أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - من الفتوى إلى الجهاد: قضية رشدي وتراثها















المزيد.....

من الفتوى إلى الجهاد: قضية رشدي وتراثها


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2695 - 2009 / 7 / 2 - 09:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدأت الحكومة البريطانية على الصعيد المحلي والوطني العام، إستراتيجية قائمة على التعددية الثقافية، دفعها إلى ذلك أعمال شغب عنصرية حدثت في ثمانينات القرن الماضي. وتم الإجماع فيها على إيلاء الاحترام لأنماط الحياة المختلفة، وأنماط الحياة هذه كانت تصنف، وبشكل مأساوي، على أنها جاليات مع زعمائها المحليين القائمين عليها.

لقد كان ذلك ناجعاً، بطريقة ما، فلقد تقلصت العنصرية في الواقع، لكن التكلفة كانت باهظة. فإن استحداث فكرة الجاليات كان من شأنه أن يستعيض عن العنصرية بالقبلية، فاندلعت لذلك حوادث شغب قبلية في العام 2005 بين السود والآسيويين في بيرمينغهام. وكان سبب ذلك هو التعددية الثقافية. فقبل أن يخبرهم المجلس بأنهم كانوا أفراداً في "جالية"، كانوا مجرد شعب يعيش معاً في نفس المكان. فـ" العداوة"، كما يكتب كنعان مالك، لا تسري في دم الآسيويين أو الأفارقة- الكاريبيين، ولكنها في الشيفرة الوراثية الـ"دي.إن. إيه لسياسات التعددية الثقافية.

وفكرة استحداث الجاليات، تحت مسمى التعددية الثقافية، كانت اعترافاً بعجز وعدم كفاءة الحكومة. فحينما أراد توني بلير أن يحارب التطرف بين "الجاليات الإسلامية"، قال بأن ذلك ليس من صلب عمله، ولكنه من صلب عمل "زعماء الجالية". لقد أصبحت بريطانيا منطقة محظورة على الملونين. ويخبرنا كتاب من الفتوى إلى الجهاد هذه الحكاية المؤرقة، وبقسمه الأكبر، وعلى نحو مثير للإعجاب. فمالك هو في المكان الأنسب للقيام بذلك. فهو كان قد ولد في الهند وقدم إلى بريطانيا في سن الخامسة. ووالدته هندوسية، أما أبوه فقد كان مسلماً، ولكنه لم يك ذا تنشئة دينية. فالعنصرية أو العرقية، وليس الدين، هي التي شكلت راديكاليته المبكرة، وفعلت ذات الشيء بالكثير من الملونين في هذا البلد.

العنصرية هي السبب الذي تأتلف حوله كل المذاهب والألوان. إنها عدو عالمي من الممكن النيل منه بالإيمان بالتنوير العالمي، وبأن هناك قيماً من الممكن أن تطبق بشكل عقلاني وعادل على كل المجتمعات البشرية. فشق العالم إلى جاليات، والاحتفاء بالتمايزات، بأية أثمان، هو أمر مناهض تماماً لإستراتيجية التنوير.

إن فتوى آية الله الخميني - الحكم بالإعدام- الصادرة ضد سلمان رشدي بسبب روايته التجديفية المفترضة "الآيات الشيطانية"، في العام 1989 قد مهدت السبيل لنحر العالمية ووقف تقدمها. وينظر مالك إلى تلك اللحظة، بحق، كدقيقة وخطرة جداً. فهناك كاتب بريطاني يتخفى متوارياً عن الأنظار، وهناك كتب تحرق، في ذات العام الذي ينهار فيه جدار برلين. لقد كنا على وشك وضع أهوال شموليات القرن العشرين وراءنا، حين داهمنا طغيان ديني بشكل ظاهري متحدياً كل أحلامنا بالتقدم.
واكتشف الكتـّاب، بغتة، بأن حرفتهم المهمـّشة آنفاً، اندفعت بقوة إلى الخط الواجهة. فقد مرّت دار نشر بنغوين، ناشر كتاب رشدي، بهذه التجربة الحاسمة، مبقية على طباعة الكتاب بالرغم من التهديدات الماثلة. ولكن، وبطريقة أخرى، فقد كسب الخميني. ففي تموز/ يوليو من العام الماضي، سحبت دار نشر راندوم في أمريكا نشر كتاب شيري جونز "جوهرة المدينة"، بسبب مخاوف من عمليات انتقام إسلامية، وقد أدى الكتاب بعد شهرين من ذلك إلى حرق فرع دار النشر في لندن "جيبسون سكوير". وأثناء ذلك، فقد أظهر الكتـّاب خوفاً، يمكن تفهمه. وهنا يقتبس مالك قولاً لحنيف قريشي :" لا يمتلك أي شخص، اليوم، الجرأة على أن يكتب آيات شيطانية، ناهيك عن نشرها. فالكتابة اليوم في وضعية الخوف، والكتـّاب يروعون".

وبالنسبة للمتحمسين الإيرانيين الما بعد ثوريين، فالقيم الليبرالية الغربية كانت فقط على مبعدة خطوة أخرى على طول الطريق المعادي للإسلام الذي بدأ مع الحملات الصليبية. وهكذا فقد تم توظيف الخطيئة الاستعمارية لاستيلاد مواقف مناقضة للغرب. هذا بالرغم من أنها كانت تجند باسم الأوتوقراطية الدينية المتوحشة.

