أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن كاظم زيارة - بطاقة تعريف الشكل الحيوي للشيخ محي الدين العربي















المزيد.....

بطاقة تعريف الشكل الحيوي للشيخ محي الدين العربي


عبد الرحمن كاظم زيارة

الحوار المتمدن-العدد: 2692 - 2009 / 6 / 29 - 03:54
المحور: الادب والفن
    


وبينما كنت منهمكا بمواصلة مشوار تأليف كتاب عن " التعريفات " لابي الحسن الجرجاني المعروف بالسيد الشريف ، لفت نظري تعريفاته الثلاثة : ذو العقل ، وذو العين ، و " ذي العقل والعين ". ففي التعريفات الثلاثة يتضح الفرق بين عمل الحس وعمل العقل وكيف انهما يشكلان وحدة غير قابلة للانفصام في الرؤية البدهية للخلق ، كل الخلق .. واذا اردنا الايضاح فالجرجاني عنى بالحق العلم أو الحقيقة، وعنى بالخلق الاشياء من حيث انها مخلوقة ،وعنى بالعين ما يشير الى الحس اجمالا، وعنى بـ " عين " المضافة الحقيقة ، كما عنى بالعقل العقل كما هو في عصرنا.
وكان لاستشهاده ببيتين للشيخ محي الدين العربي ،يفصّل فيه على نحو جلـّي التعريفات الثلاثة ختاما لتعريف اصطلاح " ذو العقل والعين " واجمالا له .
يقول العربي :
وفي الخَلـْق ِ عينُ الحقِّ إنْ كـُنـتَ ذا عَـيـْن ٍ
وفي الحقِّ عينُ الخلـْق ِ إن كنت ذا عَقـْل ِ
وإنْ كـُنـْت َ ذا عَيــن ٍ وعَقـْـل ٍ فـمـا تـَـرى
سِــوى عَيـْن ِشَـيءٍ واحِـدٍ فيه بالشَّـكـل
فهل كان العربي " باحثا حيويا " ؟ ان الحقائق العلمية بين اهل العلم تسري كسريان الماء في الاواني المستطرقة وهذا يعني ان الحقيقة العلمية واحدة وان اختلفت صيغ التعبير عنها في قطائع علمية مختلفة التخصصات او الاهتمامات . كما تسري كسريان النسغ الصاعد والنسغ النازل على صعيد علاقة التراث والمعاصرة ، او قل بين القدماء والمعاصرين . على ان العلم لايقبل التجزئة بين علم قديم وآخر معاصر ..
لنعد الى البيتين الشعريين ..
في البيت الاول القسمة واضحة في : موضوع المعرفة ( الحق) ، ووسيلة التوصل اليه (الحس تارة والعقل تارة أخرى ) ولأن تينك الوسيلتين تشكلان معا وحدة واحدة في التوصل الى الحق فأن العلاقة بين اطرافهما ( الحق والخلق ) علاقة إبدالية : في الخلق عين الحق = في الحق عين الخلق.
فالاولى بتوسط العين والثانية بتوسط العقل ، موحيا ـ الشاعر ـ الى الاثر ذاته الذي تخلفه كل عبارة من العبارتين . أما العلاقة فهي الوجود بما هو "عين " ، فهي عملية "إيجاد" وليس تخلق او افتعال .. بكلمات أخرى الحق فيما نراه وفيما نعقله سوية لاانفصام بين الحس والعقل وان كلا منهما " يرى " شيئا واحدا .ما هو ؟ .. وإن كنا ما زلنا ـ قبل حقبة مدرسة دمشق ـ لانملك التعبير الذي يعبر عن وحدة الحس والعقل . إلا ان الشيخ العربي يقول لنا ، بوضوح :
وإنْ كـُنـْت َ ذا عَيــن ٍ وعَقـْـل ٍ فـمـا تـَـرى
سِــوى عَيـْن ِشَـيءٍ واحِـدٍ فيه بالشَّـكـل
بمعنى ان : وحدة العقل والحس = الشَّكل .
والشكل التعبير " الماثل " لعين الشئ ، وعين الشئ نستدل عليه بالحس والعقل .. ومعروف ان مفهوم الشكل ، قبل مدرسة دمشق هوفضاء يتحيز فيه المضمون كما في الفن والادب ، وهو مستوى معرفي أولي "تحت مجرد "كما في نظريات التعلم التي أرصّنـَها جان بياجيه .ولكن العربي يعد كلا من " ظاهر الشئ وباطنه " هو عينه .. لذا فأن إعتبار ظاهر الشئ وباطنه ، شكله ومضمونه هي " تجزئة " لوحدة عين الشئ بسبب تجزئة مسبقة لوسائط التعرّف عليها بين حس ٍ وعقل . ويترتب على هذه الرؤية ، هي تجاوز للثنائية العقيمة : الظاهر والباطن في الفقه الاسلامي . والشكل والمضمون في الادب والفن . الجوهر والعرض في الفلسفة . فهي ثنائيات ملفقة وتكرس التعسف في الفكر وشخصنته وازدواجية المعايير ، وتشكل " جوهرا " ثابتا ينأى عن " عين الشئ " ذاته .
والحق ، هذان البيتان المسكونان بتحويات الشكل الحيوي لـ " الوعي " :
هما خلاصة وافية وكافية لـ " منطق الوعي " . ومن جهة أخرى هما : مؤونة تعضيد لما ذهب اليه النقري بأن مفهوم الشكل هو مفهوم "كلي " و"بدهي" يتحوى كل محسوس ومعقول ، معا وفي وقت واحد ،لاانفصال بينهما في زمان او مكان ، فالحقيقة تكمن في وحدة المحسوس والمعقول الذي هو الشكل .
