العمال في عالم المستقبل ...رؤية سياسية في اقتصاد المستقبل العالمي- اقتصاد العولمة

وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 821 - 2004 / 5 / 1 - 03:34
المحور: الحركة العمالية والنقابية ودور اليسار في المرحلة الراهنة - ملف 1 ايار 2004
    

مبارك للعمال في العالم هذا العيد...ومباركة الأرض بما أهلت منهم هؤلاء الذين رسموا بسواعدهم صورة الحضارة المشرقة وكتبوا التاريخ بحروف من ذهب..
وما يسعنا في هذه المناسبة إلا طرح موضوع يخصهم بالتحديد ويخص مستقبل الحضارة البشرية بصورة عامة ..ونبدأ بالسؤال: ما هو دور العمال في عالم المستقبل؟
لقد انهار الاتحاد السوفيتي لعوامل كثيرة تضاربت فيها الآراء والأقاويل ..لكن وبعد ذلك كله لابد من ظهور الحقيقة والتي لخصها احد الجواسيس الإنكليز داخل الاتحاد السوفيتي وعلى الرغم من إن كلامه لا يبدو مهما بالنسبة لأنصار الحركة العمالية العالمية لكن ما قاله لم يكن ليخفى على أي من الباحثين ..ولقد قال : لقد كان العمال في الاتحاد السوفييتي يقضون ساعات طويلة في العمل في آخر العهد السوفييتي ولم يكن العمل الحقيقي فيها يتجاوز الساعة ..كان اغلبها يذهب في حل الكلمات المتقاطعة وقراءة الصحف..لم يكن لديهم أي حافز في العمل .
قد يكون هذا الكلام ينطوي على بعض المبالغة في بعض الجوانب ..لكننا في نفس الوقت نعرف الطبيعة البشرية ونعرف إن التحفيز عامل مهم لتطور الإنسان والحيوان على حد سواء .. ولهذا فمن الطبيعي أن يكون بعض مما قاله صحيحا لان الفرد البشري لايمكن أن يكون مثاليا جدا إلى درجة يبقى شغله الشاغل المجتمع دون أن يفكر في نفسه..وهذا يعني وبرؤية علمية انه يفكر بنفسه أكثر مما يفكر بالمجتمع ومصلحة المجتمع ..وأساس انبثاق الاشتراكية هو إن نجاح المجتمع يعني نجاح الفرد..وبهذا فهي أولا وأخيرا وضعت لخدمة الفرد وبالتالي وقبل أن ينتهي القرن العشرين وجد الاتحاد السوفييتي نفسه بلا إنتاج ......!
فكيف تكون الماركسية علمية..كما تدعي..دون أن تأخذ بالاعتبار دراسة العوامل النفسية للإنسان ..وهل حقا أن هناك تطويرا علميا على تلك النظرية في عهود لينين وستالين والذين بعدهم..؟
إن إتباع السوفييت على ما يبدو للمدرسة السيكولوجية السوفييتية الممثلة بفافلوف والذين معه وإهمال مدرسة سكنر الأمريكية التي وضحت بجلاء دور الحافز والتعزيز في السلوك هو الذي ساعد في جر الاتحاد السوفيتي إلى الهاوية ...
لقد نسي أتباع(( النظرية العلمية الديالكتكية)) إن العلم لاياخذ بنظر الاعتبار مصدر الحقيقة لأنه يبحث عن الحقيقة فقط مهما كان مصدرها أو قائلها ..حتى و لو كان عدوا مغرضا يهدف إلى غاية مما بثه أو قاله ..لا بد أن تتعض الحركات العمالية أو الاشتراكية في العالم بهذه التجربة وتعاد صياغة الاشتراكية برؤية علمية صحيحة تقوم على أساس علمي بحت يأخذ في الاعتبار المعاينة والتجربة ومستقبل التطورات الاقتصادية والسياسية في عالم اليوم ...
إننا إذ نحتفل اليوم بعيد العمال العالمي نود تنبيه العمال في العالم إن الأزمنة السابقة في مطلع القرن العشرين كانت تعتمد بصورة أساسية على العامل لضرورة ارتباطه العضلي والعقلي المباشر بالآلة الإنتاجية..لكن في عالم اليوم فان هذا الارتباط تطور إلى ارتباط عقلي أكثر من كونه عضلي وإذا أخذنا هذا التطور في الحسبان فان هيكلية بناء الاقتصاد العالمي ستطرأ عليها تطورات هامة..يكون في مقدمتها تدرج العمال في العالم بهرم إنتاجي أكثر وضوحا وتأثيرا في عالم المستقبل في القرن الحادي والعشرين مقارنة مع القرن العشرين ...إن قمة الهرم يتصدرها العلماء والخبراء والاستراتيجيين وأصحاب الكفاءات والخبرات.. لقد بدء يظهر لهؤلاء ثقلا اقتصاديا كبيرا في العالم المعاصر الذي يتجه نحو الرأسمالية..وكما جاء في كتاب ( رايتش) : اقتصاد الأمم ورأسمالية القرن الحادي والعشرين ..فان الاقتصاد العالمي بدء يتطور إلى سحب الثروات من الراسمالين التقليدين ويركمها بأيدي نوع جديد من أصحاب راس المال ..وهم العلماء والخبراء والاستراتيجيين الذين بدأت ثرواتهم تنمو على حساب كل الثروات في العالم ...وهذه حقيقة ربما لا نلمسها في الوقت الراهن لكنها قادمة في أفق المستقبل لتتحدى الرأسمالية التقليدية لتخرج صيحة جديدة ومكملة لصيحة ماركس التي امتد صداها في القرن العشرين: يا عمال العالم اتحدوا ..
صيحة القرن الحادي والعشرين التي نطلقها بهذه المناسبة:

يا علماء العالم اتحدوا ..لا تخسرون أكثر من أغلالكم وتبعيتكم لساسة البورصة وسياسيين لاتهمهم سوى مصالح ضيقة..يا علماء العالم اتحدوا لرسم صورة جديدة ومشرقة لهذا العالم تقوم على أساس علمي صرف نوضحه بعد إجراء دراسة علمية أسميناها( منظومة المعرفة البشرية والعقل الكوني) وتوصلنا من خلالها إن العالم مقبل على صورتين لسياسته يمثلان وجهين لعملة العالم:
المعلوماتية (المعرفة الحرة) واقتصاد العالم(السوق الحرة)
هذه الاستنتاجات تدفعنا إلى ضرورة الحوار بين الاتحادات العمالية من جهة ..واتحادات علمية تمثل أرقى عقول الجنس البشري في العالم من جهة أخرى لربما ليس لها أي حضور حقيقي بعد ..لكنها مقبلة في الآفاق ومن هذا المنبر نطلق الدعوة إلى عقد مؤتمر علمي تأسيسي لعلماء العالم كما فصلناه في دراسة ( منظومة المعرفة البشرية والعقل اكوني)..وفي الحقيقة فان العلماء هم عمال أيضا لكن وكما أسلفنا فهم مرتبطون بالآلة الإنتاجية فكريا أكثر من ارتباطهم معها ماديا ..
إن اتحادا عالميا اشتراكيا كان أو رأسماليا يقع العلماء فيه في قمة الهرم السياسي والاقتصادي لعالم فائق التكنولوجيا الرقمية سيحتاج بالتأكيد إلى نوع من التفاهم و سن القوانين بين العمال في الفـكر (العلماء والخبراء) والعمال مع الآلات ( الفنيين) والعمالة الروتينية التقليدية ...وها هنا نعترف إننا عدنا إلى رؤية المجتمع مرصوف في طبقات...لكن لا يجب علينا التحرج من العلم إطلاقا والتسليم بضرورة نقل المجتمع إلى الاشتراكية بمراحل( إذا كانت الاشتراكية هي الأنفع من الناحية العلمية للمجتمع الإنساني) أو رسم صورة علمية جديدة رأسمالية كانت أو غيرها ..للحضارة البشرية التي قاست وعانت وضحى من اجلها الكثير من العلماء والفلاسفة وأناسا كانوا على هامش التاريخ..مغمورين مثلوا السواد الأعظم فيها ..إن الالتزام الأخلاقي منا تجاه هؤلاء هو الذي يحتم علينا السعي في مسار العلم والبحث العلمي حتى يكون في حياتنا كالأفيون ..ليكون الأفيون الجديد للشعب ... انعم وأكرم به من أفيون..!!
وفي الختام فهذه تحية إجلال إلى كل الذين ساهموا وعملوا في سبيل الإنسان وكرامة الإنسان ..وحضارة الإنسان..تحية إلى الإنسان الذي سكن الكهوف وبدأت معه أبجدية العلم والعمل..تحية موسى ويسوع ومحمد ..تحية إلى أستاذ الاشتراكية كار ل ماركس..والى مؤسس علم الاقتصاد المعاصر السيد ادم سمث..تحية إليكم أيها العمال وانتم تبنون صرح الحضارة الإنسانية المعاصرة.

#وليد_مهدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات