أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 2 -














المزيد.....

الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 2 -


ناس حدهوم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2696 - 2009 / 7 / 3 - 09:32
المحور: الادب والفن
    



أخيرا رجعت إلى وطني إلى تطوان المدينة التي تشوهت وتحولت من حمامة بيضاء وديعة إلى غراب
داكن اللون والسمعة . قررت أن أضع حدا لترحالي عبر أقطار المعمور . والذي لم يفدني في شيء من الجانب المادي . لكنه معنويا جعلني أدرك - وعن كثب - الفرق الهائل بين المجتمعات المتحضرة والمتقدمة والقوية والأخرى المتخلفة والضعيفة . عرفت جيدا أين هو موقعي وأين هو موقع عالمنا المتخلف والعجائبي. أدركت أيضا أن أوربا للأروربيين وليست لنا نحن الآتون من أصقاع التيه والعبث
بسحناتنا الدكناء وتقاليدننا المزعجة . لذا كانوا يتعاملون معنا بنوع من الحذر والتوقع أيضا. ومن إختار
منا ( رغم أنفه ) العيش بهذه المجتمعات الراقية عليه كذلك أن يقبل بوضعه الهامشي ويتحمل
نظراتهم القاسية والساخرة . فرغم قوانينهم المنصفة لنا بكثير مراعاة بقوانيننا المجحفة . ورغم احترام تلك القوانين لحقوق الإنسان التي تساوي بيننا وبينهم في الحقوق والواجبات إلا أن مواطنيهم لهم رأيهم الخاص . ثقافتنا الشرقية وتكويننا الأخلاقي والإجتماعي غير مستساغ من طرف هؤلاء فهم مقتنعون بأن الشرق شرق والغرب غرب . ولهذا نجد دائما الأجانب ( العرب والأفارقة) يعيشون في غيتوات على هامش المجتمع وفي وضعية غير لائقة وهم دائما موضوع شبهة .
هذا هو السبب الأساسي الذي حذا بي إلى العودة رغم أنني كنت مقتنعا ومعجبا بمنطق هذه الحضارة المبهرة لكنها ليست حضارتي ولا حضارة قومي الذي أنتمي إليه وعلي أن أعترف
بذلك .
كان جو المغرب مكهربا خلال منتصف السبعينات . وذلك على إثر الأحداث السياسية الخطيرة والمؤلمة الناتجة عن إنقلابات فاشلة قام بها متمردون عسكريون خانوا الملك مما جعل النظام
يأخذ الحيطة والحذر في كل من تبدو عليه أمارات الرفض والمعارضة . حقبة سميت فيمابعد بسنوات الرصاص . كانت أثناء تلك الفترة إختطافات تتم في واضحة النهار ومحاكمات غير عادلة وقاسية وتم إطلاق يد معاوني السلطة لتزج بالمواطنين الشرفاء والأبرياء في المعتقلات لأسباب واهية . المهم كان هو حفظ النظام ولو على حساب الحريات الفردية والعامة .
لم تكن لدي شهية الإنضمام إلى أي حزب من الأحزاب الوطنية لأن الشأن السياسي كان
يبعث على التقزز والغثيان . وكان التسيب هو السائد والإنبطاح الأعمى . لكنني لم أكن أخفي
تعاطفي مع حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية آنذاك. أيام الرجل العظيم الراحل عمر بنجلون وجريدته - المحرر - وكان ذلك يزيد من معاناتي ويعرضني للخطر . فقد كان بعض الخصوم
حينما أمر من أمامهم يشتمون الحزب المذكور لإثارة حفيظتي . لكن بوهيميتي ساعدتني كي
أنحو بعيدا عن التجمعات السياسية في حين موقفي كان سياسيا محضا و واضحا للجميع ومعلنا
بشكل سافر لحد التحدي .
كان علي أن أبحث عن عمل واتصلت بمكتب التشغيل وأرسلني إلى وكالة أسفار تحتاج إلى
مستخدم إداري وكانت هذه الوكالة لشخص معروف بالمدينة ما أن قابلته حتى بدا لي كما لو
أنه موافق على تشغيلي بمؤسسته لكنه اشترط علي تغيير هندامي بآخر أنيق واستغربت
كيف أفهمني بأنه علي أن أتصل بالعمال بالمعامل في حين لم أر رابطا يربط هذا العمل بأي
شكل من أشكال المعامل والعمال لكنني في نهاية الأمر عرفت أنها كانت سخرية مني لأن
الغبي كان يظنني مناضلا عماليا . حدد لي موعدا في الغد على الساعة السادسة ولما حضرت
ما أن دخلت الوكالة وجدت رب العمل يتوسط جماعة من أعيان المدينة فبادرني مهينا إيا ي
( أغرب عن وجهي وأشار بكلتي يديه كي أخرج ) بقيت محملقا لا أدري ماذا يحدث للحظة ثم
خرجت محطما وكنت غاضبا لأنني لم أستطع دفع الإهانة عني فقد كان الشرير الخبيث محتميا
بمن معه ولو كنت جاوبته بما يستحق لأصبحت في السجن لا محالة . كنت أيضا كلما زرت مصلحة
إدارية عامة من أجل وثيقة أو شهاد إدارية لا أتلقى إلا الإهمال والإنتظار الطويل . بدا لي كما لو كنت أتعرض إلى الإضطهاد الممنهج . تصور أن رجلا يبيع الكتب كنت أقتني منه بعضها. بالصدفة
كان معه رجل أمن .اقتنيت كتابا وانسحبت . لكنني لما عدت مرة أخرى طردني السافل دون أن أسيء إليه . فهمت أن رجل الأمن هو من كان وراء انقلاب الرجل ضدي .
أعترف أنني كنت مختلفا في كل شيء متمردا على الأوضاع المأفونة واشتعل نجمي الأسود
في المدينة وانطلقت الوقائع ضدي كما لو أنني في حرب حتى أهلي كانوا يكرهونني أو
يتحفظون من أمر ي وكانت والدتي تقول لي ( مصيرك الجنون ) لكنني من جهة أخرى كنت محبوبا
وأتمتع بالإحترام والإعجاب من طرف البسطاء والكادحين والمهمشين وكان علي أن أنتقل الى
هذا الوسط وأعيش فيه كريما ومناضلا بشكل من الأشكال.



#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الثالث من البسيط والهيئة العليا - 3 -
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 4 -
- الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 5 -
- دهشة الركوع
- أنا والرياح
- الشوط الأخير
- طاء الوطن
- إشتهاء
- آخر سفر - إلى روح الراحل محمد -
- اللغز
- الأبواب الخلفية
- بالماء بلا ماء
- صه صه
- سنم في باطن الماء
- أعشقك
- رسالة إلى المجهول
- أصل المعنى
- أميرة المدن
- توحش
- الخوف


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - الجزء الثالث من سيرة البسيط والهيئة العليا - 2 -