كان قبل ذلك انضم ابو حيان التوحيدي الى مدرسة دمشق للمنطق الحيوي( كان هذا واضحا في المقابسات ) واليوم نكتشف اثنين من اعمدة هذه المدرسة وهما : الجرجاني والشيخ محي الدين العربي .
ترى كيف سيؤرخ النقري انتماء هؤلاء العملاقة الثلاثة لمدرسة دمشق للمنطق الحيوي؟
بتُّ اعتقد ان في التراث العربي ،بل في النتاج الفكري والفلسفي العربي ـ لنسمه هكذا لردم الهوة بين عصورنا ـ ما يشير صراحة الى اطروحات دمشق في الشكل الحيوي وما يغنيها ، ارى ان يتولى دراستها رواد المدرسة وكتابها خاصة المهتمين بالنتاج الفكري العربي في كل العصور. فالبدهية الكونية ومضات تـُكتشف تصريحا اوتلميحا هنا اوهناك من انقداح العقل في لحظة ما وفي قطيعة علمية ما ، وفي قول ما .. الا انها لحظات قيمنة بأن تحصد وتصنف على نحو يعزز الاقتناع بما يراه المكتشفون المعاصرون لرؤى وفلسفات يطرحونها .فمفهوم الشكل في النتاج الفكري العربي هو غيره كما وصلنا من نتاجات النظريات النقدية الادبية الاجنبية ، وما تتضمنه احيانا ـ وليس دائما ـ من تفاهات لايفهمها ربما حتى كتابها ، ناهيك عن مترجميها او نقلتها .وهذه حقيقة جديرة بالنظر والتأمل والتقريض .
ولكننا من المؤكد اذا اردنا الاطلاع على بداهة الشكل ومفهوم وفلسفة الشكل الحيوي فليس امامنا الا مؤلفات واضع هذه الفلسفة الدكتور رائق النقري ، فهذه الفلسفة اليه يُنسب اكتشافُها ووضعُها وشرحُها دون جدال، والتي يمكن تعزيزها بالاشارات القوية على صحة هذا المفهوم في النتاج الفكري العربي على سبيل الاستشهاد او حتى ـ لم لا ـ البرهان .
ملاحظة ختامية أقولها : لو اطلع العلماء العرب وفقهاؤهم على ما تتحواه الجزيئات والذرات وتمكنوا من الاستدلال الحسي عليها لكان ذلك مدعاة لهم ان يلغوا القسمة الوهمية بين ظاهر النص وباطنه .
وأعماما للفائدة ارفق التعاريف الثلاثة كما وردت في تعريفات الجرجاني .فيقول :
ذو العقل : هو الذي يرى الخلق ظاهراً ويرى الحق باطناً، فيكون الحق عنده مرآة الخلق، لاحتجاب المرآة بالصور الظاهرة.
ذو العين :هو الذي يرى الحق ظاهراً والخلق باطناً، فيكون الخلق عنده مرآة الحق لظهور الحق عنده ،واختفاء الخلق فيه اختفاء المرآة بالصور.
ذو العقل والعين : هو الذي يرى الحق في الخلق وهذا قرب النوافل، ويرى الخلق في الحق وهذا قرب الفرائض، ولا يحتجب بأحدهما عن الآخر، بل يرى الوجود الواحد بعينه حقًّا من وجه وخلقاً من وجه، فلا يحتجب بالكثرة عن شهود الوجه الواحد الاحد ،كما لايحتجب بكثرة المرائي عن شهود الوجه الواحد الرائي . ولا تزاحم في شهود الكثرة الخلقية، وكذا لا تزاحم في شهود أحدية الذات المتجلية في المجالي كثرتها. وإلى المراتب الثلاثة أشار الشيخ محي الدين بن العربي بقوله:
وفي الخَلـْق ِ عينُ الحقِّ إنْ كـُنـتَ ذا عَـيـْن ٍ
وفي الحقِّ عينُ الخلـْق ِ إن كنت ذا عَقـْل ِ
وإنْ كـُنـْت َ ذا عَيــن ٍ وعَقـْـل ٍ فـمـا تـَـرى
سِــوى عَيـْن ِشَـيءٍ واحِـدٍ فيه بالشَّـكـل



#عبد_الرحمن_كاظم_زيارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نسبية المعايير وتوحيدية المنطق الحيوي
- سلطة المنطق التوحيدي وقانون التدافع
- يكتاتورية الشكل الحيوي تضطهد البنيوية الحقة
- الغاء جامعة الدول العربية مطلب جماهيري وحدوي
- (( جبر بوول )) ومجالات التوظيف في المنطق والفلسفة
- المطالعات الاربعة في المنطق التوحيدي والايديولوجيا
- النظام البديهي للمنطق الحيوي التوحيدي
- المنطق الحيوي للشكل الحيوي
- الادب الفلسفي في المقابسات
- مبادئ في التحليل البنيوي
- التوازن في مقالة المقابسات
- مقدمة في علم البنى
- البنية الزمرية
- الاناسة اوعلم تالاجتماع
- التباديل واحصاءات البنية


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن كاظم زيارة - بطاقة تعريف الشكل الحيوي للشيخ محي الدين العربي