أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - مفتوح.. مغلق















المزيد.....

مفتوح.. مغلق


زياد جيوسي
كاتب واعلامي


الحوار المتمدن-العدد: 2696 - 2009 / 7 / 3 - 09:38
المحور: الادب والفن
    


(عمر الأسى ما انتسى وأنتوا أساكوا زاد، كانت فلسطين الحمامة وكنتم الصياد)، لا أعرف لماذا قفزت هذه الأهزوجة إلى ذهني وأنا أشاهد للمرّة الثانية فيلم (مفتوح.. مغلق) للمخرجة الفلسطينيّة ليانة بدر، ففي المرّة الأولى الّتي شاهدت عرض الفيلم في مسرح وسينماتيك القصبة كنت أعاني من عدم قدرتي على مغادرة مدينة رام الله منذ سنوات طويلة بإجراءات احتلاليّة، والمغامرة بالخروج في ظلّ حجْر أمنيّ على هويتي كانت تعني بدرجة كبيرة احتماليّة الاعتقال والإبعاد عن الوطن. وحين تابعت الفيلم خرجت بانطباعات مختلفة المشاعر، ففيه شاهدت معاناة أخرى لأبناء وطني، وشاهدت بلدتي جيّوس المحروم منها ومن معانقة ترابها وزيتونها، وشعرت كم يعمل الاحتلال على تمزيق الوطن وتحويله إلى قطع مشرذمة لا يمكن التواصل بينها، مصادرة الأرض وتدمير الرّوح ومصادر الرّزق، هدر الدّم بلا سبب والعمل على تهجير المواطن المتشبّث بأرضه وتاريخه، تشويه الطّفولة في روح الأطفال، مقاومة الشّعب وصموده وحيدًا في ظلّ عدم وجود من يقف إلى جانبه.
وحينما شاهدت الفيلم ثانية؛ لم تقلّ درجة الألم رغم أنّي كنت قد نلت هويّتي وتمكّنت أن أغادر رام الله، أن أجول في العديد من المناطق الّتي صورها الفيلم، أعايش وأشهد بنفسي المعاناة الّتي يعيشها المواطن، صلبت ساعات على الحواجز تحت ظلّ الشّمس الحارقة والبرد القارص، فأصبح إحساسي بمعاناة الفلسطينيّ كما صورتها ليانة بدر وعبّرت عنها، إحساسا مضاعفًا بالألم.
(مفتوح.. مغلق) عنوان لفيلم يعبّر عن واقع، واختيار الاسم كان تعبيرًا دقيقًا عن معاناة الفلسطينيّ على بوّابات الدّخول والخروج الّتي اخترعها الاحتلال استكمالاً لبوّابات السّجون والمعتقلات. فهذه البوّابات لا تفتح إلاّ بمواعيد محدّدة للعبور وبتصاريح من الاحتلال؛ معرّضة للإغلاق في كثير من الأحيان، ويتحكم الاحتلال بمن يمنحه التّصريح للعبور، ويستغلّ ذلك أبشع استغلال أثناء المواسم الزّراعيّة كموسم الحمضيّات وموسم قطاف الزّيتون. فقد يمنح فردًا واحدًا من الأسرة التّصريح ويحجبه عن بقيّة الأسرة، ممّا يؤدّي إلى ضرب الموسم الزراعي بأكمله، إضافة للتّحكّم بعدد ساعات البقاء في الأرض خلف الجدار، بما لا يسمح بإنجاز أيّ عمل إلاّ القليل، ولو كان المزارع بحاجة لمسألة لا تحتاج وقتًا يجبَر على البقاء لساعات طوال.
لجأت المخرجة إلى أسلوب تقسيم الفيلم إلى أجزاء تدور حول محور واحد، هو المعاناة والتّشبّث والمقاومة، فكان الفيلم من عدّة أجزاء كل منها يحمل اسمًا معبّرًا عمّا تمّ تصويره. فنجد البداية بتصوير الجدار الممتدّ كأفعى ضخمة من الاسمنت، وذُلّ المواطنين على المعبر لتنقلنا إلى سؤال عبر الشاشة، عند انتهاء الجدار؟ ليأتي الجواب من خلال اسم الفيلم، مفتوح: مغلق، ثمّ تنقلنا من خلال أجزاء الفيلم إلى مناطق مختلفة من الوطن الّذي يعاني بأكمله من الاحتلال والجدار والبوّابات والحواجز.
برمزية واضحة وجميلة تبدأ الجزء الأول بعنوان: إلى المدرسة، ففي هذا الجزء والبداية فيه مسألة واضحة لمعاناة الأطفال في وصولهم لمدارسهم، تشويه الطّفولة ومحاولة إذلالها، لكنّ الأطفال يتشبّثون بدراستهم ويتغلّبون على الصّعاب والحواجز. والبدء في مشهد الأطفال في الفيلم مسألة تسجّل لصالح الفيلم، فهي عمليّة رمزيّة تقول أنّ لا أحد بغض النّظر عن العمر لا يعاني من الاحتلال. وأن الإصرار في عيون الأطفال هو إشارة واضحة للمستقبل الّذي يرفض الاحتلال ويصرّ على مقاومته من خلال مواصلة التّعلّم والدّراسة. فالأطفال يبقون أمل المستقبل وأدوات تحقيق الحلم؛ هم يمرّون من البوّابات والحواجز بشموخ بلا خوف رغم البنادق الموجّهة إليهم من جنود الاحتلال، يصلون لمدارسهم المحاصرة مبتسمين لعلم فلسطين الّذي يخفق عاليًا فوق الأسطح وكأنّه يحلم بنبضه يومًا دون احتلال.