حقيقة الخميني الإسلامية كانت هراءً على أرض الواقع، فلم تكن في الأصل سوى محض محاولة شيعية لانتزاع السلطة من السنة والسعوديين، ولقد نجحت. فقد أعطت الفتوى، وبضربة واحدة، هوية عولمية جديدة لأي أسلامي حديث العهد بالتطرف. وعلى نحو مباغت، ولدهشته، وجد مالك، حتى اليوم، شباناً مسلمين علمانيين، ويساريين يتحولون إلى متطرفين إسلاميين. لقد كان الخميني قد شرعن سخطهم وذلك بتحويل أنظارهم من العدو الأممي للعنصرية نحو الصورة المحددة، لرجل واحد فقط، وكتابه.

لقد حدث هذا بالرغم من واقع أن معظم القرّاء المسلمين للآيات الشيطانية، كانوا قد أظهروا قدراً من اللامبالاة حيالها قبل صدور الفتوى. لقد كان لتكثيف التركيز على قضية واحدة محددة، واستغلال توافه السياسة، هو ما جعل الفتوى ذات فاعلية كبيرة. نعم، حفظ شيوخ الإسلام درسهم جيداً. فلقد تم استغلال الصور الكارتونية لمحمد على نحو مواز بذات الدقة.

وهذا ما يدعم واحدة من السجالات المحورية لكتاب مالك ألا وهو إن الإسلاموية ليست، كما يردد البعض بتكاسل، مجرد ارتداد، أو انعكاس لوجهة نظر ما قبل قرووسطية، أو أنها كانت كذلك. فلم يكن هناك أبداً إسلام من نمط الخميني أو القاعدة، سابقاً، فهذه حركات عصرية على وجه الدقة. ويجب أن يضاف هذا إلى الحقيقة المثبتة بإتقان، أن الغالبية العظمى من الإرهابيين الإسلاميين قادمون من الطبقة الوسطى المثقفة، من ذلك النمط من الناس القادر على فهم واستخدام العصرنة.

إن وجهة نظر كهذه تعتبر تحدياً للمتشددين على اليمين واليسار. فالبعض على اليمين قد ساجل بأن الإرهاب الإسلامي هو، بطريقة ما، متأصل أو جوهري في الإسلام نفسه، وبأن القرآن هو كتاب يدعو للحرب. ولكن جل الدين هو تفسير، والأخذ بهكذا وجهة نظر يعني دحض 1500 عاماً، على الأقل، من الأدلة التاريخية التي تفضي إلى العكس من ذلك. وعلى جبهة اليسار، فإنه ينظر للإرهاب على أنه رد فعل ضد الشرور الغربية، وبشكل رئيسي الاستعمار. ولكننا دأبنا على تصدير الشرور للعالم الإسلامي لعدة قرون، غير أننا لم نشهد هذا الإرهاب الإسلامي إلا منذ بضعة عقود خلت فقط. فالحقيقة هي كالتالي، إن انتشار قوة الفتوى، جنباُ إلى جنب مع الصور الكاريكاتورية جعل الأمر واضحاً، الإرهاب الحديث هو من صنع الحداثة. القاعدة هي شيء واحد، وواحد فقط: إنها ماركة عصرية.

يتناقص كتاب من الفتوى إلى الجهاد في ثلثه الأخير كثيراً. وحتى ذلك الحين، فإن مالك يقوم بعمل خارق لاستخلاص العبر من خلال الروايات. وبعد ذلك يهبط به إلى مجرد سجال، وهذا ما سيقلل من تركيزه حيث وجب أن يتوسع. هذا يعني أيضاً، أنه يتفادى،عملياً، القضية الأكبر من الكل. فهو يريد أن يدافع عن قيم التنوير العالمية، ولكنه، مع هذا، لا يجابه المشكلة الحقيقية ---- وهي الناس. فنحن مخلوقات قبلية، تبحث عن الأعداء والهويات الاستثنائية. والحضارة تكبح، راهنا، جموح قبليتنا، ولماذا كانت التعددية الثقافية فكرة همجية كبيرة؟ غير أن الحضارة أمر محلي، وليس عولمياً. والخميني والقاعدة والليبراليون حاولوا جميعاً أن يتعولموا. ولكن النتيجة كانت، وعلى نحو دائم، مذبحة. أما بالنسبة للغرب، فإنها، تقليص هائل لحرياتنا، ليس أقلها حريتنا بالتعبير. فلن يرغب أحد الآن، بنشر آيات شيطانية، ولن يعبر أي شخص مطار دون أن يعذب ويهان. هذه هي العصرنة والحداثة.

عرض موجز لكتاب من الفتوى إلى الجهاد: قضية سلمان رشدي وتراثها، للكاتب البريطاني من أصل هندي كنعان مالك.

عن الصنداي تايمز
ترجمة: نضال نعيسة



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يحتفي إعلامنا بالفساد في الأرض؟
- إنها لم تنقرض يا...أدونيس
- صفقة دمج عملاق بين إنتل، ونوكيا
- العرب والبكاء على الديمقراطية في إيران
- بين عبير العراقية، وندى الإيرانية
- الموناليزا العارية: حقيقة أم أسطورة؟
- فاغنر والنازية: حقيقة أم أوهام؟
- التكنولوجيا الثورية
- الحيوية الإيرانية
- الزلازل المصرفية تعصف بالخليج
- بدء التحقيقات السرية بشأن الحرب في العراق
- الحل في حل الدولتين
- من يقف وراء فوز أحمدي نجاد؟
- من هو الفائز الحقيقي في انتخابات لبنان؟
- ماذا يحدث في إيران؟
- أوباما وأمريكا والإسلام
- أوباما: المسلم أم اليهودي؟
- هل دخل أوباما دائرة الخطر؟
- يا بلاش، مقال ب 2000 دولار
- المعارضة السورية: والدرس الكبير


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - من الفتوى إلى الجهاد: قضية رشدي وتراثها