أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - أنا هذا اليوم















المزيد.....

أنا هذا اليوم


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2685 - 2009 / 6 / 22 - 05:01
المحور: حقوق الانسان
    


أنا في هذه الأيام إنسان مريض جداً وبحاجة لرعاية صحية مكثفة وبحاجة لدخول آي سي يو , لعلاج حثيث , حيث أنني متوتر وحزين ومكتئب وتبدو على وجهي علامات الإكتئاب .
أنا بحاجة لمدينة طبية لكي تفكك القنبلة الجرثومية التي في صدري , أشعرُ وكأن بصدري قنبلة جرثومية , وأشعر أنني لو إنفرجرت سألوث أول 15 خمس طعشر (خمس عشر ) مدينة ساحلية تقع على الشواطىء البحرية.

أنا لا آكل الطعام ولا أشرب الماء وإذا أكلت ُ الطعام أشعر وكأنني اأكل بالتراب , وإذا شربت الماء أشعر ُ وكأنني أشرب السم الزعاف , أنا ممراض (مرضان) وبحاجة لرعاية صحية .

أنا هذا اليوم ليس ككل الأيام ولأول مرة أشعرُ بالغضب أنا غضبان جداً , حتى أن أحد الجيران نظر بوجهي ومن ثمك ضحك كثيراً وهو يقول: يا سلام ما أحلى منظرك وإنت زعلان , الحمد لله أول مره بشوفك زعلان وعصبي , منظرك حلو وأنت عصبي وزعلان , أول مره بحياتي بشوفك زعلان .
الناس تستغرب لمنظري وأنا غضبان فأنا نادراً ما أغضب يعني كل سنه بغضب يوم , أنا هذا هو يومي , هذا اليوم يومي , هذا اليوم ولا كل يوم , هذا اليوم عبارة عن يوم من السنة , هذا يوم سيكون ذكرى عالمية .

منذ سنين لم أشعر بالغضب , وقد جاء اليوم ليتحقق به غضبي , أنا غضبان جاداً , وقلق ومكتئب وأشعر أن هنالك عصابة تطاردني , وأنني ملاحق من قبل شخص مجهول .

أنا محتاج لرعاية صحية ولست محتاجاَ لأي علاقة عاطفية جديدة أنا فاشل جداً في علاقاتي العاطفية لأنني صريح جداً ولا أجيد الكذب ولا الغش ولا أستطيع أن أظلم أحد, آخر علاقة عاطفية كانت لي قبل أكثر من 15 سنة لم أجددها ولم أبعثها من لحدها ولم أحيها مع التراث ولم أغنها أغنية جديدة , ولكنني على غفلة مني حاولت ألوقوع والعودة وإحياء التراث , ولكن شاءت الظروف أن أكون فاشلاً أو أن أفشل , وهذا أفضل بكثير من النجاح لأنني لو نجحت سأنهار نهائياً , لأنني لم أعد كسابق عهدي , الشاب القوي الأقوى من الظروف والأيام .

أنا تعبان جداً (أنا مو تعبان أنا دنيا من التعب) بس راحتها مو بئيدين محبوبي بل راحتها بنسيانه, بقلعه من جذوره ,بطرد الإستعمار الذي يحاول أن يستعمر كل جوانحي , أنا متعبٌ جداً وبحاجة إلى رحلة إستجمام , وبحاجة إلى حمام صيفي بارد , وبحاجة إلى فترة نقاهة , أغلقت الموبايل وبعد ساعة قمتُ بفتحه وحتى لا أعود إليه وضعته في الماء لكي يتعطل نهائياً أنا الآن بلا موبايل ولا إتصال , وغداً سأشتري موبايل جديد ليس عليه أرقام قديمة ,أنا لا أتصل بأحد ولا أحد يتصلُ بي, منذ ظهيرة هذا اليوم قررتُ أن أعيش لوحدي لفني وأدبي وكفاحي , لا أريد علاقات جديدة ولا أريد أن أفتح مشاريع غرام جديدة أنا لا أحتمل التفكير والسهر والظن والشكوك , أنا لا أحتمل لواعج الغرام , أنا لا أحتمل الهجر والدلال أنا لا أستطيع الصمود أمام العيون السود.