وأتت الأجزاء الأخرى من الفيلم تحت عناوين: إلى الجامعة.. وصوّرت معاناة طلاّب الجامعات في الوصول إلى جامعاتهم والعودة منها، واستشهاد البعض على يد جنود الاحتلال على الحواجز الّتي تعترض الطّلبة والمواطنين. إلى الحقل.. وأظهرت كم هي معاناة المزارعين بالوصول إلى حقولهم إنْ تمكّنوا من ذلك. إلى البيت.. صوّرت معاناة أمّ عمّار من بلدة جيّوس الّتي قسم الجدار بيتها عن البلدة فأصبحت في سجن ومحاولات شرسة لإجبارها على الرّحيل- كأنموذج من معاناة المواطنين بشكل عام. العودة من المدرسة.. وأعادت فيه المخرجة رسم معاناة الأطفال بعد انتهاء الدّوام المدرسيّ في طريق عودتهم للبيوت. إلى الزّيتون.. وقد صوّرت فيه المخرجة في عدّة مناطق مدى ارتباط المزارع الفلسطينيّ بالزّيتون الّذي يمثّل عصب الاقتصاد للمواطن الفلسطينيّ، وكيف يعمل المحتلّ على تدمير هذا العصب وكيف يقاوم المواطن بأيدٍ عارية ويتعرّض للقتل والاعتقال. إلى الأرض.. وتتكرّر في هذا الجزء معاناة المواطنين في كيفيّة الوصول إلى أراضيهم الّتي يغلقها الجدار والبوّابات والحواجز الاحتلاليّة، وتظهر المخرجة المقاومة الشّعبيّة مستخدمة مسيرات بلعين الأسبوعية أنموذجًا.
لجأت المخرجة لاستخدام الرّمزيّة في المشاهد بشكل جيّد إضافة للمباشرة، فنرى صور المدارس من خلال الأسلاك الشّائكة، العلم الفلسطينيّ يرفرف محلّقًا، الجدار الممتدّ كأفعى، صور الأبراج العسكريّة، لقطات من أساليب التّفتيش، رفض تصوير مشاهد القمع واستهداف من يقومون بالتّصوير، الأطفال في المدارس يهتفون بالنّشيد الوطنيّ الفلسطينيّ غير آبهين بالاحتلال فيصرخون: فدائي يا شعبي وأرض الجدود، المواشي الّتي ترعى على أعشاب جافّة بعد إغلاق المناطق الصّالحة للرّعي والأخرى الزّراعيّة مما أدّى إلى ضعفها.
تمكّنت المخرجة ليانة بدر، خلال هذا الفيلم الوثائقيّ، من وضع الأصبع على الجرح، تصوير ونقل معاناة الفلسطينيّ بكافة مناحي حياته اليوميّة، ظلم الاحتلال وضرورة المقاومة. وقد وفّقت باستخدام الموسيقى التّصويريّة في الفيلم بشكل جيّد تتناسب مع المشاهد، وإن كانت هناك بعض الملاحظات البسيطة مثل تداخل صوت طاقم التّصوير مع بعض المشاهد بشكل أوجد تشويشًا ولو بسيطًا على الفيلم، كما أنّ بعض الأجزاء من الفيلم كان يمكن دمجها مع بعضها، إلاّ أنّ الفيلم كان من حيث الإخراج والتّصوير ناجحًا ولامس معاناة المواطن بشكل حقيقيّ بدون تزوير ولا تمثيل.

(رام الله 30/6/2009)

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com






#زياد_جيوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباحكم أجمل / همسات - بغداد 1
- شغف
- من بوح (رفسة غزال)
- شهداء بلا مأوى
- من وحي -حكاية حبّ- للأديبة عبير محمّد
- بين بغداد وعمّان والقدس
- تفاصيل
- صباحكم أجمل/ سنلتقي يا مصر -يوميات من القاهرة 5
- أنا القدس
- صباحكم أجمل/ بهية يا مصر - يوميات من القاهرة 4
- صباحكم أجمل/ وللقاهرة عبق وجمال آخر.. يوميات من القاهرة 3
- صباحكم أجمل/ سحر القاهرة
- صباحكم أجمل/ عبق النيل
- صباحكم أجمل/ عمّان ثريا ومطر
- قصة ساحة الورد
- صباحكم أجمل/ قلبي له
- الجسد الموشوم
- صباحكم أجمل/ وأنا الطير المشرد والأقاح
- مع كلام غير مباح للقاصة ميسون أسدي
- صباحكم أجمل غزة وجراح في القلب


المزيد.....




- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - مفتوح.. مغلق