أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نضال نعيسة - بين عبير العراقية، وندى الإيرانية














المزيد.....

بين عبير العراقية، وندى الإيرانية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2690 - 2009 / 6 / 27 - 05:38
المحور: الصحافة والاعلام
    


برز اسم الفتاة الإيرانية ندى آغا سلطاني، إلى واجهة الأحداث، والاهتمامات بعد الاضطرابات التي أعقبت إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وأعلن فيها عن فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بولاية رئاسية جديدة لمدة أربع سنوات.

ققد نقلت مختلف محطات التلفزة وبعض المواقع الإليكترونية والصحف، صوراً للفتاة وهي ممددة على الأرض، تسبح في بركة من الدماء، وفارقت الحياة، بعد ذلك، في مشهد محزن ومؤثر، إثر إصابتها بطلق ناري، لا يمكن تحديد مصدره، أو التأكد منه. وانطلقت لذلك حملة إعلامية ضخمة وشعواء في وسائل الإعلام الغربية تذكـّر بهذه المأساة الإنسانية التي ألمـّت بالفتاة الإيرانية الشابة الجميلة وعائلتها، وأصبحت عنواناً للكثير من نشرات الأخبار وافتتاحيات الصحف وتعليقاتها. كما نالت الكثير من الاستذكار والاستعطاف من رؤساء دول، وسياسيين بارزين، في واشنطن، وباريس، ولندن، وبقية العواصم التي تلهج بالبكائيات الانتقائية، إياها، على حقوق الإنسان، وتسكت عن فظائع وجرائم ومحارق وأهوال أخرى تحدث في غير مكان.

وحتى أن تلك المنابر الإعلامية التي تلتزم "المعايير المهنية" في منع عرض مشاهد الموت والقتل، خرقت "معاييرها" الإعلامية المقدسة، ويا للهول والشجاعة والبطولة، لتعرض ندى وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة على الهواء في سابقة و"خبطة" إعلامية مدوية، في الوقت الذي دأبت فيه على عرض صور أبي غريب، والفظاعات "الديمقراطية" الأخرى كصور ثابتة، كي لا تجرح المشاعر النبيلة للمتلقي الغربي بصور بعض "الأجناس البشرية"، وكله التزاماً بـ"المعايير المهنية"، والأخلاقية، ؟

ومع الأسف والحزن، والتنديد الشديد بقاتل الفتاة، وأياً كان، وزهق روحها البريئة على ذاك النحو الدموي المأساوي، فإنه من الصعوبة بمكان ابتلاع تلك الحملة وأخذها على أي محمل جدي أو إنساني وأخلاقي على الإطلاق، وإذا تم ابتلاعها، وعلى مضض، طبعاً، فإنه قد يكون من المستحيل "هضمها"، نهائياً. فالذاكرة الشعبية، والشعور الجمعي العام يكتظ، ويعج، ويستحضر في برهة، ربما، مئات المآسي المشابهة والمآسي التي أغمضت نفس هذه الوسائل الإعلامية عينها عنها، وأشاحت الطرف عن أي ذكر لها، ولم تعطها نفس التركيز والاهتمام، لا بل حاولت تمييع بعضها، وطمسها، من العراق، إلى الباكستان، وأفغانستان، ولبنان، وفلسطين.

ولا ندري، ها هنا، والشيء بالشيء يذكر، لـِمَ لم تأت على إتباع نفس آليات التفصيل الممل، والعرض المتكرر، ومراثي الندب واللطم، في تناولها لمأساة عبير العراقية حيث لم نشهد نفس طقوس هذه الفزعة والنخوة والغيرة على "بنات" المسلمين؟