أنا اليوم فعلاً تعبان جداً وبحاجة لرعاية إجتماعية , مثلي في ذلك مثل كل الأطفال , أنا أشعرُ وكأنني طفلٌ مدلل فقد حنان الأبوين وبحاجة لمن يعوضه عن الحنان , وأشعرُ وكأنني في صحراء قاحلة أضعتُ فيها مائي وزوادي ,أنا طفل بحاجة إلى كتف حنون أبكي عليه وبحاجة إلى رغيف خبز ساخن , وبحاجة إلى كعكة آكلها مع كوب من الحليب مثل الأطفال , وبحاجة إلى كأس ماء بارد , نهضتُ من نومي في تمام الساعة الثالثة صباحاً وأردت أن أشرب شعرتُ بجفاف مثير في فمي والثلاجة لا تبعد عني أمتاراَ ولكنني سأبقى عطشانا وفي حالة جفاف حتى تمتدُ إليّ يد أحبها أستقي منها الماء وأصلي بجانبها صلاة الإستسقاء .

أنا خائف : نهضت ُ من نومي وأنا خائف جداً وحاولت أن أبحث في الوجوه عن حضن آوي إليه من الخوف , الرعب كاد أن يشعرني بأن قدمايا ترتجف تهتز مثل الرجاج , ضغط الدم أصبح نازلاً وكلُ شيء نازلٌ, كل قواي العصبية من شدة الخوف تقطعت , أنا متقطع أنا مثل الأفعى التي قطعوها أوصالاً وأوصالا, وبين اللحظة واللحظة أشعر بالإرتعاب الرعب قطّع أوصالي أيضاَ , ولكن ممن أنا خائف ؟ من الأيام؟لا, من السجن ؟ لا, مما إذن أنا خائفٌ.
أشعر بأن هنالك محاولات كبيرة جداً ودنيئة من أجل إغتيال القصيدة بي , ومن أجل حرق الأخضر واليابس بي , أشعرُ بأن هنالك عصابة إسمها (عصابة جولد إستار ولي بحكي با البسطار)

أنا هذا اليوم مرهف الحس والوجدان أي شيء يبكيني وأي شيء يثيرني في حالة طوارىء , وكل الأشياء التي أمامي تكبرُ وتصغرُ حتى الجدران , بالرغم من أنني لا أشعرُ أنني بحاجة إلى إمرأة تعشقني وأعشقها , بل أنا بحاجة إلى الحنان والبرودة والدفء معاً أنا محتاج للعطف , أنا محتاج لإنسان يعطف على حالي وعلى الجفاف الذي بفمي , أنا محتاج للتطهر من دنس الثقافة أنا محتاج لأن يأخذني أحدٌ معه في رحلة قصيرة تمتد ليوم كامل , أنا هذا اليوم محتاج للركض , أشعرُ وكأنني محتاج لأن أركض حتى أتعب وتنهار كلُ قواي وأنام نوماً عميقاً على إحدى الشواطىء العربية أو الأجنبية , ومحتاج لكي أمدد جسمي وأعرضه لأشعة الشمس , أنا لستُ بحاجة إلى إمرأة تعشقني وأعشقها فقد مللتُ من الكذب والهراء أنا محتاج للحنان للرعاية الصحية , أنا قلق ومكتئب وكل النوازع في داخلي تخبرني أنني إنسان أستجيب للأشياء التافهة قبل الأشياء غير (الغير) تافهة , أنا مرهق ومرهف في الحس والوجدان .

أنا أشعرُ وكأن هنالك إنسان ما , لا أدري من هو , ولكنه على العموم يحفر بداخلي يحفر بوجداني يحفر بقلبي يحفر بأحشائي يستهلك كياني يأخذني بعيداً ويتركني ضمآنا, أشعر أن هنالك إنسان دخل حياتي أجرى ثورة في داخلي قام بإنقلاب عسكري أحدث فوضة إجتماعية وسياسية كبيرة , رماني من فوق الغيم ولم تتلقفني الأرض , أشعرُ أن هنالك مخلوقاً عجيباً قلب حياتي رأساً على عقب.

