أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - الأرض المحرمة الفصل الثاني















المزيد.....

الأرض المحرمة الفصل الثاني


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 2690 - 2009 / 6 / 27 - 04:01
المحور: الادب والفن
    



ـ ياسر عبد القادر. العمرأربعة عشرة عاماً. سيحتفل بعيد ميلاده الخامسة عشرة في الثاني والعشرين من تموز, أي بعد أسبوع من هذا التأريخ. يعيش مع أبوه وأمه وأخوته الستة في شقة تقع في شارع الجدول رقم/ 15/ س....
بدأت الأمورواضحة لإيكا من خلال الأوراق التي بين يديها:
ـ هل صحيح ما جاء في الأوراق إلى الأن؟
في البدء لم يقل ياسرأي شيئ, عيناه مثبتتان في الطاولة, ذراعاه متقاطعتان فوق صدره. ماذا يمكنه أن يقول؟ كل شيئ موجود هناك, في الورق, لماذا تسأل, فيما إذا كان صحيحاً أم لا؟
ـ لماذا طرح السؤال علي؟ كل شيئ مكتوب عندكِ.
ـ الإنسان لا يعرف كل شيئ. يمكن للمرء أن يكتب الأسماء بشكل خاطئ, يمكن أن يكتب الرقم بشكل خاطئ, أنت تعرف ماذا سيحصل بعد ذلك.
ـ لا.. لا. أنا لا أعرف أي شيئ. أنا لست شرطياً. أوربما لأن اسمي ليس سيفنسون؟ لا يمكن للشرطة أن تكتب اسم عبد القادر, على سبيل المثال؟
هزت إيكا كتفيها, ردت وإبتسامة خفيفة على محياها:
ـ لا أعرف. أحياناً كثيرة لانجيد كتابة الأسماء السويدية, أو الفيلندية على سبيل المثال. هل ترغب أن تعرف اسمي؟ أنظرإلى هنا, خذ قلماً وأكتب على الورق: إيكا ـ إي ـ مونين.
لم يستطع ياسرأن يمنع نفسه من الضحك, أي اسم هذا!
ـ جرب!
ـ لا.. لن أجرب, ما هذا الاسم, إيكا ـ أي ـ مونين؟
ـ إيكا ـ إي ـ مونين, هذا هو بالضبط. من الصعب عليك أن تلفظها بشكل صحيح, أكاد أجزم إنك لا تستطيع وهي أقل صعوبة من أن تكتب. أما بالنسبة لي فهوسهل, معتادة عليه. اعتقد أن أبي يصعب عليه أن يكتب اسم عبد القادر.
خيم الصمت عليهم خلال هذه اللحظات لذا وجب على ياسرأن يقطعه, أن يسأل:
ـ إذاً في هذه الحالة اسمك إيكا أي مونين؟
ـ يا له من سؤال غبي؟ انفجرت إيكا في ضحكة صاخبة باغتت ياسروأخافته كما سببت له أذاً نفسياً.
غضب ياسروعبس وجهه وأقسم أن لا يرد على أي كلمة أو سؤال توجهها له. لتقرأ تلك الأوراق التي بين يديها, ذلك التقرير اللعين لوحدها إذا كان لديها رغبة في ذلك.
ـ المعذرة. قالت ذلك بعد أن انتهت من الضحك وعاد إليها هدوئها. المعذرة مرة ثانية, لكنك نطقت الاسم بطريقة حلوة مثلما كنت أنطقها عندما كنت في مثل سنك.
ألو, مرحبا, هذا أنا, اسمي إيكا إي مونين. كنت أقول ذلك بتباه عجيب. لكن مع الأيام وبدلاً من أن أعتز بهذا الاسم الغريب رحت أخجل منه وأخفي تعابيروجهي عندما أنطقه وأحياناً كثيرة لا أفتح فمي حتى لا اذكره لأنني أحس أن توصيل الاسم للآخرين فيه شيئ من الغرابة, إيكا إي مونين.
يصعب على ياسرمغازلتها أوتملقها, من السهل عليها أن تمنعه من متابعة الحديث.