فعذراء المحمودية العراقية البريئة، كما أطلق عليها، ذات الأربعة عشر ربيعاً، والتي تم اغتصابها، وبوحشية وسادية، ، وبدم بارد، وأكثر من مرة، على أيدي جنود الاحتلال ثم أحرقوا جثتها، وهدموا منزلها فوق رؤوس أصحابه، وقتلوا أختها الصغرى هديل، وأباها قاسم، وأمها فخرية طه محسن، في شهر مارس/ آذار من العام ،2006، لم تحظ المسكينة بذات الضوضاء والصخب الإعلامي المجلجل المثير، وماتت بصمت مطبق كما يموت آلاف البؤساء والفقراء في هذا العالم المترامي الأطراف. وقد وجه الاتهام حينئذ إلى الجندي الأمريكي ستيفن غرين، وخمسة من رفاقه، وحوكم لاحقاً، ولم يتم إعدامه كما كان متوقعاً، ونال مع رفاقه الآخرين أحكاماً اعتبرت مخففة، في نظر كثيرين. ولن ندخل، ها هنا، في الحيثيات القضائية وتطورها، فهي ليست في صلب موضوعنا، كما هو شأن الواقعة بحد ذاته، وهو القتل، والاغتصاب، والتمثيل والانتهاك وإحراق جثة وإجرام المتعمد عن سابق قصد وتصميم، الذي يجعل من موت ندى سلطاني نزهة ورحلة ترفيهية إلى العالم الآخر ومجرد "لعب عيال" ، أمام الموت المرعب لعبير الجنابي. ورغم كل ذلك، فمأساة عبير لم تستأهل من نفس الإعلام الغربي "الإنساني" المتباكي ذارف الدموع السخية على ندى سلطاني، اليوم، والتي لا نبرر موتها بحال من الأحوال، أي نوع من الاهتمام والمراثي والمواويل التي يطلقها اليوم في كل الاتجاهات.

وربما كانت الصدفة، وسوء الطالع وراء وجود هاتين الفتاتين البريئتين، في الزمان والمكان الخطأ، فإنه لا يجب أن يكون من سوء طالعنا، الأبدي، نحن، أن نبقى نستمتع بهذا الكم الهائل من الاستغفال المبرمج وتمرير كل هذا التسذيج الممنهج، وعلى هذا الشكل والمنوال.

ويا ليت نفس أولئك الساسة، وتلك المنابر "الإنسانية" جداً، كانت قد ذكرت تلك الموشحات الحزينة عن عبير المسكينة العراقية، لقلنا آمنا وصدقنا، أمـّا التعامي عن مأساة هنا، والتركيز على نفس المأساة هنا، فإنه يطرح عشرات الأسئلة، ويضع آلاف علامات الاستفهام، ليس على المعايير المهنية لوسائل الإعلام تلك، بل على الدوافع والذرائع وراء ذلك، وعلى التركيبة الأخلاقية لهذا الإعلام، ويقوض أية شرعية له من الأساس.

وبين عبير قاسم حمزة الجنابي، وندى آغا سلطاني، يتم كشف المزيد من مفارقات وازدواجية معايير هذا الإعلام والديمقراطيات. وهنيئاً لكل من يجد الغرب في موته مكسباً سياسياً، وأداة ضغط، فلا بد أنه سيجد من يذكره ويؤبنه ويحفل به في أمهات الصحف وكبريات وسائل الإعلام، وأما من لا طائل من موته، ولا جدوى سياسية، فسحقاً له، و"عليه العوض"، و"منه العوض"، ولا عزاء، أبداً، للفقراء.




#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموناليزا العارية: حقيقة أم أسطورة؟
- فاغنر والنازية: حقيقة أم أوهام؟
- التكنولوجيا الثورية
- الحيوية الإيرانية
- الزلازل المصرفية تعصف بالخليج
- بدء التحقيقات السرية بشأن الحرب في العراق
- الحل في حل الدولتين
- من يقف وراء فوز أحمدي نجاد؟
- من هو الفائز الحقيقي في انتخابات لبنان؟
- ماذا يحدث في إيران؟
- أوباما وأمريكا والإسلام
- أوباما: المسلم أم اليهودي؟
- هل دخل أوباما دائرة الخطر؟
- يا بلاش، مقال ب 2000 دولار
- المعارضة السورية: والدرس الكبير
- الصحوة المسيحية 1-2
- هل تفلت المعارضة السورية من المحكمة الدولية؟
- هل تكون أفغانستان مقبرة الأمريكان؟
- كيلو: أخطأ ام أصاب؟
- شكراً لمحكمة الحريري؟


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نضال نعيسة - بين عبير العراقية، وندى الإيرانية