الكبير و ما تعمل من اجل توسيع معالم العولمة و مؤثراتها على المنطقة و كيفية استغلالها و ماتريدها من التجارة الحرة و الخصخصة و النظام الليبرالي الراسمالي و ما تريدها ايضا من الجانب الثقافي و الفلسفي . انها تبحث عن الثغرات في جميع المواقع التي تصل اليها ايديها لتنفيذ مخططاتها بشكل مباشر و مؤثر، و ما نراه على ارض الواقع في اقليم كوردستان السياسي هو ظهور قوى متعددة و تصنيف طبيعي لتوجهاتهم و افكارهم و معتقداتهم و ثقلهم ، فهناك من القوى الوطنية المعتدلة زكاها التاريخ و جاءت كنتاج طبيعي للثورات الدموية المتعددة و النضالاات المستمرة للشعب الكوردي ، و اخرى خرجت من رحم القوى الكبرى الكوردستانية مستغلة السلبيات التي افرزتها مسيرة النضالات التارخية و معتمدة على الحداثة و ما يتطلبها الواقع الجديد و التقدم و تغيير الظروف و هي ليبرالي الفكر و الهوى و تستند على نقاط ضعف السلطة من اجل استغلالها و الوصول الى السلطة مهما بلغ الامر، و هي مدعومة من امريكا و ان كان بشكل غير مباشرو الهدف العام هو اضعاف القوى الوطنية و ليس لسواد عيونها ، بل من اجل رضوخ القوى الكبرى كي لا تخرج عن الحدود المرسومة لها و الخطوط الحمر الموضوعة امامها و المسموح بقائها ضمن اطارها . و هناك قوى اصولية دينية مستغلة للواقع الاجتماعي و الظروف و المستوى الثقافي العام من اجل بقائها و هي مدعومة هنا و هناك و تستغل ايضا و تستعمل لاضعاف مساند و اعمدة القوى الوطنية . اما القوى اليسارية ، فهي الوحيدة التي تستند على نفسها و امكانياتها البسيطة و كما نعلم لا تدعمها الظروف العامة في هذه المرحلة نظرا لتدني المستوى الثقافي العام و نسبة العلمانيين ، بل لاعتمادها على النخبة فقط و عدم تواكبها مع مسار القوى الراسمالية العالمية ، و لذلك فان حظوظها ضعيفة في هذه المرحلة و انما افاقها مشرقة و واضحة للعيان . و من خلال تعدد القوى و اختلافاتهم ، تبحث امريكا عما يفيدها لدعمه مستغلة الثغرات ضاغطة على الجميع ، و في النهاية تبحث و تسند من يكون له ثقله على الساحة لتنفيذ مخططاتها ، و هي تنظر الى العراق كوحدة واحدة و تعمل على بقاء الاقليم تابع للمركز مهما تطلب الامر و هذه نقطة الخلاف الحقيقية بين الاقليم و امريكا ، و لو تقدم اقليم كوردستان خطوة نحو تقرير المصير ستستعمل امريكا الاطراف و تفعل ما يمنع التقدم في ذلك الاتجاه ان تمكنت من ذلك و هذا يتوقف على الوضع الداخلي للاقليم ، و من هنا تستغل امريكا الثغرات و هذا معلوم الاسباب الاقليمية كانت ام داخلية ام عالمية ، و هل تفقه جميع القوى ماتنويه امريكا و لماذا تمد يدها الى اطراف دون اخرى من جميع الجوانب ، هذا هو مربط الفرس لما تعمله على الساحة العراقية و الكوردستانية .و عليه يجب ان تعي الاطراف الكوردستانية بشكل واضح ما تعمله امريكا ، هل لصالح اهدافنا البعيدة المدى ام تعتمد هي على تكتيكاتها من اجل استراتيجيتها العامة كما معلوم بشكل واضح و هي تتصف بها في تاريخها .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علاقة التغيير مع الحرية و العدالة الاجتماعية
-
كيف يكون البرلمان القادم في كوردستان
-
المثقف بين التفاؤل و التشكيك
-
المشكلة اكبر مما بين المحافظين و المعتدلين في ايران
-
الاستناد على العقلانية في التحالفات السياسية
-
موقف المثقف الحاسم في تجسيد المجتمع المدني
-
دور حرية الفرد في تطبيق مفهوم الديموقراطية
-
لن يتم الاصلاح بيد من يقف ضد الديموقراطية
-
الاسباب الحقيقية لاحداث العنف بعد انتخابات الرئاسة الايرانية
-
ما الذي يدفع الناخب الى التصويت لبرلمان كوردستان
-
متى ننتهي من الدوران في الحلقة المفرٌغة ؟
-
استغلال الانتخابات الرئاسية للتنفيس عن المكبوت عند الشعب الا
...
-
الانسحاب الامريكي و فرصة تضييق الحريات في العراق
-
من سيدفع الثمن ؟
-
ما الذي يقوي روح الانتماء للوطن دون غيره
-
عقدة التكبر و الاحساس بالنقص معا في السياسة العراقية
-
من يصنع الدكتاتورية و يقوُيها ؟
-
كيف تمحى العادات و التقاليد الخرافية في الشرق ؟
-
اية سلطة ترضي العراقيين جميعا
-
الاصلاح و التغيير من الرؤى الواقعية
المزيد.....
-
-الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل
...
-
مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق
...
-
الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
-
لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في
...
-
وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر
...
-
هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
-
Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
-
ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
-
الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان
...
-
واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|