ـ قلتَ لك المعذرة! لم اقصد أن اسبب لك الأذى! بالرغم من ذلك معك بعض الحق لأن الناس يدعوني باسم إيكا, لكن في الواقع, اسمي الحقيقي هو تينا.
ثم عادت تنظرإلى أوراقها.
ـ في الأول من تموز, في الساعة العاشرة وعشرة دقائق ليلاً, اتصل الجيران مع الشرطة تليفونياً, يخبرونا عن حادثة إطلاق نار. يبدو أن صوت إطلاق النارجاء من المتجرالصغيرفي الشارع الكبير. شاهد الجيران من خلال النوافذ أثنان أوثلاثة أشخاص يرتدون ثياباً داكنة على دراجات نارية أووسائل مماثلة. وصلت سيارة الشرطة بعد سبعة دقائق إلى مكان الحادث.
مضت إيكا تنظرفي أوراقها مرة ثانية.
ـ هل رأيت الشرطة عندما جاؤوا.
لم يجب ياسرلأنه كان شارداً, لم يكن يتابع ما تقوله في هذه اللحظات.
ـ مكتوب هنا في الورق إنك أبتعدت عن المكان ثم اختفيت بعد بضعة دقائق من الحادث. لكنك أجبت على اسئلتنا عندما جئنا إلى منزلكم.
ـ أنتِ لم تأت إلى بيتنا على الأطلاق!
ـ فهمت ما تريد قوله لم آت إلى بيتكم على الأطلاق لكن زميلي الشرطي سميرذهب إلى منزلكم في نفس الليلة بعد الحادثة مباشرة وتكلم مع والدتك حول الموضوع, علاوة على ذلك, فأنه ذهب معها إلى المستشفى وأطمئن عليها هناك. في صباح اليوم الثاني من الحادثة عدنا إلى منزلكم, وقتها كنتَ موجوداً, وأجبت على جميع اسئلتنا التي طرحناها عليك, من بين هؤلاء الزملاء الذين حققوا في القضية, بينكت سكوك لوند, وسفيركيرارموندسون.
قرأتْ هذه الفقرات قبل أن تقلب الصفحة:
ـ أجبتَ, إنك لم ترشيئاً لأنك كنت في الجهة الخلفية من المتجرالصغيرالذي يديره والدك عندما أصيب بطلق ناري, تلم علب الكرتون حتى ترميه في الغرفة المخصصة للقمامة, وقتها سمعت صوت الطلقات النارية, ظننت أن مصدرالصوت هودوي مفرقعات أو شيئ من هذا القبيل. في البداية خفت, عدت ثانية إلى المحل ورحت تنادي على والدك حتى يسمعك, لكن هذا الأخيركان قد فقد الوعي. عند ذلك.... ياسر؟ هل أنت بخير؟
بقي ياسرمسمراً في مكانه لا يقوى على رفع رأسه أو يأتي بأية حركة, شاحب الوجه والملامح بالرغم من بشرته السمراء الداكنة, يعض على شفتيه بقوة شديدة, الدموع المدرارة تنهمر من عينيه وتسيل على خذيه بغزراة. لم يكن في وسعه أن يساعد الشرطة أو يقدم لهم معلومات ذات قيمة, كما لم يستطع أن يعيق تدفق سيل الأفكارالغزيرة التي راحت تجتاحه تلك الليلة اللعينة. أحس بأن المكان ضاغط عليه, يكاد يخنقه.
أنها ليلة قاسية بالنسبة له, لكنها عادية جداً بالنسبة لهؤلاء الشرطة, يريدون الأشياء بدقة, المواعيد, الأماكن, الشهود, العناصرالتي حققت, بينكت, سفيركير, وصول سميرإلى المتجرتلك الليلة ومتابعة القضية بدقة.
