أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ثائر دوري - الوضع العام














المزيد.....

الوضع العام


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 822 - 2004 / 5 / 2 - 10:07
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


نظر إلى المعطف السميك المعلق بمشجب على الحائط . و سأل :
- هل هو من الصوف أم من الفرو ؟
نظرنا إلى بعضنا ثم إلى المعطف فلم نجد جواباً . لقد تعذرت إمكانية تحديد المادة التي صنع منها هذا المعطف السميك بسبب فرط ما تراكم عليه من أوساخ . تبرعت بالجواب على سؤال زميلنا القادم الجديد من سوريا ليدرس الطب في جامعة فارنا في بلغاريا . قلت له :
- حاول أن تعرف .......
و عدنا إلى لعب الورق . لكن يبدو أن الزميل الجديد قد جذبه منظر المعطف فأنزله عن المشجب و تفحصه بيديه ثم علق :
- إنه قذر جداً . منذ متى لم تغسلونه ؟
نظرنا إليه كما ننظر إلى مخلوق قادم من القمر . ففسر :
- يبدو انه قذر جداً و بحاجة للغسل .
تولى أحدنا شرح قصة هذا المعطف للطالب الجديد بأن قال له إن هذا المعطف لا نعرف له صاحبا البتة . لقد وجدناه معلقا على هذا المشجب عندما جئنا للسكن هنا و لم يفكر أي شخص من المغادرين أن يأخذه معه . و مؤكد أننا سنتركه في مكانه عندما نرحل .
فسأل صديقنا الجديد بسرعة :
- لماذا تحتفظون بهذه القذارة إذاً ؟!
و اقترح حلاً سريعاً :
- ارموه في الزبالة .
توقفنا جميعاً عن لعب الورق ، و في وقت واحد تقريباً صرخنا :
- إياك أن تفعل .
بهت الزميل الجديد من ردة فعلنا .، التي بدت له غير منطقية البتة . فلماذا ندافع بهذه الضراوة عن معطف قذر لم تعد المادة المكونة له معروفة لفرط ما تراكم عليه من أوساخ . لكن الحقيقة كانت في مكان آخر . صحيح أن هذا المعطف ليس له صاحب ، و بالتأكيد هو قذر لهذا السبب ( لأنه لا صاحب له ) فلو كان له مالك لما تركه يتدهور إلى هذا الوضع ، لكن هذا لا يعني أنه عديم الفائدة . بل إنه قدم لنا خدمات جليلة في صقيع فارنا ، إنه الاحتياطي الإستراتيجي الذي نلجأ إليه في أيام البرد الشديد عندما يكون معطف أحدنا متسخاً أو أصابه طارىء ما . عندها و بكل بساطة ننزل هذا المعطف عن المشجب و يلبسه أحدنا فيحمي نفسه من صقيع فارنا . و لا يمكن لأي معطف أن يحل مكانه فالجميع يتعامل معه على أنه ملك شخصي له و بالتالي فهو غير مضطر لطلب الإذن من أي شخص ليسمح له بارتدائه . و بالمقابل لا يشعر أي شخص أنه صاحبه الحقيقي فيقوم بتظيفه ، كما ذكرنا ، هذا هو الوضع الذي استمر سنوات طويلة ، معطف يملكه الجميع فيرتدونه عند الحاجة و لا يملكه أحد ليقوم بتنظيفه .
بدا أن صديقنا الجديد لم يقتنع بهذه القصة ، فقال :
- على الأقل لننظفه . سأفعل ذلك على حسابي .
نظرنا إليه ملياً ، و قبل أن نتابع لعب الورق حذرته :
- أنصحك أن تتركه على وضعه الراهن لأن الشتاء على الأبواب .
لكن الصديق الجديد الذي لم يعرف معنى شتاء فارنا بعد و ليس له أي ذكريات مع هذا المعطف . وضع المعطف في اليوم التالي في حقيبته و ذهب به إلى المصبغة طالبا تنظيفه . كنا على أبواب الشتاء الذي لم يتأخر فبعد عدة أيام حدثت عاصفة ثلجية مبكرة . استيقظنا ذلك الصباح فإذ بفارنا تغرق في الثلج . خرج صديقنا ،الطالب الجديد ، من البيت باكراً ليذهب إلى الجامعة لكنه عاد بعد دقائق و أسنانه تصطك من البرد . قال :
- البرد شديد جداً . أكاد أتجمد .
نظرت إلى حيث كنا نعلق المعطف لأقترح عليه أن يرتديه ريثما يشتري معطفاً شتائياً فلم أجده في مكانه . أدركت ما حدث على الفور . شرح لي:
- أخذته للتنظيف . أستطيع أن احضره الآن .
قلت له :
- إذاً ارتدي معطفي و اذهب لإحضاره .
عاد بعد حوالي ربع ساعة و الذهول باد على وجهه . دخل و رمى كيساً كان يحمله بيده على الطاولة. سألته :
- هل أحضرت المعطف ؟
لم يجب إنما مد يده داخل الكيس و أخرج كومة من الخيطان الصوفية النظيفة فاحت منها رائحة ذكية . وضعها على الطاولة ، و قال :
- هذا هو المعطف .
- ماذا ؟
- هذا ما أعاده لي عامل المصبغة .
لم يحتمل المعطف القديم عملية التنظيف فما إن ذهبت الأوساخ حتى انهار تماماً و تحول إلى كومة من الصوف نظيفة إنما لا نفع منها . قلت له :
- ألم أقل لك اتركه على وضعه الراهن .
علق :
- لكنه كان وسخاً جداً .
قلت له :
- لقد كانت الأوساخ لحمته . و ها أنت ترى ما حل به بعد ذهاب الأوساخ .
سألني :
- ما العمل الآن ؟
أشرت بيدي أني لا اعرف . ثم قلت له :
- ستذهب إلى الجامعة بدون معطف شتائي . ستتحمل قليلاً من البرد . على نفسها جنت براقش .
عاد ليكرر :
- كان وسخاً جداً .
لم أعلق لكن لسان حالي كان يقول ، كان وسخاً جداً لكنه كان معطفاً يقي من صقيع فارنا .



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد مرور سنة على الغزو أهداف و دوافع هذا الغزو
- حماقات علمية و أخرى سياسية
- دروس عملية تبادل الأسرى
- عبد الرحمن منيف يكتب روايته الأخيرة
- معنى أن تكون معارضاً
- طالبان من أفغانستان إلى باريس
- البطاطا و الفكر و أشياء أخرى
- إيران إلى أين ؟
- خيار البشرية اليوم : إما الهمجية أو مقاومة الإمبريالية
- عام جديد و طريق جديد
- وثيقة جنيف : كلما يأس العدو من كسرنا أعادوا له الأمل........
- ديمقراطية الفكر الإبادي التلمودي
- ثورة في جورجيا أم مجرد تغيير شكلي ؟
- ثقافة الجوع و ثقافة الشبع
- وحدة أطراف النظام الدولي
- أمريكا من انتظار القيامة إلى صنعها بالسلاح الذري
- حريق في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة
- نعم هناك إمكانية لعالم آخر بديل لعالم الربح
- تحية إلى كوبا


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ثائر دوري - الوضع العام