أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ياسين الحاج صالح - عالم السادة الرجال -المسلمين- وما وراءه














المزيد.....

عالم السادة الرجال -المسلمين- وما وراءه


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2695 - 2009 / 7 / 2 - 09:45
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


يتوزع مشروع قانون الأحوال الشخصية السوري الجديد على أحد عشر "كتابا": أحكام عامة، الزواج (الخطبة، أركان عقد الزواج، المجرمات من النساء، تعدد الزوجات..)، آثار الزواج (حقوق الزوجين، المهر والجهاز، المسكن، النفقة،..)، انحلال الزواج (الطلاق، المخالعة، التفريق للعان وللإيلاء وللظهار، فسخ النكاح..)، آثار انحلال الزواج (آثاره في الزوجية، أحكام العدة،..)، الولادة ونتائجها (النسب، حقوق الأطفال، الحضانة، الرضاع..)، الأهلية والنيابة الشرعية (تصرفات القاصر، الوصاية على ماله، القوامة، مرض الموت..)، الوصية (أحكامها، تزاحم الوصايا، بطلان الوصية..)، الوقف (نوعه، شرائطه، علته، إدارته..)، التركات والمواريث (أنواعه، الحجب، الرد...)، وختاما أحكام خاصة بالدروز والمسيحيين واليهود.
وبينما ليس ثمة ما يبهج القلب في استعراض مواد المشروع التي تكاد تتفاخر بالتمييز بين الجنسين، إلا أنه لا مناص من ذكر بعضها.
يتكلم المشرع على المرأة كـ"موطوءة" (المادة 58، والمادة 266)، رغم أنه يستخدم تعبير الزوجة مرارا، كأنما يريد أن يضع ختمه "الشرعي" على المشروع. الكلمة تتضمن تصورا للعلاقة بين الرجل والمرأة لم يعد العالم الدلالي الذي يندرج فيه مزامنا لنا أو مستساغا. هل يتفق "الوطء" مع "المودة والرحمة"؟ أشك في ذلك في الماضي. أما اليوم فهو قطعا يتعارض.
ولا يخطر ببال المشروع إطلاقا تقييد تعدد الزوجات. يفترضه شيئا مسلما به، وإن كان حسه بالعدالة ينفر من أن يتزوج الرجل خامسة دون أن يطلق واحدة من زوجاته الأربعة! ويرتب للزوج حقوقا على المرأة بينها صيانة نفسها وإحصانها، وطاعة الزوج بالمعروف، وإرضاع الأولاد عند الاستطاعة (كأن أي أم تحتاج إلى قانون من أجل ذاك! المادة 98)، لكنه لا يوجب على الزوج إحصان نفسه (هل هذا تشجيع على "الزنا"؟)، ولا مشورة زوجته، كيلا نقول طاعتها؛ ويجعل من "زيارة أهلها واستزارتهم بالمعروف" رهن "سماح" الزوج لها بذلك. على أن المشروع يوجب على الزوج ما هو مستحيل إنسانيا: "العدل والتسوية بين الزوجات"! (المادة 99)
وتصدر المواد التي تتكلم على عقد الزواج والمهر والجهاز والنفقة (من 94 إلى 150) عن روح حيسوبية تجارية مدققة شحيحة، لا قرابة بينها وبين الأريحية والسخاء والحب والمجانية. في واقعه الزواج اليوم أفضل بكثير من هذا المشروع الذي لا يقول إن الأصل في الزواج هو المودة والرحمة والمحبة والثقة، وأن المقصود من الكلام على عقود وشروط هو تدارك الاختلالات المحتملة.
ويميز المشروع بين طلاق بإرادة الزوج، ومخالعة بإرادة الزوجين، وتطليق أو فسخ بحكم قضائي.. (المادة 164)، لكنه لا يتضمن طلاقا بإرادة الزوجة. وفي غير شأن، يجعل المشروع شهادة الرجل بشهادة امرأتين (صحة عقد الزواج، إثبات النسب..).
وفي المادة 41 يضمن المشرعون البند التالي: "إذا اشترطت المرأة في عقد النكاح ما يقيد حرية الزوج في أعماله الخاصة أو يمس حقوق غيرها كاشتراطها عليه أن لا يتزوج زوجة أخرى، أو أن يطلق ضرّتها أو تكون العصمة بيدها بشكل مؤقت أو دائم، كان الاشتراط صحيحا ولكنه ليس ملزما للزوج، فإذا لم يف الزوج به فللزوجة المشترطة طلب فسخ النكاح"! مذهل! أولا في إباحة المشرعين الكذب للزوج. وثانيا في انعدام حس العدالة عندهم (الأصل فيه تبعية الأخلاق للشريعة أو عدم استقلال الضمير). وثالثا في ضرب متواتر في المشروع من الفظاظة والشوفينية الذكورية، يبلغان هنا حد الصفاقة. أليس "العقد شريعة المتعاقدين"، أيها السادة الفقهاء؟ فكيف يكون الاشتراط صحيحا، لكن غير ملزم لمن وافق عليه، ويباح له أن يخرقه؟ عجيب!
في المحصلة، "الإنسان الكامل" في المشروع هو الرجل المسلم السني المديني من الطبقة الوسطى أو شرائحها العليا. وربما يشبه هذه الإنسان الكامل واضعي المشروع، الذين يتكون لدينا انطباع بأنهم خمسينيون فما فوق، من طبقة وسطى تجارية، متزوجون من نساء من طبقتهم، ولكل منهم أمواله المستقلة، ولديهم خامات في بيوتهم..
قد يكون الأصل في نكوص المشروع عن واقع المعاملات التي تقع في نطاق الأحوال الشخصية هو تمركزه حول "الشريعة"، وغربته عن مفهومي الدولة والمواطنة. ولعل الأصل في هذا الأصل ذاته هو عدم أخذ علماء الشريعة علما بوقائع تحول السيادة من الأمة الدينية على الأمة السياسية في الزمن المعاصر، وقيام كيان سورية أصلا ومنذ المبدأ على مفهوم أمة المواطنين المتساوين. لكن يبدو أن "الدولة" ذاتها ليست على علم بهذا التحول. أو لنقل بوضوح أكبر إن الدولة بحكم الملابسات التاريخية لتكونها من جهة وتكوين نظم الحكم المستولية عليها من جهة ثانية عاجزة عن احتكار السيادة وما يقتضيه من ضمان المساواة الحقوقية (بين الجنسين وبين عموم السكان على اختلاف عقائدهم الدينية) والمساواة السياسية بين المواطنين الأحرار. سنتوسع في هذا الشأن في حيز آخر. حسبنا أن نقول هنا أن للدولة السيدة أن تحظر تعدد الزوجات وتسوي بين الجنسين في الشهادة وفي حق الطلاق ..إلخ، دون أن يكون ذلك "تحريما لما حلل الله". الدولة لا تحرم ولا تحلل، بل تحظر أو تمنع وتبيح. سندها في التشريع هو اعتبارات تتصل بالمواطنة والاستقرار الاجتماعي والتنمية، مما لا يسع الدين أخذه في الحسبان. وهذا لا يفتئت على حق من يشاء من المؤمنين بالانضباط بما يعتقد أنها "الشريعة" (لا ننكر أنه تنشأ عن ذلك مواقع احتكاك، تحتاج إلى تفكر ورويّة وحسن نية).
في بنية المشروع الذي بين أيدينا تمييز متعدد المستويات بين السكان، ينبع من أسسه العقدية بالذات. لا إصلاح له على الأسس نفسها. المطلوب تغيير النموذج المرشد أو "الباراديغم" باتجاه قانون مدني للأحوال الشخصية قائم على المساواة. ويبدو لنا، خلافا لجميع الاراء التي تناولت المشروع، أن هذا يقتضي طيا نهائيا لصفحة العلاقة الراهنة بين الدين والدولة، والتي تقوم على صفقة تتنازل الدولة بموجبها عن المساواة بين السكان ويتخلى الدين عن تطلعه لاحتكار السيادة. بيد أن هذا حديث يطول.