أنها ليلة عادية للشرطة, أنه عملهم, بالرغم من وجود إطلاق النار, لكن الموضوع بالنسبة لياسرمختلف تماماً, لقد تركت أثراً عميقاً في نفسه لا يمكن أن ينساها, لقد غيرته, قلبته رأساً على عقب, جعلت منه إنسان آخر, إنسان مختلف, طفل مختلف على كل الصعد. أب على فراش الموت وأم تبكي بحرقة وصمت وحياة أخرى بانتظارذلك الطفل السابق, ذاك المشاكس, السعيد, صاحب النكات والمزاح الذي يجهز نفسه كي يحتفل عما قريب ببلوغه الخامسة عشرة من العمر. ذلك الفتى الذي يشعرويحس في قرارة نفسه أنه اصبح بالغاً, كبيراً وحراً. لكن, أين هو الأن؟ من هو الأن؟
ياسر؟ تكلم معي. آلو! لا تشرد! هل تريد أن تتمدد على الكنبة؟
استيقظ ياسرمن غفوته, من شروده, من حزنه على صوت إيكا المضطرب. ظنه للوهلة الأولى صوت المعلمة/ آنا ـ ليز/.
ـ إنك مثل المعلمة / آنا ـ ليز/, تتصرفين مثلها, قال ياسرذلك بصوت خافت, وراح يجفف الدموع المنهمرة من عينيه.
نهض من على الكرسي وتمدد على الكنبة الصغيرة الكائنة خلف الباب التي لم يرها من قبل. لونها أحمرووسائدها صفراء. من الرائع أن يضطجع ويسترخي. بعد لحظات أغمض عينيه.
ياسر, يجب أن اتصل بالبيت وأخبرهم إنك هنا, لستَ على ما يرام. يمكننا أن نتابع الحديث في صباح الغد عندما تكون قد نمت. من لديك في البيت في هذه الظروف, مع من اتصل؟
ـ لا يوجد! لا يوجد أي إنسان في البيت, همس ياسرونهض من على الكنبة.
ـ لكن أمك هناك؟ مكتوب هنا, لدي على الورق, لديك ستة أخوة, يتوجب أن يكون أحدهم في البيت. أين هي والدتك؟
ـ في المشفى.
ـ من يعتني بأخوتك؟
لم يجب ياسر.
ـ سأذهب معك إلى البيت. انتظرقليلاً سأنظرفيما إذا كانت هناك سيارة شاغرة. انتظرني لحظة, أرجوك, حاول أن تسترخي قليلاً.
أغلقت الباب وراءها دون أن تقفله وخرجت من المكتب. استيقظ ياسرتماماً عندما بقي وحده. عليه أن يفكرويقرربسرعة. لا يستطيع أن يذهب إلى البيت. يجب أن يهرب, أن يخرج من هنا قبل أن تعود الشرطية إيكا. فتح الباب بحذر, نظرإلى خارج.
لم تكن إيكا موجودة في المكان أوحوله, الممر فارغ. المسافة بعيدة للوصول إلى الدرج الذي يودي إلى الشارع. سمع أصواتاً تقترب منه, صوت إيكا ومعها أحد الشباب. يجب أن يهرب, لن تفهم عليه حتى لو شرح لها بدقة بالغة. هي على حق في كل الأحوال. لكن يجب أن يهرب, يختفي, يتوارى عن الأنظار. لا يريد أن يذهب إلى البيت. البيت ليس ذلك البيت أيام زمان.
يتبع ...




#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرض المحرمة
- من أجل أن يحاكم البشير
- عن النظام الدولي ونحن
- الذئب يشم ويطارد 6
- الذئب يشم ويطارد 5
- المدينة المحترقة
- كيف نقطع الوقت في سجن تدمر
- عن الفعل السياسي في الحاضر والمستقبل
- الذئب يشم ويطارد 4
- الذئب يشم ويطارد 3
- أي سلام هذا
- حزب الله والمفاعيل اللبنانية والاقليمية والدولية
- امرأة سويدية اسمها كريتل 4
- امرأة سويدية اسمها كريتل 3
- امرأة سويدية اسمها كريتل 2
- امرأة سويدية اسمها كريتل
- حول طبيعة النظام الدولي
- الرحيل إلى المجهول النهاية
- الرحيل إلى المجهول تدمر 13
- الذئب يشم ويطارد 2


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - الأرض المحرمة الفصل الثاني