أنا في هذه اللحظة لا أستطيع أن أحتمل ذكرى أول لقاء , أنا لا أستطيع البوح بكل أسراري أنا مُدمر أنا أطلال , أشعرُ أن جسمي ترهل مثله مثل أطلال (خولة) ( لخولة أطلال ببرقة ) وأشعرُ أنني (ألوح كباقي الوشم في ظاهر اليد) وأشعر أنني بحاجة لإستدعاء جيش من الإحتياط من أجل إنتشالي من الضياع أو من أجل الدفاع عن مقدساتي , مقدساتي اليوم تتعرض للهجوم : ألكلمة الطيبة , والقصيدة , والكتاب , كلهن موجودات في حبيبتي, في عينيها وفي شعر رأسها والكتاب في وجهها , كلهم اليوم معرضون للهجوم وللمباغتة , وأشعرُ أنني محتاج لجيش من الكوماندوز من أجل الدفاع عن مقدساتي .

أنا مُتعبٌ جداً ومحتاج لرعاية صحية رغم أن جسمي قوي ومتين أمتن من الفولاذ, وبحياتي لم أشكو من أي ألم , ولكنني أشكو هذا اليوم من كل شيء , رأسي يؤلمني ومعدتي تؤلمني , شفاهي ترتجف وإذا تحثتُ أشعر وكأنني لا أستطيع إخراج الحروف من مخارجها الحقيقية , وذهبتُ إلى صديق لي طبيبا باطنيا شكوت له كل شيء وأعطاني دواء للمعدة لأول مرة آخذ منه , شعرت بعدها بتحسن , وقال لي إنت صحتك جيدة ولا داعي للقلق بس إنت حساس زيادة عن اللزوم , فطلبت منه أن يعطيني حبوب ضد الحساسية , فقال الحساسية العالية والزائدة عندك ليست طفحاً جلدياً بل هي في الضمير وفي الإستجابة لمشاعرك الداخلية , فطلبت منه حبوب أو شراب تجعلني بلا حس ولا ضمير ولا شعور , أنا بحاجة إلى دواء يجعلني حيواناً آكلاً للعشب , حيوان أو جماد , أي شيء المهم أن تتراجع مشاعري وأحاسيسي , ولكن هنالك آلام أخرى ظهرت من جديد , منها وخز الضمير , وألم العاطفة , أنا أشعرُ اليوم أن بي أكثر من مليون عقدة نقص , وكلهن بحاجة للتغطية وللتعويض وإن لم تعوض سوف أنفجر .

أنا محتاج لأن أفك ربطة العنق التي تخنقني وبحاجة للتمدد وللبكاء بصوت عالي , ولو أن منزلي يخلو الآن من الناس لبكيت بصوت عالي ولجلست أبكي في التواليت كما يجلس به المكتئبون والمرضى النفسيون وأغني أغنية نانسي عجرم (إنت إيه مش كفايه حرام عليك إنت إيه ..لو كان ده حب يا ويلي منه لو كان ده ذنب ما توب عنه لو كان جرح حعيش بجراح...).

بعد كل ذلك جلستُ بيني وبين نفسي وشعرتُ بالدموع وهي تريد أن تقحف عينايا لتخرج منها , وسقطت الدموع وسقطتُ معها على الأرض حاولت النهوض وشعرتُ بقواي وهي تنهار على الأرض , وسألت نفسي : أين القوة التي أدعيها , أنا مثل شمشون غلبته إمرأه , فعلاً الشيطان إمرأه



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من العصر الأنثوي إلى العصر الذكوري
- أعطونا الطفوله
- الحرية مسألة شخصية
- ظل راجل ولا ظل حيطه
- رسالة من امرأة عادية
- بإنتظار رسالةٍ مهمة
- يوم سعيد
- لو كنتُ مواطناً أوروبيا
- إعتذار للحوار المتمدن
- خفة دم مصطفى أمين
- جلالة الإنبراطور باراك أوباما
- إنتصرنا في كل المعارك
- أنا
- امرأة ليبرالية مظلومة
- اللهم لا تنصرنا على أمريكيا
- إخترنا لكم : بان الخليط
- تحت رعاية وزير الثقافة الأردني , حفل توقيع كتابي الثاني
- جاءتني الدوره الشهريه
- رساله من طفله عربيه في الصف الخامس
- لا حول ولا قوة لي إلا بالأردني


المزيد.....




- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - أنا هذا اليوم