#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بحثا عن توازنات جديدة.. إيران تتحرك!
- تساؤلات بصدد السياق السياسي والمؤسسي لمشروع قانون الأحوال ال ...
- نتنياهو، كيف حصلنا عليه؟ وأي سلم يتحصل منه؟
- ما معنى البقاء في السلطة إلى الأبد؟
- الكثير الذي فات خطابك يا أخ أوباما!
- هذه أو هذه وإلا فتلك: عقائد الحتمية في السياسة السورية
- نظرات في اللوحة الإيديولوجية العربية السائدة
- العلمانية والقومية والامبريالية.. أسئلة مفتوحة
- نظريتان في الطائفية.. بلا نظر
- الكتابة العمومية كسياسة كتابة
- نظرية الحتمية الثقافية في الثقافة السورية مقالة ضد العناد
- الفكرة القومية العربية (والإسلامية) كإيديولوجيتي حرب أهلية
- مسار حرج لتطور الوضع الكردي السوري
- في ذهنية المنفعة ونقد الثقافة
- العلم والفتوى و..الفوضى
- كيف نتقدم؟ أبالثقافة أولا؟
- مفهوم سيادة الدولة كأساس لحرية الاعتقاد الديني
- عولمة التقدم وانبعاث التخلف
- في عالم -الخطيئة الأصلية-
- أي رصيد للقوة بحوزة حركات المعارضة -العلمانية- العربية؟


المزيد.....




- دراسة: النساء استهلكن كميات أكبر من الكحول مقارنة بالرجال خل ...
- -المدرسة تلبي أوهام صبي يتظاهر بأنه فتاة-.. غضب بعد فوز عداء ...
- لبنان.. العثور على جثّة امرأة مقطّعة في المية ومية
- ما هي العوائق التي تواجه النساء في إجراء تصوير الثدي بالأشعة ...
- توصية بتشريع الإجهاض في ألمانيا.. بين الترحيب والمعارضة
- السعودية.. القبض على رجل وامرأة ظهرا بطريقة -تحمل إيحاءات جن ...
- -ملكة جمال الذكاء الاصطناعي-.. الإعلان عن مسابقة هي الأولى م ...
- ازاي احمي المراهق/ة من التنمر؟
- كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2024 والشروط ا ...
- “قدمي الآن” رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالمنزل في ا ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ياسين الحاج صالح - عالم السادة الرجال -المسلمين- وما وراءه